ينتشر منذ فترة لا بأس بها، الإنتاج الدرامي الكوري، الذي بات يعد بالكثير لا على صعيد تنامي الاهتمام العالمي بهذه الصناعة فحسب، بل بتقديم الثقافة الآسيوية بعد أن كان العالم معولما على الصيغة الأمريكية، إن الدخول لأي محل تجاري اليوم حتى هنا في مسقط قد يكون شاهداً على ذلك فهنالك الوجبات الآسيوية التي تشهدُ اقبالاً كبيراً من قبل المراهقين على وجه الخصوص، بالإضافة إلى زيادة الطلب على مطاعم السوشي في الآونة الأخيرة، أو على حد تعبير أحد أصحاب هذه المطاعم لي "السوشي ترند" يجعلني هذا أفكر في أسئلة كثيرة من قبيل: هل هنالك تصور واضح نحو تصدير هذه الثقافة من قبل صناع هذه الأعمال؟ هل يوجد سِمت معين لكل الأعمال الكورية أم إن تجربة هوليود تتكرر هنا، عندما تقدمُ لنا الأخيرة أعمالاً جماهيرية، من انتاج كبرى شركات الإنتاج العالمي، في الوقت الذي تحبو فيه على الهامش سينما وإنتاج درامي مستقل أكثر تمايزاً من ناحية الصناعة والقضايا والمعالجات الدرامية؟ وكوريا الجنوبية التي تغربنت إلى حد كبير بعد الحرب العالمية، ويتحدث كثيرون عن فقدانها لطابعها الثقافي الخاص في ظل هيمنة المؤسسات الرأسمالية عليها، كيف تظهر في هذه الأعمال؟ قررتُ أن أخضع نفسي لمشاهدة أكثر من عمل كوري متكامل، حتى أتعرف عليها أكثر، إن حدود معرفتي بالأدب الكوري القادم من كوريا الجنوبية، أنه قاتم، ويعكس قيماً تقليدية ما زالت حاضرة في الحياة التقليدية لدى الناس هناك، بالإضافة لتراتبية هرمية من الأسرة وصولاً إلى الفضاء العام.
أتذكر شخصياً أننا في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية كنا نتبادل على الشرائط المسلسلات الآسيوية، أشهرها كان في ذلك الحين "لتر من الدموع" المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه وقد ترجمت للعربية قبل وقت قصير. كانت مأساوية تلك الأعمال وقدرتها على اثارة عواطفنا المكبوتة أكثر ما يجعلنا متعلقين بالساعات أمام شاشات أجهزة الحاسب، لكن سرعان ما اختفت هذه الأعمال، وتصاعد الاهتمام بالأنمي أكثر من أي نوع فني آخر قادم من آسيا. اليوم ومع سهولة الوصول لهذه الأعمال وترجمتها للعربية فهي تشهد اقبالاً كبيراً. شاهدتُ ستة أعمال كاملة، جميعها تقع في ست عشرة حلقة، اثنتان منهما يعدان من المسلسلات التاريخية التي تدور في قصر الحاكم، أما البقية فهي مسلسلات اجتماعية حديثة، تعتمد حبكة الأعمال الحديثة على قصص الحب والمفارقات والصدف، عادة ما يكون البطل خارقاً، فهي تستطيع مثلاً أن تتعرف على الأشياء من رائحتها وتكتشف الجرائم بها، أو هو عبقري لا يضاهيه أحد في الرياضيات وهكذا، تكون اللقاءات بين هذين المحبين معقدة، فهي أكبر منه سناً، أو هي أستاذته في المدرسة، أو يبقي صناع العمل التوتر قائماً على اعتبار أن هذا الطعم هو الأنجح في إبقاء المتابعين المتلهفين لتحقيق اللقاء والاعتراف بالحب. تظهر العلاقات الاجتماعية في هذه المسلسلات كما نسمع عن هذه الثقافة فهنالك احترام كبير للأب والأم وكبار السن، عادة ما تكون تصاميم البيوت تقليدية من الداخل ايضاً مع قدرة على عكس المباني السكنية الحديثة والتي يستأجر فيها الناس غرفاً صغيرة، وتكون ضيقة في مكان ضيق. تظهر الوجبات الآسيوية في الأعمال كما لو أنها لاعب رئيسي في العمل. فوقت تناول الطعام مقدس، واختيار الأطعمة، وتناولها تأخذ حيزاً كبيراً من مدة العمل.
