يبدأ علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مقاله (عام المجتمع المدني في مصر)، المنشور في مجلة آفاق استراتيجية (العدد 5 مارس 2022)، بقوله أنه "إذا كانت الدولة تقوم بأعمال البناء والتعمير وتوفير البنية الأساسية، فإن المجتمع المدني له دور أساسي في إعداد البشر لحياة جديدة، وتغيير العادات والأفكار السلبية، وفي تعليمهم وتدريبهم، وهو ما يمكن تلخيصه بتعبير بناء (رأس المال الاجتماعي)".
إنه تلخيص لدور المجتمع المدني في شراكته مع منظومة الدولة في توعية المجتمع وتهيئته من ناحية، وتنفيذ البرامج والخطط التي تنشدها الدولة من ناحية أخرى؛ ذلك لأن دوره لا ينتهي بالشراكة في إعداد الخطط والرؤى الوطنية بل يتعدى ذلك إلى المشاركة الفاعلة فيما يقوم به من جهود ومبادرات تُسهم في تحقيق أهداف تلك الرؤى، وتعزز دورها من خلال تهيئة أفراد المجتمع للتفاعل الإيجابي مع تلك الأهداف، وبالتالي القدرة على المشاركة والتعاون في دفع عجلة التغيير التنموي المنشود.
وللدور المهم الذي تمثله مؤسسات المجتمع المدني بأنواعها المختلفة، فقد حرصت سلطنة عمان على رعايتها ودعمها بدءا من جمعيات المرأة العمانية التي بدأت منذ العام 1971م، ثم النادي الثقافي، فجمعيات المجتمع المدني المهنية باختلاف اهتماماتها وتخصصاتها. ولهذا سنجد أن هذا الدعم شكَّل أساسا للدور التنموي الذي تسهم به هذه المؤسسات اليوم، باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية في كافة القطاعات؛ حيث تقوم بأدوار تنموية عدة مكَّنت من إكسابها ثقة الدولة، وبالتالي تمكينها بما يدعم عملها ويعزز مكانتها في المجتمع.
فبالإضافة إلى الدور البارز الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في الحماية الاجتماعية لأفراد المجتمع والرعاية الخاصة لبعض فئات المجتمع مثل المرأة والطفل وكبار السن والمعاقين، فإن دورها الاقتصادي والثقافي والتنموي عموما يمثل اليوم أهمية كبرى، فمع تزايد الحاجة إلى تكثيف الجهود الرامية إلى تحقيق الرؤية الوطنية عمان 2040، فإن دورها يتعاظم؛ ذلك لأن أهداف هذه الرؤية انطلقت من المجتمع نفسه، وعلى المجتمع أن يسهم في تحقيقها وتنفيذها، ولن يتم ذلك سوى بالبدء بتهيئة أفراد المجتمع وتوعيتهم بأهمية دورهم قبل أي شيء آخر، حتى يكونوا مؤمنين بأهدافهم تلك، قادرين على المشاركة الفاعلة في تنفيذها، ومن ثم يأتي تأسيس المبادرات والبرامج التي تسهم في دعم توجهات الرؤية.
ولعل الاستقرار والأمن الذي تتميز به عُمان، والحرية التي منحها النظام الأساسي للدولة لـ(تكوين الجمعيات... وفق أسس وطنية مشروعة وبوسائل سلمية ...) – حسب ما ورد في المادة 40 من النظام الأساسي– مكَّن من نمو مؤسسات المجتمع المدني المهنية، وعزَّز دورها التنموي، حتى أصبحت جزءا أساسيا من منظومة الدولة الحديثة، تشارك باسم الدولة، وتقدم المقترحات والبرامج الداعمة للتوجهات والأهداف الوطنية.
حددت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير (دور المجتمع المدني في المنطقة العربية في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030) مفهوم (الشراكة ودور المجتمع المدني)؛ ففي ظل التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها العالم، وضمن السياق الذي قامت عليه خطة التنمية المستدامة 2030، فإن الدول (193) التزمت (بعدم استثناء أو إغفال أحد)، وبهذا أصبح التكامل في العمل بين الشركاء ضرورة تنموية، وأساس يقوم عليه تحقيق أهداف الرؤى المستقبلية.
