في عام 2019 أكرمني القائمين على تنظيم فعاليات البريمي ضيف لمعرض مسقط الدولي للكتاب بدعوة لتقديم محاضرة بعنوان: «البناء الموسيقي في الفنون الشعبية في محافظ البريمي»، وبناء عليه اخترت العيّالة نموذجًا لسببين هامين: الأول، إن العيّالة أشهر أنماط الغناء في البريمي، والثاني كونها مناسبة لمناقشة المصطلح الذي ورد في العنوان أعلاه من قبل المنظمين.
يتضمن المصطلح الفلكلوري «الفنون الشعبية» الشائع، وهو مصطلح إشكالي وعام، يشمل في الأصل فنون كثيرة متوارثة وغير متجانسة مثل: الطبخ والأزياء والأغاني والأشعار وغيرها من أشكال التعبير الثقافي. من هنا، يمكن أن نقول مثلاً: أن طبخة «المعجين » شعبية، كما أن لحن « سالم ضرب سلومة » شعبي متوارث مجهول المؤلف، ومثل هذا التصنيف مفيد لجهة حماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء.
ولكن، ورغم إن هذه التسمية شائعة في أدبياتنا المعاصرة، ويقصد بها كل أنماط الغناء التراثية وإلحانها وأشعارها بما في ذلك المعروف المؤلف، فإن سبب هذا الالتباس إن صح الوصف يعود إلى عدم إنجاز حصر، وتصنيف ما هو شعبي مجهول المؤلف، وشعبي مشهور معروف المؤلف في التراث الثقافي، لذلك قد يُعتقد أن كل مقاصب وشلات الرزحة تراثية؛ لأنها تؤلف وتؤدى بطريقة تقليدية متوارثة.
وفي كل الأحوال، من غير المناسب دراسة ووصف أشكال التعبير الفني بغير علومها ومصطلحاتها كما هو الحال مع الموسيقى، ذلك عندما يكون هدفنا التحليل الموسيقي للبناء الفني للألحان، وتراكيبها النغمية والإيقاعية وآلاتها الموسيقية وأساليب أدائها. ومن الطبيعي في هذا السياق التأكيد بأننا لن نذهب للمستقبل بكامل ممارسات الحاضر، فهناك دائمًا من عليه واجب الانتخاب، ولكن من المهم ضمان استمرار عمليتي التوارث وحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء من جهة، وممارسة النقد والتجديد والابتكار من جهة متصلة، ومن المناسب هنا التأكيد مجددًا على أهميه رعاية التجارب الموسيقية العُمانية الجديدة بكل توجهاتها الثقافية، وأن تجد هذه التجارب الموسيقية حاضنة تطل منها للجمهور.
وهكذا فالعيّالة نموذج بارز لأنماط الغناء الشعبي؛ لأن ألحانها ونصوصها غير معروف مؤلفيها، في المقابل يصح لنا أيضًا وصفها بالنمط الموسيقي التقليدي لارتباط ممارستها بالتقاليد الاجتماعية. من هنا لن تواجهنا إشكالية في استعمال المصطلحين أعلاه بعد أن حددنا دلالاتهما في أول هذه المقالات التي الخص فيها أهم ما جاء في نص المحاضرة التي أشرت إليها ولم ينشر من قبل، مع إعادة صياغة وإضافة وحذف حسب ما يتطلبه كل مقال من هذه المقالات الثلاث. من أجل إعداد نص المحاضرة توجهت للبريمي والتقيت بعدد من ذوي الاختصاص الممارسين الذين أكرموني بالاستقبال الطيب والحوار المفيد، وكنت قبل ذلك قد استمعت وشاهدت عددًا من التسجيلات القديمة في أرشيف مركز عمان للموسيقى التقليدية، وكان أقدم تسجيل وتصوير ميداني للعيالة في عام 1983. ولعل أبرز الملاحظات التي دونتها في الفترة تلك على هامش اللقاءات تطلع الممارسون في البريمي إلى إقامة فعاليات موسيقية منتظمة لفنونهم في ولاياتهم ومحافظتهم، ولعل من الأهمية أن تكون للمحافظات بناء على الصلاحيات الجديدة دور في هذا المجال الثقافي والفني، وحتى عام 2006 كانت البريمي إحدى ولايات منطقة الظاهرة، وكان يوسف شوقي مصطفى (1925 ـ 1987) المشرف على مشروع جمع وتوثيق الموسيقى التقليدية العُمانية قد زارها وكتب في هذا السياق ملاحظة مهمة: «تشترك منطقة الظاهرة مع منطقة الباطنة في عدد كبير من أنماط الغناء والرقص التقليدي من حيث التكوين العام والحركة وأن اختلف بعضها في التسمية وفي التفاصيل». وقد اتفق الرواة الذين قابلتهم في البريمي في يناير 2019 مع ما كتبه الدكتور شوقي قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وأبرز مثال على ذلك ما كتبه الدكتور شوقي عن أساليب أداء الرزفة والعيالة. ويُنظر إلى البريمي الواحة باعتبارها بوابة عُمان الشمالية، ولعل العيّالة؛ الفن الموسيقي الشهير فيها الذي يقابلها العرضة في الخليج العربي، والمملكة العربية السعودية توضح هذه المكانة الجغرافية للولاية، ودورها الثقافي والفني مع عمق الجزيرة العربية... للمقال بقية.
