الأساطير.. لم تعد قصص الأولين، وإنما أصبحت علماً يُسمى «الميثولوجيا»، يتماس مع علوم كالتاريخ والحضارة والآثار، وتستمد منه علوم كالاجتماع ومقارنة الأديان والأنسنة. وهي كائن حي قد يعمّر آلاف السنين، وقد تعيش منفردة أو تنضم لغيرها، ولكلٍ منها سماتها المميزة. والأسطورة.. قصة دارت على محورها رحى الجماعة المؤمنة بها؛ ديناً وأخلاقاً وفكراً، وعلى عمقها قام صرح هذه الجماعة الاجتماعي وتركيبها القبلي ونظامها السياسي. وهي يؤمن الناس في وقت ما بوقوعها، مهما رأينا عدم واقعيتها، وبذلك.. تختلف عن الخرافة، فالأخيرة لا تنتمي للواقع، ويعرف راويها ومتلقيها بأنها من نسج الخيال، ومنطقها العبرة والموعظة أو التسلية والتفكه. وإن كانت الخرافة لا يعنيها الحدث وشخوصه، لأنها تهتم بإيصال هدفها للمتلقي؛ فإن الأسطورة ترتبط بالحدث؛ زماناً ومكاناً، بحيث تكتسب قدسية دينية وموثوقية تأريخية، وقد ينظم المجتمع نفسه على وقعها، ويبقى إيحاؤها دهراً طويلاً.
تخضع الأسطورة للوضع المعرفي، فتدوّن في ألواح الأديان وسجلات التاريخ وملاحم الأدب، وقد لا تدوّن ويكتفى بتناقلها؛ خاصةً.. إن كان المجتمع لا تسوده الكتابة. ومع دخول العصر الحديث خضعت الأساطير لمناهجه وأدواته، فدوّن الكثير منها، ولا تزال الأمم المدنية تقيم الدراسات وتنشئ المعاجم لأساطيرها. وحديثاً.. وُضِعت الأسطورة على طاولة التحليل لتشريحها بمشارط العلوم ومناهجها؛ أنثروبولوجياً واجتماعياً ونفسياً، وأصبحت مادة لا غنى عنها للوقوف على تطور المجتمعات وأنظمتها، ومواطن عظمتها وانحطاطها.
تشير الأسطورة إلى أهمية الحدث وعظمة شخوصه وجلال زمانه وهيبة مكانه، وبمقدار أهمية الشيء تكثر أساطيره، فالمعتقدات الدينية هي الأكثر أسطرة، ثم فخيم البلدان فجليل الأحداث وعظيم البشر. والأماكن شحيحة الأساطير خاملة الذكر في غابر الأيام. وبَهلا.. من البلدان العريقة حضارياً؛ ومن مشيرات عراقتها نسج الأساطير حولها، ومن أساطيرها ما شكّل الروح القومي للعمانيين، ومنها ما يكشف عن الظواهر الاجتماعية والمعتقدات الدينية والقيم الأخلاقية، وقد دوّن بعض هذه الأساطير، ومعظمها لم يدوّن، وفي الحالين.. لم تخضع للدراسة والتحليل. المقال.. يسرد بعضها، وقد التزمت فيه بأن تكون بَهلا مكان الأسطورة، محاولاً وضعها في سياقها المعرفي.
من الأساطير المنحدرة من تاريخ بَهلا.. ما لابس هجرة مالك بن فهم الأزدي إلى عمان، ومع التريث العلمي في القول بانتفاء وجود شخصيته إلا أن الأسطورة كانت عجينتها، لاسيما.. «يوم سلوت» بصحراء بَهلا، المعركة الفاصلة بين العرب والفرس، وقولها مبسوط في «تحفة الأعيان» لنور الدين السالمي لمن أراده. وقد اتخذت هذه الأسطورة بُعداً قومياً لسببين:
- تدوينها بتفاصيلها الدقيقة، مما قلّل من غريبها وألبسها لحاف الواقع.
