- 1 -
على مدى عدة أسابيع استمتعت أيما استمتاع بالكتابة الجميلة السلسة المتدفقة التي ينشرها على حلقات أسبوعيًّا في جريدة (أخبار الأدب) أستاذنا المبدع الكبير محمود الورداني، عن النص التأسيسي المدهش «حديث عيسى بن هشام» لمحمد المويلحي. وقد أسعدني للغاية أن يلتفت إلى هذا النص التأسيسي في مسيرة الرواية العربية الحديثة كاتب ومبدع كبير ومخضرم في قيمة ومكانة محمود الورداني.
ولهذا النص تحديدًا ذكريات جميلة وممتعة، معي، ومع كلِّ من درس الأدب العربي الحديث باهتمام، ونشأة الأنواع الأدبية الحديثة؛ كالرواية والقصة القصيرة والمسرحية، وتوقف تفصيلًا عند النصوص الأولى في نشأة الرواية العربية، والإشكالات المحيطة بهذه النشأة؛ زمنيا ونصيا!
- 2 -
و«حديث عيسى بن هشام أو فترة من الزمن»، لمن لا يعرفه أو لم يسمع به من قبل، نص سردي يكشف عن النزوع الأخلاقي والاجتماعي لمؤلفه، من خلال استخدام السرد الذي يذكر بأساليب السرد في التراث العربي القديم، وبخاصة "المقامة"، وهو مثال ظاهر، كما يقول شكري عياد، للمزج بين عدة أساليب وإن كان شكل المقامة هو الأساس الذي اعتمده الكاتب، وقد صدر النص لأول مرة في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر (ظهر للمرة الأولى على صفحات جريدة مصباح الشرق بين عامي 1898 و1900م).
ويقوم هيكل النص السردي على توظيف المؤلف محمد المويلحي لشخصية عيسى بن هشام راوي «مقامات بديع الزمان الهمذاني» الشهيرة في التراث العربي، وبأسلوبٍ يشبه أسلوب المقامات ذاته من حيث الخصائص الأسلوبية من اعتماد البديع والسجع، والمحسنات اللفظية الأخرى المعروفة في البلاغة الكلاسكية العربية، ويتميز النص بخفة الظل والمفارقة الطبيعية، ليحكي للناس حلمًا رآه في نومه، متخذًا من حكاية المنام موضوعًا شيقًا وبناءً بسيطًا يستغله ليشرح من خلاله أخلاق الناس وعاداتهم وتقاليدهم، وما طرأ عليها من تغيرات وتحولات، تحت وطأة الاحتكاك بالثقافة الأوروبية الحديثة.
ويتعرض المويلحي من خلال هذا الشكل القصصي الكلاسيكي العربي إلى موضوعٍ اجتماعي حداثي، هو وصف أخلاق الناس في المجتمع ومعاملاتهم وتقييمها، وطبيعة علاقاتهم في الطبقات الاجتماعية المختلفة، فيرصد نقائص الأخلاق، وما يعيبُ الإنسانَ منها، داعيًا إلى تجنبها، ومؤكدًا على فضائل الأخلاق ومكارمها الواجب التزامها ليعتلي المرء بذاته ومجتمعه.
- 3 -
ويتجلى في هذا السرد ما عاناه رواد الأدب العربي الحديث من معضلات تطويع اللغة العربية للتعبير عن مظاهر التغير التي طرأت على مجتمعٍ كان يبدأ أولى خطواته نحو الحداثة، ومن ثم لم تكن اللغة تواجه مشكلاتٍ في تسمية الأشياء والمخترعات الحديثة فقط، بل في التعبير عن مجمل الأخلاق والأفكار الجديدة.
وتتضح هذه المعاناة، كما يقول أحمد الهواري، إذا قورنت لغة السرد والوصف الأقرب إلى موروث النثر، والبديع بما فيه من تنميقٍ، بلغة الحوار التي تحررت من قبضة هذا الموروث.
