ترجمة أحمد شافعي
دأب القادة الصينيون والباكستانيون منذ سنوات على وصف علاقتهم ـ التي صاغها ما بين البلدين من تنافس مع جارتهما الهندية ـ بأنها أكثر من "سمن على عسل". لكن رؤية الجيش الباكستاني للعلاقة مع الصين يبدو أنها آخذة في المرارة منحرفة عن رؤية القيادة السياسية.
في الشهر الماضي، بعد أن رفض رئيس الوزراء عمران خان دعوة إدارة بايدن لمؤتمر (قمة الديمقراطية)، نشر مذيع الأخبار في التلفزيون الباكستاني كمران خان فيديو على موقع تواصل اجتماعي يشجب فيه "القرار الخاطئ" قائلا إنه اتخذ بإملاء من الصين (والصين لم تتلق دعوة إلى القمة ولم تبد سعادة بها). أعرب المذيع عن أسفه لأنه رأى أن رئيس الوزراء وضع باكستان بهذه الخطوة "صراحةً في حضن الصين". وقال إن قروض الصين أوقعت إسلام أباد في "شرك"، بل ودعا إلى "مراجعة" لما في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني من إيجابيات وسلبيات، إذ أنه جلب على باكستان ديونا بمليارات الدولارات في استثمارات البنية الأساسية والطاقة.
في باكستان تقع حرية الصحافة والسياسة في منطقة رمادية، وثمة خطوط حمراء يديرها الجيش باعتناء. فتكفي مكالمة هاتفية أو رسالة عبر واتساب لكي يرغم العسكر محررا متجاوزا على الرجوع إلى الخطوط المرسومة.
ومن ثم فإن الدعوة إلى إعادة النظر في العلاقات مع الصين حين تأتي من أحد أبرز الأصوات الإعلامية في باكستان فإنها لا تكون محاولة عشوائية للفت الأنظار. ولكنها تعكس رضا من سادة البلد ذوي اللباس الكاكي إن لم تكن نتيجة أوامر منهم. ففي واقع الأمر أن جيش باكستان كان يفضل ـ بحسب ما قال دبلوماسي أمريكي متقاعد ـ لو حضر رئيس الوزراء عمران خان قمة بايدن لتجديد دم العلاقة مع القوى العظمى بعد فتور من جانبها.
مؤكد أن الجنرالات لا يكنُّون كثيرا من الحب للديمقراطية أو لأمريكا نفسها في هذا الصدد. ولكن ما يفعلونه إنما هو إحساس حاد بالواقعية وإيمان راسخ بأن الجيش هو حامي المصلحة الوطنية (والجيش إما حكم بصورة مباشرة أو كان له نفوذ سياسي قوي وإن يكن غير مباشر في أغلب تاريخ باكستان).
ولا بد أن قيادة الجيش تعلم أنها ليس لها أصدقاء دائمون بين القوى السياسية في الداخل أو في الخارج. وهي تسعى دائما إلى امتلاك مجال للمناورة الاستراتيجية، فتوازن بين القوى المحلية والأجنبية في استجابتها للواقع المتغير وتجتنب الاعتماد على نصير واحد أو وكيل واحد أو حليف واحد.
وخير مثال على ذلك هو العلاقة التاريخية المتقطعة بين الولايات المتحدة وباكستان. فقد قربت هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من غزو أمريكي لأفغانستان بين إسلام أباد وواشنطن. ولم تكن لباكستان التي يحكمها الجيش من فرصة إلا قبول فيض من المطالب الأمريكية ومنها المساعدة في الإطاحة بنظام طالبان الحاكم الذي كانت تراه باكستان نظاما وديا.
بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي، استأنفت باكستان دعمها السري لطالبان، رامية إلى إجبار الولايات المتحدة على التفاوض من أجل الانسحاب. وفي العام الماضي حصلت باكستان على ما أرادت. لكن الآن، بعد إنفاق عقدين في العمل على إخراج أمريكا من أفغانستان، يبدو أن الجيش الباكستاني يريد رجوعها إلى المنطقة.