- ارتباطها بعمان عموماً، بحيث تعددت نسبة وقوعها للأمكنة، وغدا ابن فهم الرمز المؤسِّس لعمان، وأثّر هذا التصور على الأنظمة القبلية والسياسية والعسكرية المتعاقبة على عمان.
وأقدم من «يوم سلوت» سور بَهلا، فكان حريّاً أن تطوِّق نشأتَه الأسطورةُ كما طوّق هو بَهلا بعظمة بنائه، فكان من الأسوار الضخمة القليلة في العالم، ولفِّها بغموض حيّر مَن لم يزرها أو يقفْ على مفاخر تأريخها.
تقول الأسطورة: إن بَهلا عانت قديماً من الغزوات الخارجية، حتى تغلّب عليها أحد الأعداء ففرض على أهلها إتاوة تقصم ظهورهم، وجعل لهم يوماً من كل عام لا يخلفونه يأتي لاستلامها. فاجتمع حاكم بَهلا يومئذ بهم، وأشار عليهم بأن يحصّنوا مدينتهم بسور عتيد، فإذا جاء عدوهم في العام القادم ردّوه به عنها، ونضحوه من فوقه بنبالهم وسهامهم، فكانوا مع ما أراد حاكمهم الحكيم. ورغم منطق الأسطورة الواقعي لكن لا دليل عليه، فبَهلا.. في نشأتها تنتمي إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهي حقبة سادت فيها المدن المسوَّرة، والتي اتبعت نظام «دولة المدينة». وهي ليست بدعاً من المدن، فهناك العديد غيرها ممن ضُرِب عليها بسور له أبواب غابرَ تلك الأزمان. ومن وظيفة الأسطورة تفسير الحدث بأكثر من وجه، وربما ذلك عائد إلى تغيّر ثقافة المجتمع، ففي مقابل هذه الأسطورة توجد أسطورة أخرى لبناء السور.
تقول الأسطورة: كانت ببَهلا امرأتان، إحداهما: شيّدت السور وشقت الأخرى فلجاً سُمي باسمها، وقد فعلتا ذلك بين عشية وضحاها. وأصل الأسطورة راجع إلى التشابه في الاسم، فالفلج المقصود.. يعتمد غالباً على جريان مياه الوادي، فهو يعاني من كثرة انقطاعه وسرعة موته، فسُمي «فلج الميتا»؛ وبقلب التاء ثاءً نُسب إلى «ميثا»، وجُعل على وزنها «غيثا»، أسند إليها بناء السور على سبيل التناظر. هذه الأسطورة.. تُعطي المرأة موقعاً لم يتمتع به الرجل في المجتمع، فسور بَهلا وفلجها من أهم مقومات البلاد، وإسنادهما للمرأة يُبِيْن عن مركزها في الضمير الاجتماعي.
ومثل ذلك.. قصة الصخرة التي حملت مضامين القوة المعنوية للمرأة، بيد أنها خرجت مخرجاً مادياً لأسطرة مبناها. فقد أدركتُ ببَهلا على قارعة الطريق الواصلة بين حارتي المغرف وخليفة؛ صخرة متساوية الأضلاع، كأنها قطعت وشذبت لغرض ما، ينوء عن حملها عشرة رجال أشداء.
تقول الأسطورة: إن امرأة لديها أطفال، تضطر إلى تركهم لتذهب إلى كسب القوت لهم، ولكنهم لا ينفكّون عنها، فقررت إحضار صخرة من خارج البلد لتشغلهم بها، فتأبطتها حتى وضعتها بين أيديهم، ليلعبوا بها لعب أطفالنا بالكرة.
وأما سحر بَهلا.. فقد دارت به عرصات الخيال، وطارت به أجنحة النت، ومع نفي الواقع له إلا أنه لا يمكن نفي بُعده الأسطوري، فبَهلا مدينة مركزية في عمان، وإحدى عواصمها الشهيرة، وقد انتشر فيها قديماً «الدين السحري» بانتشاره في المنطقة، الذي من معتقداته تقديس الثعابين، وقد كشفت التنقيبات الآثارية عن تماثيل كثيرة لها، ولعراقة بَهلا ودورها السياسي وهيبة سورها وسبقها ما حولها الصق السحر بها.
