- نظام قانوني يحقق أعلى معايير النزاهة والشفافية ويسمح بالرقابة الكاملة على الإجراءات القضائية
أكد محامون وقانونيون أن صدور المرسوم السلطاني بشأن تنظيم شؤون القضاء وإنشاء مجلس أعلى للقضاء برئاسة جلالة السلطان، ونائب رئيس بمرتبة وزير، يرسخ مبدأ سيادة القانون ويعزز من شأن القضاء في سلطنة عمان، ويعلي سيادة القانون، كما يسهم في تقريب وتوحيد جهات التقاضي في المنظومة القضائية والواحدة، كما أكدوا على أن إنشاء الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء، يهدف إلى تحقيق غايات سامية، ويؤكد على الاهتمام الكبير الذي يوليه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- لمرفق القضاء وترسيخ دعائم العدالة في سلطنة عمان.
وأكد الادعاء العام أن مضامين المرسوم السلطاني السامي جاءت ترجمة لرؤية عمان2040، وأهدافها الرامية إلى إنشاء نظام قضائي ناجز يحقق أعلى معايير العدالة والنزاهة والشفافية، ويسمو بتوحيد الرؤى المشتركة بين كافة الجهات القضائية، لتعمل معا في منظومة واحدة غايتها إعلاء كلمة العدل، ومواكبة التطورات الشاملة التي تشهدها سلطنة عمان في مختلف القطاعات، لما فيه الخير والنماء للبلاد والعباد.
ورحب محامون وقانونيون بصدور المرسوم معبرين عما يحمله من أهداف سامية ترسخ مبدأ العدالة والتقاضي وتتيح مزيدا من الفرص لنيل الحقوق بين الأطراف.
- توفير الوقت
وقال سعادة الدكتور محمد بن إبراهيم الزدجالي رئيس مجلس إدارة جمعية المحامين العمانية: إن تنظيم إدارة شؤون القضاء من خلال المرسوم السلطاني رقم ٣٥ / ٢٠٢٢ حقق الأصل المفترض بإنشاء المجلس الأعلى للقضاء بشخصية مستقلة يكون اختصاصه كل ما يخص التقاضي، سواءً القضاء العادي أو القضاء الإداري أو الادعاء العام، حيث إن الربط بين السلم القضائي بجميع عناصره يوفر الكثير من الوقت والجهد ويصل إلى أقصى درجات العدالة الناجزة، والنظام الذي كان مطبقا يتصف بالفصل بين جهات التقاضي، ففصل القضاء الإداري عن القضاء العادي سبب في كثير من الأحيان إطالة لأمد التقاضي عند التنازع في الاختصاص، وما يتبع ذلك من تنازع (تعارض) في الأحكام.
- فرصة الطعن
كما وضح سعادته بأن المرسوم السلطاني جاء ليقضي بإمكانية الطعن لدى المحكمة العليا على الأحكام التي ستصدر من الدوائر الإدارية الاستئنافية، وهو ما كان ينشده المتقاضون لتحقيق العدالة والمساواة الكاملة خاصة بعد التعديل الأخير الذي أجري من خلال المرسوم رقم ٢٣ / ٢٠٢٢، والذي حدد سلطة المحكمة في الرقابة على القرارات الإدارية على بحث مشروعيتها دون التطرق إلى بحث ملاءمتها، الأمر الذي كان يتطلب أن تتاح فرصة الطعن أمام المحكمة العليا لتحقيق العدالة في بحث تطبيق ذلك في الأحكام، وإنشاء إدارة عامة للتفتيش القضائي تتبع نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء مباشرةً مختصة بالجهات القضائية جميعها بما فيها الادعاء العام، إنما هو إعلاء لمبدأ العدالة وتوحيدها في نظام قانوني متكامل يسمح بالرقابة الكاملة على كافة الإجراءات القضائية ومنها التفتيش على أعمال القضاة، من قبل جهة موحدة لها نظام مستقل.
