يعتقد أن أقدم أنواع الآلات الموسيقية هي الآلات الإيقاعية والزامرة ثم تلتهما الآلات الوترية والكهربائية والإلكترونية، ومع التقدم الحضاري كثرت أنواعها وتقنيات صناعتها واستعمالاتها الفنية، فكلما كانت المجتمعات أقل حظًا من الحضارة كانت آلاتها الموسيقية معبّرة عن ذلك بواقعية، فصدق من قال: إن الموسيقى مرآة الشعوب. واستعمال الآلات الموسيقية من حضارة أخرى أمر شائع عند الجميع تقريبا، ولكن قد يجري على الآلات المستوردة تعديلات صناعية تتفق والسلم الموسيقي والذوق، وفي كثير من الأحوال تجلب الآلة الموسيقية معها تاريخها واستعمالاتها الأصلية، لهذه هناك فرق بين المستهلك والمنتج في هذه الصناعة، والشعوب العربية (حسب التقسيمات الجغرافية المعاصرة) ليست كلها على مستوى واحد في هذا المجال خاصة بعد أن تفرقت شعوبا وقبائل منذ انهيار الدول العباسية في القرن الثالث عشر الميلادي على الأقل حيث وصلت هذه الصناعة إلى ذروتها، وفيها وصلت آلة العود على سبيل المثال إلى الشكل الذي ما زلنا نصنعها بها ونستعملها.
وفي كتابه: تاريخ الموسيقى العربية، السلم الموسيقي - الإيقاع - الآلات، وصف الدكتور صبحي أنور رشيد، وهو باحث عراقي مرموق في الآثار الموسيقية، العصور العباسية بأنها «العصور الذهبية للموسيقى العربية من حيث التأليف العلمي والنظري والعملي والبحث الأصيل».
وقد عرفت بغداد عاصمة الفترة الذهبية للحضارة العربية الإسلامية ثلاثة أنواع من الآلات الموسيقية الإيقاعية والزامرة والوترية، وردت أصنافها في مؤلفات معظم من اشتغل بالعلم والفلسفة والموسيقى.
وكان المترجم جرجيس فتح الله المحامي قد نشر في الكتاب الذي ترجمه عن اللغة الإنجليزية بعنوان: «تاريخ الموسيقى العربية حتى القرن الثالث عشر الميلادي» للدكتور جورج فارمر، مخطوطات لأولاد موسى بن شاكر في «صناعة الآلات الموسيقية الميكانيكية» نذكر منها آلتان للاختصار، الأولى بعنوان: «الآلة التي تزمر بنفسها»، وجاء في التعريف بها بأنها «آلة تزمر بنفسها دائما في أي لحن أردناه وأن يكون لك أحيانا بإيقاع ثقيل وأحيانا بإيقاع خفيف، وأن ننقل أيضا من لحن إلى لحن متى أردنا ذلك».
أما الثانية كانت بعنوان: «عمل الآلة التي اتخذها مورسطس» التي تسمع من مسافات بعيدة لذلك: كانت تحمل في الحروب لأن بلادهم كانت كثيرة الأعداء، فكانوا إذا احتاجوا أن ينذروا أصحابهم أو يسألوا المدد في الحروب(..) نفخوا في هذه الآلة، وهي الأرغن الكبير الملقب بالواسع الفم الجهير الصوت».
وبالنظر إلى ما تحقق من تقدم في جميع أصناف العلوم التطبيقية والنظرية قديمًا وحديثا، إلا أن العقل قد يصاب بنكسات ثقافية، فرغم كل تلك الإنجازات في مجال الموسيقى وعلومها في واحدة من أعظم مراحل تقدم العرب والمسلمين نجد في المقابل وخاصة في وقتنا هذا المشوش بالأيديولوجيات المتنوعة من يقف في وجهك صارخًا ومحذرًا من عواقب استعمال الآلات الموسيقية في الغناء أو الإنشاد، لدرجة أن بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية تتجنب تحت ضغط هذه الأيديولوجيات استعمل الآلات الموسيقية.
وفي هذا الشأن تجادل الناس منذ أزمنة عديدة، وكان يرتفع حظ كل طرف ويتمكن من فرض سطوته كلما اقترب من السلطة السياسية، فهذه المسألة الموسيقية في الواقع معقدة في ثقافتنا وتاريخنا ذلك أنها إشكالية متصلة بالصراع بين التنوير والجمود.