لأنه مع احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، يخشى الجيش الباكستاني من الوقوع في شرك طريق مسدود مع بكين. لذلك يسعى إلى الموازنة بين القوتين العظميين من خلال التمسك بمجالات التعاون التي يمكن أن تنقذ العلاقة مع واشنطن، ومن هذه المجالات مكافحة الإرهاب والتبادل التجاري.
في المقابل يبدو أن رئيس الوزراء يتحرك بناء على مشاعر شخصية. فهو معجب بنظام الصين السياسي، وبخاصة المكتسبات التي حققها ضد الفقر وإجراءاته الصارمة في مكافحة الفساد. ولديه نزعة مناهضة لأمريكا تفسر تقبله للضغط الصيني.
ومع ذلك لا يبدو أن الجيش يحمل مثل هذه الضغائن. فتركيزه ينصب على الحاضر والمستقبل اللذين ينذران في ما يبدو بالشؤم. فالاقتصاد الباكستاني متعثر، وهذا وضع يمثل وصفة مضمونة للاضطراب السياسي والاجتماعي، وكذلك لتخفيض الإنفاق العسكري.
ومع جفاف الصنبور الصيني ـ في ضوء تجنب بكين المتزايد لإقراض البلاد عالية المخاطرة ـ وتدهور أوجاع الصين الاقتصادية، فإن أغلب قيادة الجيش ترى أن وطنية عمران خان المفرطة تفضي إلى نتائج عكسية، ويزداد قادة الجيش نظرا إليه باعتباره ضررا أكثر منه نفعا. وهو ما يساعد في تفسير المبادرات المقدمة لواشنطن، والتي لا تقتصر على رسائل قمة الديمقراطية بل وتمتد إلى السماح النادر للدبلوماسيين الأمريكيين بالوصول إلى ميناء جوادر الذي تشغِّله الصين ويخضع لسيطرة محكمة.
ولكن الرجوع إلى أمريكا لا يرجح أن يقطع شوطا كبيرا. فقد نفد من واشنطن حسن الظن بباكستان، وبخاصة في ضوء دعم باكستان المخابراتي لطالبان. وليست خطايا إسلام أباد هي الدافع الوحيد لانقطاع ما بين الولايات المتحدة وباكستان. فواشنطن احتضنت الهند بإخلاص، ساعية إلى دعم صعودها لتكون قوة عالمية، حتى برغم تحرك البلد باتجاه استبدادية قومية هندوسية. فمرة تلو المرة سمحت واشنطن بـ "الاستثناء الهندي" في سياسات حقوق الإنسان والانتشار النووي، بما جعل نيوديلهي تزداد جسارة وإسلام أباد تزداد خطرا.
وفي حين تنامت في السنين الأخيرة علاقات باكستان بروسيا وتركيا، فإن الصين أصبحت خيارها الواضح وبديلها المنطقي للولايات المتحدة.
بوصول العلاقات مع واشنطن إلى الحضيض في عام 2011، التفتت إسلام أباد إلى بكين للحصول على معدات عسكرية لم يتيسر لها الحصول عليها من أمريكا، ومنها طائرات مسيرة، وطائرات متطورة. سارعت الصين وباكستان من وتيرة تصنيعهما المشترك لطائرة مقاتلة قليلة التكلفة تشكل العمود الفقري للقوة الجوية الباكستانية. وأصبحت باكستان البلد الأجنبي الوحيد المسموح له بإمكانية الوصول إلى النسخة الصينية من قمر بيدو الصيني للخدمات الملاحية.
وفي حين يبدو أن الجنرالات الباكستانيين يضيقون باحتمال الوقوع في جانب الصين في حرب باردة جديدة، فقد انتفعوا أيضا من شجاعة بكين الجديدة، كما حدث حينما اضطرت الهند في العام الماضي إلى تحويل قوات من جبهة باكستان إلى الحدود مع الصين.
فقد حجَّم الخوف من نشوب حرب على جبهتين مع الصين وباكستان موقف نيوديلهي تجاه باكستان في الوقت الراهن. لكنه زاد أيضا من قوة العناق الهندوأمريكي. والمفارقة أن شراكة باكستان مع الصين قد تؤتي ثمارها جيدا.
