إذا كان الشاعر "غيوفيك" يرى أن الشعراء ليس لديهم جمهور، لأن المغنين فقط هم من يقصدهم الجمهور، فإن لممثل كبير كصالح زعل جمهورًا كبيرًا، ينقل له محبته حينما يصادفه في الأماكن العامة، فيما يقابل تلك المحبّة بابتسامة خجولة، وحفاوة تليق بمن يبديها، ليس فقط في عُمان، بل حتى على المستويين الخليجي والعربي، كما لاحظت خلال تكريم حكومة الشارقة له في "أيّام الشارقة المسرحيّة" مارس 2020، والأمر يتجاوز معرفة المشتغلين بالفن، إلى الجمهور الواسع، ولم أستغرب حضور امرأة مسنّة تتكئ على ابنتها الجلسةَ الحوارية التي أقامها فرع النادي الثقافي في مسندم بغرفة تجارة وصناعة عمان، وتحدّثت الفتاة على لسان أمّها معبّرة عن حرصها على حضور الجلسة، واللقاء بالفنان الذي كثيرًا ما رسم البسمة على وجهها وذاكرتها، وأسعدها مثلما أسعد الآلاف من جمهوره.
الموقف الثاني الذي جرى في تلك الجلسة أن شابّا قال إنه يدين بالفضل للفنان الكبير، لأنه أنقذ حياته من موت محقق، فاستغرب الفنان، لأنه لم يسبق له اللقاء به، ومعرفته، فسأله: كيف؟ أجاب الشاب: قبل أن أروي الموقف لا بدّ أن أقول إنني من محبّيك، ومتابعيك، والذي جرى لي أنني ذات يوم كنت أقود سيارتي في طريق خارجي، وغلبني النعاس، حاولت مقاومته، فلم أتمكّن، فغفوت، وكانت السيارة تترنّح في الطريق الذي لحسن الحظّ كان خاليًا من السيارات، وفجأة، حلمت بصالح زعل يجلس جواري، وكانت بيده عصا، فوكزني بها، وإذا بي أقوم من غفوتي، وانتبه للطريق، وأجتاز الخطر، بفضل وكزة عصا الفنان، الذي كان يتابع الحكاية باهتمام، وسعادة من يخدم الناس، وهو في بيته، "ينام ملء عيونه"، وفي تعليقه على هذه المشاعر قال: "طريق الفن صعب، ومليء بالمتاعب، ولكن محبة الجمهور كفيلة بإزالة كل تلك المتاعب"، وقد عرفتُ من مرافقتي له في تلك الزيارة جانبًا من تلك المتاعب من بينها، ما عرفته بعد مروره ببوّابة الفحص الإلكترونية، في مطار مسقط الدولي، وصدور صوت، ينذر بوجود مادة ممنوعة، قابله الفنان الكبير بابتسامة، فقلت له ممازحًا: ماذا تخبئ من ممنوعات "شايب خلف"، مشيرًا إلى إحدى أبرز الشخصيات التي أدّاها في التلفزيون بمسلسل "مسافر خانة" وبقي لليوم في ذاكرة الجمهور، وحين تساءلت، أجاب: "اعتدت سماع هذا الصوت، ففي ظهري توجد دعامات معدنيّة بسبب حادث تعرّضتُ له خلال أدائي لمشهد سقوطي من السفينة في فيلم (البوم)، وسقوط الفنان طالب البلوشي فوقي، وهذا تسبّب في كسر في أسفل الظهر، وبقيتُ طريح الفراش لشهور عدّة، وأجريتُ أكثر من عمليّة"، ولم تكن هذه الحادثة وحيدة من نوعها في حياة الفنان، بل سبق ذلك تعرّضه لخطر هجوم ثور عليه في سهرة (المناطحة) التلفزيونية، للمخرج د. خالد الزدجالي، وكان يمثل دور صاحب الثور، فترك الثور الساحة، واتّجه نحوه، فوقع على الأرض، وحدثت له رضوض في عظامه، فيما نجا من نطحة قاتلة، ومواقف أخرى حصلت له، ولكن هذه المحبة كادت أن تسبب له مشكلة عندما كان في طريقه لتصوير مسلسل (اسمع وشوف) للمخرج عارف الطويل، وشاهد سوّاق السيارات في الطريق يشيرون له، فظنّ أن هؤلاء من بين جمهوره الذي اعتاد على تحيته، فردّ بأحسن منها، وواصل سيره، وواصل أصحاب السيارات والمارة رفع الأيدي له، وهو يكتفي بتحية الجمهور، واستغرب هجمة الإعجاب التي اكتسحت جمهوره، لكنّ أكثر من سيارة عندما لاحظت أنه لم يتسلم الإشارة ساروا بموازاته، وأشاروا له أن خطرًا محدقًا يتهدّده، ولم يكن ذلك الخطر غير حريق نشب في سيارته خلال سيره، فأنقذه الله منه، وقد لاحظتُ محبّة الناس له في مسقط، فعندما تذكّر أنه نسي مفتاح سيارته بجيبه، حين ودّعته زوجته في المطار، وما كان من أحد الشباب الذين يعملون في المطار إلا أخذه منه، وإيصاله للبيت، فمحبة الجمهور كانت كثيرًا ما تخفّف عليه، وخلال زيارتنا لمسندم لاحظت حب الناس له، الذي يعبّرون عنه بدعوة إلى فنجان قهوة، وسلام وكلام، والتقاط "سيلفيات"، وأهدته صاحبة محلّ من المحلات الشعبيّة عصا "الجرز" ذات الرمزية التراثية والتاريخية في مسندم، فتوكأ عليها مثلما يتكئ في كل مكان يحلّ به على محبة الجمهور.