تقول الأسطورة: إنه توجد «نقصة» في سوق بَهلا؛ وهي أسطوانة من أسطوانات عقوده، فإن اتكأ الغريب عليها كان عرضة لبيعه سراً بين السحرة، وما أن يرسو المزاد على أحدهم حتى يأخذه فيمسخه حيواناً ليستخدمه. وهذه الأسطورة.. مع ختمها بزمن «الدين السحري» المنقطعة أوابده، إلا أنها تدل كذلك على نزعة الناس لثقافتهم القديمة بعد أن تضعف ثقافة عصرهم، ويذهب أهله من الفقهاء والعلماء، فهي تدل على دخول بَهلا حينذاك طوراً من التقهقر المعرفي، كما أنها تدل على عمق ذاكرة أهلها الاجتماعية.
تقول الأسطورة: إن رجلاً يسمى «جماح»، كان يملك «علم الرياضة»؛ وهو علم أسرار يقتدر بها على الأمور الخارقة، علّمه ابنه، ثم اكتشف أنه يستعمله في مضرة الناس، فأراد أن يكفّ شرّه بالقضاء عليه، فخرج به إلى جنوب البلاد، في المنطقة التي نُسبت إليه بحسب الأسطورة، فقال له: أرني مدى حذقك لعلم الرياضة. فجاءا إلى صخرة كبيرة، فشقها الابن نصفين بإشارة منه، فطلب منه والده أن يدخل بين طوديها، وبسرعة خاطفة أشار الأب إلى الصخرة فالتحمت، واصطك الابن ميتاً داخلها. أسطورة.. تدل على رفض أهل بَهلا الظلم وإن جاء متلفعاً بالعلم. ومن الأساطير ما يأتي غرساً لقيمة تربوية، فتصوِّر أن سبب زوال أمر ديني هو ضمور الأخلاق في النفس الإنسانية.
تقول الأسطورة: إن امرأة فقيرة من بلد مجاور، كانت جارة لمساجد ثلاثة، وذات يوم.. بينما هي تخبز تغوّط ولدها، فدعت الله أن يرزقها خرقة لتنظفه، فاستجاب وأرسل لها قطعة من حرير، فأعجبت بها وقالت: لا تهون هذه الخرقة أن أنظف بها ولدي. فاتخذتها لنفسها، ونظفته برغيف خبز، فخسفها الله وولدها حجارة، وطارت المساجد من ذلك البلد إلى بَهلا، فدُعيت بالمساجد الطائرة، وهي «مساجد العُبّاد». ولا عجب.. أن تدور حولها الأساطير فتأريخها ضارب في القدم، بل أنها أقيمت محل معابد تعود لما قبل الإسلام.
تخضع الأسطورة للوضع المعرفي، فتدوّن في ألواح الأديان وسجلات التاريخ وملاحم الأدب، وقد لا تدوّن ويكتفى بتناقلها؛ خاصةً.. إن كان المجتمع لا تسوده الكتابة. ومع دخول العصر الحديث خضعت الأساطير لمناهجه وأدواته، فدوّن الكثير منها، ولا تزال الأمم المدنية تقيم الدراسات وتنشئ المعاجم لأساطيرها. وحديثاً.. وُضِعت الأسطورة على طاولة التحليل لتشريحها بمشارط العلوم ومناهجها؛ أنثروبولوجياً واجتماعياً ونفسياً، وأصبحت مادة لا غنى عنها للوقوف على تطور المجتمعات وأنظمتها، ومواطن عظمتها وانحطاطها.
