امتدت اللقاءات السامية لقائد البلاد المفدى – أيده الله – بشيوخ وأعيان محافظات سلطنة عمان والتي ابتدأت من محافظة ظفار، وواصلت نهجها مطلع هذا العام وحتى اللقاء الأخير ببيت بهجة الأنظار بولاية صحار في رسالة تحمل بعدين أساسيين أولهما التأكيد على تقاليد التواصل السياسي الراسخة التي تنهجها القيادة الحكيمة والتي تتأسس على متكئ ثقافي يأخذ أبعاده من تقاليد المجتمع ووصله وتشاوره واتصاله.
وفي البعد الآخر يتجسد الشروع في إيجاد نمط جديد من الاتصال يتواكب مع الإرادة السياسية لكون المجتمع بكل فئاته حاضرًا وممثلًا في سياق التنمية وفي سياق تحويل نهجها وخلق نموذجها الجديد.
حيث في الأوان الذي كان فيه المقام السامي يلتقي بالشيوخ والأعيان امتدت لقاءات موازية بين أصحاب السعادة والمعالي المحافظين بفئات المجتمع المختلفة في مختلف محافظات سلطنة عمان لعصف الرؤى وتحديد الأفكار وتصعيد الأولويات فيما يخص الشأن التنموي في كل محافظة وفيما يتصل بتكوين الاستشارة المجتمعية إزاء منطلقات التحول للامركزية وتنمية المحافظات.
في تقديرنا فإن العنصر الأهم في اللقاءات السامية التي جرت هو التأكيد على بعض ملامح النموذج التنموي الذي تريد الدولة أن تتبناه خلال المرحلة المقبلة.
وحين نتحدث عن النموذج التنموي فهو الفلسفة التي تستند إليها مرئيات وخطط وبرامج التنمية وجملة التوجهات الوطنية المعلنة سواء في الرؤية الوطنية (عُمان 2040) أو تلك التي يمكن للمتقصي أن يحددها ضمنًا في السياسات العمومية أو أن يشخص تفاصيلها في من خلال تحديث التشريعات أو أن يتقصى أبعادها من مجمل الخطط التنموية – البرامج – التوجيهات السامية أو أن يتعرف إليها من خلال بنية خطاب التواصل السياسي في مواضع عدة.
وفي تقديرنا فإن ملامح هذا النموذج قد تشكلت نسبيًا خلال العامين الفائتين من مجمل عمليات تحديث الحكومة وإطلاق البرامج التنموية وإعادة هيكلة التشريعات وتوزيع المسؤوليات. إلا أنه يعنينا في هذه المقالة التطرق إلى أبرز ملامح النموذج التنموي التي ركزت عليها اللقاءات السامية وهي في تقديرنا تتمثل في الآتي:
- التأكيد على أن "التحول إلى اللامركزية" و"تمكين المحافظات" أهم عناصر النموذج التنموي الجديد ويتسق هذا مع تكرار الحديث عن الميزة النسبية التنافسية لكل محافظة وآليات الحكومة في حفز تلك الميزة والممكنات الاقتصادية المتاحة أمام مكاتب المحافظات لاستثمار تلك الميزة وتأكيد الفلسفة التي تحملها وثيقة الاستراتيجية العُمرانية لكل محافظة.
إلى جانب ذلك يتسق هذا التأكيد مع صدور التشريعات الموازية وأهمها نظام المحافظات والشؤون البلدية 101 /2020 بالإضافة لاعتماد برنامج تنمية المحافظات ورفده بالوفورات المالية اللازمة لإنجاحه.
- التأكيد على الدور الجديد المتغير للحكومة وهو رسم السياسات العامة وإعطاء مساحة أكبر للتخطيط الإقليمي والمشاركة المجتمعية والدور المنتظر لمشاريع الشراكة والتخصيص في المحافظات وتقليل الاستناد إلى الحكومة المركزية في مختلف مراحل ومستويات التنفيذ التنموي. هذا الدور في تقديرنا سيمنح الحكومة أفقًا أوسع للتخطيط التنموي وضبط معطياته وانسجامه مع التوجهات الكبرى لـ "رؤية عُمان 2040".
- البناء على دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاديات المحافظات لتنشيط الاقتصاد الكلي، وهذا يتجسد من خلال التوجيهات السامية بدعم تلك المؤسسات من ناحية.
والتأكيد على ضرورة أن تكون البرامج المتضمنة في تنمية المحافظات مستهدفة لرفع مساهمة هذه المؤسسات في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق القيمة المحلية المضافة وحلحلة القضايا العالقة للتشغيل وتوسيع الفرص الإنتاجية وفرص العمل.
- الحوار المجتمعي من التجريب إلى الممارسة: وهذا في تقديرنا عنصر رابع أساسي حيث أكد المقام السامي على ضرورة تحويل المحافظات إلى ورش عمل كبرى من خلال الحوار المجتمعي سواء بين المحافظين وفئات المجتمع المختلفة أو من خلال التواصل بين المحافظين والمجالس المنتخبة أو بين مختلف النخب المجتمعية والشباب.
