كيف يمكن للمثقف أن يكون تنويريا مؤثرا إنْ تركَّز اهتمامُه على مصلحةٍ شخصيةٍ أو مطمحٍ فردي، أو كان جلُّ انشغاله موجها لإقصاءِ المختلفِ معه من مثقفين أو عامة؟
كيف يمكن للثقافة الحقة أن تساهم في بناء المجتمعات وتغذيتها وعيا معرفيا وتخطيطا مستقبليا باستقراء واقعها واحتياجات شعوبها إن انشغل مثقفوها بترّهاتٍ يومية أو ضغائنَ شخصية؟!
كيف يمكن لمثقف أو لحلقة من المثقفين صنعَ فارقٍ في التفكير وفرقٍ في إيجابية التغيير إن عاش مترقبا تداولَ المناصبِ الإداريةِ سعيا لسلطةٍ يترقبُها اعتقادا منه أن ثقافتَه طريقٌ للمنصب؟! فإن وجد بغيته منصبا أو سلطة توقف عن التفكير وأقلع عن التغيير، وإن لم يجد مبتغاه ولم يصل منيته أو ذهبت لغيره عبأ صدره حقدا وضغائن ليبث سموم طاقته السلبية عبر مسارات يلبسها ثوب الرأي والمصلحة العامة وهما منها براء.
لن ندعي بأن لا عمل للمثقف في حياته اليومية إلا القراءة والتأمل ووضع أسس التغيير الفكري والثقافي لمجتمعه؛ فكلنا نعلم مدى استنزاف اليومي الاستهلاكي للجميع بما فيهم المثقفين، ولن ندعي كذلك بحصر الطموح الوظيفي على العامة دون المثقين، لكن الغريب والمستهجن أن يتوقف تركيز المثقفين والمتعلمين من المتخصصين في مجالات شتى على ترقب المنصب وتلمس المنفعة.
فلنضع هنا تصورا أوليا لسيناريو بسيط يعكس أثر المثقف في مجتمعه، خصوصا مع ما نعايش جميعا من انفتاح ناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي:
قضية اجتماعية أو اقتصادية تلمسَّها مثقفٌ ما عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عن خبرٍ في صحيفةٍ أو موقعٍ إخباري محلي أو عالمي وهذه القضية تُعنى ببلاده أو حتى ببلاد غيره ويمكن تطبيقها لفائدة مجتمعه، التقطتَها عينُ المثقف الفاحصة وأضاءت حولها الرأيَ العام عبر قراءتِها وتحليلها - وليس عبر شحنها بما لا يحتمل إثارة للرأي العام - ثم العمل بشكل منظّم مع حلقات المثقفين حوله للتأكيد عليها وعدم إهمالها، يقينا لا نقصد بالتأكيد والاهتمام هنا كتابة تغريدة على تويتر أو مقطع عابر على الانستغرام يسجل مشاركة ويعفي من تأنيب الضمير وحسب، بل القصد هو التأكيد عليها عبر الممكن من وسائل المثقف الواعي من كتابات فكرية وأدبية مختلفة في ميادين شتى واستغراق المجموعة معه في هذه القضية، ثم المساهمة في وضع تصورات وحلول واقعية ممكنة ملائمة للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية، ثم المفاضلة بين هذه التصورات وانتخاب الأفضل منها، يغذي كل ذلك ويدعمه الممكن من تنظيم حلقات نقاش تواصليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة توعية الناس بالفكرة أولا ثم بمقترحاته أو مقترحات الآخرين إن كانت أجدى وأنجع، دون محاولة الانتصار لفكرته لمجرد التشبث بأحادية الرأي و ادعاء الأفضليه، إذ لا تشغل المثقف الحقيقي هذه القشور.
ما إن يصل لهذه المرحلة يبدأ المتابعةَ من جهةٍ، واستمرار الكتابة لتعجيل الأخذ بأسباب التغيير من جهة أخرى، لأن ردات الفعل الانفعالية العابرة لا تصنع تغييرا وإن تركت تأثيرا، فما هو إلا سحابة عابرة لا غيثَ ولا رواءْ.
ينتقلُ المثقفُ التنويري المؤثرُ حينها لقضية أخرى دون تشتيت جهود القضية السابقة ولا نسيانها.
ترى: هل يحمل هذا التصور البسيط حلما رومانتيكيا صعب المنال؟! لماذا يتوزع مثقفونا بين أهواء شخصية وانشغالات فردية دون الإيمان بصدارة المصلحة العامة وضرورة تمثلها حال التفكير وأحوال التأثير والتغيير سعيا لمجتمعات تبنى على تكامل جهود أبنائها، وعقيدة ثابتة راسخة بأن الوطن هو الثابت الذي يُبنى ويرقى على تكاملِ المتغيراتِ أفرادا وفكرا وخبراتٍ ورؤى؟!
