قبل سنوات معدودة كان الناس يتهافتون على شراء أسهم شركات الطاقة بسبب استقرار أسعار أسهمها وتوزيعاتها المنتظمة بل إن بعض الشركات كانت تقوم بتوزيع الأرباح على المساهمين مرتين في العام بدلا من مرة واحدة، وعندما قامت شركات الطاقة بطرح أسهمها للاكتتاب العام خلال السنوات الماضية شهدت إصداراتها اهتماما كبيرا من الأفراد والشركات وزادت طلبات الاكتتاب على الحجم المطروح وفور إدراج الأسهم في بورصة مسقط صعدت الأسعار بشكل كبير فدفع كثيرا من المكتتبين لبيع أسهمهم للحصول على عائد مالي مجزٍ، وفي الوقت نفسه وجد كثيرون أن الأسعار مناسبة فأقبلوا على شراء الأسهم للحصول على عائدات سنوية منتظمة.
لكن الحال تغير الآن. فلم يعد كثيرون يهتمون بشراء أسهم شركات الطاقة وأصبحت أسهمها عبئا على أصحابها الذين بدأوا يتخلصون منها، فسهم شركة صحار للطاقة على سبيل المثال هبط إلى 32 بيسة مقارنة بالقيمة الاسمية للسهم البالغة 100 بيسة، وبلغ سعر سهم الباطنة للطاقة 46 بيسة، والسوادي للطاقة 47 بيسة، والعنقاء للطاقة 50 بيسة، واس ام ان باور القابضة 50 بيسة أيضا، وظفار لتوليد الكهرباء 54 بيسة، وسيمبكورب صلالة 69 بيسة. يبلغ عدد شركات إنتاج الطاقة الكهربائية المدرجة في بورصة مسقط حاليا 10 شركات تمتلك مجموعة من محطات إنتاج الطاقة أو إنتاج الطاقة والمياه معا متوزعة على مختلف المحافظات.
ماذا حدث حتى تهبط أسعار الأسهم بهذا الشكل؟، وللإجابة على هذا السؤال سوف نستعرض إفصاحات 3 شركات لأننا لا نستطيع أن نُلِمّ بجميع الشركات في هذا المقال، ولتكن البداية من شركة الكامل للطاقة التي أعلنت في شهر مارس الماضي موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة على حل الشركة وتصفيتها، وأرجعت السبب في ذلك إلى انتهاء اتفاقية شراء الطاقة المبرمة في عام 2002 مع الشركة العمانية لشراء الطاقة والمياه وانتهت الاتفاقية بعد التمديد في ديسمبر 2021 في الوقت الذي تغيرت فيه سياسة شراء الطاقة مع مطلع العام الجاري لتكون من خلال السوق الفورية بدلا من الاتفاقيات الحكومية طويلة الأمد التي تضمن عائدا منتظما للشركات وفي نفس الوقت تحقق للحكومة أهدافها في الحصول على طاقة كهربائية منتظمة تغطي جميع محافظات سلطنة عمان، وقالت شركة الكامل للطاقة إنها كلفت استشاريا مستقلا بإجراء دراسة لتقييم الإيرادات المتوقع أن تحققها الشركة من خلال السوق الفورية، مشيرة إلى أن الدراسة خلصت إلى انه "لا تتوفر لدى الشركة أي فرصة حقيقية للمشاركة في السوق الفورية"، إذ أن مستوى الإيرادات المتوقع تحقيقها من السوق الفورية كان ضئيلا وغير مجد اقتصاديا للشركة، وعليه قام مجلس الإدارة بالدعوة إلى عقد اجتماع جمعية عامة غير عادية للنظر في وضعية الشركة واتخاذ القرارات اللازمة لتصفيتها.
تعتبر شركة الكامل للطاقة من الشركات التي قامت خلال السنوات الماضية بتوزيع أرباح مرتفعة على مساهميها، فقد قامت في عام 2020 بتوزيع أرباح نقدية بنسبة 55% على مرحلتين في مايو ونوفمبر، وفي عام 2019 وزعت أرباحا نقدية بنسبة 40% على مرحلتين أيضا، كما وزعت في عام 2018 أرباحا نقدية بنسبة 35%.