والهدف في هذا الإطار في تقديرنا هو الوصول إلى نموذج محافظات معبرة عن احتياجاتها ومحددة لأولوياتها وهادفة إلى تحقيق أقصى درجات الرضا المجتمعي لقاطنينها ومموطنة للقدرات البشرية فيها ومكتفية باقتصاداتها وخالقة للفرص في حراكها التنموي.
- البناء على نهج الاستدامة المالية لبناء الاقتصاد المستديم وإدراك عامل الظروف المتغيرة والتحفز لاحتواء المتغيرات من خلال نهج حكومي مرن وفعال: وهذا السياق تكرر في أكثر من لقاء من خلال التأكيد على أهمية تحقيق الاستدامة المالية في الوضع الراهن وما يمكن أن تخلقه من وضع أفضل للدولة للشروع في نهج تنموي جديد بالإضافة إلى دورها في كبح تأثير بعض المتغيرات الاقتصادية والسياسية على تذبذب أداء الاقتصاد الوطني وبالتالي حماية المجتمع من أية تأثيرات عكسية لاحقة للظروف الاقتصادية.
نقطة أخرى أشار إليها المقام السامي في لقاء بيت بهجة الأنظار الأخير وهي توسيع نطاق الحوار مع النخب المجتمعية ليشمل رجال الأعمال والمثقفين والأكاديميين والفئات القطاعية الأخرى. وهذا في تقديرنا يشير إلى أن راسم السياسة العامة يرنو إلى تعديد مصادر المعرفة في بناء السياسات العامة، وهو ما يتسق مع ما يعرف بـ "فن الاستراتيجية الحكومية" والتي يقول عنها جيف مولجان أنها تستند إلى "التحول في مصادر المعرفة" بإدماج "المعرفة التقاطعية" وتتضمن: "معرفة السياسات – المعرفة العلمية – المعرفة المهنية – الرأي العام – وجهات نظر ورؤى المختصين – المعرفة السياسية – المعرفة الاقتصادية – المعرفة الإحصائية" ليكون أفق السياسة العامة الذي تصوغه أكثر استراتيجية وديمومة.
إلى جانب ذلك كله تعكس اللقاءات نمطًا من القيادة التحويلية والتي ترتكز على حفز قطاع كبير من المجتمع إلى الانتباه إلى التوجهات الأساسية وذات الأولوية ومن ثم حفز تلك القطاعات إلى إيجاد مقاربات متنوعة وإبداعية لمشهد التنافس التنموي مما يحول ملكية التنمية إلى كافة الأفراد في المجتمع ويرفع من مستويات (الولاء والثقة والانتماء) لعناصر التنمية ومشروعاتها المختلفة. وفي تقديرنا هذا ما تحتمه اللحظة الراهنة في التحول إلى إيمان أكبر بالنموذج التنموي الجديد ودعمه والانتماء إليه وحفز اتجاهاته.
وفي البعد الآخر يتجسد الشروع في إيجاد نمط جديد من الاتصال يتواكب مع الإرادة السياسية لكون المجتمع بكل فئاته حاضرًا وممثلًا في سياق التنمية وفي سياق تحويل نهجها وخلق نموذجها الجديد.
حيث في الأوان الذي كان فيه المقام السامي يلتقي بالشيوخ والأعيان امتدت لقاءات موازية بين أصحاب السعادة والمعالي المحافظين بفئات المجتمع المختلفة في مختلف محافظات سلطنة عمان لعصف الرؤى وتحديد الأفكار وتصعيد الأولويات فيما يخص الشأن التنموي في كل محافظة وفيما يتصل بتكوين الاستشارة المجتمعية إزاء منطلقات التحول للامركزية وتنمية المحافظات.
في تقديرنا فإن العنصر الأهم في اللقاءات السامية التي جرت هو التأكيد على بعض ملامح النموذج التنموي الذي تريد الدولة أن تتبناه خلال المرحلة المقبلة.
وحين نتحدث عن النموذج التنموي فهو الفلسفة التي تستند إليها مرئيات وخطط وبرامج التنمية وجملة التوجهات الوطنية المعلنة سواء في الرؤية الوطنية (عُمان 2040) أو تلك التي يمكن للمتقصي أن يحددها ضمنًا في السياسات العمومية أو أن يشخص تفاصيلها في من خلال تحديث التشريعات أو أن يتقصى أبعادها من مجمل الخطط التنموية – البرامج – التوجيهات السامية أو أن يتعرف إليها من خلال بنية خطاب التواصل السياسي في مواضع عدة.
وفي تقديرنا فإن ملامح هذا النموذج قد تشكلت نسبيًا خلال العامين الفائتين من مجمل عمليات تحديث الحكومة وإطلاق البرامج التنموية وإعادة هيكلة التشريعات وتوزيع المسؤوليات. إلا أنه يعنينا في هذه المقالة التطرق إلى أبرز ملامح النموذج التنموي التي ركزت عليها اللقاءات السامية وهي في تقديرنا تتمثل في الآتي:
- التأكيد على أن "التحول إلى اللامركزية" و"تمكين المحافظات" أهم عناصر النموذج التنموي الجديد ويتسق هذا مع تكرار الحديث عن الميزة النسبية التنافسية لكل محافظة وآليات الحكومة في حفز تلك الميزة والممكنات الاقتصادية المتاحة أمام مكاتب المحافظات لاستثمار تلك الميزة وتأكيد الفلسفة التي تحملها وثيقة الاستراتيجية العُمرانية لكل محافظة.