وأكد بأن الحرص المستمر لسلطنة عمان على الوصول إلى القمة في تقديم نموذج يحتذى في المنطقة حول العدالة الناجزة والاستقلال التام للقضاء، يجعلنا نتطلع بتفاؤل إلى تفعيل المادة ٨٥ من النظام الأساسي للدولة بشأن تعيين القانون للجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بمدى تطابق القوانين، وإلى قانون محاماة جديد يرسخ استقلال كل جهة باختصاصاتها، لنواكب المستقبل المنشود في رؤية عمان ٢٠٤٠.
- نقلة نوعية
كما أبدى المحامي الدكتور حسين بن سعيد الغافري عن رأيه بأن صدور المرسوم السلطاني بشأن تنظيم إدارة شؤون القضاء يعد نقلة نوعية متميزة في تنظيم المنظومة القضائية في سلطنة عمان لتصبح منظومة قضائية قادرة على تحقيق العدالة الناجزة بأعلى معايير العدالة والنزاهة والشفافية، مضيفاً بأن أهم النقاط التي تضمنها المرسوم أنه فصل الأعمال القضائية في المجلس عن الأعمال القضائية، فتعيين نائب لرئيس المجلس الأعلى للقضاء بمرتبة وزير من خارج المنظومة القضائية، وإنشاء الأمانة العامة للمجلس الأعلى للقضاء وتعيين أمين عام لها أيضا من خارج المنظومة القضائية، ما يعني أن يكون أصحاب الفضيلة القضاة متفرغين للعمل القضائي وهذا من شأنه تجويد العمل القضائي، كما وأن جعل تبعية الإدارة العامة للتفتيش القضائي لنائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء مباشرة من شأنه تكريس مبدأ الرقابة على أعمال القضاء وأعضاء الادعاء العام.
- توفير المال
وأكد الدكتور كذلك بأن دمج القضاء الإداري ليكون في منظومة قضائية واحدة من شأنه الحيلولة دون صدور أحاكم قضائية متعارضة وأيضا تقصير أمد النزاع، وتوفير الجهد والوقت والمال التي يتكبدها المتقاضون من أجل السعي وراء حقوقهم، ناهيك عن أنه أصبح بإمكان المتقاضين في الدعاوى الإدارية الطعن أمام المحكمة العليا بعد أن كان مقتصرا على مرحلتين فقط ابتدائي واستئناف وذلك لتحقيق العدالة والمساواة بين المتقاضين.
- عدالة ناجزة
وأشار ياسر بن عبدالله السناني محامي ومستشار قانوني إلى أن المراسيم الأخيرة الصادرة في شأن تنظيم إدارة شؤون القضاء ستسهم في تحقيق عدالة ناجزة يطمئن من خلالها المتقاضون في الحصول على أحكام عاجلة تمهيدا لتنفيذها والوصول لحقوقهم، ولنا في محكمة القضاء الإداري مثال فقبل هذه المراسيم كانت مراحل التقاضي لدى محاكم القضاء الإداري على مرحلتين وهي المرحلة الابتدائية والمرحلة الاستئنافية، ويطلق عليها محاكم الموضوع وتكون وظيفة محكمة الاستئناف بحث الدعوى التي أمام محكمة أول درجة من جديد ويكون حكمها في الاستئناف باتا لا يجوز الطعن عليه بالطرق العادية، وبعد صدور التنظيم القضائي الأخير أصبح باستطاعة المتقاضين الطعن بالنقض أمام المحكمة العليا في حال لم يرتضوا بقضاء محكمة الاستئناف الإدارية، وأصبحت لدى المحكمة العليا المكانة في بسط رقابتها على أحكام محكمة القضاء الإداري، وأن تطمئن على سلامة تطبيق القانون على الحكم محل الطعن لذلك فهي لا تعد درجة ثالثة من درجات التقاضي بسبب وظيفتها الرقابية التي أناط إليها المشرع.