تشير الأسطورة إلى أهمية الحدث وعظمة شخوصه وجلال زمانه وهيبة مكانه، وبمقدار أهمية الشيء تكثر أساطيره، فالمعتقدات الدينية هي الأكثر أسطرة، ثم فخيم البلدان فجليل الأحداث وعظيم البشر. والأماكن شحيحة الأساطير خاملة الذكر في غابر الأيام. وبَهلا.. من البلدان العريقة حضارياً؛ ومن مشيرات عراقتها نسج الأساطير حولها، ومن أساطيرها ما شكّل الروح القومي للعمانيين، ومنها ما يكشف عن الظواهر الاجتماعية والمعتقدات الدينية والقيم الأخلاقية، وقد دوّن بعض هذه الأساطير، ومعظمها لم يدوّن، وفي الحالين.. لم تخضع للدراسة والتحليل. المقال.. يسرد بعضها، وقد التزمت فيه بأن تكون بَهلا مكان الأسطورة، محاولاً وضعها في سياقها المعرفي.
من الأساطير المنحدرة من تاريخ بَهلا.. ما لابس هجرة مالك بن فهم الأزدي إلى عمان، ومع التريث العلمي في القول بانتفاء وجود شخصيته إلا أن الأسطورة كانت عجينتها، لاسيما.. «يوم سلوت» بصحراء بَهلا، المعركة الفاصلة بين العرب والفرس، وقولها مبسوط في «تحفة الأعيان» لنور الدين السالمي لمن أراده. وقد اتخذت هذه الأسطورة بُعداً قومياً لسببين:
- تدوينها بتفاصيلها الدقيقة، مما قلّل من غريبها وألبسها لحاف الواقع.
- ارتباطها بعمان عموماً، بحيث تعددت نسبة وقوعها للأمكنة، وغدا ابن فهم الرمز المؤسِّس لعمان، وأثّر هذا التصور على الأنظمة القبلية والسياسية والعسكرية المتعاقبة على عمان.
وأقدم من «يوم سلوت» سور بَهلا، فكان حريّاً أن تطوِّق نشأتَه الأسطورةُ كما طوّق هو بَهلا بعظمة بنائه، فكان من الأسوار الضخمة القليلة في العالم، ولفِّها بغموض حيّر مَن لم يزرها أو يقفْ على مفاخر تأريخها.
تقول الأسطورة: إن بَهلا عانت قديماً من الغزوات الخارجية، حتى تغلّب عليها أحد الأعداء ففرض على أهلها إتاوة تقصم ظهورهم، وجعل لهم يوماً من كل عام لا يخلفونه يأتي لاستلامها. فاجتمع حاكم بَهلا يومئذ بهم، وأشار عليهم بأن يحصّنوا مدينتهم بسور عتيد، فإذا جاء عدوهم في العام القادم ردّوه به عنها، ونضحوه من فوقه بنبالهم وسهامهم، فكانوا مع ما أراد حاكمهم الحكيم. ورغم منطق الأسطورة الواقعي لكن لا دليل عليه، فبَهلا.. في نشأتها تنتمي إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهي حقبة سادت فيها المدن المسوَّرة، والتي اتبعت نظام «دولة المدينة». وهي ليست بدعاً من المدن، فهناك العديد غيرها ممن ضُرِب عليها بسور له أبواب غابرَ تلك الأزمان. ومن وظيفة الأسطورة تفسير الحدث بأكثر من وجه، وربما ذلك عائد إلى تغيّر ثقافة المجتمع، ففي مقابل هذه الأسطورة توجد أسطورة أخرى لبناء السور.
تقول الأسطورة: كانت ببَهلا امرأتان، إحداهما: شيّدت السور وشقت الأخرى فلجاً سُمي باسمها، وقد فعلتا ذلك بين عشية وضحاها. وأصل الأسطورة راجع إلى التشابه في الاسم، فالفلج المقصود.. يعتمد غالباً على جريان مياه الوادي، فهو يعاني من كثرة انقطاعه وسرعة موته، فسُمي «فلج الميتا»؛ وبقلب التاء ثاءً نُسب إلى «ميثا»، وجُعل على وزنها «غيثا»، أسند إليها بناء السور على سبيل التناظر. هذه الأسطورة.. تُعطي المرأة موقعاً لم يتمتع به الرجل في المجتمع، فسور بَهلا وفلجها من أهم مقومات البلاد، وإسنادهما للمرأة يُبِيْن عن مركزها في الضمير الاجتماعي.