فمن أجل (التنمية البشرية) التي تعتبر أهم مرتكزات أي خطة تنموية، لابد من إبراز دور الشريك الثالث في هذه التنمية وهو (المجتمع المدني)، حيث تقوم التنمية على (القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني)، أو ما يسميه تقرير الإسكوا بـ(الشراكة المثلثة)، التي تتأسس على التكامل في الأدوار؛ حيث "تتحوَّل العلاقة بين الأطراف من علاقة يشوبها التنافس والتنازع على المكاسب، إلى علاقة تتسم بالتعاون والتكامل والبحث الدائم عن تسويات في دفع العملية التنموية إلى الأمام..." -حسب الإسكوا-.
ولهذا فإن مصطلح (الشراكة) هنا يقوم على دعم (التحول الاستراتيجي للمجتمع) باتجاه العدالة المجتمعية من ناحية، والاستدامة التنموية من ناحية أخرى؛ ذلك لأن المجتمع المدني بارتباطه بالأفراد يؤسس لهذه الشراكة، ويقدم آفاقا مستقبلية وبرامج تدعم رؤى ذلك التحوُّل التنموي، ولهذا فإن جمعيات المجتمع المدني الاجتماعية أو المهنية كلها، تقدم آفاقا رحبة للتأثير والتهيئة المجتمعية، التي سيكون لها الدور الفاعل في إشراك أفراد المجتمع في تحقيق الأهداف التنموية، ولعل هذا ما دفع جمهورية مصر العربية إلى تخصيص العام 2022 عاما لـ(المجتمع المدني).
إن الدور (التنفيذي التنموي والخدماتي) -باصطلاح الأسكوا- الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني المهنية منها بشكل خاص، يؤسس لمفهوم (الشراكة) مع القطاعين الحكومي والخاص؛ فمع دور المؤسسات الحكومية التشريعي ودور مؤسسات القطاع الخاص، يبرز دورها في تنفيذ السياسات وتقديم المقترحات والبرامج، والمشاركة في إعداد الخطط التنفيذية التي تُسهم ليس في دعم تلك السياسات وحسب، بل أيضا في تطويرها بما يتواكب مع تطلعات أفراد المجتمع عامة، والمتخصصين في المجالات والعاملين فيها خاصة، ويتواءم مع التوجهات التي ينشدونها عالميا.
ولضمان المشاركة الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني، فقد أصدرت عمان قانون (الجمعيات الأهلية رقم 14/2000)، وتعديلاته الصادرة بالمرسوم السلطاني رقم (23/2007)، والذي يضمن الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان التي تؤطر العلاقة بين الدولة ومؤسسات المجتمع وهي (الشراكة، وعدم التمييز، والكرامة، والشفافية والمساءلة) حسب ما جاء في (الحيز المتاح للمجتمع المدني ونظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. دليل عملي للمجتمع المدني)، الصادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وهي مبادئ أساسية ضمنها قانون الجمعيات الأهلية العماني، وأسس بذلك نهجا واضحا لعملها التنموي في الدولة، حيث تم إشهار ما يربو على (30) ثلاثين جمعية مهنية ما بين (الثقافية، والإعلامية، والطبية، والإدارية، والهندسية وغيرها)، الأمر الذي يكشف قيمة التنمية البشرية التي تُعد رأس مال اجتماعي مهم للتنمية، إضافة إلى تلك البيئة التشريعية الداعمة.
ولأن لهذه المؤسسات دور مهم في الشراكة التنموية، فإن عليها في خضم ما تشهده الدولة من تحولات تنموية في كافة الأصعدة، وما تنشده من تحقيق لأهداف مستقبلية أن تقوم بدورها المنشود، وأن يكون لها قدرة إيجابية في دعم التوجهات، وتطويرها والمساهمة في تنفيذها بما يتلاءم مع تلك الأدوار التي تأسست من أجلها؛ ففي حين نجد عددا من هذه المؤسسات فاعل على المستوى الوطني، يقدِّم ما يستطيعه في الحِراك التنموي، سنجد في المقابل عددا منها متراجع، يواجه العديد من التحديات التي لا يستطيع تخطيها، إما لأسباب مادية، أو لأسباب تعود إلى الأعضاء أنفسهم، ولهذا فإن على هذه الجمعيات أن تكون مؤسسات فاعلة، قادرة على تلبية طموح الوطن، وما ينتظره المجتمع منها من أدوار.
