شكلت الاستراتيجية العُمرانية التي تم إقرارها في اجتماع مجلس الوزراء الموقر في مارس 2021 أحد أهم ممكنات التحول في النموذج التنموي الجديد لعُمان وممكنًا لرؤيتها 2040. وهي وثيقة طموحة في ناحية مؤشراتها عالية التنافسية وفي ناحية جذرية التغيير الذي تتوقع أن يجري ليس فقط على نطاق التخطيط العمراني وشاكلة المدن وطبيعة مساهمة النموذج الاقتصادي لكل محافظة في نموذج الاقتصاد الكلي. وإنما في طبيعة الأدوار المتوقعة من الأفراد وأنماط الثقافة المجتمعية التي تمكن من التجاوب مع هذا التحول وتسريعه عبر إدماجه في السلوك والاستجابات الفردية والجمعية، وعبر الوعي بالمقاصد العامة، وتغيير أنماط المساهمة في الأعمال ونمذجة السلوك العام على ضوء مقتضيات الاستراتيجية.
لماذا نتحدث عن الأفراد إذن ما دمنا نتحدث عن نموذج كلي للتخطيط Macro Level في الواقع هذا يعود إلى ما يعرف بتقاسم ملكية الأهداف والمؤشرات Target Ownership (من يتوجب عليه أن يفعل ماذا ؟). فإذا ما جئنا لبعض ملامح المؤشرات المرتبطة بمحاور الاستراتيجية – حسبما هي النسخة المنشورة على موقع وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني – سنجد على سبيل المثال في مستهدفًا بالتحول إلى نسبة استخدام للمركبات الكهربائية توازي 12.5% ونسبة استخدام للنقل العام توازي 16% وتخفيض كمية النفايات للفرد إلى 1 kg/c/d في عام 2040 وفيما يتعلق بتحقيق محور التنمية العمرانية الاستراتيجية سنجد أن هناك مستهدفًا بأن تكون نسبة عدد السكان في مسقط 31.3% من إجمالي عدد السكان وفيما يتعلق بمحور تحقيق النمو الاقتصادي والازدهار سنجد مستهدفًا برفع نسبة القوى العاملة الماهرة بنحو 83% في القطاع الخاص وبرفع النمو في عامل الإنتاجية إلى نحو 2.3 وعلى مستوى محور نظام النقل الفعال نجد مستهدفًا بالوصول إلى عدد الركاب سنويًا عبر سكك الحديد إلى نحو 531 ألف راكب وعلى مستوى محور البنية الأساسية الفعالة نجد مستهدفًا بخفض استهلاك الفرد من المياه إلى نحو 150 لترا (كل تلك المستهدفات بحلول عام 2040). كما أن هناك مستهدفات مرتبطة بالمناظر الطبيعية الثقافية المصانة وتحقيق الأمن الغذائي تتميز بالملكية المشتركة بين مستويات تحقيق المؤشرات. إذن يمكن القول إن تحقيق تلك المؤشرات ليس رهنًا بمجرد إدماجها في استراتيجيات المحافظات أو توزيعها قطاعيًا أو توافر أدوات التنفيذ للاستراتيجي على المستوى الهيكلي الكلي. فثمة مؤشرات ترتبط بمدى تحقق الاستجابة المجتمعية community response والقدرة على التحول في النهج التخطيطي والإسقاطي إلى ما يعرف بالتنمية المدفوعة بالمجتمعات المحلية community-driven development فكما تقول ورقة نشرتها اليونيسكو بعنوان: «Importance of Local Community Action in Shaping Development» فإن «العمل المجتمعي يوجه الانتباه إلى حقيقة أن الأشخاص المحليين الذين يعملون معًا غالبًا ما يكون لديهم القدرة على التغيير من خلال عملية بناء علاقات تزيد من القدرة التكيفية للسكان المحليين داخل منطقة مشتركة. مما ينعكس في قدرة الأفراد على إدارة واستخدام وتعزيز الموارد المتاحة لهم في معالجة قضاياهم المحلية».
