لوس أنجلوس «د.ب.أ»:- قدمت هوليوود على مدار سنوات العديد من الأفلام التي تناقش فكرة الحرب وآثارها الكارثية على البشر والأماكن، وفي المقام الأول الجندي الأمريكي، ولكن هناك القليل منها التي عالجت هاجس الذهاب للحرب والحياة بعد العودة، بشكل مباشر إلى هذا الحد مثل فيلم «شكرا على خدماتك»، والذي يعتبر باكورة أعمال جايسون هول كمخرج. يلعب بطولة الفيلم النجم الشاب مايلز تيلر هو ممثل أمريكي، جذب الانتباه في عام 2010 لدوره في «جحر الأرنب». يجسد تيلر دور السرجنت آدم شومان، العائد إلى منزله في مدينة كنساس إلى زوجته وأطفاله، إلا أنه يعاني من مشاكل كبيرة ويواجه صعوبات قوية لكي يتمكن من الاندماج في المجتمع من جديد. تتكرر قصة شومان مع حالة ثلاثة من رفاقه عادوا معه من حرب العراق، حيث تعرضوا هناك لتجربة قاسية للغاية تخللتها الكثير من المواقف المؤلمة. يسرد الفيلم طبيعة العلاقة بين رفاق السلاح الأربعة، أثناء غزو الجيش الأمريكي للعراق، ثم يصف بعد ذلك حياتهم بعد العودة ومدى تمكنهم من استعادة حياتهم الطبيعية بعد هذه التجربة المؤلمة. أحد الجنود الأمريكيين الأربعة، تلقى رصاصة في رأسه، أما الآخر فقد شهد مصرع أحد قادته أمام عينيه، لتظل هذه الهواجس مسيطرة بصورة كبيرة على الأحداث والمواقف التي يتعرضون لها بعد عودتهم للحياة المدنية. وهذه فكرة ليست جديدة فقد سبق طرحها من قبل في أكثر من عمل، أشهرها «بيردي» ( الطائري)، بطولة نيكولاس كيدج. حقيقة الأمر أن جانبا كبيرا من الفيلم يعرض مشاهد قوية لوقائع حقيقية موثقة، وهو عمل مأخوذ عن كتاب الصحفي الأمريكي، ديفيد فنكل، والذي يعد استكمالا لكتابه السابق «الجنود الطيبون»، ويعرض نماذج من حياة جنود أمريكيين بعد عودتهم للحياة الطبيعية عقب مشاركتهم في معارك حرب العراق. جدير بالذكر أن السرجنت أو الرقيب شومان، الشخصية الحقيقية التي يدور حولها الفيلم، تطوع لكي يشارك بقصته في كتاب فنكل، كما أصر على مرافقة تيلر أثناء مراحل التصوير ليساعده على تقمص الشخصية بإتقان وإضفاء مزيد من المصداقية على العمل. «إنه إنسان عظيم وأنا سعيد به، وبانفتاحه الكبير لسرد وقائع قصته أثناء مراحل التصوير»، أوضح تيلر، مؤكدا «إنه أمر رائع أن يمكث لتسعة أشهر مع صحفي لكي يساعده في كتابة كتابه عن هذه التجارب وأثرها على الجنود. إنه إنسان عظيم، يبدو ذلك من ابتسامته ومن طريقة تعامله مع الأمور». يعتقد تيلر أن هذا الفيلم «جاء بمثابة علاج» بالنسبة له، موضحا أن الكثير من الممثلين الكومبارس الذين شاركوا في مشاهد المجاميع كانوا بالفعل من المحاربين القدماء، وأنهم ساهموا بقدر كبير في خروج المشاهد بالصورة اللائقة، خاصة وأن جزءا من مراحل التصوير تم في موقع محاكي لأجواء جبهة القتال، وأجريت به تمرينات لفريق العمل من أجل استيعاب مراحل التدريب التي يمر بها الجنود الذين يخدمون في الجيش الأمريكي.» كنا نحاول تقديم تجربة تبدو حقيقية بالفعل. تجدر الإشارة إلى أن أوليفر ستون في فيلم «فصيلة جنود»، بطولة توم كروز كان يدرب الممثلين بنفسه تحت المطر على أجواء حرب فيتنام، مما يعني أن هذا تقليد متبع في هوليوود. يرى تيلر أن هذه المرحلة هي الأفضل على مدار مشواره الفني، فقد أكمل عامه الثلاثين وهو من مواليد داوننجتاون، بنسلفانيا، وقد نجح في جذب الأنظار إليه منذ الدور الأول الذي أسند إليه في فيلم «جحر الأرنب»، أمام النجمة نيكول كيدمان، ليتألق بعد ذلك في أعمال مثل «ويبلاش»، في عمل استعراضي موسيقي، أمام المخضرم جي كي سيمونز «62 عاما»، الذي لعب دور أستاذ موسيقى الجاز الحاد الطباع. ومن تنوع الأعمال التي ظهر بها، نجد أنه معتاد على التغيير، فضلا عن أنه شاب مرح خفيف الظل، ويرجع هذا إلى أنه عاش في أماكن مختلفة ودرس في خمس مدارس مختلفة في صغره، ويكشف من خلال فيلم ذي طابع عسكري عن إمكانياته لتقديم أدوار البطولة في هوليوود، وقدرته على تحمل هذه المسؤولية، خاصة وأنه سيضفي على هذه الأدوار جزءا حقيقيا من تجربته الشخصية. كما يضم فريق عمل الفيلم أيضا كلا من هالي بنيت، في دور زوجة الرقيب شومان، وبيولاه كوالي، في دور جندي أمريكي من ساموا، رفيق شومان وإيمي شومر في دور أرملة أحد الجنود، وهود دور غير مألوف بالنسبة لنجمة اعتاد الجمهور أن يراها في أدوار الكوميديا. جرى تصوير الفيلم في كثير من مواقع التصوير الحقيقية، ليثبت حقيقة مروعة تكشف عنها الأرقام وهي أن الجيش الأمريكي يفقد يوميا نحو 22 من جنوده. أما من يعودون من الخدمة، فيتخلى عنهم الجميع بما في ذلك أسرهم، فيقرر معظمهم العودة مرة أخرى إلى جبهة القتال، المكان الوحيد الذي يجدون فيه جدوى لأنفسهم. فضلا عن نسب الانتحار المرتفعة التي تعكس مرارة التجربة، وقسوة واقع الحياة بعد العودة، حيث يدين الفيلم موقف الحكومة الفيدرالية التي تدعي نقص الموارد اللازمة لتوفير الرعاية الطبية والنفسية التي يحتاجها هؤلاء الجنود. «أتمنى أن يشاهد الناس الفيلم وأن يساعدوا من يخدمون بلادهم، ويقومون بالعمل الذي لا نريد نحن القيام به، يقول تيلر، لامسا قضية تثير جدلا متزايدا في كل مرة داخل الولايات المتحدة.