ترجمة: أحمد شافعي

في الأسبوع القادم سوف أسافر إلى الشرق الأوسط لبدء فصل جديد من المشاركة الأمريكية هناك وهو فصل واعد أكثر من قبل. وتأتي هذه الرحلة في وقت مهم بالنسبة للمنطقة، لتعزز مصالح أمريكية مهمة.

إن للأمريكيين منافع كثيرة في وجود شرق أوسط أكثر أمنا وتكاملا. فمجاريه المائية ضرورية للتجارة العالمية وسلاسل التوريد التي نعتمد عليها. وموارد الطاقة فيه حيوية لتخفيف أثر حرب روسيا في أوكرانيا على الإمدادات العالمية. كما أن منطقة تتقارب من خلال الدبلوماسية والتعاون -بدلا من أن تتفكك من خلال صراع- يقل فيها احتمال أن يتصاعد التطرف العنيف مهددا وطننا أو تتصاعد فيها حروب جديدة من شأنها أن تضيف أعباء جديدة على القوات العسكرية الأمريكية وعائلات أفرادها.

وإن لاجتناب هذا السيناريو أهمية فائقة لديّ. وسوف استعمل الدبلوماسية بكثافة، ومن وسائل الدبلوماسية عقد اللقاءات المباشرة -لتحقيق أهدافنا.

لقد بات الشرق الأوسط الذي سأقوم بزيارته منطقة أكثر استقرارا وأمنا مما كانت عليه حينما ورثتها إدارتي قبل ثمانية عشر شهرا.

فقبل شهر واحد من تنصيبي، واجهت سفارتنا في بغداد أكبر هجوم صاروخي منذ عقد. وتزايدت الهجمات على قواتنا ودبلوماسيينا إلى أربعة أمثالها خلال السنة السابقة. ولقد دأب سلفي على أمر طائرات بي 52 المقاتلة بالطيران إلى المنطقة لردع هذه الهجمات والرجوع. لكن ذلك لم يفلح، واستمرت الهجمات.

كانت حرب اليمن تتصاعد، متسببة في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، دون أن تظهر في الأفق بوادر عملية سياسية لإنهاء القتال.

وبعد أن تراجع سلفي عن اتفاقية نووية كانت ناجحة، أصدرت إيران قانونا يفوض بتسريع وتعجيل برنامجها النووي. وعندما سعت الإدارة الأخيرة إلى إدانة إيران على هذا العمل في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وجدت الولايات المتحدة نفسها معزولة ووحيدة.

في أولى أسابيعي في الرئاسة، حذَّرَنا خبراؤنا المخابراتيون والعسكريون من أن المنطقة تتعرَّض لضغوط خطيرة. وقالوا إنها بحاجة إلى دبلوماسية كثيفة وعاجلة. ولاسترداد الردع، أمرت بضربات جوية ردا على الهجمات على قواتنا وبدأت سعيا دبلوماسيا جادا للوصول إلى منطقة أكثر استقرارا.

في العراق أنهينا المهمة القتالية الأمريكية وحوَّلنا وجودنا العسكري إلى التركيز على تدريب العراقيين، مع الحفاظ على التحالف العالمي المناهض لداعش الذي شكَّلناه حينما كنت نائبا للرئيس، وهو الآن متخصص في منع داعش من معاودة الظهور. كما استجبنا للتهديدات الموجهة للأمريكيين. فانخفضت بشدة وتيرة الهجمات المدعومة من إيران مقارنة مع الوضع قبل سنتين. وفي فبراير الماضي في سوريا قضينا على زعيم داعش حاجي عبدالله، مظهرين قدرة أمريكا على القضاء على التهديدات الإرهابي حيثما تحاول أن تختبئ.

في اليمن، عيّنت مبعوثا وتواصلت مع زعماء في شتى أرجاء المنطقة، ومنهم ملك السعودية، لوضع أساس لهدنة. وبعد عام من عملنا الدبلوماسي المتصل، ها هي ذي الهدنة قائمة، والجهود الإنسانية لإنقاذ حياة البشر تصل إلى مدن وبلدات كانت خاضعة لحصار. ونتيجة لذلك، أصبحت الأشهر القليلة الماضية في اليمن هي الأكثر سلاما منذ سبع سنين.

في ما يتعلق بإيران، أعدنا توحيد الحلفاء والشركاء في أوروبا وفي العالم لتغيير وضعنا المعزول، والآن إيران هي المعزولة إلى أن ترجع إلى الاتفاق النووي الذي تخلى عنه سلفي دونما خطة لما قد يحل محله. وفي الشهر الماضي، انضمت إلينا أكثر من ثلاثين بلدا لإدانة عدم تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ما يتعلق بأنشطتها النووية السابقة. وسوف تستمر إدارتي في زيادة ضغطها الدبلوماسي والاقتصادي إلى أن تصبح إيران مستعدة للرجوع إلى الإذعان لاتفاق 2015 النووي مثلما أبقى أنا مستعدا للإذعان له.