يصف المويلحي في «حديث عيسى بن هشام» المجتمع المصري بتفصيلٍ كبير، وهو يستخدم في سبيل ذلك وسيلة أدبية تتمثل في الشخصية المتلهفة لرؤية كل جوانب الحياة المصرية المعاصرة، ومعها شخصية أخرى تأخذها في جولة بالمجتمع القاهري، وهذا هو السيناريو الكلاسيكي، كما يقول روجر آلن في تقديمه للنص في طبعته الصادرة عام 2002، لأدب الصعلكة أو التجوال، حب الاستطلاع والتحري والاكتشاف والتعليق.
ويتبع المويلحي، باستخدامه لهذا الأسلوب، ما أرساه الهمذاني من تقاليد (في القرن الرابع الهجري)، قبل قرون سبقت لكنه أيضًا يضع عمله في إطار سلسلةٍ من الأعمال أُلِّفت خلال القرن التاسع عشر لتعلِّق على، وتنتقد المجتمعات الغربية والشرقية على حدٍّ سواء في أطر حقيقية أو متخيلة.
ظهر النص في سلسلة «رواد الفن القصصي» التي كانت تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، عام 2002، بتقديم وتحرير روجر آلن، وهي من أفضل نشرات «حديث عيسى بن هشام» وأوفاها، وتقع في 550 صفحة من القطع الكبير.
- 4 -
قرأت النص لأول مرة في طبعته الصادرة عن مكتبة الأسرة (في عام 1996) وكان الغلاف بريشة الفنان الراحل جمال قطب، وقد أحببتُ هذا الغلاف جدًّا لأنه جسَّد بصريا، وبألوان زاهية معجبة، الشخصيتين المحوريتين اللتين تدور من خلالهما أحداث السردية النصية؛ عيسى بن هشام "الراوي"، وأحمد باشا المنيكلي الشخصية الخيالية التي قامت من رمسها لتصحبنا في ربوع القاهرة، وترصد التغيرات الاجتماعية والثقافية التي طالتها وطالت أهلها في هذه الفترة الحيوية من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
أذكر أن أول من حدثنا حديثًا مستفيضًا عن هذا النص التأسيسي المرحوم الدكتور سيد البحراوي، وقد أفاض في تحليل جوانب الشكل القصصي والروائي في «حديث عيسى بن هشام» ودلالاته الاجتماعية؛ وللأمانة فقد كان تحليل البحراوي مدهشًا ومثيرًا للإعجاب على مدى عدة محاضرات، ثم قرأت التحليل الوافي الذي قدَّمه البحراوي للنص في كتابه المهم «محتوى الشكل في الرواية العربية ـ النصوص الأولى».
وقد أحالنا البحراوي في معرض المناقشات والتحليلات التي طُرحت من قبلنا نحن الطلاب لـ«حديث عيسى بن هشام» إلى كتابين مهمين تناولا النص من منظورين مختلفين؛ الأول كتاب الناقد الكبير شكري عياد «القصة القصيرة في مصر ـ دراسة في تأصيل فن أدبي» والذي تناول في الفصل الرابع منه المعنون بـ«تطوير المقامة نصَّ حديث عيسى بن هشام وصلاته بفن المقامة في التراث العربي، وصلاته كذلك بفن القصة القصيرة الوافد الغربي الجديد».
أما الثاني؛ فكان كتاب الناقد وأستاذ الأدب بجامعة الكويت، آنذاك، الدكتور أحمد الهواري «نقد المجتمع في حديث عيسى بن هشام»؛ وقد قرأناه في طبعته الأولى الصادرة عن دار (عين) للبحوث والدراسات الإنسانية. وقد أثرى هذان الكتابان معرفتنا النقدية بالأثر الجمالي لهذا النص وأبعاده الاجتماعية؛ وربطا بذكاء شديد بين تشكيلاته السردية وتأصيل الأنواع الأدبية الحديثة، والتحليل الاجتماعي لتلك الفترة التي كان يصطرع فيها القديم والجديد، وتيارات التجديد والتقليد.. إلخ.