لمقاومة الصين، تقهر الهند موانعها للاصطفاف مع الأمريكيين، وتخفف من "استقلالها الذاتي الاستراتيجي"، وتعمق التعاون الدفاعي الثنائي. وهذا بدوره يزيد باكستان اعتمادا على الصين، أكبر موردي السلاح لها وأكبر دائن ثنائي لها. وذلك كله يضاعف مخاوف الجيش الباكستاني من الوقوع في مأزق استراتيجي.
في ثنايا ذلك تعلمت باكستان درس صعبا مفاده أنه في ما يتعلق بالتبادل التجاري والإقراض، فإن علاقتها الخاصة بالصين لا تصبح خاصة للغاية.
فقد بدأت إسلام أباد في 2020 محاولة إعادة التفاوض على عقود الطاقة الكهربائية الباهظة التي تهورت ووقعتها مع شركات صينية. فلم تقتصر الصين على رفض ذلك، بل هي تصر على أن تسدد إسلام أباد 1.4 مليار دولار من المتأخرات المستحقة لمنتجي الطاقة الصينيين.
لقد وضعت باكستان جميع بيضها تقريبا في سلة واحدة، وهي تتعلم الآن قيود أن يكون بلد ما "حليفا" للصين. ومأزق باكستان يطرح دروسا لبلاد أصغر في ما يتعلق بشق الطريق إلى حقبة جديدة من التنافس الأمريكي الصيني، ومفاد هذه الدروس هو أنه: لا تتبعوا الصين اتباع العميان متخذين منها بديلا للولايات المتحدة. ففي البيع والشراء، تتبع الصين نهج التجار مع الأصحاب والأعداء على السواء.
وهكذا، في حين يبدو أن الجيش الباكستاني يحاول النأي بنفسه، فربما يكون الأوان قد فات الفعل.
• عارف رفيق رئيس مركز فيزير لاستشارات المخاطرة السياسية المتخصصة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
** خدمة نيويورك تايمز "خاص عمان"
دأب القادة الصينيون والباكستانيون منذ سنوات على وصف علاقتهم ـ التي صاغها ما بين البلدين من تنافس مع جارتهما الهندية ـ بأنها أكثر من "سمن على عسل". لكن رؤية الجيش الباكستاني للعلاقة مع الصين يبدو أنها آخذة في المرارة منحرفة عن رؤية القيادة السياسية.
في الشهر الماضي، بعد أن رفض رئيس الوزراء عمران خان دعوة إدارة بايدن لمؤتمر (قمة الديمقراطية)، نشر مذيع الأخبار في التلفزيون الباكستاني كمران خان فيديو على موقع تواصل اجتماعي يشجب فيه "القرار الخاطئ" قائلا إنه اتخذ بإملاء من الصين (والصين لم تتلق دعوة إلى القمة ولم تبد سعادة بها). أعرب المذيع عن أسفه لأنه رأى أن رئيس الوزراء وضع باكستان بهذه الخطوة "صراحةً في حضن الصين". وقال إن قروض الصين أوقعت إسلام أباد في "شرك"، بل ودعا إلى "مراجعة" لما في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني من إيجابيات وسلبيات، إذ أنه جلب على باكستان ديونا بمليارات الدولارات في استثمارات البنية الأساسية والطاقة.
في باكستان تقع حرية الصحافة والسياسة في منطقة رمادية، وثمة خطوط حمراء يديرها الجيش باعتناء. فتكفي مكالمة هاتفية أو رسالة عبر واتساب لكي يرغم العسكر محررا متجاوزا على الرجوع إلى الخطوط المرسومة.
ومن ثم فإن الدعوة إلى إعادة النظر في العلاقات مع الصين حين تأتي من أحد أبرز الأصوات الإعلامية في باكستان فإنها لا تكون محاولة عشوائية للفت الأنظار. ولكنها تعكس رضا من سادة البلد ذوي اللباس الكاكي إن لم تكن نتيجة أوامر منهم. ففي واقع الأمر أن جيش باكستان كان يفضل ـ بحسب ما قال دبلوماسي أمريكي متقاعد ـ لو حضر رئيس الوزراء عمران خان قمة بايدن لتجديد دم العلاقة مع القوى العظمى بعد فتور من جانبها.
