بأكثر من قرن على تاريخها يحتفي العالم بيوم الإذاعة (الذي يصادف 13 فبراير من كل عام) حيث دعت اليونسكو للاحتفاء بهذه المناسبة كون هذه الوسيطة تواصل مسيرتها كأحد أهم وأكثر الوسائط الموثوقة والأكثر استخدامًا في العالم لما لها القدرة على الوصول السلس للمتلقي وفتح آفاق التعبير حول رأيه وإسماع صوته للعالم ..
وفي احتفاء هذا العام الذي يصادف (اليوم) تتجلى «الإذاعة والثقة» في ثلاثة موضوعات رئيسية تستهدف الثقة في الصحافة الإذاعية، والثقة وسهولة الوصول، والثقة واستمرارية محطات الإذاعة.. فكيف تسهم الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة وعالية الجودة تحقق الوصول للجمهور وتعتني به وتجذب الثقة للإذاعة؟ وما هي المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من أجل تعزيز هذه الثقة بما يضمن التنافسية وصمود الإذاعات وبقاءها؟ يجيب - كلٌّ بطريقته ووجهة نظره- مديرو بعض إذاعات الدول الخليجية والعربية على هذه الأسئلة مستشرفين مستقبلا أكثر موثوقية مع تنوع سبل الجذب والتفاعل تجاه الجمهور..
بداية توجه يوسف بن حميد اليوسفي مدير عام إذاعة سلطنة عمان بالتهنئة لجميع الزملاء والزميلات في إذاعة سلطنة عمان وفي الإذاعات الأخرى التي تواصل تقديم رسالتها الإعلامية في داخل هذا الوطن العزيز، وكذلك التهنئة للإذاعات في الخارج التي نحتفل معها بمناسبة يوم الإذاعة العالمي وقال «اليوسفي» : تتزامن النسخة الحادية عشرة هذا العام مع ذكرى مرور أكثر من قرن على تأسيس الإذاعة في العالم، وبالتالي هي مناسبة لنستذكر أنه منذ بدء أول بث إذاعي في أوائل العشرينيات من القرن الماضي استطاعت الإذاعة أن تحتفظ بمكانتها المرموقة كواحدة من أهم وسائل التواصل الإعلامي والإنساني، فلم تفقد هذه الوسيلة العريقة تلك المكانة بالرغم من الثورة الإعلامية التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة ودخول الإنترنت في صناعة الأدوات والمنتجات الإعلامية، فقد استفادت الإذاعة من الثورة الرقمية في تكنولوجيا الاتصالات والإعلام ونجحت في استقطاب مزيد من المتابعين، ولم يتراجع التعاطي مع هذه الوسيلة كما ظن البعض، فالإذاعات استطاعت أن تتكيف مع جميع هذه الطفرات والمتغيرات والمتحورات التقنية، وأصبحت توفر وصولا سريعاً للمعلومة للمستمع في الفضاء الرقمي، بجانب الطرق التقليدية لالتقاط الإذاعات من خلال أجهزة المذياع التقليدية أو كذلك من خلال الأقمار الاصطناعية.
وأضاف مدير عام إذاعة سلطنة عمان : أن هذه الثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات والإعلام ساعدت في ولادة أشكال أخرى من الوسائط الرقمية للإذاعة، اليوم هناك منتجات وأشكال جديدة تخرج وتطور من رحم المعطى التكنولوجي الشبكي، وتُعد المدونات الصوتية أو البودكاست مثالاً مهماً لاستفادة الإذاعة من التكنولوجيا الرقمية للوصول إلى شرائح جديدة من المجتمع خاصة الشباب الذين تستهويهم هذه التقنية، وأصبح البودكاست خدمة فعالة توفرها الإذاعات كشكل آخر من الإنتاج الذي يتلاءم وطبيعة الجمهور الذي يفضل للاستماع للمادة أو المدونة الصوتية التي يريدها في الوقت الذي يشاء، وشكل هذا موضع قدم للإذاعات وليس للأفراد فقط لتواصل هذه المؤسسات العريقة تقديم رسالتها في هذا العالم الرقمي الافتراضي والتواصل مع الجماهير والمساهمة في توفير المعرفة والمعلومة الصحيحة الموثوقة وتشكيل الوعي حول مختلف القضايا في بحر لجّي تكثر فيه المعلومات المغلوطة والأخبار المزيفة.
وحول مساهمة الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة ذات جودة للمتلقي يقول يوسف اليوسفي : وسط كل تلك الأشكال التي تحدثنا عنها للوصول للمستمعين احتفظت هذه الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارًا والأسرع وصولا بقربها من الجمهور ليس فقط للخصائص التي تتمتع بها كرفيق حميم للفرد في بيته وعمله أو في مركبته على الطريق أو باعتبارها قناة تواصل في الأوقات الصعبة والشديدة أو لأنها مساحة جذابة للحوار وتبادل الأفكار داخل المجتمع بل أيضا للثقة بالمحتوى الذي تقدمه، وهي قضية شديدة الأهمية في وقتنا المعاصر الذي تكثر في المعلومات المضللة والمغلوطة والأخبار المزيفة، وأصبح احترام مدونة أخلاقيات العمل الصحفي أمرًا صعبًا خاصةً بين الممارسين الجدد لهواة العمل الصحفي ومستخدمي الإنترنت ولذلك جاء شعار اليوم العالمي للإذاعة في نسخة هذا العام «الإذاعة والثقة».