- 5 -
في مرحلةٍ تالية أدركت أهمية وقيمة هذا النص؛ حينما قرأت ما قاله نجيب محفوظ، وهو من هو عنه؛ يقول محفوظ في حواراته مع محمد سلماوي:
"... يأتي ذكر «حديث عيسى بن هشام» التي أعتبرها في الحقيقة مولد القصة المصرية الحديثة، وهي لم تأخذ حقها من البحث، إنني أرى أن «حديث عيسى بن هشام» هي رواية عظيمة جدًّا تقوم على أساس التراث في الشكل؛ لأنها تعتمد علي أسلوب المقامة أما المضمون فهو ذلك الذي اتخذته الرواية الحديثة في مصر بعد ذلك، وحتى يومنا هذا، وهو النقد الاجتماعي، والحقيقة أن جيلنا بأكمله تأثر بهذه الرواية واقتفى أثرها بهذا المعنى".
وبالتالي، فقد قررت أن أقرأ ما كتب عن «حديث عيسى بن هشام» في الكتب التي بحثت نشأة الرواية العربية أو التي عكفت على تحليل النصوص الروائية الأولى، قرأت ما كتبه عبد المحسن بدر، وعلي الراعي، وجابر عصفور، وأنجيل بطرس سمعان، وشكري عياد، وروجر ألن، وأحمد الهواري.. وغيرهم كثير.
وأدركت أن هذا النص تحديدًا يتجاوز بكثير كونه نصا أوليا أو نصا تأسيسيا فقط في مسيرة نشأة الرواية العربية الحديثة، بل قد حمل أيضًا في باطنه بذور تحديث وتجديد وإمكانات هائلة على مستوى الشكل كان يمكن حال تطورها أن تخلق شكلا روائيا ذا خصوصية عربية أصيلة؛ وقد أشار إلى هذه الفكرة على سبيل المثال كل من: سيد البحراوي وعلي الراعي، وعبد الحميد إبراهيم، وروجر آلن، وغيرهم.
(وللحديث بقية)
على مدى عدة أسابيع استمتعت أيما استمتاع بالكتابة الجميلة السلسة المتدفقة التي ينشرها على حلقات أسبوعيًّا في جريدة (أخبار الأدب) أستاذنا المبدع الكبير محمود الورداني، عن النص التأسيسي المدهش «حديث عيسى بن هشام» لمحمد المويلحي. وقد أسعدني للغاية أن يلتفت إلى هذا النص التأسيسي في مسيرة الرواية العربية الحديثة كاتب ومبدع كبير ومخضرم في قيمة ومكانة محمود الورداني.
ولهذا النص تحديدًا ذكريات جميلة وممتعة، معي، ومع كلِّ من درس الأدب العربي الحديث باهتمام، ونشأة الأنواع الأدبية الحديثة؛ كالرواية والقصة القصيرة والمسرحية، وتوقف تفصيلًا عند النصوص الأولى في نشأة الرواية العربية، والإشكالات المحيطة بهذه النشأة؛ زمنيا ونصيا!
- 2 -
و«حديث عيسى بن هشام أو فترة من الزمن»، لمن لا يعرفه أو لم يسمع به من قبل، نص سردي يكشف عن النزوع الأخلاقي والاجتماعي لمؤلفه، من خلال استخدام السرد الذي يذكر بأساليب السرد في التراث العربي القديم، وبخاصة "المقامة"، وهو مثال ظاهر، كما يقول شكري عياد، للمزج بين عدة أساليب وإن كان شكل المقامة هو الأساس الذي اعتمده الكاتب، وقد صدر النص لأول مرة في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر (ظهر للمرة الأولى على صفحات جريدة مصباح الشرق بين عامي 1898 و1900م).