ولكن الأحوال تتغير بسرعة في عصرنا كلما تقدم بلدنا في إشاعة التعليم بجميع مستوياته، فمنذ خمسين عاما من عصر النهضة المباركة بقيادة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- نال الناس حظًا كبيرًا من التعليم والتنوير وتراجع رفض استعمال وصناعة الآلات الموسيقية، ولأول مرة أصبح لدينا صناع عُمانيون لبعض الآلات الموسيقية التي تتطلب قدر من المعرفة والمهارة.
من هنا يمكنني وصف هذه المرحلة التاريخية القابوسية بالتأسيسية التنويرية حيث لم يسبق قبل ذلك حسب علمي حدوث انفتاح على المستوى الرسمي العُماني تجاه الموسيقى والإقبال على ممارستها وتعليمها إلا في حدود معينة مع بعض سلاطين زنجبار العُمانيين.
وفي كتابه: تاريخ الموسيقى العربية، السلم الموسيقي - الإيقاع - الآلات، وصف الدكتور صبحي أنور رشيد، وهو باحث عراقي مرموق في الآثار الموسيقية، العصور العباسية بأنها «العصور الذهبية للموسيقى العربية من حيث التأليف العلمي والنظري والعملي والبحث الأصيل».
وقد عرفت بغداد عاصمة الفترة الذهبية للحضارة العربية الإسلامية ثلاثة أنواع من الآلات الموسيقية الإيقاعية والزامرة والوترية، وردت أصنافها في مؤلفات معظم من اشتغل بالعلم والفلسفة والموسيقى.
وكان المترجم جرجيس فتح الله المحامي قد نشر في الكتاب الذي ترجمه عن اللغة الإنجليزية بعنوان: «تاريخ الموسيقى العربية حتى القرن الثالث عشر الميلادي» للدكتور جورج فارمر، مخطوطات لأولاد موسى بن شاكر في «صناعة الآلات الموسيقية الميكانيكية» نذكر منها آلتان للاختصار، الأولى بعنوان: «الآلة التي تزمر بنفسها»، وجاء في التعريف بها بأنها «آلة تزمر بنفسها دائما في أي لحن أردناه وأن يكون لك أحيانا بإيقاع ثقيل وأحيانا بإيقاع خفيف، وأن ننقل أيضا من لحن إلى لحن متى أردنا ذلك».
أما الثانية كانت بعنوان: «عمل الآلة التي اتخذها مورسطس» التي تسمع من مسافات بعيدة لذلك: كانت تحمل في الحروب لأن بلادهم كانت كثيرة الأعداء، فكانوا إذا احتاجوا أن ينذروا أصحابهم أو يسألوا المدد في الحروب(..) نفخوا في هذه الآلة، وهي الأرغن الكبير الملقب بالواسع الفم الجهير الصوت».
وبالنظر إلى ما تحقق من تقدم في جميع أصناف العلوم التطبيقية والنظرية قديمًا وحديثا، إلا أن العقل قد يصاب بنكسات ثقافية، فرغم كل تلك الإنجازات في مجال الموسيقى وعلومها في واحدة من أعظم مراحل تقدم العرب والمسلمين نجد في المقابل وخاصة في وقتنا هذا المشوش بالأيديولوجيات المتنوعة من يقف في وجهك صارخًا ومحذرًا من عواقب استعمال الآلات الموسيقية في الغناء أو الإنشاد، لدرجة أن بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية تتجنب تحت ضغط هذه الأيديولوجيات استعمل الآلات الموسيقية.
وفي هذا الشأن تجادل الناس منذ أزمنة عديدة، وكان يرتفع حظ كل طرف ويتمكن من فرض سطوته كلما اقترب من السلطة السياسية، فهذه المسألة الموسيقية في الواقع معقدة في ثقافتنا وتاريخنا ذلك أنها إشكالية متصلة بالصراع بين التنوير والجمود.
ولكن الأحوال تتغير بسرعة في عصرنا كلما تقدم بلدنا في إشاعة التعليم بجميع مستوياته، فمنذ خمسين عاما من عصر النهضة المباركة بقيادة المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- نال الناس حظًا كبيرًا من التعليم والتنوير وتراجع رفض استعمال وصناعة الآلات الموسيقية، ولأول مرة أصبح لدينا صناع عُمانيون لبعض الآلات الموسيقية التي تتطلب قدر من المعرفة والمهارة.
من هنا يمكنني وصف هذه المرحلة التاريخية القابوسية بالتأسيسية التنويرية حيث لم يسبق قبل ذلك حسب علمي حدوث انفتاح على المستوى الرسمي العُماني تجاه الموسيقى والإقبال على ممارستها وتعليمها إلا في حدود معينة مع بعض سلاطين زنجبار العُمانيين.