إن الوصول للمستهدفات الموضوعة يتوجب أن يتم تقسيمه عبر أدوات مختلفة، فقد يكون التشريع الأعلى سبيلًا لتغيير السلوك المجتمعي في جزئيات معينة، وقد يكون العمل على سياسات سكانية محلية ورسم خارطة محلية لطبيعة النمو السكاني كمًا ونوعًا سبيلًا للمساهمة في تحقيق المستهدفات. وقد يكون انتهاج إطار وطني عام لطبيعة المهارات الإنتاجية المطلوبة من مخرجات التعليم سبيلًا لتحقيق مستهدف بعينه، وقد يكون حفز المجتمعات المحلية لتطوير مبادرات مثلًا في إعادة التدوير أو الاستخدام الذكي للموارد متطلبًا لهندسة السلوك المجتمعي للوصول إلى المستهدفات الموضوعة، غير أن كل تلك الأدوات يجب أن تكون اليوم واضحة ومحددة. سواء على مستوى ما يراد من الأفراد أو المجموعات الاجتماعية الصغرى أو المجتمعات المحلية أو على مستوى المؤسسات القطاعية، آخذين في الاعتبار عناصر ومؤثرات من قبيل التهيئة الاقتصادية للأفراد، ووجود المحفزات السلوكية «الوكز» المتعلق بالمؤشرات التي تقع تحت تأثير سلوكهم وتدبيرهم، وطبيعة الحوار في المجال الاجتماعي العام حول ملكية الاستراتيجية، ومدى إدماج الأفراد في استراتيجيات المحافظات كفاعلين تنمويين، ومدى إسهامهم كعناصر تخطيط ومبادرين في سبيل تطوير مبادرات محلية تدفع باتجاه تحقق مستهدفات الاستراتيجية، وقد نحتاج إلى توجيه مشروعات الأفراد ونشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى طبيعة النموذج الاقتصادي المرسوم لكل محافظة وإيجاد التسهيلات والمحفزات اللازمة للإنتاج والمساهمة الاقتصادية في الفرص التي يتيحها ذلك النموذج، وعوضًا عن ذلك برمجة مبادرات التأهيل والتدريب في تلك المحافظة وفقًا للنموذج الاقتصادي المرجو منها.
خلاصة القول: إن الأمر مرتبط بهندسة «الأدوات المناسبة/ الخيارات المناسبة» على مستوى كل محافظة بما يتناسب مع بنيتها الثقافية والسكانية والمجتمعية، ومستوى التهيئة اللازمة للتحول نحو النهج العمراني والاقتصادي الجديد. ترتبط هذه المسألة بما تقوله نظريات الزحف الحضري في علم الاجتماع حيث يقول: «التحضر يمثل شكلًا من أشكال الوجود الاجتماعي، لا يقتصر على توزيع الجماعات في أماكن إقامتها، أو عملها، أو مصالحها الاقتصادية. فالمدينة، في جوهرها، تمثل مركزًا للسيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ومحورًا تدور حوله جماعات وأنشطة متنوعة». وعليه فإن التحول المنشود على صعيد الاستراتيجية العمرانية يجب أن يضمن أن تكون الجماعات الاجتماعية المكونة لمناطق/ مدن التجديد الحضري متوافقة حول نموذجها ومفعلة لأنشطتها وحوارها الجمعي وموجهة لمبادراتها في اتجاه تحقيق أو إيجاد هوية اقتصادية جامعة لتلك المنطقة/ المدينة.
وهنا يتأتى الدور على نهج التواصل الاستراتيجي الراهن للاستراتيجية العمرانية الذي ينبغي أن يكون حاضرًا على مستوى كافة الفئات المجتمعية ومخاطبًا لها باختلافها وحاشدًا للوعي والقناعة المجتمعية بمستهدفاتها، ومركزًا على التحيزات المعرفية التي يمليها الوضع الراهن، ومتعاملا معها بأدوات مبتكرة تسهل عملية التحول وتخدم تحقق المستهدفات الطموحة.
لماذا نتحدث عن الأفراد إذن ما دمنا نتحدث عن نموذج كلي للتخطيط Macro Level في الواقع هذا يعود إلى ما يعرف بتقاسم ملكية الأهداف والمؤشرات Target Ownership (من يتوجب عليه أن يفعل ماذا ؟). فإذا ما جئنا لبعض ملامح المؤشرات المرتبطة بمحاور الاستراتيجية – حسبما هي النسخة المنشورة على موقع وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني – سنجد على سبيل المثال في مستهدفًا بالتحول إلى نسبة استخدام للمركبات الكهربائية توازي 12.5% ونسبة استخدام للنقل العام توازي 16% وتخفيض كمية النفايات للفرد إلى 1 kg/c/d في عام 2040 وفيما يتعلق بتحقيق محور التنمية العمرانية الاستراتيجية سنجد أن هناك مستهدفًا بأن تكون نسبة عدد السكان في مسقط 31.3% من إجمالي عدد السكان وفيما يتعلق بمحور تحقيق النمو الاقتصادي والازدهار سنجد مستهدفًا برفع نسبة القوى العاملة الماهرة بنحو 83% في القطاع الخاص وبرفع النمو في عامل الإنتاجية إلى نحو 2.3 وعلى مستوى محور نظام النقل الفعال نجد مستهدفًا بالوصول إلى عدد الركاب سنويًا عبر سكك الحديد إلى نحو 531 ألف راكب وعلى مستوى محور البنية الأساسية الفعالة نجد مستهدفًا بخفض استهلاك الفرد من المياه إلى نحو 150 لترا (كل تلك المستهدفات بحلول عام 2040). كما أن هناك مستهدفات مرتبطة بالمناظر الطبيعية الثقافية المصانة وتحقيق الأمن الغذائي تتميز بالملكية المشتركة بين مستويات تحقيق المؤشرات. إذن يمكن القول إن تحقيق تلك المؤشرات ليس رهنًا بمجرد إدماجها في استراتيجيات المحافظات أو توزيعها قطاعيًا أو توافر أدوات التنفيذ للاستراتيجي على المستوى الهيكلي الكلي. فثمة مؤشرات ترتبط بمدى تحقق الاستجابة المجتمعية community response والقدرة على التحول في النهج التخطيطي والإسقاطي إلى ما يعرف بالتنمية المدفوعة بالمجتمعات المحلية community-driven development فكما تقول ورقة نشرتها اليونيسكو بعنوان: «Importance of Local Community Action in Shaping Development» فإن «العمل المجتمعي يوجه الانتباه إلى حقيقة أن الأشخاص المحليين الذين يعملون معًا غالبًا ما يكون لديهم القدرة على التغيير من خلال عملية بناء علاقات تزيد من القدرة التكيفية للسكان المحليين داخل منطقة مشتركة. مما ينعكس في قدرة الأفراد على إدارة واستخدام وتعزيز الموارد المتاحة لهم في معالجة قضاياهم المحلية».
