تنتشر في كثير من المدن العربية ثقافة بيع الكتب على الرصيف، وعادة ما تبتاع هذه الكتب بأسعار رخيصة وفي متناول العامة، لذلك يكون عليها (انكباب) وزحمة. وهي تشبه معارض كتب على الطريق جمهورها عام ومتجدد، قياسًا بمعارض الكتب الموسمية التي أصبح فيها الكتاب المتميز بسعر مرتفع وبعيد عن متناول الكثير من الأيادي. ولكن الكتب التي تباع على الأرصفة يكون معظمها مستنسخًا، حيث يشتري البائع نسخة أصلية ثم يقوم بنسخها مئات النسخ وأحيانًا آلافا طوال العام في مطبعة ليخرج لنا بكتاب شبيه من حيث الشكل بالكتاب الأصلي (مع رداءة في الورق) ولكن الفرق أنه سيكون بسعر رخيص. أتذكر ذهبت من عدة سنوات إلى القاهرة وقضيت أربعين يومًا لأسباب عائلية، ولكني ذهبت إلى سوق الأزبكية واشتريت عربة من الكتب بسعر مناسب جدًا، لم آت بالكتب إلى مسقط فبعد أن قرأتها تركتها هناك. حين أسافر إلى المغرب تكون كتب الرصيف هذه مادة مهمة للقراءة، وهي متوفرة في معظم المدن المغربية، بل أتذكر مرة دعيت لإحياء فعالية في الدار البيضاء وكانت الفعالية في معرض للكتب المستعملة خصص لكتب الرصيف، وقد وضعت على هيئة خيام مفتوحة نصبت في ساحة عامة. وجدت أيضًا مثل كتب الرصيف هذه في تونس والأردن، ولكن مصر والمغرب تتميزان بها أكثر. في زيارتي الأخيرة إلى المغرب مررت بمدينة مارتيل، وفي الصباح الباكر كنت أترك العائلة من أجل قضاء عدة ساعات مع الأستاذ الأكاديمي والصديق عبدالرحيم جيران وهو أحد أعلام هذه المدينة البحرية الجميلة. مرة أحضرت له رواية مترجمة عن الإنجليزية شهيرة للأفغاني خالد حسيني تحت عنوان عداء الطائرة الورقية، اشتريتها من الرصيف، فأبدى استغرابه حين علم بالسعر؛ لأن النسخة بدت وكأنها لكتاب أصلي من فرط إتقان استنساخ غلافها. لا شك أن كتب الرصيف رغم كونها مستنسخةً، إلا أنها أتاحت للناس وخاصة الطلبة الجامعيين والموظفين المتقاعدين، أتاحت لهم اقتناء الكتب أمهات الكتب بأسعار زهيدة، وهو ما لن يجدونه في حالة ذهابهم لشرائها من المكتبات أو من معارض الكتب، ستجد كتب ابن خلدون وابن رشد ومحمد الجابري وآخرين معروضة بأسعار في المتناول، بل إني أجزاء كاملة من فتوحات ابن عربي.
قد يكون للناشرين العرب دور في انتشار الكتب المستنسخة (وهناك من يحلو له أن يسميها بالمقرصنة بسبب أن الناشر والكاتب لم ينالهم شيء من أرباحها) وذلك لأن هناك ارتفاع واضح للأسعار وبصورة غير منطقية في بعض الأحايين، وخاصة الكتب الجديدة أوتلك التي تكون قبلة للقراءة نظرًا لتميزها أو شهرتها أو فوزها بجائزة.
هناك أمر مهم يمكن ملاحظته في موضوع كتب الرصيف هذه، وهي أنها تعكس مزاج القارئ العام، كما أن وجود كتاب لك على الرصيف هو بمثابة جائزة يفترض أن يتمناها كل كاتب. وجوهر هذا الأمر أن بائعي كتب الأرصفة عادة يختارون كتبًا رائجةً يمكن أن تباع بأسرع وقت، فبعض الباعة يفرشون كتبهم في أماكن غير مخصصة لبيعها لذلك يكونون في حالة قلق فيختارون بدقة ما يبيعونه. ولكن في الغالب السلطات البلدية تتساهل معهم طالما أن الغرض من ذلك بيع كتاب وإضاءة عقول، إلى جانب التشجيع على القراءة. لذلك فإن بائع كتب الرصيف يمتاز عادة بحس التقاطي لتلمس مزاج الشارع ومعرفة ما الذي يحبه الجمهور، كما تعكس اختياراته الأمزجة العامة في القراءة؛ لذلك ترى في كتب الرصيف مؤلفات مختلطة لا يجمعها سوى طبيعة اختلاط أمزجة الناس، مثلا تجد على صحن رصيف واحد كتب علي الوردي وجبابريل جارسيا ماركيز جنبًا إلى جنب مع مؤلفات في الطبخ أو مؤلفات في الإدارة، شريطة أن تكون هذه المؤلفات حضت سابقا بشهرة بين القراء كمؤلفات إبراهيم الفقي التي مازالت تجد رواجا في كل مكتبة و رصيف عربي.
قد يكون للناشرين العرب دور في انتشار الكتب المستنسخة (وهناك من يحلو له أن يسميها بالمقرصنة بسبب أن الناشر والكاتب لم ينالهم شيء من أرباحها) وذلك لأن هناك ارتفاع واضح للأسعار وبصورة غير منطقية في بعض الأحايين، وخاصة الكتب الجديدة أوتلك التي تكون قبلة للقراءة نظرًا لتميزها أو شهرتها أو فوزها بجائزة.
هناك أمر مهم يمكن ملاحظته في موضوع كتب الرصيف هذه، وهي أنها تعكس مزاج القارئ العام، كما أن وجود كتاب لك على الرصيف هو بمثابة جائزة يفترض أن يتمناها كل كاتب. وجوهر هذا الأمر أن بائعي كتب الأرصفة عادة يختارون كتبًا رائجةً يمكن أن تباع بأسرع وقت، فبعض الباعة يفرشون كتبهم في أماكن غير مخصصة لبيعها لذلك يكونون في حالة قلق فيختارون بدقة ما يبيعونه. ولكن في الغالب السلطات البلدية تتساهل معهم طالما أن الغرض من ذلك بيع كتاب وإضاءة عقول، إلى جانب التشجيع على القراءة. لذلك فإن بائع كتب الرصيف يمتاز عادة بحس التقاطي لتلمس مزاج الشارع ومعرفة ما الذي يحبه الجمهور، كما تعكس اختياراته الأمزجة العامة في القراءة؛ لذلك ترى في كتب الرصيف مؤلفات مختلطة لا يجمعها سوى طبيعة اختلاط أمزجة الناس، مثلا تجد على صحن رصيف واحد كتب علي الوردي وجبابريل جارسيا ماركيز جنبًا إلى جنب مع مؤلفات في الطبخ أو مؤلفات في الإدارة، شريطة أن تكون هذه المؤلفات حضت سابقا بشهرة بين القراء كمؤلفات إبراهيم الفقي التي مازالت تجد رواجا في كل مكتبة و رصيف عربي.