يتضمن المصطلح الفلكلوري «الفنون الشعبية» الشائع، وهو مصطلح إشكالي وعام، يشمل في الأصل فنون كثيرة متوارثة وغير متجانسة مثل: الطبخ والأزياء والأغاني والأشعار وغيرها من أشكال التعبير الثقافي. من هنا، يمكن أن نقول مثلاً: أن طبخة «المعجين » شعبية، كما أن لحن « سالم ضرب سلومة » شعبي متوارث مجهول المؤلف، ومثل هذا التصنيف مفيد لجهة حماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء.
ولكن، ورغم إن هذه التسمية شائعة في أدبياتنا المعاصرة، ويقصد بها كل أنماط الغناء التراثية وإلحانها وأشعارها بما في ذلك المعروف المؤلف، فإن سبب هذا الالتباس إن صح الوصف يعود إلى عدم إنجاز حصر، وتصنيف ما هو شعبي مجهول المؤلف، وشعبي مشهور معروف المؤلف في التراث الثقافي، لذلك قد يُعتقد أن كل مقاصب وشلات الرزحة تراثية؛ لأنها تؤلف وتؤدى بطريقة تقليدية متوارثة.
وفي كل الأحوال، من غير المناسب دراسة ووصف أشكال التعبير الفني بغير علومها ومصطلحاتها كما هو الحال مع الموسيقى، ذلك عندما يكون هدفنا التحليل الموسيقي للبناء الفني للألحان، وتراكيبها النغمية والإيقاعية وآلاتها الموسيقية وأساليب أدائها. ومن الطبيعي في هذا السياق التأكيد بأننا لن نذهب للمستقبل بكامل ممارسات الحاضر، فهناك دائمًا من عليه واجب الانتخاب، ولكن من المهم ضمان استمرار عمليتي التوارث وحماية حقوق الملكية الفكرية وحقوق الأداء من جهة، وممارسة النقد والتجديد والابتكار من جهة متصلة، ومن المناسب هنا التأكيد مجددًا على أهميه رعاية التجارب الموسيقية العُمانية الجديدة بكل توجهاتها الثقافية، وأن تجد هذه التجارب الموسيقية حاضنة تطل منها للجمهور.
وهكذا فالعيّالة نموذج بارز لأنماط الغناء الشعبي؛ لأن ألحانها ونصوصها غير معروف مؤلفيها، في المقابل يصح لنا أيضًا وصفها بالنمط الموسيقي التقليدي لارتباط ممارستها بالتقاليد الاجتماعية. من هنا لن تواجهنا إشكالية في استعمال المصطلحين أعلاه بعد أن حددنا دلالاتهما في أول هذه المقالات التي الخص فيها أهم ما جاء في نص المحاضرة التي أشرت إليها ولم ينشر من قبل، مع إعادة صياغة وإضافة وحذف حسب ما يتطلبه كل مقال من هذه المقالات الثلاث. من أجل إعداد نص المحاضرة توجهت للبريمي والتقيت بعدد من ذوي الاختصاص الممارسين الذين أكرموني بالاستقبال الطيب والحوار المفيد، وكنت قبل ذلك قد استمعت وشاهدت عددًا من التسجيلات القديمة في أرشيف مركز عمان للموسيقى التقليدية، وكان أقدم تسجيل وتصوير ميداني للعيالة في عام 1983. ولعل أبرز الملاحظات التي دونتها في الفترة تلك على هامش اللقاءات تطلع الممارسون في البريمي إلى إقامة فعاليات موسيقية منتظمة لفنونهم في ولاياتهم ومحافظتهم، ولعل من الأهمية أن تكون للمحافظات بناء على الصلاحيات الجديدة دور في هذا المجال الثقافي والفني، وحتى عام 2006 كانت البريمي إحدى ولايات منطقة الظاهرة، وكان يوسف شوقي مصطفى (1925 ـ 1987) المشرف على مشروع جمع وتوثيق الموسيقى التقليدية العُمانية قد زارها وكتب في هذا السياق ملاحظة مهمة: «تشترك منطقة الظاهرة مع منطقة الباطنة في عدد كبير من أنماط الغناء والرقص التقليدي من حيث التكوين العام والحركة وأن اختلف بعضها في التسمية وفي التفاصيل». وقد اتفق الرواة الذين قابلتهم في البريمي في يناير 2019 مع ما كتبه الدكتور شوقي قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وأبرز مثال على ذلك ما كتبه الدكتور شوقي عن أساليب أداء الرزفة والعيالة. ويُنظر إلى البريمي الواحة باعتبارها بوابة عُمان الشمالية، ولعل العيّالة؛ الفن الموسيقي الشهير فيها الذي يقابلها العرضة في الخليج العربي، والمملكة العربية السعودية توضح هذه المكانة الجغرافية للولاية، ودورها الثقافي والفني مع عمق الجزيرة العربية... للمقال بقية.