خبير الجنائية الدولية العامري لـ «عمان» :- اكتسبت أهمية من خلال التعرف على المشتبه بهم بالأدلة البيولوجية - مقارنة نتائج التحاليل لأي أثر بيولوجي مع قاعدة معلومات في الحاسب الآلي - يتم استخدام فحوص الأحماض في التعرف على الحشرات والتحقيق في الجرائم ضد الحياة الفطرية - أجرى الحوار- أحمد المعشني - أثبتت البحوث والدراسات العلمية بأن البصمة الوراثية تمتاز بالدقة، ونتائجها تكاد تكون قطعية، وأن الخطأ فيها ليس واردا، حيث إنها بنية جينية تدل على هوية كل إنسان بعينه. لذلك أخذت بها دول العالم في إثبات هوية الإنسان، سواء من حيث الطب الشرعي، أو الاستدلال بها في الأدلة الجنائية. وللسلطنة تجربة هامة في الاستفادة من البصمة الوراثية، يمكن أن نتعرف عليها من خلال خبرة تراكمية لمواطن عماني امتدت أكثر من 36عاما في العلوم الجنائية والبصمة الوراثية والتقنيات الحيوية. وحصل الدكتور محسن بن سليمان العامري خبير البصمة الوراثية والأدلة الجنائية لدى المحكمة الجنائية الدولية بلاهاي بهولندا على شهادة الدكتوراه عام 1993 في البصمـة الوراثيـة والماجستير في علوم المختبر الجنائي ومسرح الجريمة عام 1986 من جامعة ستراثكلايد ببريطانيا، وحاصل على بكالوريوس علوم الأحياء عام 1980 من جامعة القاهرة بمصر. عمـل مديـرا للمختبـر الجنائـي وخبيـرا للبصمـة الوراثيـة بشرطـة عمـان السلطانيـة ومن ثم خبيـرا للبصمـة الوراثيـة ومعاينة مسارح الجرائم في المختبـر الجنائـي بشرطـة دبـي. حاليا أسس مكتبا في مسقط لتقديم الاستشارات والدورات والمحاضرات في مجال الأدلة الجنائية والبصمة الوراثية والعمل في مشروع أدلة البراءة. وهو عضو مهني في جمعية العلوم الجنائية ببريطانيا وعدد من الجمعيات الدولية في مجال الوراثة الجنائية وعلوم الأدلة الجنائية، وخبير معتمد في البصمة الوراثية والأدلة الجنائية بوزارة العدل. أهم الأدلة الدكتور محسن العامري خص صحيفة «عمان» بلقاء خاص، استعرض فيه خبرته وتجربته في مجال البصمة الوراثية، حيث تحدث بداية عن ماهية استخدامات وحجية ومحدودية البصمة الوراثية فقال: لقد اكتسبت تقنيات البصمة الوراثية أهمية كبرى في التعرف على أو استبعاد المشتبه بهم بواسطة تحليل الأدلة البيولوجية مثل اللعاب، الأنسجة، الدم، الشعر أو السائل المنوي المتخلفة في مسرح الجريمة. كما أن نتائج بصمة البصمة الوراثية يمكن ان تستخدم لتوجيه البحث والتحري في القضايا المتعلقة في الاستعراف البشري. ويشكل قبول أدلة البصمة الوراثية في المحاكم تحديا لرجال القانون مثل القضاة وممثلي الادعاء/‏‏النيابة والمحامين في فهم حجية ومحدودية أدلة الحمض النووي والإجراءات المتعلقة بها من مسرح الجريمة حتى المحكمة والتي تشمل سلامة الأدلة من التدهور والتلوث وتوثيق تسلسل تداولها واتباع معايير ضبط الجودة في المختبرات الجنائية من حيث كفاءة وتأهيل الفنيين وصلاحية الأجهزة والطرق المستخدمة ومدلول النتائج وظروف كل قضية ، كما تحدث عن البصمة الوراثية فقال بأن جميع الكائنات الحية تتكون من خلايا وكل خلايا جسم الإنسان، ما عدا كريات الدم الحمراء، تحتوي على المادة الوراثية ويطلق عليها الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين (DeoxyriboNucleic Acid) واختصارا دي.