إن الدور المأمول من جمعيات المجتمع المدني المهنية خاصة، يتعاظم ويتزايد مع تزايد التحديات التي يواجهها العالم بأسره، وما يمكن أن تكشف عنه السنوات المقبلة من تغيرات في المنظومات الدولية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ فما تكشفه المخاطر المستقبلية المتوقعة في العالم، يعزز أهمية الشراكة، ليس على مستوى النقاش وطرح الأفكار وحسب، بل أيضا على مستوى التنفيذ وتقديم الخطط والرؤى الداعمة لتوجهات المجتمع وذوي الاختصاص.
إن التحوُّل الاستراتيجي في الرؤى الوطنية وما ننشده جميعا من أهداف مستقبلية، يعظِّم من فعل (الشراكة المثلثة)، ويعزز مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها التنموي الفاعل في خدمة الوطن كل في مجاله ووفق اختصاصه واهتمامه، وليكن هذا الدور ظاهرا للعيان، قادر على التأثير المجتمعي، فإذا تأخر كانت له عواقب على تأخر التنمية في بعض المجالات بسبب الفهم المجتمعي المغلوط لبعض الأهداف التنموية، ولهذا فإن دور هذه المؤسسات يجب أن يكون حاضرا ضمن بيئته المجتمعية، ليتمكن من القيام بدور الشريك التنموي الفاعل.
ولكي يقوم هذا القطاع الحيوي المهم بوظائفه علينا جميعا دعمه ضمن مفهوم (المواطنة) الذي يقوم على المشاركة الفاعلة والتعاون من أجل تحقيق التنمية المجتمعية، فلن تستطيع مؤسسات المجتمع المدني القيام بدورها إذا تخلينا نحن أعضاء هذه الجمعيات عن دورنا الأساسي، ومسؤوليتنا المجتمعية التي تزداد أهمية يوما بعد آخر، فبنا جميعا تتحقق الأهداف.
إنه تلخيص لدور المجتمع المدني في شراكته مع منظومة الدولة في توعية المجتمع وتهيئته من ناحية، وتنفيذ البرامج والخطط التي تنشدها الدولة من ناحية أخرى؛ ذلك لأن دوره لا ينتهي بالشراكة في إعداد الخطط والرؤى الوطنية بل يتعدى ذلك إلى المشاركة الفاعلة فيما يقوم به من جهود ومبادرات تُسهم في تحقيق أهداف تلك الرؤى، وتعزز دورها من خلال تهيئة أفراد المجتمع للتفاعل الإيجابي مع تلك الأهداف، وبالتالي القدرة على المشاركة والتعاون في دفع عجلة التغيير التنموي المنشود.
وللدور المهم الذي تمثله مؤسسات المجتمع المدني بأنواعها المختلفة، فقد حرصت سلطنة عمان على رعايتها ودعمها بدءا من جمعيات المرأة العمانية التي بدأت منذ العام 1971م، ثم النادي الثقافي، فجمعيات المجتمع المدني المهنية باختلاف اهتماماتها وتخصصاتها. ولهذا سنجد أن هذا الدعم شكَّل أساسا للدور التنموي الذي تسهم به هذه المؤسسات اليوم، باعتبارها شريكا أساسيا في التنمية في كافة القطاعات؛ حيث تقوم بأدوار تنموية عدة مكَّنت من إكسابها ثقة الدولة، وبالتالي تمكينها بما يدعم عملها ويعزز مكانتها في المجتمع.
