بينيام بيداسو -

تيلاهون أميرو -

إن القرار الأخير لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإلغاء أهلية إثيوبيا لقانون النمو والفرص الأفريقي قد أحيا الجدل المتعلق بفعالية فرض عقوبات على الدول الفقيرة. لقد أشارت الإدارة إلى «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا» في الصراع في شمال أثيوبيا كأساس لهذه الخطوة ولكن من غير الواضح كيف أن إقصاء أثيوبيا من البرنامج سوف ينهي الانتهاكات وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار مشاركة العديد من الأطراف الحكومية وغير الحكومية في الصراع.

إن قانون النمو والفرص الأفريقي يعطي الدول المؤهلة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية القدرة على الوصول للسوق الأمريكية بدون دفع الرسوم الجمركية بالنسبة لمنتجات مختارة. إن من المحتمل أن تفقد إثيوبيا إمكانية الوصول التفضيلي إلى جزء من السوق بقيمة 240 مليون دولار، وهو ما يعادل حوالي 9٪ من إجمالي صادرات البلاد وستكون الخسائر أكثر حدة في صناعات الملابس والجلود التي توظف حوالي 200000 شخص معظمهم من النساء. بشكل عام، يوجد القليل من الدعم النظري لاستخدام العقوبات الاقتصادية الدولية للتأثير على السلوك السياسي المحلي للحكومات علما أن التفسيرات الموجودة هناك مستمدة من نموذج هيكشر - أولين للتجارة الدولية، والذي بموجبه يستفيد البلد من تصدير السلع المنتجة بموارده الوفيرة واستيراد السلع التي تستخدم موارد شحيحة. لو تم فرض العقوبات وأصحبت التجارة محدودة سيتم تعطيل توازن العرض والطلب في البلد وسوف تنخفض الرفاهية العامة وهو شيء عادة ما يرغب القادة السياسيين في تجنبه. لكن النموذج يفترض أن هناك اثنين فقط من الشركاء التجاريين وفي العالم الحقيقي فإن الإنتاج وسلاسل القيمة معقدة جدا والأسواق متنوعة. إن العقوبات الأحادية يمكنها أن تلحق ضرراً كبيراً بينما تتأقلم النماذج التجارية مع الواقع الجديد ولكن هذه تكاليف قصيرة المدى وخاصة عندما تتنافس القوى العظمى على النفوذ فعلى سبيل المثال بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية شطب بلدان من قانون النمو والفرص الأفريقي، أعلنت الصين خططاً «لتوسيع المعاملة المتعلقة بصفر تعرفة جمركية بالنسبة للمنتجات» واستيراد بضائع أفريقية بقيمة 300 مليار دولار أمريكي خلال الثلاث سنوات القادمة. لا يزال من المتوقع أن يؤدي قرار طرد دولة ما من قانون النمو والفرص الأفريقي إلى الضغط على حكومتها بثلاث طرق: حرمانها من عائدات الضرائب وتقييد حصولها على العملات الأجنبية وتشجيع المستثمرين ومجموعات المصالح على الضغط من أجل تغيير السياسة، لكن من غير المرجح أن تنجح أي من وسائل الضغط تلك في إثيوبيا. من أجل تحفيز النمو في قطاع الصناعات الخفيفة التنافسي بشكل كبير ضمن الاقتصاد العالمي، تبنت أثيوبيا نظام منخفض الضرائب لإنتاج الملابس والسلع الجلدية. لقد طورّت مجمعات صناعية تسمح للشركات الأجنبية ببدء الإنتاج بأدنى حد من الإنفاق الأولي وقدّمت عرض بضرائب مخفضة لتشجيع الاستثمار طويل الأجل وخلال المراحل الأولى من دورة الاستثمار تتمثل الفوائد الفورية في توفير فرص العمل وإيرادات العملات الأجنبية وليس الإيرادات الضريبية.

سوف تخسر أثيوبيا بعض العملات الأجنبية بسبب خطوة إدارة بايدن ولكن الخسارة من المرجح أن تؤثر على إمدادات وأسعار المواد الاستهلاكية المستوردة بدلا من أي منتج أو خدمة قد تساهم في «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان».

الأهم من ذلك كله، أن طرد أثيوبيا من قانون النمو والفرص الأفريقي لن يحد من احتمالية أن يضغط المستثمرون على الحكومات لتغيير سلوكها فحسب، بل أيضا سيحد من نمو القطاع الخاص الذي كان من الممكن أن يكون له مصلحة أكيدة في عمل ذلك بالمستقبل. لقد سعى العديد من مستثمري أثيوبيا الأجانب إلى الاستفادة من مزايا قانون النمو والفرص الأفريقي من أجل إنتاج البضائع للسوق الأمريكي ونظرا لأنه تم إنهاء هذا الوصول التفضيلي للسوق الأمريكي، فإن هذه الشركات لم يعد لديها أي سبب يذكر للبقاء في البلاد. إن الشركات التي استثمرت في أثيوبيا أو فكرت في الاستثمار فيها كان من الممكن أن تتوسط بين الحكومتين الأمريكية والأثيوبية ولكن مصالحها في أثيوبيا ليست كبيرة لدرجة بذل الكثير من رأس المال السياسي في الضغط علما أنه في الماضي شجّعت الحكومة الأمريكية صناعات النسيج والملابس فيها على الاستثمار في أثيوبيا والآن بعد أن عرّض التعليق هذه الشركات لتكاليف غير متوقعة تتعلق بنقل الإنتاج، فإن من غير المرجح أن تزيد استثماراتها في البلاد. والأسوأ من ذلك أن مثل هذه الشكوك سوف تجعل العديد من المستثمرين الأمريكيين حذرين من الاستثمار في دول أفريقية أخرى أيضا، وفي حين أن إثيوبيا معرضة للخسارة الأكبر من العقوبات الأخيرة، فإن الخسائر المحتملة تتجاوز حدودها. سوف يتحمل العبء الأكبر لتلك العقوبات العمال محدودي المهارة وغير المنظمين والذين سيفقدون وظائفهم عندما تغادر الشركات الأجنبية التي استفادت من قانون النمو والفرص الأفريقي البلاد. سوف يعاني أولئك العمال كذلك من الخسارة الإجمالية للفرص الاستراتيجية المتعلقة بالنمو الصناعي والتي كان يمكن أن تأتي من التصدير للسوق الأمريكي وبالإضافة إلى ذلك فإن الأجيال المستقبلية سوف تتحمل تكلفة بنية تحتية تم تمويلها من خلال الديون والتي جعلتها العقوبات أقل إنتاجية. بالنظر إلى واقع الاقتصاد العالمي، فإن العقوبات مثل طرد إثيوبيا من قانون النمو والفرص الأفريقي لن تغير سلوك النخب السياسية وبدلاً من ذلك، فإنها ستقّوض التنمية المستدامة وجهود مكافحة الفقر وتهدد سبل عيش الفئات الأكثر ضعفاً.

بينيام بيداسو باحث مشارك أول في مركز التنمية العالمية.

تيلاهون أميرو أستاذ مساعد للاقتصاد في كلية ليك فورست.