ومثل ذلك.. قصة الصخرة التي حملت مضامين القوة المعنوية للمرأة، بيد أنها خرجت مخرجاً مادياً لأسطرة مبناها. فقد أدركتُ ببَهلا على قارعة الطريق الواصلة بين حارتي المغرف وخليفة؛ صخرة متساوية الأضلاع، كأنها قطعت وشذبت لغرض ما، ينوء عن حملها عشرة رجال أشداء.
تقول الأسطورة: إن امرأة لديها أطفال، تضطر إلى تركهم لتذهب إلى كسب القوت لهم، ولكنهم لا ينفكّون عنها، فقررت إحضار صخرة من خارج البلد لتشغلهم بها، فتأبطتها حتى وضعتها بين أيديهم، ليلعبوا بها لعب أطفالنا بالكرة.
وأما سحر بَهلا.. فقد دارت به عرصات الخيال، وطارت به أجنحة النت، ومع نفي الواقع له إلا أنه لا يمكن نفي بُعده الأسطوري، فبَهلا مدينة مركزية في عمان، وإحدى عواصمها الشهيرة، وقد انتشر فيها قديماً «الدين السحري» بانتشاره في المنطقة، الذي من معتقداته تقديس الثعابين، وقد كشفت التنقيبات الآثارية عن تماثيل كثيرة لها، ولعراقة بَهلا ودورها السياسي وهيبة سورها وسبقها ما حولها الصق السحر بها.
تقول الأسطورة: إنه توجد «نقصة» في سوق بَهلا؛ وهي أسطوانة من أسطوانات عقوده، فإن اتكأ الغريب عليها كان عرضة لبيعه سراً بين السحرة، وما أن يرسو المزاد على أحدهم حتى يأخذه فيمسخه حيواناً ليستخدمه. وهذه الأسطورة.. مع ختمها بزمن «الدين السحري» المنقطعة أوابده، إلا أنها تدل كذلك على نزعة الناس لثقافتهم القديمة بعد أن تضعف ثقافة عصرهم، ويذهب أهله من الفقهاء والعلماء، فهي تدل على دخول بَهلا حينذاك طوراً من التقهقر المعرفي، كما أنها تدل على عمق ذاكرة أهلها الاجتماعية.
تقول الأسطورة: إن رجلاً يسمى «جماح»، كان يملك «علم الرياضة»؛ وهو علم أسرار يقتدر بها على الأمور الخارقة، علّمه ابنه، ثم اكتشف أنه يستعمله في مضرة الناس، فأراد أن يكفّ شرّه بالقضاء عليه، فخرج به إلى جنوب البلاد، في المنطقة التي نُسبت إليه بحسب الأسطورة، فقال له: أرني مدى حذقك لعلم الرياضة. فجاءا إلى صخرة كبيرة، فشقها الابن نصفين بإشارة منه، فطلب منه والده أن يدخل بين طوديها، وبسرعة خاطفة أشار الأب إلى الصخرة فالتحمت، واصطك الابن ميتاً داخلها. أسطورة.. تدل على رفض أهل بَهلا الظلم وإن جاء متلفعاً بالعلم. ومن الأساطير ما يأتي غرساً لقيمة تربوية، فتصوِّر أن سبب زوال أمر ديني هو ضمور الأخلاق في النفس الإنسانية.
تقول الأسطورة: إن امرأة فقيرة من بلد مجاور، كانت جارة لمساجد ثلاثة، وذات يوم.. بينما هي تخبز تغوّط ولدها، فدعت الله أن يرزقها خرقة لتنظفه، فاستجاب وأرسل لها قطعة من حرير، فأعجبت بها وقالت: لا تهون هذه الخرقة أن أنظف بها ولدي. فاتخذتها لنفسها، ونظفته برغيف خبز، فخسفها الله وولدها حجارة، وطارت المساجد من ذلك البلد إلى بَهلا، فدُعيت بالمساجد الطائرة، وهي «مساجد العُبّاد». ولا عجب.. أن تدور حولها الأساطير فتأريخها ضارب في القدم، بل أنها أقيمت محل معابد تعود لما قبل الإسلام.