shfafiah@yahoo.com -

هل سألت بورصة مسقط نفسها يوما: هل المستثمرون راضون عني؟. وفي المقابل قد يسأل سائل: وهل ينبغي أن يرضى المستثمرون عن البورصة؟. وماذا تستفيد البورصة إن رضا عنها المستثمرون أو سخطوا؟

في الحقيقة إن قياس رضا الزبائن سواء في البورصة أو الوزارات الخدمية أو الهيئات أو الشركات أمر ضروري حتى تحقق هذه الجهات أهدافها، وما دمنا نتحدث عن بورصة مسقط فإنه مما لا شك فيه أن رضا المستثمرين عن البورصة مدخل رئيسي لتطوير أدائها؛ فالبورصة ليست مجرد قاعة لبيع وشراء الأسهم فقط وإنما هي وعاء استثماري كبير يستطيع استيعاب مدخرات الشركات والأفراد وإعادة توظيفها أو ضخها في الاقتصاد من خلال مشاريع جديدة أو تطوير المشاريع القائمة، وهي مجال خصب للأفراد الراغبين في زيادة دخلهم وللشركات الراغبة في الحصول على عائدات منتظمة من خلال التوزيعات التي تدفعها الشركات المدرجة في البورصة للمساهمين فيها، كما أنها مجال مهم من مجالات تمويل المشروعات التي تعتزم الشركات المدرجة في البورصة تنفيذها وذلك من خلال طرح أسهم جديدة للاكتتاب العام وهذا يساهم في تقليل الأعباء المالية على الشركات التي تضطر أحيانا للاقتراض من البنوك والمؤسسات التمويلية لتنفيذ خططها في التوسع، في حين أن البورصة هي مجال رحب متاح أمامها وبدون أخطار حقيقية. خلال الشهر الماضي أعلن مجلس إدارة بورصة مسقط اعتماد الخطة الاستراتيجية للبورصة التي تتضمن تعزيز جاذبية البورصة وتطوير بنيتها الأساسية وترقيتها من بورصة حدودية إلى بورصة ناشئة، وفي تصريحه عقب الاجتماع قال محمد بن محفوظ العارضي رئيس مجلس إدارة بورصة مسقط: إن "هناك اتفاقا مع جهاز الاستثمار العُماني لإدراج عدد من الشركات الحكومية خلال هذا العام، كما سيتم العمل على رفع سيولة الأسهم المدرجة والقِيَم السوقية والتركيز على تسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية وتفعيل بعض خصائص التداول كالبيع على المكشوف وإقراض واقتراض الأوراق المالية وغيرها من المبادرات التي تمكن البورصة من ترقيتها في المؤشرات العالمية".

ما جاء في هذه التصريحات يعتبر من الآمال المنتظرة من بورصة مسقط منذ عدة سنوات، وتجددت هذه الآمال بعد تحويل البورصة إلى شركة تابعة لجهاز الاستثمار العماني، ومع هذا التحول فإننا ننتظر أن تكون بورصة مسقط جاذبة للمستثمرين أكثر من ذي قبل، ولا يمكن تحقيق جاذبية البورصة في ظل محدودية رؤوس الأموال المدرجة فيها أو تركزها في القطاع المصرفي على سبيل المثال أو تمركز الملكية في العديد من الشركات لدى مجموعة قليلة من المستثمرين؛ فهذه العناصر تعتبر من التحديات التي ينبغي على البورصة إيجاد حلول لها، كما أن الإسراع في طرح جزء من الشركات الحكومية والشركات العائلية الناجحة للاكتتاب العام سوف يساهم في زيادة عمق السوق وتوفير مزيد من الخيارات الجديدة أمام المستثمرين، وقد لاحظنا أن أحجام التداول كثيرا ما تتوزع على شركات محدودة لا تتجاوز 10 شركات تستحوذ على النصيب الأكبر من قِيَم وأحجام التداول على الرغم من وجود أكثر من 100 شركة مساهمة عامة مدرجة في البورصة.

إن هذه التحديات وغيرها من التحديات الأخرى المعروفة أساسا لدى مجلس إدارة البورصة وجمعية الوسطاء تعيق تقدم بورصة مسقط في المؤشرات الدولية، كما أنها تقلل من رضا المستثمرين عنها، فالمستثمر عندما يضع أمواله في البورصة فإنه ينتظر عائدا عليها ولكنه إذا وجد أن الأسهم تتراجع بشكل مستمر أو أنه لا يستطيع بيع أسهمه بالسرعة الكافية أو إذا وجد خيارات أفضل وذات عائد أعلى في أسواق أخرى فإنه سوف يغير وجهته إلى تلك الأسواق وبالتالي لن تحقق البورصة أهدافها في أن تكون داعما أساسيا للاقتصاد الوطني وستظل مجرد سوق لبيع وشراء الأسهم وهو ما لا نتمنى أن تدور بورصة مسقط في فَلَكِه. وحتى تتجنب بورصة مسقط هذا عليها أن تسأل نفسها وبشكل مستمر: هل المستثمرون راضون عني؟.