أدخلت الزيارة التي تفضلت بها السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المعظم - حفظها الله ورعاها - لدار الرعاية الاجتماعية بولاية الرستاق البهجة في قلوب أبناء سلطنة عمان قاطبة، وبعثت برسائل إنسانية صادقة لأهمية هذه الفئة من المجتمع، وضرورة رعايتهم والاهتمام بهم وزيارتهم، حيث تأتي هذه اللفتة الكريمة لترسخ معاني الإنسانية لدى أبناء المجتمع، وضرورة مواصلة أبناء عمان الأوفياء التمسك بثوابتهم في التعاطف والتراحم والوفاء بين بعضهم البعض، والتقدير لكبار السن الذين بذلوا في شبابهم الكثير من أجل الوطن والمجتمع.

وعندما يتفاعل المجتمع من أقصاه إلى أقصاه مع الزيارة الكريمة، ويشاهد تلك الصور والمشاهد المعبرة عن صدق المعاني الإنسانية، ويتداولها على نطاق واسع، ويستشعر حجم الأبعاد والمعاني النبيلة لهذه الزيارة، ذلك دليل على أن لهذه الزيارات أثرها الإيجابي الذي يعزز في النفوس معاني المودة والترابط والتلاحم، بين كافة أطياف المجتمع، ويغرس في النفوس معاني الإنسانية التي تحمل في مضامينها أبعادًا اجتماعية وأخلاقية، وتتعمق مكنوناتها إلى حيث تسكن الطيبة بأعماق الخلق الإنساني الرفيع والنبيل الذي يعد صفة من صفات الإنسانية التي خلق الله تعالى عليها الإنسان بطبيعته، كما أن الإنسان العماني والمجتمع الذي تربى على المعاني والأخلاق والسمت الأصيل يجد من خلال هذه اللفتة المرآة التي تعكس طبيعته ومعدنه على مر الأزمان والعصور.

إن المجتمعات في كل بقاع العالم تمر بالعديد من المتغيرات، وهناك مجتمعات تركت العديد من الثوابت والتفاصيل المتعلقة بالتلاحم الأسري، وعندما تركت ثوابتها، واصلت العديد من شعوب العالم الحفاظ على ثوابتها الراسخة لديها، ومن بين هذه المجتمعات يأتي المجتمع العماني في طليعة المجتمعات التي واصلت تماسكها وترابطها المتين، حيث كان ولا يزال واحدًا من بين شعوب ومجتمعات العالم التي حافظت على ثوابتها الإنسانية، ورسخت من قيمها الإنسانية، في تأكيد واضح على أن نسيج المجتمع العماني، مهما عاصر من متغيرات فإن لديه مرتكزات وثوابت يحافظ عليها وهي راسخة مستمدة رسوخها من الطبيعة التي يعيش عليها.

هذا المجتمع الأصيل المتمثل في الصلابة والاستقلالية في الثقافة والتاريخ والطبيعة، وبذلك حافظ أبناء المجتمع العماني على هويتهم وإنسانيتهم وثقافاتهم المجتمعية.

وبما أن لكل الجوانب الحياتية ثقافة فأن للإنسانية والتماسك المجتمعي بمشهد النسيج العماني الأصيل ثقافة وخصوصية، ويتمثل ذلك في الاحترام الكبير وتقديره وحبه والاهتمام به، وإعطائه الرعاية والتقدير والعطف، فقد جبل الإنسان العماني بطبيعته على رد الجميل دائما، وعند الحديث عن كبار السن فطبيعة النسيج الاجتماعي العماني الثابت ترد الجميل اليوم لكبار السن الذين كانوا في يوم من الأيام منبع هذا العطف والتقدير والاحترام والرعاية في دوران يعكس الحياة الإنسانية وطبيعتها.

في أغلب الأسر العمانية هناك كبير في السن، بغض النظر عن جنسه سواء كان امرأة أو رجلًا، حيث يحظى كبار السن في كل عائلة بالرعاية والاهتمام ويكون مصدر سعادة دائمة للأسرة، فتجد الجميع يتجمع حوله ويقدمون له كل ما يحتاج إليه ويبادلونه السعادة والمحبة ويستذكرون معه قصص الكفاح في معركة الحياة.

وعندما يعيش عدد من الأشخاص من كبار السن في دار رعاية المسنين بولاية الرستاق بمحافظة جنوب الباطنة، فأن هؤلاء الأشخاص يقيمون في دار فيه أجداد وجدات وأمهات وآباء للمجتمع، ورعايتهم ليست من مسؤولية الدار فقط بل علينا جميعا أن نحيط بهم، ونرعاهم ونسأل عنهم ونطمئن عليهم، وهذا الجانب هو واحد من بين الرسائل الإنسانية التي بعثت بها زيارة السيدة الجليلة - حفظها الله ورعاها - لتكون نبراسًا ونهجًا إنسانيًا راسخًا لمد جسور التواصل والمودة لهذه الفئة من المجتمع.

إن الزيارة في مضمونها قد لامست الجانب النبيل من جوانب الإنسانية، وعززت من مفهوم الرعاية الاجتماعية لكبار السن وغيرهم من الفئات، وأوصلت الرسالة الإنسانية العمانية بلغتها المفهومة التي تحمل عنوان (الإنسان العماني) في مفهومه الواسع الممتد عبر تاريخ أصيل لا حدود له في مفهوم النبل والأخلاق الرفيعة.