فبالإضافة إلى الدور البارز الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في الحماية الاجتماعية لأفراد المجتمع والرعاية الخاصة لبعض فئات المجتمع مثل المرأة والطفل وكبار السن والمعاقين، فإن دورها الاقتصادي والثقافي والتنموي عموما يمثل اليوم أهمية كبرى، فمع تزايد الحاجة إلى تكثيف الجهود الرامية إلى تحقيق الرؤية الوطنية عمان 2040، فإن دورها يتعاظم؛ ذلك لأن أهداف هذه الرؤية انطلقت من المجتمع نفسه، وعلى المجتمع أن يسهم في تحقيقها وتنفيذها، ولن يتم ذلك سوى بالبدء بتهيئة أفراد المجتمع وتوعيتهم بأهمية دورهم قبل أي شيء آخر، حتى يكونوا مؤمنين بأهدافهم تلك، قادرين على المشاركة الفاعلة في تنفيذها، ومن ثم يأتي تأسيس المبادرات والبرامج التي تسهم في دعم توجهات الرؤية.
ولعل الاستقرار والأمن الذي تتميز به عُمان، والحرية التي منحها النظام الأساسي للدولة لـ(تكوين الجمعيات... وفق أسس وطنية مشروعة وبوسائل سلمية ...) – حسب ما ورد في المادة 40 من النظام الأساسي– مكَّن من نمو مؤسسات المجتمع المدني المهنية، وعزَّز دورها التنموي، حتى أصبحت جزءا أساسيا من منظومة الدولة الحديثة، تشارك باسم الدولة، وتقدم المقترحات والبرامج الداعمة للتوجهات والأهداف الوطنية.
حددت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) في تقرير (دور المجتمع المدني في المنطقة العربية في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030) مفهوم (الشراكة ودور المجتمع المدني)؛ ففي ظل التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها العالم، وضمن السياق الذي قامت عليه خطة التنمية المستدامة 2030، فإن الدول (193) التزمت (بعدم استثناء أو إغفال أحد)، وبهذا أصبح التكامل في العمل بين الشركاء ضرورة تنموية، وأساس يقوم عليه تحقيق أهداف الرؤى المستقبلية.
فمن أجل (التنمية البشرية) التي تعتبر أهم مرتكزات أي خطة تنموية، لابد من إبراز دور الشريك الثالث في هذه التنمية وهو (المجتمع المدني)، حيث تقوم التنمية على (القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني)، أو ما يسميه تقرير الإسكوا بـ(الشراكة المثلثة)، التي تتأسس على التكامل في الأدوار؛ حيث "تتحوَّل العلاقة بين الأطراف من علاقة يشوبها التنافس والتنازع على المكاسب، إلى علاقة تتسم بالتعاون والتكامل والبحث الدائم عن تسويات في دفع العملية التنموية إلى الأمام..." -حسب الإسكوا-.
ولهذا فإن مصطلح (الشراكة) هنا يقوم على دعم (التحول الاستراتيجي للمجتمع) باتجاه العدالة المجتمعية من ناحية، والاستدامة التنموية من ناحية أخرى؛ ذلك لأن المجتمع المدني بارتباطه بالأفراد يؤسس لهذه الشراكة، ويقدم آفاقا مستقبلية وبرامج تدعم رؤى ذلك التحوُّل التنموي، ولهذا فإن جمعيات المجتمع المدني الاجتماعية أو المهنية كلها، تقدم آفاقا رحبة للتأثير والتهيئة المجتمعية، التي سيكون لها الدور الفاعل في إشراك أفراد المجتمع في تحقيق الأهداف التنموية، ولعل هذا ما دفع جمهورية مصر العربية إلى تخصيص العام 2022 عاما لـ(المجتمع المدني).
إن الدور (التنفيذي التنموي والخدماتي) -باصطلاح الأسكوا- الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني المهنية منها بشكل خاص، يؤسس لمفهوم (الشراكة) مع القطاعين الحكومي والخاص؛ فمع دور المؤسسات الحكومية التشريعي ودور مؤسسات القطاع الخاص، يبرز دورها في تنفيذ السياسات وتقديم المقترحات والبرامج، والمشاركة في إعداد الخطط التنفيذية التي تُسهم ليس في دعم تلك السياسات وحسب، بل أيضا في تطويرها بما يتواكب مع تطلعات أفراد المجتمع عامة، والمتخصصين في المجالات والعاملين فيها خاصة، ويتواءم مع التوجهات التي ينشدونها عالميا.