ففي عصر الإعلامي الرقمي والفضاءات المفتوحة أصبح الأشخاص العاديون قادرين الآن على المشاركة والتأثير في عملية إنتاج المعلومة والأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بالتوازي زادت مع هذه البيئة الجديدة التحديات الناتجة عن انتشار المعلومات المضللة والمغلوطة والمفبركة أمام الصحفيين في المؤسسات الإعلامية المهنية العريقة (الصحافة والإذاعة والتلفزيون) الذين يتعين عليهم التحقق من صحة المعلومات الكاذبة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل التعامل معها، وفي الحقيقة هذه القضية زاد الاهتمام حولها بشكل كبير في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016 بعدما كشف استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية ذلك العام بأن ما يقرب من اثنين من كل ثلاثة أمريكيين بالغين أي حوالي (64٪) تعرضوا لأخبار ملفقة، وكانت هناك أبحاث واستطلاعات للرأي في مناطق أخرى من العالم أشارت كذلك إلى أن الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعي وفرت مجالات خصبة لنشر الأخبار المزيفة وبالتالي أصبحت مسألة الثقة في الوسائط الإعلامية حاسمة وأكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع العدد الهائل من حوادث المعلومات الكاذبة أو الصور المزيفة أو مقاطع الفيديو المعدلة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع الجميع للتصدي ومكافحة ظاهرة انتشار المعلومات المضللة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية.
هناك اليوم أدوات وخدمات على مواقع الإنترنت لمساعدة الأشخاص على تحري صحة المعلومات، ولا شك أن الصحفيين في وسائل الإعلام المهنية كالإذاعة يلعبون اليوم دورًا محوريًا في مكافحة انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة، ونحن بدورنا في إذاعة سلطنة عمان نحرص على بث المعلومة الدقيقة والموثوقة وتحري الدقة من خلال مصادر المعلومات التي نتعامل معها قبل بثها ونشرها، وهذا جزء من المبادئ التي يقوم عليها عملنا اليومي، ولذلك استطاعت إذاعة سلطنة عمان أن تحافظ على ثقة المستمعين بها منذ انطلاقتها في 30 يوليو عام 1970 من محطة بيت الفلج بروي، ويلجأ إليها الجمهور للتحقق من أية أخبار مشكوك في صحتها وتصلهم عبر مصادر غير رسمية، وهو ما ظهر مثلاً في الأنواء المناخية التي تعرضت لها البلاد، أو خلال جائحة كورونا كوفيد-19.
وحول المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من أجل تعزيز هذه الثقة يقول يوسف بن حميد اليوسفي مدير عام إذاعة سلطنة عمان : الصدق والدقة والموضوعية في العمل الإعلامي الصحفي مبادئ أساسية لممارسة هذه المهنة بشكل احترافي مهني قائم على مدونة أخلاقيات مهنة الصحافة، وهذه المعايير في الواقع خطوط دفاع لمكافحة المعلومات المضللة، وتعمل الكوادر الإذاعية في إذاعة سلطنة عمان بهذه المعايير والمبادئ فلا نتسرع مثلا في استخدام المعلومات الواردة إلينا عبر مصادر مجهولة أو غير معلومة قبل التحقق منها، وهنا يختلف الإعلاميون أو الصحفيون الذين يمتهنون العمل الصحفي عن الآخرين من الهواة الذين يمارسون العمل الصحفي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعيدا عن الالتزام بمعايير وأخلاقيات المهنة، نحن نتجنب تماما النشر السريع للمعلومة أو الأخبار أو التعاطي معها قبل التحقق من صحتها، ولذلك ثقة المستمعين في إذاعة سلطنة عمان عالية جداً.
الصدق وإيصال الصوت
من جانبه يؤكد سالم العمري مدير عام إذاعة الوصال أن الصحافة الإذاعية هي أحد عوامل النجاح الأساسية للإذاعات الخاصة في سلطنة عمان وهي سبب أساسي لثقة المستمع العماني ومتابعته لهذه الإذاعات، وجواباً على معايير تعزيز الثقة لدى الجمهور يقول «العمري» : أولا لا بد من أن تكون أسئلة الصحافة الإذاعية الأساسية قادمة من واقع وحياة المستمعين لهذه الإذاعات أي أن لا تقحم عليهم رؤى أحادية النظر لا تلامس واقعهم أو معيشتهم أو مجتمعاتهم، وأن يكون صوت هذا الجمهور حاضراً بتعدد آرائه وأفكاره، إضافة إلى أن تكون المعالجة الصحفية من قبل صحفيي الإذاعة معالجة صادقة، فالصدق أقوى التقنيات في جذب الجمهور وبناء الثقة، فعندما يشعر الجمهور بأنك صادق فإنه يتابعك، وأن تتعدد القوالب الإنتاجية للعمل الصحفي الإذاعي بين برامج حوارية صحفية، وإخبارية، وتقارير وتحقيقات، وتكون فنياً مناسبة للتعامل مع جمهور يتعرض للكثير من المحتوى الموجود في وسائل التواصل الاجتماعي، والاستمرارية في تقديم المحتوى الصحفي، وألا يكون عابراً إذ إن الصحافة يجب أن تكون حاضرة بشكل يومي ولها برامج يومية.
ويضيف مدير عام إذاعة الوصال : من المهم ونحن نحتفل في هذا اليوم بأن نشير إلى حقيقة يعرفها المهتمون بالعمل الإعلامي في السلطنة بأن الإذاعة في سلطنة عمان تلعب ربما الدور الأكبر في مجال صحافة التحقيقات والحوارات الصحفية التي تهم الشأن العام ونمتلك من الإذاعيين الصحفيين نخبة رائعة أوجه لهم كل التحايا إذ أتذكر الزملاء الذين كانوا في الميدان في لحظات صعبة فترة إعصار شاهين الذي مر على السلطنة وكانوا يقومون بواجبهم الصحفي للإذاعة بكل مهنية رغم كل الصعوبات والتحديات، كما أنتهز فرصة هذا اليوم بأن أحيي جيل الإذاعيين الأوائل في السلطنة ونقول لهم إننا نتذكركم في كل وقت وكل حين ونبارك لهم بهذه المناسبة.
