لاحظت عنود أعراضًا غريبة على ابنتها المولودة حديثًا مثل قلة النشاط، وكثرة النوم، ووجود تشنجات، وضعف في التنفس، مما تطلب دخولها العناية المركزة وإجراء عملية تنفس صناعي لمدة عشرة أيام حتى بدأت تتنفس بشكل طبيعي، ولكن ظلت التشنجات تراودها بين الحين والآخر، وحالة الخمول الشديد بسبب الجرعات الدوائية التي تتناولها، وبعد إجراء الفحوصات الطبية لطفلتها اتضح أنها مصابة بمرض وراثي يدعى ارتفاع جلايسين الدم.

حول هذا المرض الوراثي قالت الدكتورة نادية بنت موسى الهاشمي استشاري أول طب أطفال الوراثة الكيميائية بالمستشفى السلطاني: يعد ارتفاع جلايسين الدم مرضًا وراثيًا نادرًا يحدث بسبب نقص أنزيم هو المسؤول عن تكسير أحد الأحماض الأمينية يسمى حمض الجلايسين، مما يؤدي إلى ارتفاع الحمض وتجمعه في أجزاء الجسم وخلايا الجسم والسوائل وأغشية الدماغ، ويوجد عدة أنواع من هذا المرض الذي يعتبر مرضًا نادرًا، وعادة يحدث عند حديثي الولادة، ويعتبر شديد الخطورة، وهناك نوع آخر متوسط الشدة يحدث في سن أبكر في مرحلة الطفولة الأولى وهو أقل حدة في الأعراض، عادة الأعراض التي تصاحب المرض في النوع الشديد تحدث في الأسبوع الأول من الولادة، أبرزها ضعف في العضلات وخمول شديد وحالات التشنج وفقد الوعي والإغماء وتوقف التنفس، مما يؤدي إلى الحاجة إلى التنفس الصناعي الذي يستمر عادة لمدة عشرة أيام إلى عشرين يوما، بحيث يتحسن مع الوقت، وبعض المواليد بسبب ارتفاع حمض الجلايسين الشديد للأسف يتوفون في الأسابيع الأولى بعد الولادة إذا تم تخفيف أو إيقاف التنفس الصناعي، وحالات الأطفال حديثي الولادة إذا تعدوا المرحلة من المرض والحاجة إلى التنفس الصناعي عادة يعانون من تأخر شديد في النمو واكتساب المهارات، وتشنجات عادة تشتد مع الوقت، وتكون هناك صعوبة بالتحكم فيها، أما الحالات المتوسطة الشدة فقد تصاحبها مع الوقت أعراض أخرى مثل التصلب ومشاكل في الرئة والقلب والتأخر في النمو ولكن تكون أقل حدة.

الأكثر شيوعًا

أوضحت الدكتورة نادية أن ارتفاع جلايسين الدم يحدث بسبب تغير أو خلل في الجين المسؤول عن بناء الأنزيم، والأنزيم الذي يعمل عادة على تكسير حمض الجلايسين، فإلغاؤه يؤدي إلى خلل وتراكم حمض الجلايسين في أجزاء الجسم، مما يؤدي إلى ظهور الأعراض الملازمة لهذا المرض، وبما أنه مرض وراثي تتم وراثته عن طريق جين متنحي مما يعني أن الطفل المصاب يرث الخلل من كلا الوالدين، ونسبة الإصابة في كل حمل تقريبا 25%، والنسبة العالمية لحدوث المرض تقريبا 1 لكل 76 ألف عالميا".

طرق التشخيص

أضافت الدكتورة نادية: "الطريقة الفعالة في التشخيص والمعتمدة للمرض عن طريق فحص نسبة كمية حمض الجلابيات في السائل حول الدماغ ونسبة الجلايسين في البلازما وعادة ما تكون مرتفعة، طبعا يعتبر الفحص الجيني دليلا مؤكدا على وجود المرض، وفي بعض الحالات قد تساعد أشعة الرنين المغناطيسي في تشخيص بعض الحالات لرؤية التغيرات المصاحبة للمرض".

ذكرت الدكتورة نادية: "هناك طرق حديثة للكشف عن الأمراض الوراثية لدى الأجنة منها استخدام طريقة الفحص الوراثي المبكر أثناء الحمل، ويشترط عمل الفحص لمعرفة الخلل الجيني، وإذا تم تحديد الخلل الجيني يكون من السهل فحص الجنين أثناء الحمل، وعادة الفحص يتم على مرحلتين، النوع الأول عن طريق المشيمة، وعادة ما يكون في الأسبوع الحادي عشر إلى الثالث عشر من الحمل، والفحص الثاني عن طريق فحص السائل الأمينوسي حول الجنين، وعادة ما يكون في الأسبوع الرابع عشر إلى السادس عشر من الحمل".

أدوية مساعدة

أردفت الدكتورة نادية: "لا توجد للأسف خطة علاج جذري للمرض، فقط بعض التدخلات التي تساعد في تحسين وضع الطفل المصاب، من ضمنها حالات من الممكن أن تستخدم دواء يسمى صوديوم منزويت يساعد في تخفيف حمض الجلايسين، حيث إنه يرتبط صوديوم منزويت بحمض الجلايسين يكوّن مادة تسمى هبيروويت، ويتم التخلص من هذه المادة عن طريق البول، التي تساعد في تقليل حالات الصرع وتحسين انتباه الطفل المصاب، وفي بعض الأدوية النادرة يتم استخدمها لكن لم تتم دراسة فعاليتها، الأهم من ذلك هو علاج التشنجات لبعض الأطفال".

ختمت الدكتورة حديثها أنه في سلطنة عمان يتم تشخيص حالة واحدة في السنة على مستوى المستشفى السلطاني أو مستشفى جامعة السلطان قابوس، وتعد الحالات قليلة جدا.