shfafiah@yahoo.com -

طرحتُ في مقال الأسبوع الماضي مشكلة تآكل رؤوس أموال شركات المساهَمة العامة وضرورة اهتمام الشركة التي تقوم بإعادة هيكلة رأسمالها بوضع الخطط الكفيلة بعودة الشركة إلى الربحية، وبما أن مقال الأسبوع الماضي أشار إلى 3 شركات أقرت خلال العام الجاري من خلال الجمعية العامة غير العادية بعض الإجراءات لمعالجة تآكل رأسمالها وهي: شركة محاجر الخليج، وشركة صناعة مواد البناء، وشركة دواجن ظفار فإنه من المهم تسليط الضوء على أدائها ومناقشة بعض التحديات التي واجهتها والآفاق المستقبلية أمامها؛ باعتبارها نموذجا لعدد من الشركات الأخرى التي تواجه مثل هذه المشاكل.

عملت محاجر الخليج وشركة صناعة مواد البناء على مواجهة تآكل رأس المال من خلال تخفيض رأس المال فقط ولم تتجه إلى بدائل أخرى مثل إعادة رفع رأس المال لنفس المستوى السابق بإصدار أسهم جديدة سواء من خلال الاكتتاب العام أو إصدار أسهم لمستثمر استراتيجي، كما اتجهت شركة دواجن ظفار إلى شيء مماثل يناسب الحالة التي وصلت إليها، ولم تفكر الشركات الثلاث في الاندماج مع شركات تعمل في نفس المجال، وقد يعني هذا أن استراتيجيات الشركات الثلاث سوف تتجه في المستقبل إلى تقليص أعمالها، وحتى تتفادى ذلك عليها إعداد خطط للنمو؛ فالنجاح في المنافسة لا يمكن أن يتحقق بدون خطط نمو واضحة.

وعلى سبيل المثال قامت شركة محاجر الخليج بتخفيض رأسمالها من 3.630 مليون ريال عماني إلى مليوني ريال عماني لشطب جزء من الخسائر المتراكمة كما في 31 ديسمبر 2021 والبالغة 2.369 مليون ريال عماني بحسب البيانات المالية السنوية، وكانت الخسائر المتراكمة على الشركة عند 1.5 مليون ريال عماني في نهاية عام 2020، وحوالي 818 ألف ريال عماني في نهاية عام 2019، وعندما نراجع الأداء المالي للشركة نجد أنها تكبدت العام الماضي خسائر عند 852 ألف ريال عماني مرتفعة من نحو 700 ألف ريال عماني في عام 2020، وفي تقريرها السنوي أرجعت الشركة أسباب الخسائر إلى "الانخفاض غير المتوقع في المبيعات والمنافسة الشديدة من الشركات المصنّعة الأخرى"، غير أن الخسائر زادت في الربع الأول من العام الجاري لتبلغ 251 ألف ريال عماني مقابل 182 ألف ريال عماني في الربع الأول من العام الماضي وبالتالي زادت الخسائر المتراكمة لتبلغ بنهاية مارس الماضي 2.6 مليون ريال عماني مقابل نحو 1.7 مليون ريال عماني في 31 مارس من عام 2021، وهذا سوف يضاعف التحديات التي ستواجهها الشركة في المستقبل وهو ما يحتّم أن تكون لدى الشركة خطط بديلة تمكّنها من العودة إلى الربحية خاصة أن القطاع الذي تعمل فيه يشهد منافسة كبيرة، وتظل الجودة والأسعار المناسبة للمستهلك والتسويق المحترف هي الخيار الذي يضمن للشركة النجاح في أعمالها.

عندما ننتقل إلى شركة صناعة مواد البناء نجد أن الجمعية العامة غير العادية للشركة التي عقدت في 20 مارس الماضي وافقت على تخفيض رأسمال الشركة من 8.5 مليون ريال عماني إلى 6.250 مليون ريال عماني، في حين أن الخسائر المتراكمة على الشركة بلغت بنهاية العام الماضي 2.250 مليون ريال وهو ما يعني أن الشركة ترغب في أن تعود إلى الحياة الاقتصادية من جديد متخلصة من عبء رأسمالها المتآكل مستفيدة من النجاحات التي حققتها العام الماضي عندما رفعت أرباحها الصافية إلى 500 ألف ريال عماني مقابل 221 ألف ريال عماني في عام 2020.

تاريخيا تعتبر شركة صناعة مواد البناء من الشركات العريقة، فقد تأسست في عام 1977 للعمل في مجال تصنيع وتوريد الطوب والجير ومنتجات الحجر الجيري والمقاولات، وشهدت خلال الفترة من عام 2000 إلى 2010 توسعا كبيرا في أعمالها ورافق ذلك زيادة في رأس المال الذي كان عند 3 ملايين ريال عماني في عام 2005 وصعد بشكل سريع إلى 8.5 مليون ريال عماني بنهاية عام 2009 ويبدو أن هذا التوسع أثر كثيرا على الشركة التي انتقلت بعد ذلك إلى تسجيل الخسائر، وبنهاية عام 2013 كانت الخسائر المتراكمة على الشركة عند نحو 2.1 مليون ريال عماني، ومنذ عام 2010 لم تقم الشركة بتوزيع أرباح على مساهميها، ولعل إطفاء الخسائر المتراكمة من جهة وعودة الشركة إلى تحقيق الأرباح من جهة أخرى عناصر إيجابية مهمة قد تعيد الشركة إلى الحياة الاقتصادية من جديد وبطموحات أكبر.

أما بالنسبة لشركة دواجن ظفار فإنها قامت بتخفيض رأسمالها من 4 ملايين ريال عماني إلى 1.6 مليون ريال عماني لإطفاء جزء من الخسائر المتراكمة التي بلغت 3.6 مليون ريال عماني بنهاية العام الماضي ثم إعادة رفع رأس المال من خلال استخدام الاحتياطيات وتحويل جزء من ديون الشركة إلى أسهم لصالح طرف ذي علاقة هو شركة أعلاف ظفار ليصبح رأسمال الشركة بعد عملية إعادة الهيكلة 2.8 مليون ريال عماني، وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوة إلا أنها قد لا تحقق المطلوب للشركة التي عليها البحث عن سبل أفضل للنمو والعودة إلى الحياة الاقتصادية من جديد.