باقية ومواكبة للتغيرات
ومؤكدا على الإذاعة وعلى مدى عقود طويلة أثبتت أنها محل ثقة المستمعين وأنها باقية في الساحة الإعلامية وقادرة على مواكبة التغيرات التقنية والاجتماعية في كل مكان وزمان أشاد أيمن بن إبراهيم الردادي مدير عام إذاعة الرياض بالمملكة العربية السعودية بالدور الذي تساهم فيه الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة وعالية الجودة تحقق الوصول للجمهور، وقال إن ذلك يتمثل في اختيار المواضيع والقضايا التي تهم جمهور المستمعين بمختلف توجهاتهم وما يتماس مع حياتهم، وخروج ناقل صوت الإذاعة إلى الشارع والوقوف على شؤون وشجون وانطباعات وآراء المستمعين حيال موضوع أو قضية أو شأن جماعي أو فردي بما يعزز جانب القرب من جمهور المستمعين للإذاعة ومن ثم تعزيز الثقة بها، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والنوافذ الإعلامية التي خلقتها التقنية الحديثة في مد جسور التواصل مع المستمعين وتقديم منتج إعلامي قائم على مشاركاتهم.
أما المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من اجل تعزيز الثقة فيؤكد «الردادي» أنها لا تخرج في الواقع عن المعايير المهنية المطلوبة من مختلف وسائل الإعلام المختلفة ولعل أبرزها «الموضوعية» والحرص على دقة المعلومات، واحترام عقلية المتلقى واختلاف توجهاته وانتماءاته وعدم تقديم محتوى من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة للمجتمع.
استقطاب الشباب ودمجهم
من جانبه قال يونس سلمان مدير إذاعة البحرين إنه تحت مظلة إذاعة البحرين 7 إذاعات لكل إذاعة رؤية ورسالة أهداف استراتيجية نحقق كل الأهداف عبر المبادرات المقامة كل عام، وتستهدف الإذاعات قياس تطورها والمنافسة عبر استطلاعات واستبيانات مستمرة مع شركات متخصصة ولكن أهم الاستطلاعات وأكثرها دقة المنفذة بالتعاون مع الجامعات لأن مؤشراتها تقوم على الدقة القصوى نظرا لمشاركة نسبة عالية من الشباب سواء بالسلب أو الإيجاب وهي ما نضعها في الاعتبار إضافة إلى انه مع كل بداية عام نقوم بوضع أهداف فرعية بما يتناسب مع رغبات الجماهير التي يتم استنتاجها من الاستبيانات والاستطلاعات جنب إلى جنب رسالتنا الإعلامية التي نريد إيصالها؟
وأضاف مدير إذاعة البحرين إن أهم الأهداف الإذاعة أن تكون قريبة مع الجمهور، وقد شهد مشروع تطوير الإذاعة وتطوير المنظومة تواصلا نوعيا مع الجمهور على أرض الواقع من خلال الأستوديوهات المتنقلة والبرامج التي تستهدف الطفل والشباب، إضافة إلى التجهيزات الرقمية التي تنقل الإذاعة من الصوت إلى الصوت والصورة وترتبط في بعض برامجها مع التلفزيون لتحقيق بيئة أكثر جذابة للمتلقي، كما تتبنى الإذاعة أيضا استقطاب الشباب وتدريبهم وإشراكهم مع المذيعين المخضرمين بحيث نجدد في الأصوات ونمزج طموح الشباب وشغفهم بخبرة المخضرمين.
تطوير برفقة الكوادر
ويشير محمد بن ناصر المهندي مدير إذاعة قطر إلى أن الإذاعة واحدة من أهم المصادر ذات الثقة العالية لنشر الوعي والمعرفة والخبر الصادق بين كافة فئات المجتمع، فهي الملاذ الآمن للجميع وخاصة في أوقات الأزمات على اختلاف أشكالها وهذا الوضع يجعل من دور الإذاعة أمرا ملحا وصعبا يتطلب مجهودات إضافية ويستحق العناية بكافة معاييرها الإعلامية من جميع العاملين، إيمانا بهذا الكيان الإعلامي الذي اعتبره البيت الكبير لكل إعلامي ولكل فرد من أفراد المجتمع.
وحول دور الإذاعة في الاستقلالية والجودة يقول «المهندي» : نحن الآن في العالم نعيش ضمن أجواء تملؤها فوضى المعلومات التي تحظى أحيانا بمعلومات وأخبار غير صحيحة وغير موثوقة وهو أمر ذو عواقب سلبية على المستمع أو المشاهد أو القارئ، إذ يحد من قدرته على اتخاذ قراراته بناءً على حقائق صحيحة، إذا أردنا ان نخرج من هذا الوضع فلابد لكل منبر إذاعي حريص أن يعمل جاهدا على التركيز على محتواه البرامجي الجاذب وذلك من خلال إنتاج برامج تواكب في طريقة إنتاجها التوجهات الحديثة للمتلقي من حيث الشكل والمحتوى والموسيقى المستخدمة كخطوة أولى تضمن من خلالها استقطاب المستمع مبدئيا للشكل العام، ثم تأتي الخطوة الثانية وهي المحتوى المناسب والمعزز لهذه التوجهات الحديثة، ولابد أن يحتوي مضمون العمل الإذاعي على أدوات من شأنها غرس القيم والأخلاق والتقاليد المجتمعية والثقافة العلمية والثقافة العامة في نفوس المستمعين حيث إن هذه الموضوعات تخلق لدى المتلقي نوعا من الطمأنينة والثقة فيما يستمع إليه لأنها مواضيع تلمس الجانب الحسي الداخلي للمستمع بل هي موجودة في الأصل في عقله الباطن وهو ما يجعله في شعور دائم بالتقارب مع الإذاعة، كما أشير الى ضرورة الاهتمام بموضوع مدة البرامج المعروضة عبر مبدأ كل ما قل ودل علما بأن قيام إنتاج برامج قصيرة هادفة تختزل الرسالة الإذاعية في دقائق معدودة يعتبر أمرا أصعب من إنتاجها في برامج طويلة المدة، وبالإضافة الى ذلك فإن المحتوى الشبابي والرياضي يعتبر اليوم من المحتويات الجاذبة والتي لابد أن تحرص الإذاعات على إبرازها فالشباب هم قوام المجتمع، والرياضة باتت عنصرا ذا أبعاد مختلفة عن كونها لعبة في كافة المجتمعات.
