أكثر من سبعة عقود والكيان الإسرائيلي يمارس أبشع الانتهاكات والقتل ضد الشعب الفلسطيني الذي يطالب بحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وهذه المطالب التي أقرتها الشرعية الدولية من خلال قرارات مجلس الأمن الدولي هي الحد الأدنى بعد أن سيطرت إسرائيل وبمعاونة الغرب على معظم فلسطين التاريخية، ومع ذلك ترفض إسرائيل أن تعطي الشعب الفلسطيني حقوقه مواصلة سياسة الفصل العنصري وقتل الصحفيين والتنكيل بالمواطنين وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك من خلال المشهد المخزي الأخير للصهاينة المتعصبين وقطعان المستوطنين أمام العالم ومنظماته المختلفة وعلى صعيد الإعلام الدولي والبرلمانات، وأصبح هناك اقتناع متزايد بأن هذا الكيان الصهيوني لا يريد السلام ولكنه يريد الاستسلام، وهذا لن يحدث طالما هناك شعب عربي فلسطيني يقاوم هذا الاحتلال البغيض.

فلسطين تنتصر

رغم الانحياز الغربي والأمريكي السافر للكيان الإسرائيلي منذ وعد بلفور المشؤوم وحتى الآن وسلطات الاحتلال تقوم بسلوكيات غير أخلاقية ومستفزة عبّر عنها بيان وزارة الخارجية في سلطنة عمان مستنكرا تلك الاستفزازات المتكررة والانتهاك المتكرر لباحات المسجد الأقصى وترويع المصلين الآمنين حتى الكنائس المسيحية لم تسلم من بطشهم.

ومن هنا فإن سلطنة عمان بقيادتها الحكيمة تقف مع الحق الفلسطيني المشروع وهي من خلال بيانها الواضح ترسل رسالة إلى المجتمع الدولي بأن السلام في المنطقة العربية لن يتحقق وسوف يتواصل المناخ المتوتر طالما هذا الكيان الإسرائيلي يمارس تلك الانتهاكات وتلك التصرفات غير الأخلاقية وغير القانونية خاصة أن استهداف الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي أعطى صورة واضحة للعالم بأن هذا الكيان يريد إسكات صوت الحقيقة، ولكن ردة الفعل العالمية والتنديد الواسع النطاق على ذلك الفعل المشين وضع الكيان الإسرائيلي في زاوية من خلال محاكمة قتلة الصحفية الفلسطينية والآخرين من شهداء فلسطين الصامدة وسوف يكون على الكيان الإسرائيلي في نهاية المطاف الانسحاب من كل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس الشريف وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذا اليوم قادم لا محالة بصرف النظر عن الزمن وتعاقب الأجيال كما أن النضال الفلسطيني سوف يتواصل ضد قمع الاحتلال وغطرسته وليس هناك احتلال في التاريخ استطاع أن ينتصر على شعب مكافح ينشد الحرية والاستقلال والكرامة.

الغرب والمسؤولية الأخلاقية

الغرب والولايات المتحدة الأمريكية عليهم مسؤولية أخلاقية وقانونية لأنهم ساهموا في مأساة فلسطين خاصة بريطانيا حيث كان لوعد بلفور المشؤوم دور محوري في إقامة الكيان الإسرائيلي عام ١٩٤٨ بعد انسحاب القوات البريطانية من فلسطين وحدوث المؤامرة الكبرى ضد الشعب الفلسطيني وهي المأساة التي أدت إلى نكبة فلسطين وتشريد ملايين الفلسطينيين إلى أراضي الشتات وإقامة المخيمات وعقود من المعاناة والحرمان وضياع الحقوق، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت هي الداعم الأكبر للكيان الأسرائيلي من الناحية العسكرية والسياسية وحتى استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار أممي يخدم قضية الشعب الفلسطيني العادلة.

ومن هنا فإن الغرب المنحاز للكيان الإسرائيلي عليه أن يكون منصفًا ولا يتشدق بقضايا حقوق الإنسان والديمقراطية وكرامة الإنسان وهو يراقب ما يجري في فلسطين المحتلة من انتهاكات إنسانية وإقامة عشرات المستوطنات غير شرعية وقتل المدنيين واعتقال آلاف الفلسطينيين بما فيهم الأطفال والنساء. ومن هنا فان الصراع العربي-الإسرائيلي سوف يتواصل خاصة على صعيد الشعوب وعلى صعيد منظمات المجتمع المدني والشعوب الحرة التي تناصر الحق والعدل وأن يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وأن يرجع ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم بل وتعويض معاناتهم المتواصلة منذ سبعة عقود.