إلى جانب ذلك يتسق هذا التأكيد مع صدور التشريعات الموازية وأهمها نظام المحافظات والشؤون البلدية 101 /2020 بالإضافة لاعتماد برنامج تنمية المحافظات ورفده بالوفورات المالية اللازمة لإنجاحه.
- التأكيد على الدور الجديد المتغير للحكومة وهو رسم السياسات العامة وإعطاء مساحة أكبر للتخطيط الإقليمي والمشاركة المجتمعية والدور المنتظر لمشاريع الشراكة والتخصيص في المحافظات وتقليل الاستناد إلى الحكومة المركزية في مختلف مراحل ومستويات التنفيذ التنموي. هذا الدور في تقديرنا سيمنح الحكومة أفقًا أوسع للتخطيط التنموي وضبط معطياته وانسجامه مع التوجهات الكبرى لـ "رؤية عُمان 2040".
- البناء على دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصاديات المحافظات لتنشيط الاقتصاد الكلي، وهذا يتجسد من خلال التوجيهات السامية بدعم تلك المؤسسات من ناحية.
والتأكيد على ضرورة أن تكون البرامج المتضمنة في تنمية المحافظات مستهدفة لرفع مساهمة هذه المؤسسات في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق القيمة المحلية المضافة وحلحلة القضايا العالقة للتشغيل وتوسيع الفرص الإنتاجية وفرص العمل.
- الحوار المجتمعي من التجريب إلى الممارسة: وهذا في تقديرنا عنصر رابع أساسي حيث أكد المقام السامي على ضرورة تحويل المحافظات إلى ورش عمل كبرى من خلال الحوار المجتمعي سواء بين المحافظين وفئات المجتمع المختلفة أو من خلال التواصل بين المحافظين والمجالس المنتخبة أو بين مختلف النخب المجتمعية والشباب.
والهدف في هذا الإطار في تقديرنا هو الوصول إلى نموذج محافظات معبرة عن احتياجاتها ومحددة لأولوياتها وهادفة إلى تحقيق أقصى درجات الرضا المجتمعي لقاطنينها ومموطنة للقدرات البشرية فيها ومكتفية باقتصاداتها وخالقة للفرص في حراكها التنموي.
- البناء على نهج الاستدامة المالية لبناء الاقتصاد المستديم وإدراك عامل الظروف المتغيرة والتحفز لاحتواء المتغيرات من خلال نهج حكومي مرن وفعال: وهذا السياق تكرر في أكثر من لقاء من خلال التأكيد على أهمية تحقيق الاستدامة المالية في الوضع الراهن وما يمكن أن تخلقه من وضع أفضل للدولة للشروع في نهج تنموي جديد بالإضافة إلى دورها في كبح تأثير بعض المتغيرات الاقتصادية والسياسية على تذبذب أداء الاقتصاد الوطني وبالتالي حماية المجتمع من أية تأثيرات عكسية لاحقة للظروف الاقتصادية.
نقطة أخرى أشار إليها المقام السامي في لقاء بيت بهجة الأنظار الأخير وهي توسيع نطاق الحوار مع النخب المجتمعية ليشمل رجال الأعمال والمثقفين والأكاديميين والفئات القطاعية الأخرى. وهذا في تقديرنا يشير إلى أن راسم السياسة العامة يرنو إلى تعديد مصادر المعرفة في بناء السياسات العامة، وهو ما يتسق مع ما يعرف بـ "فن الاستراتيجية الحكومية" والتي يقول عنها جيف مولجان أنها تستند إلى "التحول في مصادر المعرفة" بإدماج "المعرفة التقاطعية" وتتضمن: "معرفة السياسات – المعرفة العلمية – المعرفة المهنية – الرأي العام – وجهات نظر ورؤى المختصين – المعرفة السياسية – المعرفة الاقتصادية – المعرفة الإحصائية" ليكون أفق السياسة العامة الذي تصوغه أكثر استراتيجية وديمومة.
إلى جانب ذلك كله تعكس اللقاءات نمطًا من القيادة التحويلية والتي ترتكز على حفز قطاع كبير من المجتمع إلى الانتباه إلى التوجهات الأساسية وذات الأولوية ومن ثم حفز تلك القطاعات إلى إيجاد مقاربات متنوعة وإبداعية لمشهد التنافس التنموي مما يحول ملكية التنمية إلى كافة الأفراد في المجتمع ويرفع من مستويات (الولاء والثقة والانتماء) لعناصر التنمية ومشروعاتها المختلفة. وفي تقديرنا هذا ما تحتمه اللحظة الراهنة في التحول إلى إيمان أكبر بالنموذج التنموي الجديد ودعمه والانتماء إليه وحفز اتجاهاته.