ويؤكد «المهندي» أن سبب إخفاق أي إذاعة في مهمتها يعود إلى ابتعادها عن معايير المهنة وتجاوز أصولها، فالتقيد بهذه الأصول يجعل من الإذاعة منبرا إعلاميًا للتنوير، وللترفيه، وللتثقيف، ولفتح آفاق أوسع أمام الجمهور المستمع من مختلف الأعمار والثقافات والطبقات الاجتماعية دون استثناء، جنبا الى جنب معايير الحداثة، فلابد أن تعي كل إذاعة أنها بحاجة الى تلك التطورات التكنولوجية الحديثة وأن تجد لها موضع قدم في منصات التواصل الحديثة، وتسجل حضورا في العالم الرقمي.
وفي الختام يؤكد محمد بن ناصر المهندي مدير إذاعة قطر أن كل المعطيات تجبر الإذاعة اليوم على المضي في تنفيذ الخطط التطويرية التي تسهم في الارتقاء بالعمل الإعلامي على صعيدي الإنتاج وتطوير الأجهزة المساندة، ولكن دون تجاهل الكفاءات الكوادر الإعلامية التي تعمل في مختلف التخصصات والأقسام الإذاعية والفنية والهندسية، والتي لابد أن تنخرط في العمل على التخطيط والتجهيز والتنفيذ لمشروع التطوير التقني والبرامجي لخوض المنافسة التي باتت اليوم صعبة للغاية .
التكيّف مع الواقع
وقال سعد الفندي الوكيل المساعد لشؤون الإذاعة بالتكليف بدولة الكويت إن الإذاعـة تعد مـن أهـم وسائل الإعلام والاتصال مهما طرأ على الإعـلام مـن وسائل حديثة، فالإذاعـة لها جمهورها ولها أهميتها وعند الحديث عن اليوم العالمي للإذاعة لابـد مـن الإشارة إلى التحديات التي يعيشها المذياع في ظل ظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة والأجهزة الذكية والتطور المتسارع في أشكال وأنماط وسائل الإعلام.. لـذا فـإن كل مؤسسة إذاعيـة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التطور لتواكبه وتعمل على التطوير من ذاتهـا للتكيف مع الواقع، وهذا ما تعمل عـليـه إذاعـة الكويت خلال استغلال هذا التطور.
وأضاف «الفندي» : عمـلـت إذاعـة الكويت وفق استراتيجية واضحة المعالم والأهداف على الاهتمام بالجانب الإعلامـي مـن حيـث المحتوى، ولهذا حرصت الإذاعة على أن يكون المحتوى الإعلامي على أعلى مستوى، فتم التركيز على القيم السامية بما يتوافـق مـع العـادات والتقاليد التي جبل عليها المجتمع مـن خلال محتواها الإعلامي مع الاهتمام بالهوية الوطنية.
احتواء شرائح المجتمع
وعبر يعقوب الروسي الحمادي مدير الإذاعات العربية بشركة أبوظبي للإعلام عن سعادته لكون الإذاعة ما زالت تحافظ على مكانتها رغم التحديات التي تواجهها، وقال : كما نعلم بأن الإذاعة من أكثر الوسائل تأثيرا على مستوى العالم رغم شراسة وسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت منتشرة بشكل كبير ولكن يبقى من يبحث عن المصداقية والمعلومة الموثقة الصحيحة يلجأ إلى استقائها عبر الإذاعة فهي الوسيلة الأوسع انتشارا حول العالم، وهي من فتحت باب التواصل مع الجمهور في إبداء الرأي والنقاش على جميع الأصعدة، كما أنها عابرة للحدود بسلاسة وتتميز بسرعة نقل الأحداث المباشرة، وقامت أيضا بمواكبه التطور التكنولوجي وعمل التطبيقات الإذاعية لإيصال محتواها المتجدد والذي يركز على جميع شرائح المجتمع.
الصمود بالمصداقية
وفي الختام قال محمد غريب مدير إذاعة لبنان إن الإذاعة والثقة موضوعان مترابطان لا ينفصلان عن بعضهما البعض بمعنى أوضح ان الثقة هي حاجة الإذاعة وهي قادرة على صنعها إذا أراد القائمون عليها لجذب المستمعين، كيف يكون ذلك هو في أن كل ما ننتجه من محتوى برامجي عليه ألا يحيد عن ثلاثة أمور أولها أن نبتعد عن المعلومة الكاذبة لنقدم الصحيحة لنوصلها في الوقت الذي يحتاجها فيه المستمع أي ان تكون بين يديه في الوقت اللازم أي أن نطرح مواضيع آنية، وثانيها الأداء الإذاعي وطريقة إيصال المعلومة بالشكل الذي لا ينزعج منه المستمع حيث لا يكون هناك مطولات وتكرار، وثالثها وهذا مهم وهو يتعلق بالمؤدي أو مقدم البرنامج أو المعد ومن يستضيف هذا البرنامج من شخصيات موثوقة خاصة على مستوى البرامج التي يحتاجها المستمع لمواجهة مشاكله الاقتصادية والاجتماعية على أنواعها، والمطلوب ان نقدم المعلومة الصحيحة في المجالات كافة هذا الى جانب جعل الإذاعة محطة لإدخال المستمع في عالم من المعرفة الثقافية والعلمية، وهنا أتحدث عن محطة إذاعية عامة لا تبغي الربح المادي ولا تعتمد التنافس لكسب المال من أجل الاستمرار إنما تعتمد التنافس في تقديم الأفضل بعيدا عن التحيزات في عمومها.
وفي الختام يقول مدير إذاعة لبنان: إن صمود أي محطة إذاعية مرتبط بما تقدمه للمستمع من برامج منوعة جامعة تخاطب المستمع من خلال المصلحة العامة والوطنية هذا أيضا الى جانب ما يمكن أن يسمعه على المستوى الأدبي والفني والدراما الذي يجب ألا يكون هابطا أو دون المستوى لاسيما أن مجتمعاتنا أصبحت متعلمة مثقفة قادرة على التمييز بين عمل إذاعي راق أو غير ذلك.