أن.أيه ( DNA). يسمى أحيانا الحمض النووي بالمخطط الوراثي لأنه يحتوي على كل التعليمات التي تحدد الخصائص الوراثية للفرد يوجد الحمض النووي ( Nuclear DNA ) مغلفا مع البروتين في نواة الخلية على شكل كروموزومات ( chromosomes ) وتحتوي الخلايا ذات النواة على 23 زوجا من الكروموزومات ( 46 كروموزوم) : يورث الإنسان 23 كروموزوما من الأب و23 كروموزوما من الأم. ولا يمكن تطابق البصمة الوراثية بين شخصين حتى في حالة التوأمين المتماثلين. تحليل البصمة حول خطوات تحليل البصمة الوراثية في المختبرات الجنائية، قال الدكتور محسن العامري : يتم تحليل البصمة الوراثية من خلال العينات، حيث يمكن استخدام أي خلية من خلايا جسم الإنسان في عملية التصنيف بالبصمة الوراثية ، ومن أمثلة العينات التي يمكن تصنيفها بهذه الأنظمة بقع الدم على الملابس أو الجدران أو الأرضية أو ما شابه ذلك وكذلك البقع المنوية على الملابس والأغطية والشعر أو قشرة الرأس على ملابس أو مشط أو أغطية الرأس المختلفة. كما يمكن تصنيف خلايا اللعاب على أواني الشرب والطعام أو على أعقاب السجائر وأظرف الرسائل والطوابع وخلايا جلد أو لحم أو عظام أو أسنان أو أنسجة وأعضاء الجسم المختلفة مثل الكبد والرئة والقلب وما شابه ذلك. كما انه يمكن أن يتم تصنيف البصمة الوراثية لإفرازات الجسم المختلفة مثل العرق والمخاط والبول وما شابه ذلك. ومن خلال فحص الأدلة يتم استلام عينات من مواد مختلفة لذا يجب التأكد من سلامة تغليف الأدلة ووصف الحرز ومحتوياته وكتابة البيانات عليه. تطبيقات تحدث الدكتور محسن بن سليمان العامري حول تطبيقات البصمة الوراثية قائلا: يتم تطبيق البصمة الوراثية في القضايا الجنائية لإجراء تحاليل البصمة الوراثية في القضايا الجنائية، فيتم أخذ عينة من دم من الشخص (مشتبه فيه) ويتم إجراء التحاليل عليها ومقارنتها مع عينات رفعت من مسرح الجريمة مثل بقع الدم أو مع عينة من بقعة منوية أو شعر من على ملابس المجني عليه/‏‏عليها. وتتم هذه المقارنة لتحديد ما إذا كان هذا الشخص هو مصدر هذه العينات وربطة بالجريمة، ومن الأمثلة على هذه القضايا جرائم القتل والإيذاء، جرائم الزنا والاغتصاب، جرائم السرقات، حوادث الدهس، قضايا البنوة واللقطاء والتعرف على بقايا وأشلاء الموتى والمفقودين، كذلك يتم هناك قاعدة بيانات البصمة الوراثية التي يتم فيها تخزين أنظمة تحاليل البصمة الوراثية للأشخاص المشتبه بهم وأصحاب السوابق وحفظها في الحاسب الآلي على غرار نظام بصمات الأصابع، وبذلك يمكن مقارنة نتائج تحاليل البصمة الوراثية لأي أثر بيولوجي (بقعة دم، لعاب، أنسجة الجسم،... ) رفع من مسرح جريمة مجهولة أو قضية جنائية مع قاعدة معلومات البصمة الوراثية