مؤكد أن الجنرالات لا يكنُّون كثيرا من الحب للديمقراطية أو لأمريكا نفسها في هذا الصدد. ولكن ما يفعلونه إنما هو إحساس حاد بالواقعية وإيمان راسخ بأن الجيش هو حامي المصلحة الوطنية (والجيش إما حكم بصورة مباشرة أو كان له نفوذ سياسي قوي وإن يكن غير مباشر في أغلب تاريخ باكستان).
ولا بد أن قيادة الجيش تعلم أنها ليس لها أصدقاء دائمون بين القوى السياسية في الداخل أو في الخارج. وهي تسعى دائما إلى امتلاك مجال للمناورة الاستراتيجية، فتوازن بين القوى المحلية والأجنبية في استجابتها للواقع المتغير وتجتنب الاعتماد على نصير واحد أو وكيل واحد أو حليف واحد.
وخير مثال على ذلك هو العلاقة التاريخية المتقطعة بين الولايات المتحدة وباكستان. فقد قربت هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما أعقبها من غزو أمريكي لأفغانستان بين إسلام أباد وواشنطن. ولم تكن لباكستان التي يحكمها الجيش من فرصة إلا قبول فيض من المطالب الأمريكية ومنها المساعدة في الإطاحة بنظام طالبان الحاكم الذي كانت تراه باكستان نظاما وديا.
بحلول منتصف العقد الأول من القرن الحالي، استأنفت باكستان دعمها السري لطالبان، رامية إلى إجبار الولايات المتحدة على التفاوض من أجل الانسحاب. وفي العام الماضي حصلت باكستان على ما أرادت. لكن الآن، بعد إنفاق عقدين في العمل على إخراج أمريكا من أفغانستان، يبدو أن الجيش الباكستاني يريد رجوعها إلى المنطقة.
لأنه مع احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، يخشى الجيش الباكستاني من الوقوع في شرك طريق مسدود مع بكين. لذلك يسعى إلى الموازنة بين القوتين العظميين من خلال التمسك بمجالات التعاون التي يمكن أن تنقذ العلاقة مع واشنطن، ومن هذه المجالات مكافحة الإرهاب والتبادل التجاري.
في المقابل يبدو أن رئيس الوزراء يتحرك بناء على مشاعر شخصية. فهو معجب بنظام الصين السياسي، وبخاصة المكتسبات التي حققها ضد الفقر وإجراءاته الصارمة في مكافحة الفساد. ولديه نزعة مناهضة لأمريكا تفسر تقبله للضغط الصيني.
ومع ذلك لا يبدو أن الجيش يحمل مثل هذه الضغائن. فتركيزه ينصب على الحاضر والمستقبل اللذين ينذران في ما يبدو بالشؤم. فالاقتصاد الباكستاني متعثر، وهذا وضع يمثل وصفة مضمونة للاضطراب السياسي والاجتماعي، وكذلك لتخفيض الإنفاق العسكري.
ومع جفاف الصنبور الصيني ـ في ضوء تجنب بكين المتزايد لإقراض البلاد عالية المخاطرة ـ وتدهور أوجاع الصين الاقتصادية، فإن أغلب قيادة الجيش ترى أن وطنية عمران خان المفرطة تفضي إلى نتائج عكسية، ويزداد قادة الجيش نظرا إليه باعتباره ضررا أكثر منه نفعا. وهو ما يساعد في تفسير المبادرات المقدمة لواشنطن، والتي لا تقتصر على رسائل قمة الديمقراطية بل وتمتد إلى السماح النادر للدبلوماسيين الأمريكيين بالوصول إلى ميناء جوادر الذي تشغِّله الصين ويخضع لسيطرة محكمة.
