تمكّن فريق بحثي من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية من إجراء دراسة بحثية حول الفوائد العديدة لنبتة المورينجا -المعروفة محليًا بشجرة «الشوع»- واستخدام مستخلصات نباتية محضّرة من نباتات محلية عمانية لتثبيط عملية تبلور أكسالات الكالسيوم أحد المكونات الرئيسة لحصى الكلى.
وقالت الدكتورة ليلى بنت حمد الهدابية من جامعة التقنية والعلوم التطبيقية، رئيسة الفريق البحثي عن الدراسة البحثية حول الفوائد العديدة لنبتة «المورينجا»: إن المشروع يتناول استخدام مستخلصات نباتية محضّرة من نباتات محلية عمانية لتثبيط عملية تبلور أكسالات الكالسيوم، التي هي عبارة عن بلورات صلبة من المعادن والمواد الأخرى تتشكّل في الكلى، وتتكوّن هذه البلورات من الكالسيوم الممزوج بالأكسالات وهي مادة موجودة في بعض الأطعمة مثل الخضروات الورقية مثل: السبانخ وأيضا موجودة في اللوز والبنجر والشوكولاته والبامية والبطاطا المشوية والمكسرات والبذور، وتعد أحد المكونات الرئيسية لحصى الكلى.
وأشارت إلى أنه تم تقييم أوراق ولحاء نوعين من المورينجا -والمعروفة محليا بشجرة الشوع M. peregrina وM. oleifera- وكذلك البذور المزروعة محليا مثل بذور الحلبة (Trigonella foenum-graecum) وبذور البقدونس (Petroselinum crispum)، وتمت دراسة الآليات المعنية في مراحل ما قبل وما بعد بلورة أكسالات الكالسيوم وبشكل أكثر تحديدًا تثبيط التبلور الذي توفره المستخلصات النباتية المختارة، وكذلك دراسة التحلل الكيميائي للبلورات الموجودة بالمستخلصات نفسها، كما شملت هذه الدراسة مجموعة من التقنيات بدءًا من المعايرة متعددة الجوانب حتى المسح المجهري الإلكتروني (SEM) والمسح الضوئي والقياسات الطيفية HPLC.
وأضافت: لقد أُجرِيت نمذجة نظرية للتفاعل بين أكسالات الكالسيوم والمجموعات الوظيفية المعروفة بوجودها في المستخلصات النباتية باستخدام نظرية الكثافة الوظيفية، إضافة إلى ذلك، اختُبِرت التأثيرات المتزامنة لهذه المستخلصات النباتية على البكتيريا المرتبطة بالكلية مثل Escherichia coli وPseudomonas، كما تم تحليل حجم وشكل البلورات إضافة إلى تقييم تأثير وجود البكتيريا مثل Escherichia coli وPseudomonas على تبلور بلورات أكسالات الكالسيوم وذلك عن طريق الفحص المجهري.
وعن أهمية هذه الدراسة البحثية قالت الدكتورة ليلى الهدابية: إن حصى الكلى عبارة عن تراكمات من الأيونات مثل الكالسيوم وأكسالات الفوسفات والبروتينات والغشاء الحيوي البكتيري، ومرض حصوات الكلى يصيب نسبة كبيرة من العمانيين ويُعتقد أنه في ازدياد بسبب عوامل التغذية والضغوطات المرتبطة بالحياة الحديثة، موضحة أنه ينتج عن حركة حصوات الكلى ألم شديد للغاية يُعتقد أنه من أسوأ أنواع الألم الذي عرفه الإنسان، وتتراوح طرق العلاج بين التدخل الجراحي وأشعة الليزر إلى الأدوية التي تحتوي على أحماض الستريك، حيث يعتمد نسبة كبيرة من البشر بشكل عام والعمانيين بشكل خاص على الأدوية الشعبية المستخلصة من النباتات بمختلف الطرق التقليدية، ولهذا يجب تقييم موثوقية هذه الأدوية النباتية التقليدية ودراسة قابليتها للتطبيق وفعاليتها بناءً على التقنيات العلمية الحديثة، كما يجب استكشاف الجرعة المطلوبة والمرحلة المحددة التي تكون فيها الأدوية نشطة وأيضا آلية العمل فيها.
وأكدت أن هذه الدراسة هدفت إلى تحليل تثبيط تبلور أكسالات الكالسيوم باستخدام مستخلصات النباتات التقليدية التي تُزرع محليا أو في المناطق المجاورة كأوراق ولحاء شجرة المورينجا أوليفيرا والمورينجا بريجرينا وبذور الحلبة وأوراق وبذور البقدونس، واستغلال مجموعات مختلفة من المستخلصات التي تؤدي إلى تركيبات طبية، ووقائية، إذ يعتمد اختيار الأنواع النباتية على أنظمة المعتقدات التقليدية إضافة إلى توافر هذه النباتات، كما تم تحضير المستخلصات العشبية من نباتات تُستخدم تقليديا لعلاج حصوات الكلى التي يتم الحصول عليها محليا، وتحليل العمليات التي تؤدي إلى تكوين بلورات أكسالات الكالسيوم بما في ذلك التنوي -وهي عبارة عن عملية تكثف قطرات من سائل بخار أو تشكّل فقاعات من الغاز في سائل مغلي- وهذه العملية ذاتية التنظيم تؤدي إلى طور ديناميكي جديد أو تركيبة ذاتية، كما تم أيضًا دراسة تثبيط تكوُّن الحصوات باستخدام المستخلصات العشبية بالمقارنة مع السترات المقبولة حاليا في هذه العملية، وتقدير احتمالية حدوث تلف في بلورات أكسالات الكالسيوم الموجودة عن طريق إذابة السطح باستخدام المستخلصات العشبية، ونمذجة بعض العمليات التي تنطوي عليها الحسابات النظرية على أساس نظرية الكثافة الوظيفية باستخدام برنامج معيّن، ودراسة تأثير هذه المستخلصات العشبية وفعاليتها كمضاد حيوي على البكتيريا التي من المفترض أن تصاحب حصوات الكلى سواء بعد العدوى أو ما قبل العدوى، وأخيرًا إجراء الاختبارات الفسيولوجية للنتائج على الفئران.
وتضيف الدكتورة ليلى الهدابية: إن الدراسة تعد هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، إذ إن نبات المورينجا بنوعيه أوليفيرا وبيريجرينا هو بالفعل نبات يبشّر بنتائج مستقبلية واعدة لعلاج حصوات الكلى التي يعاني منها نسبة كبيرة من العمانيين، واستخدام نتائج هذه الدراسة لإنتاج أدوية جديدة قد يعزز أو يكمل العلاجات الحالية.
وعن الخطط المستقبلية لهذه الدراسة البحثية أكدت أنه بعد إجراء الدراسات على الحيوانات يجب الحصول على براءة اختراع للمحلول الذي أنتِج من المستخلصات النباتية، وأيضًا لا بد من إجراء تحليل السموم متبوعًا بالتجارب السريرية بالتعاون مع المهنيين الطبيين، وإجراء المزيد من هذه الدراسات للاستفادة من المعارف التقليدية للمنفعة العامة، كما ينبغي إتاحة المنتجات الموثوقة والمختبرة بشكل صحيح للجمهور.
الجدير بالذكر أن أعضاء الفريق البحثي مكوَّن من الدكتورة سيندو مينون، والدكتورة شينيشا سوجيش، والدكتور جايكانران، والفني محمد بن ناصر الهنائي، و6 باحثين مساعدين.