وفي احتفاء هذا العام الذي يصادف (اليوم) تتجلى «الإذاعة والثقة» في ثلاثة موضوعات رئيسية تستهدف الثقة في الصحافة الإذاعية، والثقة وسهولة الوصول، والثقة واستمرارية محطات الإذاعة.. فكيف تسهم الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة وعالية الجودة تحقق الوصول للجمهور وتعتني به وتجذب الثقة للإذاعة؟ وما هي المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من أجل تعزيز هذه الثقة بما يضمن التنافسية وصمود الإذاعات وبقاءها؟ يجيب - كلٌّ بطريقته ووجهة نظره- مديرو بعض إذاعات الدول الخليجية والعربية على هذه الأسئلة مستشرفين مستقبلا أكثر موثوقية مع تنوع سبل الجذب والتفاعل تجاه الجمهور..
بداية توجه يوسف بن حميد اليوسفي مدير عام إذاعة سلطنة عمان بالتهنئة لجميع الزملاء والزميلات في إذاعة سلطنة عمان وفي الإذاعات الأخرى التي تواصل تقديم رسالتها الإعلامية في داخل هذا الوطن العزيز، وكذلك التهنئة للإذاعات في الخارج التي نحتفل معها بمناسبة يوم الإذاعة العالمي وقال «اليوسفي» : تتزامن النسخة الحادية عشرة هذا العام مع ذكرى مرور أكثر من قرن على تأسيس الإذاعة في العالم، وبالتالي هي مناسبة لنستذكر أنه منذ بدء أول بث إذاعي في أوائل العشرينيات من القرن الماضي استطاعت الإذاعة أن تحتفظ بمكانتها المرموقة كواحدة من أهم وسائل التواصل الإعلامي والإنساني، فلم تفقد هذه الوسيلة العريقة تلك المكانة بالرغم من الثورة الإعلامية التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي في المجتمعات المعاصرة ودخول الإنترنت في صناعة الأدوات والمنتجات الإعلامية، فقد استفادت الإذاعة من الثورة الرقمية في تكنولوجيا الاتصالات والإعلام ونجحت في استقطاب مزيد من المتابعين، ولم يتراجع التعاطي مع هذه الوسيلة كما ظن البعض، فالإذاعات استطاعت أن تتكيف مع جميع هذه الطفرات والمتغيرات والمتحورات التقنية، وأصبحت توفر وصولا سريعاً للمعلومة للمستمع في الفضاء الرقمي، بجانب الطرق التقليدية لالتقاط الإذاعات من خلال أجهزة المذياع التقليدية أو كذلك من خلال الأقمار الاصطناعية.
وأضاف مدير عام إذاعة سلطنة عمان : أن هذه الثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات والإعلام ساعدت في ولادة أشكال أخرى من الوسائط الرقمية للإذاعة، اليوم هناك منتجات وأشكال جديدة تخرج وتطور من رحم المعطى التكنولوجي الشبكي، وتُعد المدونات الصوتية أو البودكاست مثالاً مهماً لاستفادة الإذاعة من التكنولوجيا الرقمية للوصول إلى شرائح جديدة من المجتمع خاصة الشباب الذين تستهويهم هذه التقنية، وأصبح البودكاست خدمة فعالة توفرها الإذاعات كشكل آخر من الإنتاج الذي يتلاءم وطبيعة الجمهور الذي يفضل للاستماع للمادة أو المدونة الصوتية التي يريدها في الوقت الذي يشاء، وشكل هذا موضع قدم للإذاعات وليس للأفراد فقط لتواصل هذه المؤسسات العريقة تقديم رسالتها في هذا العالم الرقمي الافتراضي والتواصل مع الجماهير والمساهمة في توفير المعرفة والمعلومة الصحيحة الموثوقة وتشكيل الوعي حول مختلف القضايا في بحر لجّي تكثر فيه المعلومات المغلوطة والأخبار المزيفة.
وحول مساهمة الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة ذات جودة للمتلقي يقول يوسف اليوسفي : وسط كل تلك الأشكال التي تحدثنا عنها للوصول للمستمعين احتفظت هذه الوسيلة الإعلامية الأوسع انتشارًا والأسرع وصولا بقربها من الجمهور ليس فقط للخصائص التي تتمتع بها كرفيق حميم للفرد في بيته وعمله أو في مركبته على الطريق أو باعتبارها قناة تواصل في الأوقات الصعبة والشديدة أو لأنها مساحة جذابة للحوار وتبادل الأفكار داخل المجتمع بل أيضا للثقة بالمحتوى الذي تقدمه، وهي قضية شديدة الأهمية في وقتنا المعاصر الذي تكثر في المعلومات المضللة والمغلوطة والأخبار المزيفة، وأصبح احترام مدونة أخلاقيات العمل الصحفي أمرًا صعبًا خاصةً بين الممارسين الجدد لهواة العمل الصحفي ومستخدمي الإنترنت ولذلك جاء شعار اليوم العالمي للإذاعة في نسخة هذا العام «الإذاعة والثقة».
ففي عصر الإعلامي الرقمي والفضاءات المفتوحة أصبح الأشخاص العاديون قادرين الآن على المشاركة والتأثير في عملية إنتاج المعلومة والأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن بالتوازي زادت مع هذه البيئة الجديدة التحديات الناتجة عن انتشار المعلومات المضللة والمغلوطة والمفبركة أمام الصحفيين في المؤسسات الإعلامية المهنية العريقة (الصحافة والإذاعة والتلفزيون) الذين يتعين عليهم التحقق من صحة المعلومات الكاذبة المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل التعامل معها، وفي الحقيقة هذه القضية زاد الاهتمام حولها بشكل كبير في أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016 بعدما كشف استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية ذلك العام بأن ما يقرب من اثنين من كل ثلاثة أمريكيين بالغين أي حوالي (64٪) تعرضوا لأخبار ملفقة، وكانت هناك أبحاث واستطلاعات للرأي في مناطق أخرى من العالم أشارت كذلك إلى أن الإنترنت وسائل التواصل الاجتماعي وفرت مجالات خصبة لنشر الأخبار المزيفة وبالتالي أصبحت مسألة الثقة في الوسائط الإعلامية حاسمة وأكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع العدد الهائل من حوادث المعلومات الكاذبة أو الصور المزيفة أو مقاطع الفيديو المعدلة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما دفع الجميع للتصدي ومكافحة ظاهرة انتشار المعلومات المضللة عبر مواقع الشبكات الاجتماعية.