أما المسلسلات التقليدية، فهي ترتكز على المفارقة أصلاً، فالأمير ليس شاباً بل شابة مختبئة في زي رجل يحميها الرجل المحب، في أجواء تعكس طبيعة السلطة في ذلك الحين وموقع النساء منها، والملك ورمزيته في هذه الثقافة. شعرتُ بأن كلا العملين تم تصويرهما في استديو واحد، اظن بأن هنالك استديو بالفعل لتنفيذ الأعمال التاريخية من هذا النوع.
وبحسب موقع elee.com سجلت صادرات المواد الغذائية الكورية ارتفاعاً كبيراً عام 2020 للولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أكبر مستورد للطعام الكوري. ويشهد العالم منذ العام نفسه ارتفاعاً ملحوظاً في متابعة الأعمال الكورية خصوصاً بعد فوز الفيلم الكوري Parasite بجائزة الأوسكار. كأول فيلم آسيوي يحقق جائزة أفضل فيلم.
تمتاز الدراما الكورية أيضاً بأنها خالية من مشاهد العري والجنس، مما يجعلها أكثر قبولاً لدى مجموعات واسعة من الفئات العمرية والبلدان. وبحسب موقع ايلي فإن الدراما الكورية تجعلنا نشعر بأننا أقل وحدة، وغالبًا ما نستفيد من تقاطع تجاربنا وعواطفنا الإنسانية المشتركة عبرها.
لطالما كانت الدراما الكورية واحدة من الدوافع الرئيسية للموجة الكورية K -pop، والصادرات الثقافية الكورية الأخرى. انتشرت الموجة الكورية بسرعة في جميع أنحاء العالم، ولكن من الصعب تحديد متى بدأت الدراما الكورية في الظهور خارج كوريا الجنوبية. تشير بعض المصادر إلى نجاح عام 1997 في الدراما العائلية What Is Love؟ بين الجماهير الصينية كنقطة انطلاق لـ Hallyu؛ أي الموجة الكورية، هنالك من يقول إنها بدأت قبل ذلك في عام 1993، عندما بثت الصين الدراما الكورية Jealousy (Jiltu).
وفقاً للدكتور جونج بونج تشوي الأستاذ السابق لدراسات السينما في جامعة نيويورك قام مديرو الشبكات الكورية في الثمانينات والتسعينات برحلات عمل لليابان لاستلهام أسلوب الأعمال الدرامية هناك اذ كانت اليابان رائدة في صناعة المسلسل القصير المكون من 12 حلقة. بالإضافة لدور كبير للحكومة الكورية الجنوبية في إرساء أساسات الموجة الكورية المزدهرة من خلال تطوير البنية التحية للبث التلفزيوني والسماح للقنوات المختلفة بالتنافس.
بلا شك أن هذه الظاهرة تستحق الدراسة، سواءً عبر تأثيرها الثقافي أو تصاعد أهميتها الاقتصادية كصناعة ثقافية باتت المنافس الأكبر لهوليود. كما نشر مؤخراً عبر أبل تي في، مسلسلاً كوريا واعدا، وهو يتحدث عن احتلال اليابان لكوريا، اسم العمل pachinko مأخوذ من اسم الرواية نفسها لـ مين جين لي والتي ترجمت للعربية عبر الدار العربية للعلوم ناشرون باسم "باتشينكو" ملحمة الانعتاق من الفؤاد والجسد.
أتذكر شخصياً أننا في منتصف العقد الأول من الألفية الثانية كنا نتبادل على الشرائط المسلسلات الآسيوية، أشهرها كان في ذلك الحين "لتر من الدموع" المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه وقد ترجمت للعربية قبل وقت قصير. كانت مأساوية تلك الأعمال وقدرتها على اثارة عواطفنا المكبوتة أكثر ما يجعلنا متعلقين بالساعات أمام شاشات أجهزة الحاسب، لكن سرعان ما اختفت هذه الأعمال، وتصاعد الاهتمام بالأنمي أكثر من أي نوع فني آخر قادم من آسيا. اليوم ومع سهولة الوصول لهذه الأعمال وترجمتها للعربية فهي تشهد اقبالاً كبيراً. شاهدتُ ستة أعمال كاملة، جميعها تقع في ست عشرة حلقة، اثنتان منهما يعدان من المسلسلات التاريخية التي تدور في قصر الحاكم، أما البقية فهي مسلسلات اجتماعية حديثة، تعتمد حبكة الأعمال الحديثة على قصص الحب والمفارقات والصدف، عادة ما يكون البطل خارقاً، فهي تستطيع مثلاً أن تتعرف على الأشياء من رائحتها وتكتشف الجرائم بها، أو هو عبقري لا يضاهيه أحد في الرياضيات وهكذا، تكون اللقاءات بين هذين المحبين معقدة، فهي أكبر منه سناً، أو هي أستاذته في المدرسة، أو يبقي صناع العمل التوتر قائماً على اعتبار أن هذا الطعم هو الأنجح في إبقاء المتابعين المتلهفين لتحقيق اللقاء والاعتراف بالحب. تظهر العلاقات الاجتماعية في هذه المسلسلات كما نسمع عن هذه الثقافة فهنالك احترام كبير للأب والأم وكبار السن، عادة ما تكون تصاميم البيوت تقليدية من الداخل ايضاً مع قدرة على عكس المباني السكنية الحديثة والتي يستأجر فيها الناس غرفاً صغيرة، وتكون ضيقة في مكان ضيق. تظهر الوجبات الآسيوية في الأعمال كما لو أنها لاعب رئيسي في العمل. فوقت تناول الطعام مقدس، واختيار الأطعمة، وتناولها تأخذ حيزاً كبيراً من مدة العمل.