في الحاسب الآلي، والتوصل إلى معرفة مصدر هذه البقعة إذا كان الشخص قد تم تخزين بصمته الوراثية في قاعدة معلومات البصمة الوراثية ، كما تحتوي قاعدة بيانات البصمة الوراثية على بيانات ونتائج تحاليل البصمة الوراثية لعينات مرفوعة من مسارح الجرائم وعينات أخذت من الأشخاص الذين تمت إدانتهم في قضايا مختلفة وكذلك المساجين والأشخاص المشتبه بهم في قضايا مختلفة ، كما انه في بعض الدول تؤخذ عينات من أشخاص آخرين لم يتم الاشتباه بهم مثل أي فئة من فئات المجتمع و تشمل الأشخاص الذين يعملون في بيئات خطرة مثل رجال الإطفاء وأطقم الطيران وأفراد القوات المسلحة وتحفظ في قواعد بيانات خاصة للبصمة الوراثية تختلف عن قاعدة بيانات البصمة الوراثية للقضايا الجنائية تستخدم للتعرف على الجثث والأشلاء المجهولة في حالة الحروب والكوارث. تطورات حديثة كما تحدث الدكتور محسن العامري عن التطورات الحديثة في تقنيات البصمة الوراثية، فأجاب عن ذلك بالقول: تحاليل الحمض الميتوكوندوري - يورث الحمض الميتوكوندري من الأم فقط للأبناء، لذا فان الأشخاص الذين تربطهم صلة القرابة من الأم تتطابق نتائجهم مثل الخالة وأبناء الخالة والجدة من الأم. يوجد الحمض الميتوكونوري في الميتوكندريا في سيتوبلازم الخلية ويفوق عدده في الخلية الواحدة من 100-1000 وحدة مقابل وحدة واحدة من من الحمض النووي نواة الخلية والذي يستخدم في البصمة الوراثية ولهذا يمكن استخدامه في العينات القليلة جدا. قوة التطابق في نتائج التصنيف بالحمض الميتوكوندري ضعيفة جدا مقارنة بالبصمة الوراثية للحمض النووي (في نواة الخلية). تستخدم فحوص الحمض الميتوكونوري، إضافة إلى القضايا الجنائية، في دراسة الأنساب البشرية وهجرات الشعوب. أما الكروموزوم الذكري ( Y-Chromosome) - يحتوي المركب الوراثي للإنسان او ما يطلق عليه الجينوم على 46 كروموزوما موزعة على 23 زوجا نصفها يرثها الابن من أمه والنصف الآخر من أبيه. في الزوج 23 من الكرموزومات ويسمى ايضا الكروموزوم الجنسي، يحمل الذكر (XY) وفي الأنثى (XX)، لذا فأن الكروموزوم (Y) يورث من مصدر واحد فقط وهو الأب ثم الى الأبناء والأحفاد الذكور وهو الذي يحتوي على كل الصفات الذكرية لذلك لا يتأثر الابن بكروموزومات الأم لأنها لا تحمل الكروموزوم (Y). يتم استخدام اختبارات الكرموزوم الذكري في القضايا الجنائية، مثل القضايا الجنسية والتي يمكن فيها فصل الفصيلة الذكرية عن الفصيلة الأنثوية في العينات المختلطة. اختبارات الأبوة والتعرف على المفقودين بمقارنتهم مع أقاربهم الذكور. من الاستخدامات الحديثة للكرموزوم الذكري في الدراسات التاريخية لمعرفة انساب وارتباط وهجرات الشعوب والقبائل وكذلك للتحقق من الانتساب القبلي بالبحث عن تردد جيني مشترك بين أغلب أفراد القبيلة أو الأسرة ثم جعله رمز لها وكل من يحمل ذلك الرمز أو التردد فهو يعتبر من تلك القبيلة. إضافة لذلك فانه بدراسة الفصائل المشتركة والمختلفة بين شخصين يمكن تحديد البعد الجيني بين