الإسكان لـ "عمان": نعمل حاليًا على تحديد أسباب عدم تعمير المخططات وإيجاد الحلول والمقترحات المناسبة

الرقيشي: من المهم تحديد الرسوم بناء على قيمة الأرض وليس المساحة.. وأن لا تكون الإعفاءات معلقة على موافقة المسؤولين

الحرملي: فرض الرسوم على الأراضي سيزيد المعروض ويُسهم في تحفيز الحركة العمرانية

الكلبانية: لابد من التدرج وأن تقتصر المراحل الأولى على المحافظات ذات الحراك الاقتصادي والكثافة السكانية الأكبر

بهدف تحفيز الحركة الاستثمارية والعمرانية، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في ما يتعلق بالأراضي، وتوفيرها بأسعار معقولة، تتجه الحكومات إلى فرض رسوم على الأراضي "البيضاء" وهي الأراضي غير المعمرة من قبل ملاكها لحثهم وتشجيعهم على استثمارها وتطويرها أو بيعها.

وكانت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني قد أعلنت العام الماضي من خلال أحد اللقاءات الإعلامية لها أنها تدرس اعتماد تطبيق فرض رسوم على الأراضي البيضاء تطبيقا لمتطلبات التوازن العقاري في سلطنة عمان ولتحقيق العناصر الرئيسة لدراسة متطلبات السوق العقاري والحاجة الفعلية للأراضي.

بحيث يتم فرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المعمرة المخصصة للاستعمال التجاري والسكني والصناعي والسياحي والتي تبلغ مساحتها 5000م مربع فأعلى.

وفي تصريح خاص لـ"عمان"، أشارت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني إلى أنها تعطي الأولوية في المرحلة الحالية لدراسة واقع الأراضي الحكومية وواقع التعمير للأراضي السكنية، حيث تم تضمينها كمبادرات ضمن خطة الوزارة لعام 2022.

وقالت إنها تعمل في الوقت الراهن على تحديد الطرق المثلى لاستثمار هذه الأراضي وفقًا للاحتياج الفعلي، وبما يتوافق مع الاستراتيجية الوطنية العمرانية بالإضافة إلى الوقوف على الأسباب المؤدية إلى عدم تعمير المخططات وإيجاد الحلول والمقترحات المناسبة التي يمكن من خلالها تعمير تلك المخططات من قبل مُلاك الأراضي. ولم توضح الوزارة في تصريحها عما إن كانت ستبدأ في تنفيذ هذا القرار أو الإعلان عنه عما قريب.

وأكد خبراء اقتصاديون استطلعت "عمان" آراءهم حول أهمية تطبيق هذا القرار وانعكاساته على السوق العقارية على أهمية التدرج في تطبيق الرسوم، وأن تشمل الأراضي التجارية التي تفوق مساحتها الـ5000 متر مربع والموجودة في المناطق الحيوية وبجانب الخدمات، وأن يتم تحديد الرسوم وفقًا لقيمتها.

كما ناشدوا الجهات المنفذة للقرار بإعطاء ملاك الأراضي مهلة كافية لاتخاذ قرار استثمارها أو بيعها قبل تطبيق فرض الرسوم، وقال الخبراء بأن القرار سينعكس إيجابًا على اقتصاد سلطنة عمان حيث يمكن تسخير الإيرادات لتطوير البنية الأساسية للبلد، كما سيُسهم في خفض سعر الأراضي وتعزيز التنمية العمرانية.

تطبيق تدريجي وحذر

ويرى حسن بن خميس الرقيشي، رئيس لجنة التطوير العقاري والإنشاءات بغرفة تجارة وصناعة عمان أن فرض الرسوم على الأراضي البيضاء خطوة جيدة للاستفادة من الأراضي البيضاء وغير المستغلة وخاصة تلك الواقعة في المناطق الحيوية والتي تفوق مساحتها 5000 متر.

وقال: إن قرار كهذا يمكن أن يوجِد توازن العرض والطلب، وسيشجع أصحاب الأراضي لاستثمار أراضيهم أو تقسيمها وبيعها لمطورين أو مستثمرين آخرين تجنبًا للرسوم والغرامات مما سيسرع من عملية التنمية.

واعتقد أن تطبيق هذه الرسوم سيوجِد نوعا من الثقافة المجتمعية وسيزيد من المنافسة في استثمار الأراضي ويحد من الاحتكار.

ولضمان تحقيق هذا القرار بصورة عادلة تضمن تحقيق المنفعة للجميع، قال الرقيشي: على الحكومة وضع معايير محددة ومفصلة لفرض هذه الرسوم حيث توجد بعض هذه الأراضي البيضاء في مواقع لا يمكن بناؤها أو تطويرها وعليه لا يمكن أن تفرض عليها الرسوم ذاتها التي تفرض على الأراضي الواقعة في المناطق الحيوية والمعمرة والمحاطة بالخدمات.

واقترح أن تراعي هذه المعايير أن تكون الأراضي الخاضعة للرسوم منحت للأشخاص من الحكومة مباشرة وأن يتم الفصل بينها وبين الأراضي المشتراة أو المورثة كون أن الورثة قد لا تكون لديهم الإمكانيات الكافية لتطويرها.