- سرعة البت
ومن جانب آخر بين السناني بأن هذا التنظيم سيسهم في سرعة البت في القضايا المعروضة على المحكمة وسيقلص من طول الإجراءات المتعلقة بالدفع بالاختصاص الولائي والمحلي، فالكثير ممن صدرت في مواجهتهم أوامر حبس بسبب الديون التي أحاطت بهم من كل حدب وصوب، ومطالبتهم القضائية ما زالت منظورة أمام المحاكم العدلية لذلك وبعد التنظيم القضائي ستسهم هذه التنظيمات في تعزيز سرعة البت في الدعاوى القضائية.
- مواكبة التطلعات المستقبلية
كل مرحلة من الزمن لها معطياتها وتطلعاتها وطموحاتها، هذا ما عبر عنه المحامي صلاح بن سالم البلوشي حيث قال: جاءت المراسيم السلطانية الأخيرة ترسيم لتلك الطموحات والتطلعات المستقبلية للمرحلة القادمة، ولا شك بأن المشرع العماني الحكيم ارتأى حاجة المجتمع لإعادة تنظيم وتشكيل المنظومة القضائية والإدارية بما تتطلبه المرحلة القادمة ووفق رؤية عمان ٢٠٤٠م، وما للمرحلة القادمة من ضرورة إعادة تنظيم البيت الداخلي للمنظومة القضائية بشكل خاص بما يتوافق أيضا مع حاجة المتقاضين وسلاسة وسهولة ممارسة العمل القضائي سواء لأصحاب الفضيلة القضاة والادعاء العام والمكون القضائي بشكل عام، وبما أن السلطة القضائية هي إحدى السلطات الثلاث في الدولة (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية) فكانت حكمة المشرع في تطوير المنظومة القضائية مع ما يتواءم مع التطورات الحالية وخاصة في التطوير الإلكتروني ومواكبة سرعة الإنجاز، وحيث إن إصدار قانون تنظيم إدارة شؤون القضاء الصادر بالمرسوم السلطاني (٣٥/ ٢٠٢٢) أحدث نقلة نوعية في ضم القضاء الإداري والادعاء العام لمنظومة للمجلس الأعلى للقضاء مع القضاء، إذ إنه لم يطرأ أي تعديلات جوهرية على القوانين الإجرائية المنظمة لمرفق القضاء، وقد واستدرك المشرع بإصدار قانون تبسيط إجراءات التقاضي (١٢٥/٢٠٢٠).
وأضاف بأن التنظيم الجديد سيمنح المجلس الأعلى للقضاء وخاصة الأمانة العامة سلاسة في اتخاذ القرارات المناسبة، وتسهيل العمل القضائي والتسهيل للمتقاضين لسرعة الحصول على حقوقهم، كما أن دمج منظومة القضاء الإدارية خطوة ممتازة وذلك لذات الأسباب دون المساس بالسمات والإجراءات الخاصة بالقضاء الإداري، إن لمولانا السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله- حكمة لما ينتهجه في تعزيز دور القضاء بجميع أنواعه (العادي، الإداري، الجزائي) لترسيخ مكونات الدولة العصرية في استقلالية تامة للمؤسسات.
- إثراء وتبادل معرفي
وقال خميس بن راشد العبري محامي جنايات: أصبحت أحكام محكمة القضاء الإداري الصادرة من محكمة الاستئناف ليست نهائية بل يجوز الطعن عليها أمام المحكمة العليا، وبالتالي سيكون هناك إثراء معرفي كبير للمحامين والقضاة وللادعاء العام أيضا من خلال ما ستشهده المحكمة العليا من طعون ومبادئ قانونية، حيث ستكون درجة أخرى وإن كانت المحكمة العليا محكمة قانون، فذلك إضافة بالنسبة للأحكام الصادرة من الاستئناف بمحكمة القضاء الإداري دون قانون تبسيط الإجراءات أي أنها ستكون محل طعن، ومن المتوقع أن تكون هناك إعادة هيكلة في المنظومة القضائية حيث سيصاحبها تنقلات كبيرة وواسعة من القضاء العادي والقضاء الإداري وتعويض النقص في هذه الجوانب، كذلك تبادل المعارف بين أصحاب الفضيلة القضاة، كما يتطلع العبري أن يكون هناك درجة من درجات التقاضي للأحكام الصادرة من محكمة الجنايات.