ويبدو مما سبق أن السوق الفورية أربكت شركات الطاقة التي ليس لديها غير منتج واحد وهو إنتاج الكهرباء أو إنتاج الكهرباء والمياه وبيعهما للحكومة وفق اتفاقيات طويلة الأمد، ومع دخول السوق الفورية - التي تعتمد أساسا على المنافسة بين الشركات - حيز التنفيذ لا ترى معظم شركات الطاقة أي جدوى اقتصادية لاستمرارها خاصة الشركات التي قامت بالاقتراض من البنوك لتشييد محطات إنتاج الطاقة، ولعل الإفصاحات الأخيرة لشركة صحار للطاقة بشأن احتمالية قيام الشركة بالإعلان عن إفلاسها تؤكد الحالة "الحرجة" التي وصلت إليها العديد من شركات إنتاج الكهرباء، ومنذ مطلع العام الجاري تحاول الشركة سداد ديونها أو تأجيل السداد على الأقل، وقالت الشركة في آخر إفصاح لها على الموقع الإلكتروني لبورصة مسقط في 7 يوليو الجاري إنها تلقت تأكيدا بموافقة المقرضين على تمديد تاريخ الاستحقاق النهائي لتمويل المشروع لمدة 3 أشهر حتى سبتمبر 2022 بشرط قيام الشركة بتقديم وثائق مرضية، مشيرة إلى أنها تواصل العمل بشكل وثيق مع المقرضين لتقديم هذه الوثائق. وقبل هذا الإفصاح قالت الشركة إنها فشلت في سداد الدفعة المستحقة للمقرضين في 30 يونيو 2022 لمبلغ قدره 39 مليون ريال عماني (101 مليون دولار أمريكي).
وفي نفس هذا الإطار قالت شركة بركاء للمياه والطاقة إنها انتهت ووكيل التسهيلات والضمان والمقرضون من التعديلات على المستندات والموافقات المتعلقة بإعادة جدولة القرض وتعديل جداول السداد والتأمين، وفي تقريرها للربع الأول من العام الجاري قالت الشركة إنها "راقبت السوق الفورية مراقبة دقيقة وترى أن تشغيل محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الخاصة بها في هذه المرحلة ليس مجديا اقتصاديا، وبناء على هذا التقييم قررت الشركة وضع محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الخاصة بها في وضع الحفظ، وستكون الوحدات متاحة للعمل بمجرد زيادة الطلب على الطاقة وهناك مبرر اقتصادي للعمل في السوق الفورية".
هذه هي حالة معظم شركات إنتاج الطاقة الكهربائية التي يبدو أنها لا تعرف مستقبلها في ظل عدم وجود أي إفصاحات أو بيانات رسمية من قبل جهات الاختصاص بشأن مستقبل القطاع وفي ظل انتظار الشركات للائحة التنظيمية التي قد تتيح لها عقد اتفاقيات ثنائية لبيع إنتاجها بدلا من السوق الفورية.
ومع ازدياد خسائر الأسهم وتراجع القيمة السوقية لشركات الطاقة وارتفاع أعباء الديون نتساءل: أين هيئة تنظيم الخدمات العامة ووزارة الطاقة والمعادن وبورصة مسقط والهيئة العامة لسوق المال من هذا المشهد؟ والسؤال الأهم: هل ستعاني السوق أو المستهلكون يوما ما من نقص الكهرباء بعد أن تعلن شركات إنتاج الطاقة إفلاسها وتغلق محطاتها؟.
لكن الحال تغير الآن. فلم يعد كثيرون يهتمون بشراء أسهم شركات الطاقة وأصبحت أسهمها عبئا على أصحابها الذين بدأوا يتخلصون منها، فسهم شركة صحار للطاقة على سبيل المثال هبط إلى 32 بيسة مقارنة بالقيمة الاسمية للسهم البالغة 100 بيسة، وبلغ سعر سهم الباطنة للطاقة 46 بيسة، والسوادي للطاقة 47 بيسة، والعنقاء للطاقة 50 بيسة، واس ام ان باور القابضة 50 بيسة أيضا، وظفار لتوليد الكهرباء 54 بيسة، وسيمبكورب صلالة 69 بيسة. يبلغ عدد شركات إنتاج الطاقة الكهربائية المدرجة في بورصة مسقط حاليا 10 شركات تمتلك مجموعة من محطات إنتاج الطاقة أو إنتاج الطاقة والمياه معا متوزعة على مختلف المحافظات.
ماذا حدث حتى تهبط أسعار الأسهم بهذا الشكل؟، وللإجابة على هذا السؤال سوف نستعرض إفصاحات 3 شركات لأننا لا نستطيع أن نُلِمّ بجميع الشركات في هذا المقال، ولتكن البداية من شركة الكامل للطاقة التي أعلنت في شهر مارس الماضي موافقة الجمعية العامة غير العادية للشركة على حل الشركة وتصفيتها، وأرجعت السبب في ذلك إلى انتهاء اتفاقية شراء الطاقة المبرمة في عام 2002 مع الشركة العمانية لشراء الطاقة والمياه وانتهت الاتفاقية بعد التمديد في ديسمبر 2021 في الوقت الذي تغيرت فيه سياسة شراء الطاقة مع مطلع العام الجاري لتكون من خلال السوق الفورية بدلا من الاتفاقيات الحكومية طويلة الأمد التي تضمن عائدا منتظما للشركات وفي نفس الوقت تحقق للحكومة أهدافها في الحصول على طاقة كهربائية منتظمة تغطي جميع محافظات سلطنة عمان، وقالت شركة الكامل للطاقة إنها كلفت استشاريا مستقلا بإجراء دراسة لتقييم الإيرادات المتوقع أن تحققها الشركة من خلال السوق الفورية، مشيرة إلى أن الدراسة خلصت إلى انه "لا تتوفر لدى الشركة أي فرصة حقيقية للمشاركة في السوق الفورية"، إذ أن مستوى الإيرادات المتوقع تحقيقها من السوق الفورية كان ضئيلا وغير مجد اقتصاديا للشركة، وعليه قام مجلس الإدارة بالدعوة إلى عقد اجتماع جمعية عامة غير عادية للنظر في وضعية الشركة واتخاذ القرارات اللازمة لتصفيتها.