• حِصّة البادي أكاديمية وكاتبة عمانية
كيف يمكن للثقافة الحقة أن تساهم في بناء المجتمعات وتغذيتها وعيا معرفيا وتخطيطا مستقبليا باستقراء واقعها واحتياجات شعوبها إن انشغل مثقفوها بترّهاتٍ يومية أو ضغائنَ شخصية؟!
كيف يمكن لمثقف أو لحلقة من المثقفين صنعَ فارقٍ في التفكير وفرقٍ في إيجابية التغيير إن عاش مترقبا تداولَ المناصبِ الإداريةِ سعيا لسلطةٍ يترقبُها اعتقادا منه أن ثقافتَه طريقٌ للمنصب؟! فإن وجد بغيته منصبا أو سلطة توقف عن التفكير وأقلع عن التغيير، وإن لم يجد مبتغاه ولم يصل منيته أو ذهبت لغيره عبأ صدره حقدا وضغائن ليبث سموم طاقته السلبية عبر مسارات يلبسها ثوب الرأي والمصلحة العامة وهما منها براء.
لن ندعي بأن لا عمل للمثقف في حياته اليومية إلا القراءة والتأمل ووضع أسس التغيير الفكري والثقافي لمجتمعه؛ فكلنا نعلم مدى استنزاف اليومي الاستهلاكي للجميع بما فيهم المثقفين، ولن ندعي كذلك بحصر الطموح الوظيفي على العامة دون المثقين، لكن الغريب والمستهجن أن يتوقف تركيز المثقفين والمتعلمين من المتخصصين في مجالات شتى على ترقب المنصب وتلمس المنفعة.
فلنضع هنا تصورا أوليا لسيناريو بسيط يعكس أثر المثقف في مجتمعه، خصوصا مع ما نعايش جميعا من انفتاح ناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي:
قضية اجتماعية أو اقتصادية تلمسَّها مثقفٌ ما عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو عن خبرٍ في صحيفةٍ أو موقعٍ إخباري محلي أو عالمي وهذه القضية تُعنى ببلاده أو حتى ببلاد غيره ويمكن تطبيقها لفائدة مجتمعه، التقطتَها عينُ المثقف الفاحصة وأضاءت حولها الرأيَ العام عبر قراءتِها وتحليلها - وليس عبر شحنها بما لا يحتمل إثارة للرأي العام - ثم العمل بشكل منظّم مع حلقات المثقفين حوله للتأكيد عليها وعدم إهمالها، يقينا لا نقصد بالتأكيد والاهتمام هنا كتابة تغريدة على تويتر أو مقطع عابر على الانستغرام يسجل مشاركة ويعفي من تأنيب الضمير وحسب، بل القصد هو التأكيد عليها عبر الممكن من وسائل المثقف الواعي من كتابات فكرية وأدبية مختلفة في ميادين شتى واستغراق المجموعة معه في هذه القضية، ثم المساهمة في وضع تصورات وحلول واقعية ممكنة ملائمة للمعطيات الاقتصادية والاجتماعية، ثم المفاضلة بين هذه التصورات وانتخاب الأفضل منها، يغذي كل ذلك ويدعمه الممكن من تنظيم حلقات نقاش تواصليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومحاولة توعية الناس بالفكرة أولا ثم بمقترحاته أو مقترحات الآخرين إن كانت أجدى وأنجع، دون محاولة الانتصار لفكرته لمجرد التشبث بأحادية الرأي و ادعاء الأفضليه، إذ لا تشغل المثقف الحقيقي هذه القشور.
ما إن يصل لهذه المرحلة يبدأ المتابعةَ من جهةٍ، واستمرار الكتابة لتعجيل الأخذ بأسباب التغيير من جهة أخرى، لأن ردات الفعل الانفعالية العابرة لا تصنع تغييرا وإن تركت تأثيرا، فما هو إلا سحابة عابرة لا غيثَ ولا رواءْ.
ينتقلُ المثقفُ التنويري المؤثرُ حينها لقضية أخرى دون تشتيت جهود القضية السابقة ولا نسيانها.
ترى: هل يحمل هذا التصور البسيط حلما رومانتيكيا صعب المنال؟! لماذا يتوزع مثقفونا بين أهواء شخصية وانشغالات فردية دون الإيمان بصدارة المصلحة العامة وضرورة تمثلها حال التفكير وأحوال التأثير والتغيير سعيا لمجتمعات تبنى على تكامل جهود أبنائها، وعقيدة ثابتة راسخة بأن الوطن هو الثابت الذي يُبنى ويرقى على تكاملِ المتغيراتِ أفرادا وفكرا وخبراتٍ ورؤى؟!
• حِصّة البادي أكاديمية وكاتبة عمانية