ولكن الرجوع إلى أمريكا لا يرجح أن يقطع شوطا كبيرا. فقد نفد من واشنطن حسن الظن بباكستان، وبخاصة في ضوء دعم باكستان المخابراتي لطالبان. وليست خطايا إسلام أباد هي الدافع الوحيد لانقطاع ما بين الولايات المتحدة وباكستان. فواشنطن احتضنت الهند بإخلاص، ساعية إلى دعم صعودها لتكون قوة عالمية، حتى برغم تحرك البلد باتجاه استبدادية قومية هندوسية. فمرة تلو المرة سمحت واشنطن بـ "الاستثناء الهندي" في سياسات حقوق الإنسان والانتشار النووي، بما جعل نيوديلهي تزداد جسارة وإسلام أباد تزداد خطرا.
وفي حين تنامت في السنين الأخيرة علاقات باكستان بروسيا وتركيا، فإن الصين أصبحت خيارها الواضح وبديلها المنطقي للولايات المتحدة.
بوصول العلاقات مع واشنطن إلى الحضيض في عام 2011، التفتت إسلام أباد إلى بكين للحصول على معدات عسكرية لم يتيسر لها الحصول عليها من أمريكا، ومنها طائرات مسيرة، وطائرات متطورة. سارعت الصين وباكستان من وتيرة تصنيعهما المشترك لطائرة مقاتلة قليلة التكلفة تشكل العمود الفقري للقوة الجوية الباكستانية. وأصبحت باكستان البلد الأجنبي الوحيد المسموح له بإمكانية الوصول إلى النسخة الصينية من قمر بيدو الصيني للخدمات الملاحية.
وفي حين يبدو أن الجنرالات الباكستانيين يضيقون باحتمال الوقوع في جانب الصين في حرب باردة جديدة، فقد انتفعوا أيضا من شجاعة بكين الجديدة، كما حدث حينما اضطرت الهند في العام الماضي إلى تحويل قوات من جبهة باكستان إلى الحدود مع الصين.
فقد حجَّم الخوف من نشوب حرب على جبهتين مع الصين وباكستان موقف نيوديلهي تجاه باكستان في الوقت الراهن. لكنه زاد أيضا من قوة العناق الهندوأمريكي. والمفارقة أن شراكة باكستان مع الصين قد تؤتي ثمارها جيدا.
لمقاومة الصين، تقهر الهند موانعها للاصطفاف مع الأمريكيين، وتخفف من "استقلالها الذاتي الاستراتيجي"، وتعمق التعاون الدفاعي الثنائي. وهذا بدوره يزيد باكستان اعتمادا على الصين، أكبر موردي السلاح لها وأكبر دائن ثنائي لها. وذلك كله يضاعف مخاوف الجيش الباكستاني من الوقوع في مأزق استراتيجي.
في ثنايا ذلك تعلمت باكستان درس صعبا مفاده أنه في ما يتعلق بالتبادل التجاري والإقراض، فإن علاقتها الخاصة بالصين لا تصبح خاصة للغاية.
فقد بدأت إسلام أباد في 2020 محاولة إعادة التفاوض على عقود الطاقة الكهربائية الباهظة التي تهورت ووقعتها مع شركات صينية. فلم تقتصر الصين على رفض ذلك، بل هي تصر على أن تسدد إسلام أباد 1.4 مليار دولار من المتأخرات المستحقة لمنتجي الطاقة الصينيين.
لقد وضعت باكستان جميع بيضها تقريبا في سلة واحدة، وهي تتعلم الآن قيود أن يكون بلد ما "حليفا" للصين. ومأزق باكستان يطرح دروسا لبلاد أصغر في ما يتعلق بشق الطريق إلى حقبة جديدة من التنافس الأمريكي الصيني، ومفاد هذه الدروس هو أنه: لا تتبعوا الصين اتباع العميان متخذين منها بديلا للولايات المتحدة. ففي البيع والشراء، تتبع الصين نهج التجار مع الأصحاب والأعداء على السواء.
وهكذا، في حين يبدو أن الجيش الباكستاني يحاول النأي بنفسه، فربما يكون الأوان قد فات الفعل.
• عارف رفيق رئيس مركز فيزير لاستشارات المخاطرة السياسية المتخصصة في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
** خدمة نيويورك تايمز "خاص عمان"