ويقوم هيكل النص السردي على توظيف المؤلف محمد المويلحي لشخصية عيسى بن هشام راوي «مقامات بديع الزمان الهمذاني» الشهيرة في التراث العربي، وبأسلوبٍ يشبه أسلوب المقامات ذاته من حيث الخصائص الأسلوبية من اعتماد البديع والسجع، والمحسنات اللفظية الأخرى المعروفة في البلاغة الكلاسكية العربية، ويتميز النص بخفة الظل والمفارقة الطبيعية، ليحكي للناس حلمًا رآه في نومه، متخذًا من حكاية المنام موضوعًا شيقًا وبناءً بسيطًا يستغله ليشرح من خلاله أخلاق الناس وعاداتهم وتقاليدهم، وما طرأ عليها من تغيرات وتحولات، تحت وطأة الاحتكاك بالثقافة الأوروبية الحديثة.
ويتعرض المويلحي من خلال هذا الشكل القصصي الكلاسيكي العربي إلى موضوعٍ اجتماعي حداثي، هو وصف أخلاق الناس في المجتمع ومعاملاتهم وتقييمها، وطبيعة علاقاتهم في الطبقات الاجتماعية المختلفة، فيرصد نقائص الأخلاق، وما يعيبُ الإنسانَ منها، داعيًا إلى تجنبها، ومؤكدًا على فضائل الأخلاق ومكارمها الواجب التزامها ليعتلي المرء بذاته ومجتمعه.
- 3 -
ويتجلى في هذا السرد ما عاناه رواد الأدب العربي الحديث من معضلات تطويع اللغة العربية للتعبير عن مظاهر التغير التي طرأت على مجتمعٍ كان يبدأ أولى خطواته نحو الحداثة، ومن ثم لم تكن اللغة تواجه مشكلاتٍ في تسمية الأشياء والمخترعات الحديثة فقط، بل في التعبير عن مجمل الأخلاق والأفكار الجديدة.
وتتضح هذه المعاناة، كما يقول أحمد الهواري، إذا قورنت لغة السرد والوصف الأقرب إلى موروث النثر، والبديع بما فيه من تنميقٍ، بلغة الحوار التي تحررت من قبضة هذا الموروث.
يصف المويلحي في «حديث عيسى بن هشام» المجتمع المصري بتفصيلٍ كبير، وهو يستخدم في سبيل ذلك وسيلة أدبية تتمثل في الشخصية المتلهفة لرؤية كل جوانب الحياة المصرية المعاصرة، ومعها شخصية أخرى تأخذها في جولة بالمجتمع القاهري، وهذا هو السيناريو الكلاسيكي، كما يقول روجر آلن في تقديمه للنص في طبعته الصادرة عام 2002، لأدب الصعلكة أو التجوال، حب الاستطلاع والتحري والاكتشاف والتعليق.
ويتبع المويلحي، باستخدامه لهذا الأسلوب، ما أرساه الهمذاني من تقاليد (في القرن الرابع الهجري)، قبل قرون سبقت لكنه أيضًا يضع عمله في إطار سلسلةٍ من الأعمال أُلِّفت خلال القرن التاسع عشر لتعلِّق على، وتنتقد المجتمعات الغربية والشرقية على حدٍّ سواء في أطر حقيقية أو متخيلة.
ظهر النص في سلسلة «رواد الفن القصصي» التي كانت تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، عام 2002، بتقديم وتحرير روجر آلن، وهي من أفضل نشرات «حديث عيسى بن هشام» وأوفاها، وتقع في 550 صفحة من القطع الكبير.
- 4 -
قرأت النص لأول مرة في طبعته الصادرة عن مكتبة الأسرة (في عام 1996) وكان الغلاف بريشة الفنان الراحل جمال قطب، وقد أحببتُ هذا الغلاف جدًّا لأنه جسَّد بصريا، وبألوان زاهية معجبة، الشخصيتين المحوريتين اللتين تدور من خلالهما أحداث السردية النصية؛ عيسى بن هشام "الراوي"، وأحمد باشا المنيكلي الشخصية الخيالية التي قامت من رمسها لتصحبنا في ربوع القاهرة، وترصد التغيرات الاجتماعية والثقافية التي طالتها وطالت أهلها في هذه الفترة الحيوية من تاريخ مصر الحديث والمعاصر.