أما المسلسلات التقليدية، فهي ترتكز على المفارقة أصلاً، فالأمير ليس شاباً بل شابة مختبئة في زي رجل يحميها الرجل المحب، في أجواء تعكس طبيعة السلطة في ذلك الحين وموقع النساء منها، والملك ورمزيته في هذه الثقافة. شعرتُ بأن كلا العملين تم تصويرهما في استديو واحد، اظن بأن هنالك استديو بالفعل لتنفيذ الأعمال التاريخية من هذا النوع.
وبحسب موقع elee.com سجلت صادرات المواد الغذائية الكورية ارتفاعاً كبيراً عام 2020 للولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أكبر مستورد للطعام الكوري. ويشهد العالم منذ العام نفسه ارتفاعاً ملحوظاً في متابعة الأعمال الكورية خصوصاً بعد فوز الفيلم الكوري Parasite بجائزة الأوسكار. كأول فيلم آسيوي يحقق جائزة أفضل فيلم.
تمتاز الدراما الكورية أيضاً بأنها خالية من مشاهد العري والجنس، مما يجعلها أكثر قبولاً لدى مجموعات واسعة من الفئات العمرية والبلدان. وبحسب موقع ايلي فإن الدراما الكورية تجعلنا نشعر بأننا أقل وحدة، وغالبًا ما نستفيد من تقاطع تجاربنا وعواطفنا الإنسانية المشتركة عبرها.
لطالما كانت الدراما الكورية واحدة من الدوافع الرئيسية للموجة الكورية K -pop، والصادرات الثقافية الكورية الأخرى. انتشرت الموجة الكورية بسرعة في جميع أنحاء العالم، ولكن من الصعب تحديد متى بدأت الدراما الكورية في الظهور خارج كوريا الجنوبية. تشير بعض المصادر إلى نجاح عام 1997 في الدراما العائلية What Is Love؟ بين الجماهير الصينية كنقطة انطلاق لـ Hallyu؛ أي الموجة الكورية، هنالك من يقول إنها بدأت قبل ذلك في عام 1993، عندما بثت الصين الدراما الكورية Jealousy (Jiltu).
وفقاً للدكتور جونج بونج تشوي الأستاذ السابق لدراسات السينما في جامعة نيويورك قام مديرو الشبكات الكورية في الثمانينات والتسعينات برحلات عمل لليابان لاستلهام أسلوب الأعمال الدرامية هناك اذ كانت اليابان رائدة في صناعة المسلسل القصير المكون من 12 حلقة. بالإضافة لدور كبير للحكومة الكورية الجنوبية في إرساء أساسات الموجة الكورية المزدهرة من خلال تطوير البنية التحية للبث التلفزيوني والسماح للقنوات المختلفة بالتنافس.
بلا شك أن هذه الظاهرة تستحق الدراسة، سواءً عبر تأثيرها الثقافي أو تصاعد أهميتها الاقتصادية كصناعة ثقافية باتت المنافس الأكبر لهوليود. كما نشر مؤخراً عبر أبل تي في، مسلسلاً كوريا واعدا، وهو يتحدث عن احتلال اليابان لكوريا، اسم العمل pachinko مأخوذ من اسم الرواية نفسها لـ مين جين لي والتي ترجمت للعربية عبر الدار العربية للعلوم ناشرون باسم "باتشينكو" ملحمة الانعتاق من الفؤاد والجسد.