تعتبر شركة الكامل للطاقة من الشركات التي قامت خلال السنوات الماضية بتوزيع أرباح مرتفعة على مساهميها، فقد قامت في عام 2020 بتوزيع أرباح نقدية بنسبة 55% على مرحلتين في مايو ونوفمبر، وفي عام 2019 وزعت أرباحا نقدية بنسبة 40% على مرحلتين أيضا، كما وزعت في عام 2018 أرباحا نقدية بنسبة 35%.
ويبدو مما سبق أن السوق الفورية أربكت شركات الطاقة التي ليس لديها غير منتج واحد وهو إنتاج الكهرباء أو إنتاج الكهرباء والمياه وبيعهما للحكومة وفق اتفاقيات طويلة الأمد، ومع دخول السوق الفورية - التي تعتمد أساسا على المنافسة بين الشركات - حيز التنفيذ لا ترى معظم شركات الطاقة أي جدوى اقتصادية لاستمرارها خاصة الشركات التي قامت بالاقتراض من البنوك لتشييد محطات إنتاج الطاقة، ولعل الإفصاحات الأخيرة لشركة صحار للطاقة بشأن احتمالية قيام الشركة بالإعلان عن إفلاسها تؤكد الحالة "الحرجة" التي وصلت إليها العديد من شركات إنتاج الكهرباء، ومنذ مطلع العام الجاري تحاول الشركة سداد ديونها أو تأجيل السداد على الأقل، وقالت الشركة في آخر إفصاح لها على الموقع الإلكتروني لبورصة مسقط في 7 يوليو الجاري إنها تلقت تأكيدا بموافقة المقرضين على تمديد تاريخ الاستحقاق النهائي لتمويل المشروع لمدة 3 أشهر حتى سبتمبر 2022 بشرط قيام الشركة بتقديم وثائق مرضية، مشيرة إلى أنها تواصل العمل بشكل وثيق مع المقرضين لتقديم هذه الوثائق. وقبل هذا الإفصاح قالت الشركة إنها فشلت في سداد الدفعة المستحقة للمقرضين في 30 يونيو 2022 لمبلغ قدره 39 مليون ريال عماني (101 مليون دولار أمريكي).
وفي نفس هذا الإطار قالت شركة بركاء للمياه والطاقة إنها انتهت ووكيل التسهيلات والضمان والمقرضون من التعديلات على المستندات والموافقات المتعلقة بإعادة جدولة القرض وتعديل جداول السداد والتأمين، وفي تقريرها للربع الأول من العام الجاري قالت الشركة إنها "راقبت السوق الفورية مراقبة دقيقة وترى أن تشغيل محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الخاصة بها في هذه المرحلة ليس مجديا اقتصاديا، وبناء على هذا التقييم قررت الشركة وضع محطة إنتاج الطاقة الكهربائية الخاصة بها في وضع الحفظ، وستكون الوحدات متاحة للعمل بمجرد زيادة الطلب على الطاقة وهناك مبرر اقتصادي للعمل في السوق الفورية".
هذه هي حالة معظم شركات إنتاج الطاقة الكهربائية التي يبدو أنها لا تعرف مستقبلها في ظل عدم وجود أي إفصاحات أو بيانات رسمية من قبل جهات الاختصاص بشأن مستقبل القطاع وفي ظل انتظار الشركات للائحة التنظيمية التي قد تتيح لها عقد اتفاقيات ثنائية لبيع إنتاجها بدلا من السوق الفورية.
ومع ازدياد خسائر الأسهم وتراجع القيمة السوقية لشركات الطاقة وارتفاع أعباء الديون نتساءل: أين هيئة تنظيم الخدمات العامة ووزارة الطاقة والمعادن وبورصة مسقط والهيئة العامة لسوق المال من هذا المشهد؟ والسؤال الأهم: هل ستعاني السوق أو المستهلكون يوما ما من نقص الكهرباء بعد أن تعلن شركات إنتاج الطاقة إفلاسها وتغلق محطاتها؟.