الشخصين واستخدام برامج ومعادلات خاصة لتحديد كم عدد الأجيال التي تفصل بين هذين الشخصين والجد المشترك على وجه التقريب وليس الدقة مع الأخذ في الاعتبار اتفاق الباحثين بأن الجيل الواحد يتراوح ما بين 25-30 سنة. وفيما يتعلق بفحوص البصمة الوراثية للأحياء الدقيقة فتستخدم فحوص الأحماض النووية في التعرف على الأحياء الدقيقة مثل البكتيريا والفيروسات ومثال على ذلك التعرف على حالات التسمم الجنائي ومعرفة وتتبع مصدر وانتشار الوباء الميكروبي في حالات الأخطاء البحثية أو الإرهاب البيولوجي. أما تحليل الحمض النووي للعينات غير البشرية فيتم استخدام تقنيات الأحماض النووية للتعرف على بقايا الحيوانات مثل الشعر والأنسجة والأقمشة ذات المصدر الحيواني لربط الجاني والمجني عليه ومسرح الجريمة. كما أن الفحوص للنباتات يمكن أن تستخدم في مجال الكشف عن الجريمة والتعرف على المخدرات ذات الأصل النباتي ومصدرها ودراسات التنوع الحيوي. يتم استخدام فحوص الأحماض النووية في التعرف على الحشرات والتحقيق في الجرائم ضد الحياة الفطرية والغش التجاري للأغذية من مصدر حيواني أو الأسماك أو الكفيار وما شابه ذلك ويتم أيضا استخدام البصمة الوراثية لدراسات سلالات حيوانات السباق مثل الخيول والجمال. أما تصنيف الحمض النووي والمظهر الخارجي فالجينات في الحمض النووي هي المحددة للشكل الخارجي للإنسان فان كثير من مراكز البحوث حددت بشكل أولي الجينات المسؤولة عن ذلك والتي يمكن بفحصها على خلايا مجهولة في مسرح الجريمة التنبؤ بالمظهر الخارجي للشخص مصدر هذه الخلايا. كذلك بالنسبة لتقدير العمر التقريبي فإن نمو الإنسان من الخلية الأولى مسؤول عنه جزء في أطراف كل كرموزوم يسمى التلومير والذي ينقص طوله مع كل انقسام للخلية ونموها واعتبر العلماء التلومير هو الساعة العمرية للإنسان وبفحصه يمكن تحديد عمر الشخص التقريبي الذي ربما كان مصدرا لخلية مجهولة في مسرح الجريمة. مشروع أدلة البراءة وعن مشروع أدلة البراءة والهدف منه، ذلك ما أجاب عنه الدكتور محسن العامري، حيث قال: إن المطلع والمتابع لإجراءات المحاكمة في القضايا الجنائية يدرك تماما أن أدلة الإثبات تحظى بدعم متواصل من الأجهزة الحكومية وإجراءات التحقيق والتي وصلت إلى مرحلة متطورة من حيث التجهيزات والمعدات والكفاءات البشرية وعلى عكس ذلك تماما فان أدلة النفي أو البراءة والتي تمثلها جهات الدفاع لا تتوفر لديها التجهيزات والخبرات الفنية اللازمة لتقييم الأدلة المادية الجنائية والتقارير الفنية. كما ان إدراك رجال القانون مثل القضاة وممثلي الادعاء/‏‏النيابة ومحامي الدفاع لا يرقى الى المستوى المطلوب لتقييم الأدلة المادية الجنائية وفهم محدوديتها والبحث في أدلة النفي لدعم براءة المتهم. لذلك قمت بتبني مشروع أدلة البراءة وهو مشروع غير ربحي يهدف إلى تقديم الاستشارات وإلقاء المحاضرات وعقد الندوات وحلقات النقاش مجانا لأطراف القضايا الجنائية والقضاة والمحامين وممثلي الادعاء/‏‏ النيابة .