بعد سنوات عدة من أزمة الاقتصاد العالمي عام 2008 ، والتعافي العسر من آثارها التي لا يزال بعضها مستمرا حتى الآن ، وبعد الانهيار الحاد في أسعار النفط العالمية منتصف عام 2014 ، واستمرار الانخفاض حتى الآن ، تتواصل اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن ، التي بدأت يوم الخميس 12 أكتوبر الجاري ، وتختتم اليوم «الأحد» ، وتشارك فيها السلطنة ، وسط جو عام من التفاؤل باتجاه الاقتصاد العالمي نحو التحسن النسبي ، خروجا من المرحلة السابقة ، وعلى نحو يعزز الأمل بالتحسن النسبي في الأداء الاقتصادي على المستوى العالمي بوجه عام ، وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة والصاعدة بوجه خاص ، هذا فضلا عن الدول المنتجة والمصدرة للنفط ، ومنها السلطنة بالطبع . وفي الوقت الذي تتجه فيه أسعار النفط في الأسواق العالمية نحو التحسن النسبي ، خاصة بعد أن أعربت منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط «أوبك» ، وعدد من الدول المنتجة للنفط من خارجها والمتعاونة معها ، ومنها السلطنة وروسيا الاتحادية ، عن عزمها الالتزام باتفاق خفض إنتاج النفط ، وذلك خلال اجتماعها الشهر القادم ، لمواصلة العمل على امتصاص الفائض من المعروض في الأسواق العالمية ، فإن الأشهر الماضية أثبتت على نحو واضح وبالغ الدلالة أن التعاون ، والالتزام الجاد بتخفيض حجم الإنتاج ، وفق ما تم الاتفاق عليه في نوفمبر الماضي ، هو أمر مفيد ليس فقط للدول المنتجة للنفط ، ولكن للاقتصاد العالمي كذلك ، نظرا لانعكاسه على أداء وحركة الاقتصاد والتجارة العالمية . وبالرغم مما أبداه كل من رئيس البنك الدولي « جيم يونج كيم » والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي « كرستين لاجارد » من تفاؤل حذر بالنسبة للتحسن في أداء الاقتصاد العالمي ، بالنظر إلى المخاطر الحمائية والتقلبات المحتملة والشكوك التي تطرحها القضايا السياسية ، فإن الإدراك المتزايد ، على صعيد الدول المختلفة ، لحقيقة ازدياد درجة الاعتماد المتبادل بين الدول ، والترابط بين مصالحها ، خاصة الاقتصادية والتجارية ، وصعوبة الفصل فيما بينها بشكل تام أو حاد ، لاعتبارات كثيرة ، يعزز في الواقع من استعداد مزيد من الدول في المنطقة والعالم لتحقيق خطوات أكثر وأوسع للتعاون فيما بينها ، لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة لها ولشعوبها ، مع محاولة الحد من الانعكاسات السلبية للسياسة في هذا المجال بقدر الإمكان . جدير بالذكر أن تقرير صندوق النقد الدولي ، ربع السنوي ، حول آفاق الاقتصاد العالمي ، والذي نشر قبيل اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين ، يتسم بالكثير من الأهمية ، سواء على مستوى الاقتصاد العالمي ككل ، أو على مستوى الأداء الاقتصادي للدول المختلفة . وفي حين يهتم البنك المركزي العماني بما جاء في هذا التقرير ، من توقعات طيبة بشأن الاقتصاد العماني ، وغيره من التقارير الدولية ذات الأهمية ، للاستفادة بها ، فإن اجتماعات واشنطن تشكل فرصة للالتقاء وتبادل وجهات النظر بين الوفد العماني ، ووفود الدول الأخرى حيث يشارك ممثلو الدول الأعضاء ، وممثلو العديد من البنوك والمؤسسات المالية العالمية ، وهو ما يضفي أهمية كبيرة على هذه الاجتماعات على الصعيدين العام والخاص أيضا .