**media[1938673,1938674]**

انتهكت دار فراديس للنشر والتوزيع ومقرها المنامة الحقوق الفكرية لترجمة كتاب «عمان المجهولة» لرائد الترجمة العماني محمد بن أمين بن عبدالله البستكي (رحمه الله) والمنشور عام ١٩٦٨ في مصر بطباعة الشركة المصرية للطباعة، وقد نشرت دار فراديس الترجمة المسروقة في عام ٢٠١٩ كطبعة أولى ونسبتها إلى مترجمة تدعى رنا خياط، وقد بحثت في شبكة الإنترنت عن مترجمة أو كاتبة بهذا الاسم فلم أجد، وهذا دليل آخر على هذه الحقيقة المخجلة التي تثير حرج المثقفين العمانيين والمثقفين الخليجيين كون أن الناشر هي دار خليجية شقيقة، أما كيف توصلنا إلى هذا الحكم وما هذه الشواهد الدالة على هذه الجريمة العلمية البشعة فهذا ما سوف أسرده مختصرا في هذا المقال.

قبل عدة أشهر تواصل معي أحد الأصدقاء منبهًا إياي كوني مكلفا برئاسة لجنة الترجمة في الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بأن هناك كتابًا مطبوعًا ويباع في المكتبات هو طبق الأصل لأحد كتب الأستاذ محمد أمين عبدالله المترجم العماني المعروف الذي ترجم أكثر من ٢٠ كتابا متعلقا بعمان وتاريخها، والكتاب منشور باسم غير اسمه، فلم أصدق الأمر في بدايته وقلت لعله من قبيل الصدف النادرة التي يحصل أن يتشابه فيها أسلوب وترجمة كاتب ما بأسلوب وترجمة كاتب آخر لا سيما أنهما ينقلان عن الأصل المترجم ذاته وهو كتاب «unknown oman» لمؤلفه الأمريكي ويندل فيبلس.

طبعًا لكشف مواطن السرقة في الأعمال الكتابية لا يحتاج إلا لإدخال النص في بعض البرامج الإلكترونية المخصصة لكشف السرقات، ولكني أردت التحقق من ذلك حرفيا، فطلبت الكتابين وبدأت في المقارنة كلمة كلمة حرفا حرفا من بداية الكتاب حتى نهايته لأصل إلى حقيقة أن رنا الخياط إن كانت شخصية حقيقية أو دار النشر قد انتهكت الحقوق الفكرية للأستاذ محمد أمين في ترجمته لكتاب «عمان المجهولة» بسرقتها للترجمة ونسبها لغير صاحبها، مع اعترافي بوجود بعض التصويبات والتحسينات في الترجمة المسروقة وتحسين جودة الصور، بما لا يتجاوز كلمة إلى ثلاث كلمات في الصفحة الواحدة، أو استبدال مفردة مكان مفردة أخرى من قبيل ذر الرماد في العيون لإلباس الحق بالباطل، فمثلا الصفحة الأولى نقلتها «نسخ لصق» من الترجمة الأصلية، وكان التغيير الأوحد فيها هو إضافة حرف الواو قبل كلمة «ليكن»، وهكذا قس على باقي الصفحات حتى نهاية الكتاب.

ومما يدل على جرم الناسخ هو أنه تفوته بعض أخطاء المطبعة فينقلها كما هي دون تصحيحها أو التحقق من صحتها، فلو كان المترجم صادقًا وأمينًا ورجع إلى النص الإنجليزي الأصلي لما وقع في هذه الأخطاء الفادحة التي تعتبر بديهية لكل قارئ عماني، فمثلًا أخطأت المطبعة في كتابة اسم منطقة العذيبة فكتبتها (العذبية) فإذا بالناسخ يكتبها في ترجمته (العذبية) صفحة (١٤)، وكذلك نجده يرتكب الخطأ ذاته عندما ينقل الخطأ المطبعي في (قبيلة الشريقيين) في الجبل الأخضر فيكتبها (قبيلة الشرقيين) صفحة ١١، ويخطئ في نقل المصطلح الجغرافي (سلسلة الحجر) إلى (سلسلة الأحجار) صفحة ١٦.

ومن عظيم الأدلة على السرقة هو نقل الناسخ لنفس خطأ المطبعة في كلمة (صحار) إذ طبعت (صمار) وهكذا نقلها الناسخ، وذلك في معرض حديثه عن الإباضية وإقامة صلوات الجمعة إذ يقول «لا يؤدون صلاة الجمعة إلا في عواصم المدن كنزوى وصحار) صفحة ٣٨.

وهناك الكثير من الأدلة التي تثبت نسخ الترجمة وسرقتها، لا داعي لإزعاج القارئ بها، ولعلي أنقل كثيرا منها في حسابي الشخصي مدعما بالصور، لمن أراد التحقق أكثر، بالرغم من أن الصفحات الأولى كافية لمعرفة الجريرة التي ارتكبت في حق مترجمنا العماني محمد أمين عبدالله الرجل السياسي والمثقف المخضرم الذي تولى مراكز سياسية حساسة قبل النهضة وبعدها وترجم للعربية أهم المصادر التاريخية وكتب المستشرقين والرحالة الغرب في تاريخ عمان والخليج العربي ومنها على سبيل المثال: عمان المجهولة، رحلة إلى عمان لويندل فيليبس، عمان منذ ١٨٥٦م مسيرا ومصيرا لريبورت جيرات لاندن، وظفار لم تعد أرضا ملتهبة لراندلوف فيليبس، والأفلاج ووسائل الري في عمان لوينكسون، ورحلة طبيب في الجزيرة العربية لبول ويلبرفورس هاريسون، والخليج بلدانه وقبائله لصمويل بارت مايلز، وبلاد العرب السعيدة لبرترام سيدني توماس.

توفي المترجم محمد بن أمين بن عبدالله البستكي في عام ١٩٨٢ عن عمر يناهز ٦٧ سنة وإنجاز زاخر من الكتب والتراجم التاريخية والسياسية والاقتصادية، ليأتي بعد ٣٩ سنة من وفاته من يسرق جهوده وحقوقه الفكرية المكفوفة بنصوص القوانين الدولية، دون أي اعتبار واحترام للثقافة العربية والحضارة الإنسانية المشتركة التي نسعى جميعا في المساهمة فيها وتقدير من يبذل وقته وحياته في بنائها.

مع الإشارة إلى أن الحق الفكري هو من الحقوق التي تحميها القوانين العمانية والدولية وتجرم من يقوم بانتهاكها، وذلك بقانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة رقم ٦٥٢٠٠٨، وننقل منها نص المادة (٥) من القانون: «يتمتع المؤلف بحقوق أدبية غير قابلة للتقادم أو التصرف فيها وهي:

أ- الحق في نسبة المصنف إليه بالطريقة التي يحددها.

ب- الحق في تقرير نشر مصنفه لأول مرة.

ج- الحق في منع أي تحريف أو تشويه أو تعديل أو أي مساس بمصنفه يكون من شأنه الإضرار بشرفه أو سمعته.

ويقع باطلًا بطلانًا مطلقًا التصرف في أي من تلك الحقوق سواء أكان التصرف بعوض أو بغير عوض.

ويباشر الخلف العام للمؤلف من بعده هذه الحقوق، وتباشر الوزارة تلك الحقوق في حالة عدم وجود خلف عام للمؤلف».