هناك اليوم أدوات وخدمات على مواقع الإنترنت لمساعدة الأشخاص على تحري صحة المعلومات، ولا شك أن الصحفيين في وسائل الإعلام المهنية كالإذاعة يلعبون اليوم دورًا محوريًا في مكافحة انتشار الأخبار والمعلومات الكاذبة، ونحن بدورنا في إذاعة سلطنة عمان نحرص على بث المعلومة الدقيقة والموثوقة وتحري الدقة من خلال مصادر المعلومات التي نتعامل معها قبل بثها ونشرها، وهذا جزء من المبادئ التي يقوم عليها عملنا اليومي، ولذلك استطاعت إذاعة سلطنة عمان أن تحافظ على ثقة المستمعين بها منذ انطلاقتها في 30 يوليو عام 1970 من محطة بيت الفلج بروي، ويلجأ إليها الجمهور للتحقق من أية أخبار مشكوك في صحتها وتصلهم عبر مصادر غير رسمية، وهو ما ظهر مثلاً في الأنواء المناخية التي تعرضت لها البلاد، أو خلال جائحة كورونا كوفيد-19.
وحول المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من أجل تعزيز هذه الثقة يقول يوسف بن حميد اليوسفي مدير عام إذاعة سلطنة عمان : الصدق والدقة والموضوعية في العمل الإعلامي الصحفي مبادئ أساسية لممارسة هذه المهنة بشكل احترافي مهني قائم على مدونة أخلاقيات مهنة الصحافة، وهذه المعايير في الواقع خطوط دفاع لمكافحة المعلومات المضللة، وتعمل الكوادر الإذاعية في إذاعة سلطنة عمان بهذه المعايير والمبادئ فلا نتسرع مثلا في استخدام المعلومات الواردة إلينا عبر مصادر مجهولة أو غير معلومة قبل التحقق منها، وهنا يختلف الإعلاميون أو الصحفيون الذين يمتهنون العمل الصحفي عن الآخرين من الهواة الذين يمارسون العمل الصحفي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعيدا عن الالتزام بمعايير وأخلاقيات المهنة، نحن نتجنب تماما النشر السريع للمعلومة أو الأخبار أو التعاطي معها قبل التحقق من صحتها، ولذلك ثقة المستمعين في إذاعة سلطنة عمان عالية جداً.
الصدق وإيصال الصوت
من جانبه يؤكد سالم العمري مدير عام إذاعة الوصال أن الصحافة الإذاعية هي أحد عوامل النجاح الأساسية للإذاعات الخاصة في سلطنة عمان وهي سبب أساسي لثقة المستمع العماني ومتابعته لهذه الإذاعات، وجواباً على معايير تعزيز الثقة لدى الجمهور يقول «العمري» : أولا لا بد من أن تكون أسئلة الصحافة الإذاعية الأساسية قادمة من واقع وحياة المستمعين لهذه الإذاعات أي أن لا تقحم عليهم رؤى أحادية النظر لا تلامس واقعهم أو معيشتهم أو مجتمعاتهم، وأن يكون صوت هذا الجمهور حاضراً بتعدد آرائه وأفكاره، إضافة إلى أن تكون المعالجة الصحفية من قبل صحفيي الإذاعة معالجة صادقة، فالصدق أقوى التقنيات في جذب الجمهور وبناء الثقة، فعندما يشعر الجمهور بأنك صادق فإنه يتابعك، وأن تتعدد القوالب الإنتاجية للعمل الصحفي الإذاعي بين برامج حوارية صحفية، وإخبارية، وتقارير وتحقيقات، وتكون فنياً مناسبة للتعامل مع جمهور يتعرض للكثير من المحتوى الموجود في وسائل التواصل الاجتماعي، والاستمرارية في تقديم المحتوى الصحفي، وألا يكون عابراً إذ إن الصحافة يجب أن تكون حاضرة بشكل يومي ولها برامج يومية.
ويضيف مدير عام إذاعة الوصال : من المهم ونحن نحتفل في هذا اليوم بأن نشير إلى حقيقة يعرفها المهتمون بالعمل الإعلامي في السلطنة بأن الإذاعة في سلطنة عمان تلعب ربما الدور الأكبر في مجال صحافة التحقيقات والحوارات الصحفية التي تهم الشأن العام ونمتلك من الإذاعيين الصحفيين نخبة رائعة أوجه لهم كل التحايا إذ أتذكر الزملاء الذين كانوا في الميدان في لحظات صعبة فترة إعصار شاهين الذي مر على السلطنة وكانوا يقومون بواجبهم الصحفي للإذاعة بكل مهنية رغم كل الصعوبات والتحديات، كما أنتهز فرصة هذا اليوم بأن أحيي جيل الإذاعيين الأوائل في السلطنة ونقول لهم إننا نتذكركم في كل وقت وكل حين ونبارك لهم بهذه المناسبة.
باقية ومواكبة للتغيرات
ومؤكدا على الإذاعة وعلى مدى عقود طويلة أثبتت أنها محل ثقة المستمعين وأنها باقية في الساحة الإعلامية وقادرة على مواكبة التغيرات التقنية والاجتماعية في كل مكان وزمان أشاد أيمن بن إبراهيم الردادي مدير عام إذاعة الرياض بالمملكة العربية السعودية بالدور الذي تساهم فيه الإذاعة في إنتاج محتويات مستقلة وعالية الجودة تحقق الوصول للجمهور، وقال إن ذلك يتمثل في اختيار المواضيع والقضايا التي تهم جمهور المستمعين بمختلف توجهاتهم وما يتماس مع حياتهم، وخروج ناقل صوت الإذاعة إلى الشارع والوقوف على شؤون وشجون وانطباعات وآراء المستمعين حيال موضوع أو قضية أو شأن جماعي أو فردي بما يعزز جانب القرب من جمهور المستمعين للإذاعة ومن ثم تعزيز الثقة بها، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والنوافذ الإعلامية التي خلقتها التقنية الحديثة في مد جسور التواصل مع المستمعين وتقديم منتج إعلامي قائم على مشاركاتهم.