إن الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة عليها مسؤوليه أخلاقية وقانونية أولا أمام شعوبها وهي ترى مأساة الشعب الفلسطيني وانتهاكات الكيان الإسرائيلي وثانيًا أمام المجتمع الدولي وهي ترى إسرائيل تضرب بعرض الحائط بكل قرارات الشرعية الدولية وبكل النواميس الدولية وتقوم بأعمال عنصرية تنم عن عقيدتها التاريخية.

ومن هنا فإن المشهد السياسي في الشرق الأوسط سوف يشهد مزيدا من الحروب والصراعات بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية واللبنانية ومن كل الشرفاء في العالم، كما أن السلوك الإسرائيلي أصبح يمثل مشكلة للدول الغربية وهذا يفرض على قيادات الغرب أن تكون لها موقف من تلك الانتهاكات التي يندي لها جبين الإنسانية في ظل أبشع احتلال عرفه التاريخ الحديث.

إن المنظمات الحقوقية والمدنية والصحفية عليها دور مهم لكشف وتعرية الكيان الإسرائيلي وسلوكه المدمر للمنطقة وهذا الكيان الإسرائيلي يمثل الخطر الكبير على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية وعلى الأجيال، لآن هذا الكيان عمق الكراهية وأوجد مناخا من العنف والقتل لم تشهده المنطقة قبل قدوم هذا الاحتلال البغيض والذي جاء بكل عقده النفسية ومشاكله التاريخية وتشتته في أصقاع الأرض وعلى ضوء ذلك فإن استقرار المنطقة العربية ومصالح الغرب لن يكتب لها الاستقرار في ظل العبث الإسرائيلي وسياسته الاستفزازية والعنجهية التي يمارسها ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية منذ سبعة عقود وهذا الاحتلال الإسرائيلي يمثل قمة العنصرية ويثبت الكيان الإسرائيلي بأن سلوكه لا يختلف عن العصابات المسلحة حيث لا يحكمه أي قانون أو نواميس دولية أو احترام لقرارات الشرعية الدولية.

كونجرس الصحافة

تستضيف بلادنا سلطنة عمان هذه الأيام أحد أهم الأحداث الصحفية الدولية وهو انعقاد المؤتمر العام للاتحاد الدولي للصحفيين في عاصمة الوطن مسقط بوجود عشرات النقابات والاتحادات والروابط والجمعيات الصحفية من كل قارات العالم وهي فرصة مهمة أولا للتعريف إعلاميًا وإنسانيًا بسلطنة السلام والحق والعدل الذي يتزامن مع البيان المهم لوزارة خارجية بلادنا سلطنة عمان وهي تعبّر بكل وضوح عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وضد الأماكن المقدسة خاصة في المسجد الأقصى.

ومن هنا فإن الاتحاد الدولي للصحفيين وهو يجتمع في مسقط أمامه هو الآخر مسؤولية مهنية كبيرة لفضح ممارسات الكيان الإسرائيلي ولعل طرد الكيان الإسرائيلي من عضوية الاتحاد هي خطوة ممتازة ومع ذلك وأمام الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الصحفيين الفلسطينيين شيرين أبو عاقله وزملاءها فإن رد الفعل على تلك الجرائم البشعة لا بد أن يكون قويًا وأن يدفع الكيان الإسرائيلي الثمن حتى لا يكرر تلك الممارسات التي جعلت زملاء المهنة في فلسطين وفي العالم في حالة قلق وفزع وهو يقومون بأداء واجبهم المهني.

إن فضح الكيان الصهيوني في كل مكان على الصعيد السياسي والقانوني والإعلامي والأخلاقي هي مهمة كل الشرفاء وعلى رأسهم المنظمات الحقوقية والصحفية والقانونية لأن الكيان الإسرائيلي وتصرفاته الحمقاء وصلت إلى حالة لا تطاق وعلى العالم الحر أن يعبّر عن حالة الاستياء من سياسة الكيان الإسرائيلي الرعناء ولا بد أن يتحد صحفيو العالم في محاكمة القتلة والكيان الإسرائيلي حتى يرتدع عن سلوكه غير الأخلاقي، وفي المحصلة الأخيرة فإن الشعب الفلسطيني سوف ينتصر على العدوان لأن الحق دائما ينتصر وسوف يسجل التاريخ الحديث نهاية أخيرة لأبشع وأقسى احتلال عرفه العالم وأجياله المتعاقبة.