ولضمان المشاركة الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني، فقد أصدرت عمان قانون (الجمعيات الأهلية رقم 14/2000)، وتعديلاته الصادرة بالمرسوم السلطاني رقم (23/2007)، والذي يضمن الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان التي تؤطر العلاقة بين الدولة ومؤسسات المجتمع وهي (الشراكة، وعدم التمييز، والكرامة، والشفافية والمساءلة) حسب ما جاء في (الحيز المتاح للمجتمع المدني ونظام حقوق الإنسان في الأمم المتحدة. دليل عملي للمجتمع المدني)، الصادر عن مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وهي مبادئ أساسية ضمنها قانون الجمعيات الأهلية العماني، وأسس بذلك نهجا واضحا لعملها التنموي في الدولة، حيث تم إشهار ما يربو على (30) ثلاثين جمعية مهنية ما بين (الثقافية، والإعلامية، والطبية، والإدارية، والهندسية وغيرها)، الأمر الذي يكشف قيمة التنمية البشرية التي تُعد رأس مال اجتماعي مهم للتنمية، إضافة إلى تلك البيئة التشريعية الداعمة.
ولأن لهذه المؤسسات دور مهم في الشراكة التنموية، فإن عليها في خضم ما تشهده الدولة من تحولات تنموية في كافة الأصعدة، وما تنشده من تحقيق لأهداف مستقبلية أن تقوم بدورها المنشود، وأن يكون لها قدرة إيجابية في دعم التوجهات، وتطويرها والمساهمة في تنفيذها بما يتلاءم مع تلك الأدوار التي تأسست من أجلها؛ ففي حين نجد عددا من هذه المؤسسات فاعل على المستوى الوطني، يقدِّم ما يستطيعه في الحِراك التنموي، سنجد في المقابل عددا منها متراجع، يواجه العديد من التحديات التي لا يستطيع تخطيها، إما لأسباب مادية، أو لأسباب تعود إلى الأعضاء أنفسهم، ولهذا فإن على هذه الجمعيات أن تكون مؤسسات فاعلة، قادرة على تلبية طموح الوطن، وما ينتظره المجتمع منها من أدوار.
إن الدور المأمول من جمعيات المجتمع المدني المهنية خاصة، يتعاظم ويتزايد مع تزايد التحديات التي يواجهها العالم بأسره، وما يمكن أن تكشف عنه السنوات المقبلة من تغيرات في المنظومات الدولية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ فما تكشفه المخاطر المستقبلية المتوقعة في العالم، يعزز أهمية الشراكة، ليس على مستوى النقاش وطرح الأفكار وحسب، بل أيضا على مستوى التنفيذ وتقديم الخطط والرؤى الداعمة لتوجهات المجتمع وذوي الاختصاص.
إن التحوُّل الاستراتيجي في الرؤى الوطنية وما ننشده جميعا من أهداف مستقبلية، يعظِّم من فعل (الشراكة المثلثة)، ويعزز مسؤولية مؤسسات المجتمع المدني لتقوم بدورها التنموي الفاعل في خدمة الوطن كل في مجاله ووفق اختصاصه واهتمامه، وليكن هذا الدور ظاهرا للعيان، قادر على التأثير المجتمعي، فإذا تأخر كانت له عواقب على تأخر التنمية في بعض المجالات بسبب الفهم المجتمعي المغلوط لبعض الأهداف التنموية، ولهذا فإن دور هذه المؤسسات يجب أن يكون حاضرا ضمن بيئته المجتمعية، ليتمكن من القيام بدور الشريك التنموي الفاعل.
ولكي يقوم هذا القطاع الحيوي المهم بوظائفه علينا جميعا دعمه ضمن مفهوم (المواطنة) الذي يقوم على المشاركة الفاعلة والتعاون من أجل تحقيق التنمية المجتمعية، فلن تستطيع مؤسسات المجتمع المدني القيام بدورها إذا تخلينا نحن أعضاء هذه الجمعيات عن دورنا الأساسي، ومسؤوليتنا المجتمعية التي تزداد أهمية يوما بعد آخر، فبنا جميعا تتحقق الأهداف.