مع الوضع في الاعتبار الخطابات التي ألقاها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - منذ تولى جلالته مقاليد الحكم قبل عامين وتأكيد جلالته على المضي قدما على نهج السلطان الراحل قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، واتخاذ ما يلزم من أجل النهوض بعمان، الدولة والمجتمع والمواطن، في المرحلة الثانية من نهضتها المتجددة، وهو ما يتم العمل في إطاره على قدم وساق، فإنه ليس من المبالغة في شيء القول بأن الخطاب الذي ألقاه جلالته، أعزه الله، في الأسبوع الماضي، بمناسبة الذكرى الثانية لتوليه مقاليد الحكم، يتسم بالكثير من الأهمية والدلالة، من زاوية محددة تتمثل في أن الخطاب في مجمله وبمكوناته، وعناصره المتتابعة، إنما يشكل في الواقع خطة عمل من أجل المستقبل، وذلك بحكم أن المستقبل يتم بناؤه الآن، أي عبر الحاضر ومن خلاله.. وإذا كان من الصحيح أن عددا من عناصر خطاب الحادي عشر من يناير قد أشار إليها جلالته في خطابات سابقة، إلا أن الصحيح أيضا هو أن هذا الخطاب يمثل في الواقع كلا متكاملا، أو خطة عمل وطنية متكاملة العناصر من ناحية، وأن تكرار الإشارة إلى عناصر معينة إنما هو من قبيل التأكيد السامي على أهميتها وأولويتها في إطار برامج العمل الوطنية التي تمثل رؤية "عمان 2040" مظلتها الأساسية، والتي يتم تنفيذها تفصيليا من خلال برامج التنمية التي تتحدد في إطار خطة التنمية الخمسية العاشرة وما يليها من خطط تنموية حتى عام 2040 من ناحية ثانية. وفي ضوء ذلك فإن الخطاب السامي في الحادي عشر من يناير، ينبغي التوقف أمامه طويلا لدراسته واستيعابه والعمل بمضامينه ووفق العناصر التي تضمنها، وهو أمر لا يقتصر فقط على وسائل الإعلام العمانية، بحكم دورها الوطني التنويري، ولكنه يمتد أيضا إلى مختلف مؤسسات الدولة، التشريعية - مجلس عمان بجناحيه الممثلين في مجلس الدولة ومجلس الشورى، والمؤسسات الثقافية والتعليمية والاجتماعية والتوعوية الأخرى أيا كان القطاع الذي تعمل فيه، وذلك بالنظر إلى أن رسالة الخطاب السامي هي رسالة وطنية شاملة وموجهة إلى المجتمع العماني، بكل قطاعاته ومكوناته، ومن ثم فإن على كل القطاعات أن تتلقف هذه الرسالة وأن تعمل بها وفي إطارها كالتزام وواجب وطني يحظى بالأولوية القصوى. وفي هذا الإطار فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى عدد من الجوانب، لعل من أهمها ما يأتي:
أولا: إنه في ظل تعدد عناصر خطة العمل للمستقبل التي تضمنها الخطاب السامي فإنه سيتم تناول بعض جوانبها على سبيل المثال وليس الحصر، وهو ما يتجاوز المساحة المتاحة بكثير، وبينما أشار جلالته إلى ركيزة مهمة من ركائز القوة لمسيرة النهضة المتجددة والمتمثلة في الاستفادة من "الماضي ومن دروس التاريخ" بكل ما يعنيه ذلك من معنى مع التطلع إلى المستقبل "بعزيمة وثبات وبتماسك أبنائها ووحدتهم" باعتبار أن تماسك أبناء الوطن ووحدتهم، كان ولا يزال في مقدمة عناصر القوة الوطنية العمانية. وجلالته - أعزه الله - أكد في الوقت ذاته "فإننا لن نتوانى عن بذل كل ما هو متاح لتحقيق ذلك" من "أجل صون مكتسباتنا وما تحقق على هذه الأرض الطيبة من منجزات.. ومن أجل بناء مستقبل زاهر لأبنائنا الأوفياء في كل شبر من هذا الوطن".
ومما له دلالة ومعنى عميق أن جلالته أكد على ثقته في إدراك المواطنين العمانيين للتحديات التي مرت بها البلاد والتي يتم التعامل معها "بحكمة وصبر مسترشدين برؤية عمان 2040 فتحسن أداؤنا اقتصاديا وماليا وبدأنا نكمل لكم ومعكم طريق النماء والازدهار"، وهي رسالة أمل وثقة في المستقبل وفي ما يتم اتباعه من خطط وبرامج، أعرب جلالته عن "الرضا تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي الذي تحسن كثيرا ولله الحمد" ، واستمرارا للنجاح الذي تحقق أكد جلالته على أن "هدف استدامة مقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية أسمى أهداف هذه المرحلة"، وبالنظر إلى الدور المحوري للشباب، باعتبارهم مخزون القوة الوطنية الذي لا ينضب فقد أكد جلالته مرة أخرى على جعل الشباب "في صميم اهتمامنا واهتمام حكومتنا متابعين الجهود المبذولة لإشراكهم في بناء الوطن وسنحرص على أن تكون هذه الشراكة أكثر شمولية وأعمق أثرا".
ثانيا: إنه في إطار الاستفادة من الماضي ودروس التاريخ وما تحقق خلال المرحلة الأولى من مسيرة النهضة العمانية الحديثة فإن مما له دلالة عميقة أن يؤكد جلالة السلطان هيثم بن طارق - أعزه الله - على ركيزة جوهرية أثبتت نجاحها أمس ونحتاج إليها بشكل أقوى اليوم وغدا، وهي العناية بالحفاظ على الهوية الوطنية العمانية، وعلى السمات المميزة للشخصية العمانية، قيما وتقاليد وممارسة، ومن ثم فإن مما له دلالة وأهمية بالغة أن يؤكد جلالته على دور كل مواطن عماني وعلى المشاركة كواجب وطني، وقد جاءت دعوة جلالته عالية وواضحة، وعلى نحو يرقى إلى التكليف بقوله: "إن الارتقاء بعمان إلى الذرى العالية من السمو والرفعة التي تستحقها لهو واجب وطني وأمانة عظيمة، وعلى كل مواطن دور يؤديه في هذا الشأن. ونهيب بأبنائنا وبناتنا التمسك بالمبادئ والقيم التي كانت وستظل ركائز تاريخنا المجيد، فلنعتز بهويتنا وجوهر شخصيتنا، ولننفتح على العالم في توازن ووضوح ونتفاعل معه بإيجابية لا تفقدنا أصالتنا ولا تنسينا هويتنا".
وفي إطار الحفاظ على الهوية الوطنية والاعتزاز بالشخصية العمانية أوضح جلالته بعدا هاما، احتجنا ونحتاج إليه الآن وغدا بشكل أكبر، وهو البعد المتصل بالتعامل مع العالم من حولنا، صحيح أن للسلطنة سياساتها الخارجية ومواقفها المعلنة والواضحة، والتي أكد عليها جلالته بوضح بالغ في خطابات سابقة، ولكن الصحيح والضروري أيضا هو أن التطور وعمليات التنمية والتحديث تنفتح على آفاق أرحب وتواجه تحديات وتغيرات متسارعة في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، ومن هنا كانت كلمة جلالته بالغة الدلالة والوضوح بالدعوة إلى الانفتاح على العالم "في توازن ووضوح"، وإلى "التفاعل بإيجابية لا تفقدنا أصالتنا ولا تنسينا هويتنا". ومما يدعو إلى التفاؤل أن المجتمع والمواطن العماني والمؤسسات العمانية نجحت في الحفاظ على الهوية وعلى سمات الشخصية العمانية وعلى القيم والتقاليد التي تستمدها من تراثها وحضارتها وتاريخها الطويل، وهي اليوم وغدا قادرة بالتأكيد على تحقيق النجاح والاستمرار فيه وتحقيق دعوة جلالته في الحاضر والمستقبل، سواء فيما يتصل بالمستوى المحلي وتحقيق حياة أفضل للمواطن العماني، أو فيما يتصل بالعلاقات مع الأشقاء والأصدقاء والحفاظ على توازن دقيق عرفه العالم وقدره أمس وسيقدره ويحترمه اليوم وغدا، خاصة وأن الشفافية والوضوح والصراحة هي من أهم سمات وركائز المواقف العمانية وعلاقات السلطنة مع كل من حولها.
• د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري
أولا: إنه في ظل تعدد عناصر خطة العمل للمستقبل التي تضمنها الخطاب السامي فإنه سيتم تناول بعض جوانبها على سبيل المثال وليس الحصر، وهو ما يتجاوز المساحة المتاحة بكثير، وبينما أشار جلالته إلى ركيزة مهمة من ركائز القوة لمسيرة النهضة المتجددة والمتمثلة في الاستفادة من "الماضي ومن دروس التاريخ" بكل ما يعنيه ذلك من معنى مع التطلع إلى المستقبل "بعزيمة وثبات وبتماسك أبنائها ووحدتهم" باعتبار أن تماسك أبناء الوطن ووحدتهم، كان ولا يزال في مقدمة عناصر القوة الوطنية العمانية. وجلالته - أعزه الله - أكد في الوقت ذاته "فإننا لن نتوانى عن بذل كل ما هو متاح لتحقيق ذلك" من "أجل صون مكتسباتنا وما تحقق على هذه الأرض الطيبة من منجزات.. ومن أجل بناء مستقبل زاهر لأبنائنا الأوفياء في كل شبر من هذا الوطن".
ومما له دلالة ومعنى عميق أن جلالته أكد على ثقته في إدراك المواطنين العمانيين للتحديات التي مرت بها البلاد والتي يتم التعامل معها "بحكمة وصبر مسترشدين برؤية عمان 2040 فتحسن أداؤنا اقتصاديا وماليا وبدأنا نكمل لكم ومعكم طريق النماء والازدهار"، وهي رسالة أمل وثقة في المستقبل وفي ما يتم اتباعه من خطط وبرامج، أعرب جلالته عن "الرضا تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي الذي تحسن كثيرا ولله الحمد" ، واستمرارا للنجاح الذي تحقق أكد جلالته على أن "هدف استدامة مقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية أسمى أهداف هذه المرحلة"، وبالنظر إلى الدور المحوري للشباب، باعتبارهم مخزون القوة الوطنية الذي لا ينضب فقد أكد جلالته مرة أخرى على جعل الشباب "في صميم اهتمامنا واهتمام حكومتنا متابعين الجهود المبذولة لإشراكهم في بناء الوطن وسنحرص على أن تكون هذه الشراكة أكثر شمولية وأعمق أثرا".
ثانيا: إنه في إطار الاستفادة من الماضي ودروس التاريخ وما تحقق خلال المرحلة الأولى من مسيرة النهضة العمانية الحديثة فإن مما له دلالة عميقة أن يؤكد جلالة السلطان هيثم بن طارق - أعزه الله - على ركيزة جوهرية أثبتت نجاحها أمس ونحتاج إليها بشكل أقوى اليوم وغدا، وهي العناية بالحفاظ على الهوية الوطنية العمانية، وعلى السمات المميزة للشخصية العمانية، قيما وتقاليد وممارسة، ومن ثم فإن مما له دلالة وأهمية بالغة أن يؤكد جلالته على دور كل مواطن عماني وعلى المشاركة كواجب وطني، وقد جاءت دعوة جلالته عالية وواضحة، وعلى نحو يرقى إلى التكليف بقوله: "إن الارتقاء بعمان إلى الذرى العالية من السمو والرفعة التي تستحقها لهو واجب وطني وأمانة عظيمة، وعلى كل مواطن دور يؤديه في هذا الشأن. ونهيب بأبنائنا وبناتنا التمسك بالمبادئ والقيم التي كانت وستظل ركائز تاريخنا المجيد، فلنعتز بهويتنا وجوهر شخصيتنا، ولننفتح على العالم في توازن ووضوح ونتفاعل معه بإيجابية لا تفقدنا أصالتنا ولا تنسينا هويتنا".
وفي إطار الحفاظ على الهوية الوطنية والاعتزاز بالشخصية العمانية أوضح جلالته بعدا هاما، احتجنا ونحتاج إليه الآن وغدا بشكل أكبر، وهو البعد المتصل بالتعامل مع العالم من حولنا، صحيح أن للسلطنة سياساتها الخارجية ومواقفها المعلنة والواضحة، والتي أكد عليها جلالته بوضح بالغ في خطابات سابقة، ولكن الصحيح والضروري أيضا هو أن التطور وعمليات التنمية والتحديث تنفتح على آفاق أرحب وتواجه تحديات وتغيرات متسارعة في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، ومن هنا كانت كلمة جلالته بالغة الدلالة والوضوح بالدعوة إلى الانفتاح على العالم "في توازن ووضوح"، وإلى "التفاعل بإيجابية لا تفقدنا أصالتنا ولا تنسينا هويتنا". ومما يدعو إلى التفاؤل أن المجتمع والمواطن العماني والمؤسسات العمانية نجحت في الحفاظ على الهوية وعلى سمات الشخصية العمانية وعلى القيم والتقاليد التي تستمدها من تراثها وحضارتها وتاريخها الطويل، وهي اليوم وغدا قادرة بالتأكيد على تحقيق النجاح والاستمرار فيه وتحقيق دعوة جلالته في الحاضر والمستقبل، سواء فيما يتصل بالمستوى المحلي وتحقيق حياة أفضل للمواطن العماني، أو فيما يتصل بالعلاقات مع الأشقاء والأصدقاء والحفاظ على توازن دقيق عرفه العالم وقدره أمس وسيقدره ويحترمه اليوم وغدا، خاصة وأن الشفافية والوضوح والصراحة هي من أهم سمات وركائز المواقف العمانية وعلاقات السلطنة مع كل من حولها.
• د. عبدالحميد الموافي كاتب وصحفي مصري