أما المعايير التي تحاول الإذاعة تحقيقها من اجل تعزيز الثقة فيؤكد «الردادي» أنها لا تخرج في الواقع عن المعايير المهنية المطلوبة من مختلف وسائل الإعلام المختلفة ولعل أبرزها «الموضوعية» والحرص على دقة المعلومات، واحترام عقلية المتلقى واختلاف توجهاته وانتماءاته وعدم تقديم محتوى من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة للمجتمع.
استقطاب الشباب ودمجهم
من جانبه قال يونس سلمان مدير إذاعة البحرين إنه تحت مظلة إذاعة البحرين 7 إذاعات لكل إذاعة رؤية ورسالة أهداف استراتيجية نحقق كل الأهداف عبر المبادرات المقامة كل عام، وتستهدف الإذاعات قياس تطورها والمنافسة عبر استطلاعات واستبيانات مستمرة مع شركات متخصصة ولكن أهم الاستطلاعات وأكثرها دقة المنفذة بالتعاون مع الجامعات لأن مؤشراتها تقوم على الدقة القصوى نظرا لمشاركة نسبة عالية من الشباب سواء بالسلب أو الإيجاب وهي ما نضعها في الاعتبار إضافة إلى انه مع كل بداية عام نقوم بوضع أهداف فرعية بما يتناسب مع رغبات الجماهير التي يتم استنتاجها من الاستبيانات والاستطلاعات جنب إلى جنب رسالتنا الإعلامية التي نريد إيصالها؟
وأضاف مدير إذاعة البحرين إن أهم الأهداف الإذاعة أن تكون قريبة مع الجمهور، وقد شهد مشروع تطوير الإذاعة وتطوير المنظومة تواصلا نوعيا مع الجمهور على أرض الواقع من خلال الأستوديوهات المتنقلة والبرامج التي تستهدف الطفل والشباب، إضافة إلى التجهيزات الرقمية التي تنقل الإذاعة من الصوت إلى الصوت والصورة وترتبط في بعض برامجها مع التلفزيون لتحقيق بيئة أكثر جذابة للمتلقي، كما تتبنى الإذاعة أيضا استقطاب الشباب وتدريبهم وإشراكهم مع المذيعين المخضرمين بحيث نجدد في الأصوات ونمزج طموح الشباب وشغفهم بخبرة المخضرمين.
تطوير برفقة الكوادر
ويشير محمد بن ناصر المهندي مدير إذاعة قطر إلى أن الإذاعة واحدة من أهم المصادر ذات الثقة العالية لنشر الوعي والمعرفة والخبر الصادق بين كافة فئات المجتمع، فهي الملاذ الآمن للجميع وخاصة في أوقات الأزمات على اختلاف أشكالها وهذا الوضع يجعل من دور الإذاعة أمرا ملحا وصعبا يتطلب مجهودات إضافية ويستحق العناية بكافة معاييرها الإعلامية من جميع العاملين، إيمانا بهذا الكيان الإعلامي الذي اعتبره البيت الكبير لكل إعلامي ولكل فرد من أفراد المجتمع.
وحول دور الإذاعة في الاستقلالية والجودة يقول «المهندي» : نحن الآن في العالم نعيش ضمن أجواء تملؤها فوضى المعلومات التي تحظى أحيانا بمعلومات وأخبار غير صحيحة وغير موثوقة وهو أمر ذو عواقب سلبية على المستمع أو المشاهد أو القارئ، إذ يحد من قدرته على اتخاذ قراراته بناءً على حقائق صحيحة، إذا أردنا ان نخرج من هذا الوضع فلابد لكل منبر إذاعي حريص أن يعمل جاهدا على التركيز على محتواه البرامجي الجاذب وذلك من خلال إنتاج برامج تواكب في طريقة إنتاجها التوجهات الحديثة للمتلقي من حيث الشكل والمحتوى والموسيقى المستخدمة كخطوة أولى تضمن من خلالها استقطاب المستمع مبدئيا للشكل العام، ثم تأتي الخطوة الثانية وهي المحتوى المناسب والمعزز لهذه التوجهات الحديثة، ولابد أن يحتوي مضمون العمل الإذاعي على أدوات من شأنها غرس القيم والأخلاق والتقاليد المجتمعية والثقافة العلمية والثقافة العامة في نفوس المستمعين حيث إن هذه الموضوعات تخلق لدى المتلقي نوعا من الطمأنينة والثقة فيما يستمع إليه لأنها مواضيع تلمس الجانب الحسي الداخلي للمستمع بل هي موجودة في الأصل في عقله الباطن وهو ما يجعله في شعور دائم بالتقارب مع الإذاعة، كما أشير الى ضرورة الاهتمام بموضوع مدة البرامج المعروضة عبر مبدأ كل ما قل ودل علما بأن قيام إنتاج برامج قصيرة هادفة تختزل الرسالة الإذاعية في دقائق معدودة يعتبر أمرا أصعب من إنتاجها في برامج طويلة المدة، وبالإضافة الى ذلك فإن المحتوى الشبابي والرياضي يعتبر اليوم من المحتويات الجاذبة والتي لابد أن تحرص الإذاعات على إبرازها فالشباب هم قوام المجتمع، والرياضة باتت عنصرا ذا أبعاد مختلفة عن كونها لعبة في كافة المجتمعات.