* عبدالرزاق الربيعي شاعر وكاتب مسرحي
نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي
الموقف الثاني الذي جرى في تلك الجلسة أن شابّا قال إنه يدين بالفضل للفنان الكبير، لأنه أنقذ حياته من موت محقق، فاستغرب الفنان، لأنه لم يسبق له اللقاء به، ومعرفته، فسأله: كيف؟ أجاب الشاب: قبل أن أروي الموقف لا بدّ أن أقول إنني من محبّيك، ومتابعيك، والذي جرى لي أنني ذات يوم كنت أقود سيارتي في طريق خارجي، وغلبني النعاس، حاولت مقاومته، فلم أتمكّن، فغفوت، وكانت السيارة تترنّح في الطريق الذي لحسن الحظّ كان خاليًا من السيارات، وفجأة، حلمت بصالح زعل يجلس جواري، وكانت بيده عصا، فوكزني بها، وإذا بي أقوم من غفوتي، وانتبه للطريق، وأجتاز الخطر، بفضل وكزة عصا الفنان، الذي كان يتابع الحكاية باهتمام، وسعادة من يخدم الناس، وهو في بيته، "ينام ملء عيونه"، وفي تعليقه على هذه المشاعر قال: "طريق الفن صعب، ومليء بالمتاعب، ولكن محبة الجمهور كفيلة بإزالة كل تلك المتاعب"، وقد عرفتُ من مرافقتي له في تلك الزيارة جانبًا من تلك المتاعب من بينها، ما عرفته بعد مروره ببوّابة الفحص الإلكترونية، في مطار مسقط الدولي، وصدور صوت، ينذر بوجود مادة ممنوعة، قابله الفنان الكبير بابتسامة، فقلت له ممازحًا: ماذا تخبئ من ممنوعات "شايب خلف"، مشيرًا إلى إحدى أبرز الشخصيات التي أدّاها في التلفزيون بمسلسل "مسافر خانة" وبقي لليوم في ذاكرة الجمهور، وحين تساءلت، أجاب: "اعتدت سماع هذا الصوت، ففي ظهري توجد دعامات معدنيّة بسبب حادث تعرّضتُ له خلال أدائي لمشهد سقوطي من السفينة في فيلم (البوم)، وسقوط الفنان طالب البلوشي فوقي، وهذا تسبّب في كسر في أسفل الظهر، وبقيتُ طريح الفراش لشهور عدّة، وأجريتُ أكثر من عمليّة"، ولم تكن هذه الحادثة وحيدة من نوعها في حياة الفنان، بل سبق ذلك تعرّضه لخطر هجوم ثور عليه في سهرة (المناطحة) التلفزيونية، للمخرج د. خالد الزدجالي، وكان يمثل دور صاحب الثور، فترك الثور الساحة، واتّجه نحوه، فوقع على الأرض، وحدثت له رضوض في عظامه، فيما نجا من نطحة قاتلة، ومواقف أخرى حصلت له، ولكن هذه المحبة كادت أن تسبب له مشكلة عندما كان في طريقه لتصوير مسلسل (اسمع وشوف) للمخرج عارف الطويل، وشاهد سوّاق السيارات في الطريق يشيرون له، فظنّ أن هؤلاء من بين جمهوره الذي اعتاد على تحيته، فردّ بأحسن منها، وواصل سيره، وواصل أصحاب السيارات والمارة رفع الأيدي له، وهو يكتفي بتحية الجمهور، واستغرب هجمة الإعجاب التي اكتسحت جمهوره، لكنّ أكثر من سيارة عندما لاحظت أنه لم يتسلم الإشارة ساروا بموازاته، وأشاروا له أن خطرًا محدقًا يتهدّده، ولم يكن ذلك الخطر غير حريق نشب في سيارته خلال سيره، فأنقذه الله منه، وقد لاحظتُ محبّة الناس له في مسقط، فعندما تذكّر أنه نسي مفتاح سيارته بجيبه، حين ودّعته زوجته في المطار، وما كان من أحد الشباب الذين يعملون في المطار إلا أخذه منه، وإيصاله للبيت، فمحبة الجمهور كانت كثيرًا ما تخفّف عليه، وخلال زيارتنا لمسندم لاحظت حب الناس له، الذي يعبّرون عنه بدعوة إلى فنجان قهوة، وسلام وكلام، والتقاط "سيلفيات"، وأهدته صاحبة محلّ من المحلات الشعبيّة عصا "الجرز" ذات الرمزية التراثية والتاريخية في مسندم، فتوكأ عليها مثلما يتكئ في كل مكان يحلّ به على محبة الجمهور.
* عبدالرزاق الربيعي شاعر وكاتب مسرحي
نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي