يعتبر مستوى الـ 12000 نقطة هو أعلى مستوى حققته بورصة مسقط في تاريخها وكان ذلك في شهر يونيو من عام 2008 عندما تجاوز المؤشر الرئيسي مستوى 12100 نقطة، وبعد ذلك بنحو 7 أشهر أي في يناير من عام 2009 هبط المؤشر إلى مستوى الـ 4000 نقطة، ورغم صعوده إلى 7000 نقطة عدة مرات خلال الأعوام الماضية ظل مستوى 4000 نقطة هو المسيطر على مشهد البورصة.

خلال السنوات الماضية قامت بورصة مسقط بإدراج عشرات الشركات الجديدة في قطاعات اقتصادية مختلفة، وقامت معظم الشركات القيادية بزيادة رؤوس أموالها وهو ما أتاح للمستثمرين خيارات جديدة لتنويع استثماراتهم، غير أن المؤشر الرئيسي للبورصة ظل يحوم حول مستوى الـ 4000 نقطة بل إنه تراجع في الثاني من أبريل من العام الجاري إلى 3383 نقطة مسجلا أدنى مستوى تاريخي له.

ولعل أبرز تساؤل يمكننا طرحه في هذا الإطار هو: لماذا لا تستطيع بورصة مسقط تجاوز هذا المستوى وبلوغ مستوى الـ 5000 نقطة ومواصلة صعوده أكثر من ذلك؟.

وحتى نجيب على هذا التساؤل علينا مراجعة الحقائق التالية:

أولا: شهد العام الجاري تحوّل سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مساهمة عمانية مقفلة باسم «شركة بورصة مسقط»، وكان المستثمرون يتطلعون إلى أن يعلن مجلس إدارة البورصة عن خطة طموحة تجعل البورصة جذابة للمستثمرين وذات تنوع في الخيارات المتاحة للاستثمار، وأن يتحرك مجلس الإدارة أيضا لحث جهاز الاستثمار العماني على طرح جزء من أسهم الشركات الحكومية المربحة للاكتتاب العام بهدف إيجاد خيارات أكثر أمام المستثمرين، ولكننا لم نسمع عن أي تحرك في هذين الجانبين.

ثانيا: يشهد العالم حاليا العديد من الخيارات للاستثمار من بينها الأسواق الدولية التي تتحرك بشكل أكبر ويستطيع المستثمر الدخول والخروج منها في أي وقت مع حصوله على عوائد جيدة، كما أن العملات الرقمية التي انتشرت بشكل واسع أصبحت تستقطب أصحاب الأموال لتحويل مدخراتهم إليها نظرا للعائد الكبير الذي يحصلون عليه أو يتوقعونه منها. في حين أن الخيارات المتاحة في الأسواق المحلية - ومن بينها البورصة - لم تعد تحقق طموحات المستثمرين الذين قد يبيعون أسهمهم المحلية وينتقلون إلى أدوات استثمارية أخرى أو أسواق إقليمية أو دولية، وبالتالي تفقد السوق جزءا مهما من السيولة التي تُنعش البورصة وتدفع مؤشراتها للصعود.

ثالثا: تعتبر البورصة أو سوق الأوراق المالية أحد مجالات الاستثمار لفئات متنوعة من المجتمع بما فيهم أصحاب الدخول المتوسطة، غير أن عدم تحرك الأسهم وبقاءها عند نفس مستوياتها لسنوات عديدة بل وتراجعها من حين لآخر يشعر المستثمرين بالإحباط ويدفعهم للبحث عن خيارات استثمارية أخرى سواء في الداخل أو في الأسواق العالمية، وهو ما يجعل البورصة تفتقد إلى السيولة التي تحتاج إليها وتعد أحد أسباب ارتفاع أسعار الأسهم ومؤشرات البورصة.

رابعا: تعتبر بورصة مسقط من البورصات التي تعاني من تمركز الملكية ومحدودية رؤوس الأموال المدرجة فيها والمتاحة للاستثمار وهو ما يجعل الخيارات المتاحة لدى المستثمرين قليلة، وهو ما يفسر أسباب استحواذ 5 شركات فقط على أكثر من 40% من إجمالي قيمة التداول بشكل دائم رغم أن عدد شركات المساهمة العامة المدرجة في البورصة يزيد على 100 شركة بالإضافة إلى السندات والصكوك المدرجة.

خامسا: تفتقد بورصة مسقط أيضا للتسويق المحلي والخارجي الذي يستهدف استقطاب استثمارات جديدة تساهم في تنشيط حركة التداول، ولهذا فإن المشتريات الأجنبية في البورصة عادة ما لا تزيد على 10% من إجمالي قيمة التداول، وخلال الأشهر الثلاثة الماضية - على سبيل المثال - ظلت مشتريات المستثمرين غير العمانيين عند 10% في حين أن مبيعاتهم كانت 18% من إجمالي قيمة التداول في أغسطس و14% في سبتمبر و11% في أكتوبر، ويعود هذا - من وجهة نظرنا - إلى عدم وجود تسويق للبورصة من جهة، ومن جهة أخرى عدم وجود خيارات عديدة تناسب احتياجات المستثمرين الأجانب أو عدم وجود تسهيلات مشجعة لاستثمارهم في البورصة.

إن هناك الكثير من الأسباب التي تجعل مؤشرات البورصة تظل عند نفس مستوياتها أو تتراجع من حين لآخر، ويشير التراجع المستمر في المؤشر الرئيسي للبورصة وأسعار الأسهم إلى ضرورة أن يكون تنويع الأدوات الاستثمارية والتحديات التي أشرنا إليها سابقا إحدى الأولويات لمجلس إدارة البورصة وبشكل دائم.