أذكر أن أول من حدثنا حديثًا مستفيضًا عن هذا النص التأسيسي المرحوم الدكتور سيد البحراوي، وقد أفاض في تحليل جوانب الشكل القصصي والروائي في «حديث عيسى بن هشام» ودلالاته الاجتماعية؛ وللأمانة فقد كان تحليل البحراوي مدهشًا ومثيرًا للإعجاب على مدى عدة محاضرات، ثم قرأت التحليل الوافي الذي قدَّمه البحراوي للنص في كتابه المهم «محتوى الشكل في الرواية العربية ـ النصوص الأولى».
وقد أحالنا البحراوي في معرض المناقشات والتحليلات التي طُرحت من قبلنا نحن الطلاب لـ«حديث عيسى بن هشام» إلى كتابين مهمين تناولا النص من منظورين مختلفين؛ الأول كتاب الناقد الكبير شكري عياد «القصة القصيرة في مصر ـ دراسة في تأصيل فن أدبي» والذي تناول في الفصل الرابع منه المعنون بـ«تطوير المقامة نصَّ حديث عيسى بن هشام وصلاته بفن المقامة في التراث العربي، وصلاته كذلك بفن القصة القصيرة الوافد الغربي الجديد».
أما الثاني؛ فكان كتاب الناقد وأستاذ الأدب بجامعة الكويت، آنذاك، الدكتور أحمد الهواري «نقد المجتمع في حديث عيسى بن هشام»؛ وقد قرأناه في طبعته الأولى الصادرة عن دار (عين) للبحوث والدراسات الإنسانية. وقد أثرى هذان الكتابان معرفتنا النقدية بالأثر الجمالي لهذا النص وأبعاده الاجتماعية؛ وربطا بذكاء شديد بين تشكيلاته السردية وتأصيل الأنواع الأدبية الحديثة، والتحليل الاجتماعي لتلك الفترة التي كان يصطرع فيها القديم والجديد، وتيارات التجديد والتقليد.. إلخ.
- 5 -
في مرحلةٍ تالية أدركت أهمية وقيمة هذا النص؛ حينما قرأت ما قاله نجيب محفوظ، وهو من هو عنه؛ يقول محفوظ في حواراته مع محمد سلماوي:
"... يأتي ذكر «حديث عيسى بن هشام» التي أعتبرها في الحقيقة مولد القصة المصرية الحديثة، وهي لم تأخذ حقها من البحث، إنني أرى أن «حديث عيسى بن هشام» هي رواية عظيمة جدًّا تقوم على أساس التراث في الشكل؛ لأنها تعتمد علي أسلوب المقامة أما المضمون فهو ذلك الذي اتخذته الرواية الحديثة في مصر بعد ذلك، وحتى يومنا هذا، وهو النقد الاجتماعي، والحقيقة أن جيلنا بأكمله تأثر بهذه الرواية واقتفى أثرها بهذا المعنى".
وبالتالي، فقد قررت أن أقرأ ما كتب عن «حديث عيسى بن هشام» في الكتب التي بحثت نشأة الرواية العربية أو التي عكفت على تحليل النصوص الروائية الأولى، قرأت ما كتبه عبد المحسن بدر، وعلي الراعي، وجابر عصفور، وأنجيل بطرس سمعان، وشكري عياد، وروجر ألن، وأحمد الهواري.. وغيرهم كثير.
وأدركت أن هذا النص تحديدًا يتجاوز بكثير كونه نصا أوليا أو نصا تأسيسيا فقط في مسيرة نشأة الرواية العربية الحديثة، بل قد حمل أيضًا في باطنه بذور تحديث وتجديد وإمكانات هائلة على مستوى الشكل كان يمكن حال تطورها أن تخلق شكلا روائيا ذا خصوصية عربية أصيلة؛ وقد أشار إلى هذه الفكرة على سبيل المثال كل من: سيد البحراوي وعلي الراعي، وعبد الحميد إبراهيم، وروجر آلن، وغيرهم.
(وللحديث بقية)