إن الوصول للمستهدفات الموضوعة يتوجب أن يتم تقسيمه عبر أدوات مختلفة، فقد يكون التشريع الأعلى سبيلًا لتغيير السلوك المجتمعي في جزئيات معينة، وقد يكون العمل على سياسات سكانية محلية ورسم خارطة محلية لطبيعة النمو السكاني كمًا ونوعًا سبيلًا للمساهمة في تحقيق المستهدفات. وقد يكون انتهاج إطار وطني عام لطبيعة المهارات الإنتاجية المطلوبة من مخرجات التعليم سبيلًا لتحقيق مستهدف بعينه، وقد يكون حفز المجتمعات المحلية لتطوير مبادرات مثلًا في إعادة التدوير أو الاستخدام الذكي للموارد متطلبًا لهندسة السلوك المجتمعي للوصول إلى المستهدفات الموضوعة، غير أن كل تلك الأدوات يجب أن تكون اليوم واضحة ومحددة. سواء على مستوى ما يراد من الأفراد أو المجموعات الاجتماعية الصغرى أو المجتمعات المحلية أو على مستوى المؤسسات القطاعية، آخذين في الاعتبار عناصر ومؤثرات من قبيل التهيئة الاقتصادية للأفراد، ووجود المحفزات السلوكية «الوكز» المتعلق بالمؤشرات التي تقع تحت تأثير سلوكهم وتدبيرهم، وطبيعة الحوار في المجال الاجتماعي العام حول ملكية الاستراتيجية، ومدى إدماج الأفراد في استراتيجيات المحافظات كفاعلين تنمويين، ومدى إسهامهم كعناصر تخطيط ومبادرين في سبيل تطوير مبادرات محلية تدفع باتجاه تحقق مستهدفات الاستراتيجية، وقد نحتاج إلى توجيه مشروعات الأفراد ونشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى طبيعة النموذج الاقتصادي المرسوم لكل محافظة وإيجاد التسهيلات والمحفزات اللازمة للإنتاج والمساهمة الاقتصادية في الفرص التي يتيحها ذلك النموذج، وعوضًا عن ذلك برمجة مبادرات التأهيل والتدريب في تلك المحافظة وفقًا للنموذج الاقتصادي المرجو منها.
خلاصة القول: إن الأمر مرتبط بهندسة «الأدوات المناسبة/ الخيارات المناسبة» على مستوى كل محافظة بما يتناسب مع بنيتها الثقافية والسكانية والمجتمعية، ومستوى التهيئة اللازمة للتحول نحو النهج العمراني والاقتصادي الجديد. ترتبط هذه المسألة بما تقوله نظريات الزحف الحضري في علم الاجتماع حيث يقول: «التحضر يمثل شكلًا من أشكال الوجود الاجتماعي، لا يقتصر على توزيع الجماعات في أماكن إقامتها، أو عملها، أو مصالحها الاقتصادية. فالمدينة، في جوهرها، تمثل مركزًا للسيطرة الاقتصادية والسياسية والثقافية، ومحورًا تدور حوله جماعات وأنشطة متنوعة». وعليه فإن التحول المنشود على صعيد الاستراتيجية العمرانية يجب أن يضمن أن تكون الجماعات الاجتماعية المكونة لمناطق/ مدن التجديد الحضري متوافقة حول نموذجها ومفعلة لأنشطتها وحوارها الجمعي وموجهة لمبادراتها في اتجاه تحقيق أو إيجاد هوية اقتصادية جامعة لتلك المنطقة/ المدينة.
وهنا يتأتى الدور على نهج التواصل الاستراتيجي الراهن للاستراتيجية العمرانية الذي ينبغي أن يكون حاضرًا على مستوى كافة الفئات المجتمعية ومخاطبًا لها باختلافها وحاشدًا للوعي والقناعة المجتمعية بمستهدفاتها، ومركزًا على التحيزات المعرفية التي يمليها الوضع الراهن، ومتعاملا معها بأدوات مبتكرة تسهل عملية التحول وتخدم تحقق المستهدفات الطموحة.