ويقترح الرقيشي أن يتم تحديد الرسوم بناءً على قيمة الأرض وليس على المساحة، وأوضح: لا يمكن مقارنة الأراضي التي يتجاوز سعرها 6 – 10 ملايين ريال ووسط مناطق حيوية بأخرى مشابهة لها في المساحة ولكن قيمتها السوقية لا تتجاوز المليون ريال لوجودها في مناطق بعيدة أو قليلة الحركة وأن يتم فرض نفس الرسوم عليها، فلابد من وجود عدالة وعدم الرجوع للمساحة كمعيار وحيد لتحديد الرسوم.

كما من المهم وجود لائحة واضحة ومفصلة للأراضي التي تطبق عليها هذه الرسوم والأراضي المعفاة منها وألا تكون معلقة على موافقة الوزير أو الوكيل، حيث تضع اللائحة شروط مفصلة للإعفاء، كتحديد مسافة محددة لبعد الأراضي عن أقرب منطقة معمرة أو أقرب شارع رئيسي أو فرعي لها.

وأضاف: برأيي من المهم أن تقوم الحكومة قبل تطبيق هذا القرار بالإعلان عن وقت إقراره وإعطاء فترة زمنية كافية لأصحاب الأراضي لاتخاذ الإجراءات الأنسب لهم سواء تطوير تلك الأراضي أو بيعها أو ما شابه. ومن المهم أيضًا تحديد إجراءات ضد المخالفين للقرار أو عدم منحهم أية تراخيص أخرى حتى حين سداد الرسوم المترتبة عليهم.

كما يجب أن تكون هناك ضوابط وآليات واضحة لتحديد الجهات المحصلة لهذه الرسوم وآلية تحصيلها، كما أوصى الرقيشي أن يتم إشراك جميع مؤسسات القطاع العقاري قبل إصدار هذا القانون أو القرار.

تأثر أسعار الأراضي

وحول الآثار المتوقعة على السوق وأسعار الأراضي قال أحمد بن مبارك الحرملي رئيس قسم المشاريع الخاصة والاستثمارات بشركة بيت بيان للاستثمار: سيؤدي فرض الرسوم على الأراضي البيضاء إلى خفض أسعارها، وهو ما رأيناه في التجربة السعودية، فبسبب عجلة المُلاك في بيع أراضيهم تجنبًا للرسوم انخفضت أسعارها لمستوى معقول، على عكس الوضع السابق الذي كان يدفعهم بالتمسك بأراضيهم لعدم وجود دوافع لاستثمارها أو بيعها.

واعتقد أن زيادة المعروض من الأراضي سيحفز المستثمرين للاستثمار وتعمير مشاريع ومبانٍ بتكاليف أقل من السابق بسبب انخفاض سعر الأراضي في المقام الأول خاصة مشاريع المدارس والمستشفيات، وسيحفز هذا القرار الحركة العمرانية في البلد التي ستستفيد منها سلطنة عمان بلاشك.

وقال الحرملي إنه لتجنب حدة الاحتجاجات والرفض الذي قد يبديه ملاك الأراضي لهذا القرار، فإنه يجب تطبيق القرار بشكل تدريجي، على أن يشمل الأراضي التجارية أولا والواقعة في مراكز المحافظات كمسقط وصلالة وصحار وصلالة والتي تفوق مساحتها عن 10 آلاف متر مربع والقريبة من الخدمات.

وأن يتم إعطاء ملاك هذه الأراضي مهلة لا تقل عن 3 سنوات لإعداد خطة للاستثمار أو البيع، وأن يتم إدراج الأراضي السكنية في القرار بعد فترة أطول من ذلك، وأضاف: إنه لضمان نجاح هذه التجربة في سلطنة عمان فإنه لابد تعميمها على الجميع وأن لا تستثنى من القرار أية جهة حكومية أو خاصة.

الرسوم وفق القيمة

وتؤكد فايزة الكلبانية، كاتبة وباحثة اقتصادية على أهمية أن يتم فرض الضرائب أو الرسوم على الأراضي البيضاء وفقًا لقيمتها والتي غالبا ما يتم تقييمها وفقا لموقع الأرض، ومدى توفر المرافق والخدمات حولها، وما إذا كان تحيط بها أنشطة وخدمات تجارية وسكنية وصناعية، وأن يتم ذلك وفق آليات محددة أو من خلال تشجيع أصحاب هذه الأراضي لاستثمارها، وأن يتم تطبيق نظام الرسوم بصورة تدريجية وأن تقتصر المراحل الأولى على المحافظات ذات الحراك الاقتصادي والكثافة السكانية الأكبر.

وأضافت أنه من المهم إيجاد آليات للحصر والاستفادة من الأراضي البيضاء التي قد منحتها الحكومة للبعض للاستثمار أو الاستغلال بما يضمن تحقيق عوائد ومردود اقتصادي وتشجع أصحابها لاستثمارها.

وفي حال بقائها بيضاء تقول الكلبانية: إنه يمكن الاستفادة من الرسوم المحصلة عليها في تحسين البنية الأساسية وتوفير الخدمات الأساسية أو تعمير مشاريع أخرى تأتي ضمن خطط الحكومة المستهدفة والتي تخدم اقتصاد البلد وتُسهم في توفير فرص توظيف للباحثين عن عمل، أو من خلال حث ملاكها على بيعها على مستثمرين آخرين يملكون القدرة والرغبة في استثمارها.