ويؤكد «المهندي» أن سبب إخفاق أي إذاعة في مهمتها يعود إلى ابتعادها عن معايير المهنة وتجاوز أصولها، فالتقيد بهذه الأصول يجعل من الإذاعة منبرا إعلاميًا للتنوير، وللترفيه، وللتثقيف، ولفتح آفاق أوسع أمام الجمهور المستمع من مختلف الأعمار والثقافات والطبقات الاجتماعية دون استثناء، جنبا الى جنب معايير الحداثة، فلابد أن تعي كل إذاعة أنها بحاجة الى تلك التطورات التكنولوجية الحديثة وأن تجد لها موضع قدم في منصات التواصل الحديثة، وتسجل حضورا في العالم الرقمي.
وفي الختام يؤكد محمد بن ناصر المهندي مدير إذاعة قطر أن كل المعطيات تجبر الإذاعة اليوم على المضي في تنفيذ الخطط التطويرية التي تسهم في الارتقاء بالعمل الإعلامي على صعيدي الإنتاج وتطوير الأجهزة المساندة، ولكن دون تجاهل الكفاءات الكوادر الإعلامية التي تعمل في مختلف التخصصات والأقسام الإذاعية والفنية والهندسية، والتي لابد أن تنخرط في العمل على التخطيط والتجهيز والتنفيذ لمشروع التطوير التقني والبرامجي لخوض المنافسة التي باتت اليوم صعبة للغاية .
التكيّف مع الواقع
وقال سعد الفندي الوكيل المساعد لشؤون الإذاعة بالتكليف بدولة الكويت إن الإذاعـة تعد مـن أهـم وسائل الإعلام والاتصال مهما طرأ على الإعـلام مـن وسائل حديثة، فالإذاعـة لها جمهورها ولها أهميتها وعند الحديث عن اليوم العالمي للإذاعة لابـد مـن الإشارة إلى التحديات التي يعيشها المذياع في ظل ظهور وسائل التكنولوجيا الحديثة والأجهزة الذكية والتطور المتسارع في أشكال وأنماط وسائل الإعلام.. لـذا فـإن كل مؤسسة إذاعيـة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار هذا التطور لتواكبه وتعمل على التطوير من ذاتهـا للتكيف مع الواقع، وهذا ما تعمل عـليـه إذاعـة الكويت خلال استغلال هذا التطور.
وأضاف «الفندي» : عمـلـت إذاعـة الكويت وفق استراتيجية واضحة المعالم والأهداف على الاهتمام بالجانب الإعلامـي مـن حيـث المحتوى، ولهذا حرصت الإذاعة على أن يكون المحتوى الإعلامي على أعلى مستوى، فتم التركيز على القيم السامية بما يتوافـق مـع العـادات والتقاليد التي جبل عليها المجتمع مـن خلال محتواها الإعلامي مع الاهتمام بالهوية الوطنية.
احتواء شرائح المجتمع
وعبر يعقوب الروسي الحمادي مدير الإذاعات العربية بشركة أبوظبي للإعلام عن سعادته لكون الإذاعة ما زالت تحافظ على مكانتها رغم التحديات التي تواجهها، وقال : كما نعلم بأن الإذاعة من أكثر الوسائل تأثيرا على مستوى العالم رغم شراسة وسائل التواصل الاجتماعي والتي باتت منتشرة بشكل كبير ولكن يبقى من يبحث عن المصداقية والمعلومة الموثقة الصحيحة يلجأ إلى استقائها عبر الإذاعة فهي الوسيلة الأوسع انتشارا حول العالم، وهي من فتحت باب التواصل مع الجمهور في إبداء الرأي والنقاش على جميع الأصعدة، كما أنها عابرة للحدود بسلاسة وتتميز بسرعة نقل الأحداث المباشرة، وقامت أيضا بمواكبه التطور التكنولوجي وعمل التطبيقات الإذاعية لإيصال محتواها المتجدد والذي يركز على جميع شرائح المجتمع.
الصمود بالمصداقية
وفي الختام قال محمد غريب مدير إذاعة لبنان إن الإذاعة والثقة موضوعان مترابطان لا ينفصلان عن بعضهما البعض بمعنى أوضح ان الثقة هي حاجة الإذاعة وهي قادرة على صنعها إذا أراد القائمون عليها لجذب المستمعين، كيف يكون ذلك هو في أن كل ما ننتجه من محتوى برامجي عليه ألا يحيد عن ثلاثة أمور أولها أن نبتعد عن المعلومة الكاذبة لنقدم الصحيحة لنوصلها في الوقت الذي يحتاجها فيه المستمع أي ان تكون بين يديه في الوقت اللازم أي أن نطرح مواضيع آنية، وثانيها الأداء الإذاعي وطريقة إيصال المعلومة بالشكل الذي لا ينزعج منه المستمع حيث لا يكون هناك مطولات وتكرار، وثالثها وهذا مهم وهو يتعلق بالمؤدي أو مقدم البرنامج أو المعد ومن يستضيف هذا البرنامج من شخصيات موثوقة خاصة على مستوى البرامج التي يحتاجها المستمع لمواجهة مشاكله الاقتصادية والاجتماعية على أنواعها، والمطلوب ان نقدم المعلومة الصحيحة في المجالات كافة هذا الى جانب جعل الإذاعة محطة لإدخال المستمع في عالم من المعرفة الثقافية والعلمية، وهنا أتحدث عن محطة إذاعية عامة لا تبغي الربح المادي ولا تعتمد التنافس لكسب المال من أجل الاستمرار إنما تعتمد التنافس في تقديم الأفضل بعيدا عن التحيزات في عمومها.
وفي الختام يقول مدير إذاعة لبنان: إن صمود أي محطة إذاعية مرتبط بما تقدمه للمستمع من برامج منوعة جامعة تخاطب المستمع من خلال المصلحة العامة والوطنية هذا أيضا الى جانب ما يمكن أن يسمعه على المستوى الأدبي والفني والدراما الذي يجب ألا يكون هابطا أو دون المستوى لاسيما أن مجتمعاتنا أصبحت متعلمة مثقفة قادرة على التمييز بين عمل إذاعي راق أو غير ذلك.