في إسرائيل،، ساعدنا على إنهاء حرب في غزة خلال أحد عشر يوما فقط -وكان يسهل تماما أن تستمر لشهور. كما أعدنا بناء العلاقات الأمريكية مع الفلسطينيين. وأعادت إدارتي -بالعمل مع الكونجرس- قرابة 500 مليون دولار من المساعدات للفلسطينيين، مع تمرير أضخم حزمة دعم لإسرائيل في التاريخ -تبلغ أكثر من أربعة مليارات دولار. وفي هذا الأسبوع تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الفلسطيني للمرة الأولى منذ خمس سنوات.

لقد كان هدفي منذ البداية هو إعادة توجيه العلاقات -لا قطعها- مع بلد لم يزل شريكا استراتيجيا منذ ثمانين سنة. واليوم تساعد السعودية في استرداد الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست، وتقدم الدعم التام لهدنة اليمن، وتعمل الآن مع خبرائي للمساعدة في استقرار أسواق النفط مع منتجين آخرين في أوبك.

أعرف أن كثيرين يختلفون مع قراري بالسفر إلى السعودية. إن آرائي في حقوق الإنسان واضحة والحريات الأساسية لها مكان على الأجندة حينما أسافر إلى الخارج، وكذلك سوف تكون في هذه الرحلة، وكذلك سوف تكون في إسرائيل والضفة الغربية.

إن وظيفتي كرئيس هي أن أحافظ على قوة البلد وأمنه. علينا أن نواجه عدوان روسيا، ونضع أنفسنا في أفضل وضع ممكن لنغلب في منافسة الصين، ونعمل من أجل مزيد من الاستقرار في منطقة مؤثرة من العالم. ولتحقيق هذه الأمور، علينا أن نشترك مباشرة مع بلاد قادرة على التأثير في هذه النتائج. والسعودية بلد منها، وحينما ألتقي بالزعيم السعودي يوم الجمعة، سيكون هدفي هو تقوية شراكة استراتيجية تتقدم بناء على مصالح ومسؤوليات مشتركة، مع التمسك في الوقت نفسه بالقيم الأمريكية الأساسية.

وفي يوم الجمعة، سأكون أيضا أول رئيس يسافر إلى إسرائيل من جدة بالمملكة العربية السعودية. فسوف تكون الرحلة أيضا رمزا صغيرا لبناء علاقات وخطوات نحو التطبيع بين إسرائيل والعالم العربي وهو ما تعمل إدارتي على تعميقه وتوسيعه. في جدة، سوف يجتمع قادة من أرجاء المنطقة، في إشارة إلى إمكانية أن يكون الشرق الأوسط أكثر استقرارا وتكاملا مع قيام الولايات المتحدة بدور قيادي حيوي.

بالطبع، تظل المنطقة مليئة بالتحديات: برنامج إيران النووي ودعمها للجماعات الوكيلة، والحرب في سوريا، وأزمات الأمن الغذائي التي تتفاقم بسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا، والجماعات الإرهابية التي لم تزل تعمل في عدد من البلاد، والجمود السياسي في العراق وليبيا ولبنان، ومعايير حقوق الإنسان التي لم تزل متخلفة عن أغلب العالم. ولا بد أن نعالج جميع هذه القضايا. وحينما أقابل القادة من أرجاء المنطقة، سأوضح مدى أهمية إحراز تقدم في هذه المجالات.

ومع ذلك، وبالمقارنة مع الوضع قبل ثمانية عشر شهرا، تتعرَّض المنطقة لقدر أقل من الضغوط وتشهد مزيدا من التكامل. فالمتنافسون السابقون أعادوا إقامة العلاقات. ومشاريع البنية الأساسية المشتركة تشكّل شراكات جديدة. العراق الذي طالما كان مصدرا لصراعات بالوكالة ومنافسات إقليمية يمثل الآن منصة للدبلوماسية ومن ذلك ما بين المملكة العربية السعودية وإيران. وقد أشار صديقي الملك عبدالله عاهل الأردن أخيرا إلى "أجواء جديدة" في المملكة إذ أصبحت البلاد تتساءل "كيف يمكن أن نرتبط بعضنا ببعض ونعمل بعضنا مع بعض؟".

ثمة اتجاهات واعدة، يمكن أن تقويها الولايات المتحدة على نحو لا يقدر عليه بلد آخر. ورحلتي في الأسبوع القادم ستخدم هذا الغرض.

خلال رحلتي، سوف يكون في بالي ملايين الأمريكيين الذين خدموا في المنطقة، ومنهم ابني بيو والـ7054 الذين ماتوا في صراعات في الشرق الأوسط وأفغانستان منذ 11 سبتمبر 2001.

في الأسبوع القادم سوف أكون أول رئيس يزور الشرق الأوسط منذ 11/ 9 دون وجود قوات أمريكية مشاركة في مهمة قتالية هناك. وهدفي أن يبقى الوضع على ذلك.

جو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

ترجمة خاصة لـ عمان عن "واشنطن بوست"