هل حصل أن دخلت ذات مرّة، «فيلما كوميديا دون مُهرِّجين، أو فيلما مأساويا دون أشرار!»، هذا ما وصف به «بونج جون هو»، كاتب ومخرج الفيلم الكوري Parasite، الحائز على العديد من الجوائز وأهمها الأوسكار. يُحدثُ هذا الفيلم قشعريرة عميقة بداخلنا، ربما لأنّ الإسقاطات الرمزية، تجعلُ من القصة العادية، قصة مرئية تتجاوز حدود «كوريا»، لتجد صداها في البقعة التي تخصنا جميعا!
تدور قصة الفيلم بين عائلتين، كل منهما نقيض الأخرى، على صعيد المستوى الطبقي والاجتماعي والاقتصادي. تظهرُ العائلة الفقيرة التي تعيش في قبو كمتطفلة على الآخرين الذين يعيشون في النور، ابتداء من سرقة شبكة «الواي فاي»، وليس انتهاء بالتحايل وتزوير الشهادات للحصول على وظائف.
فغياب العدالة يُفرزُ «الطفيليات» التي تتغذى طوال الوقت على طبقات أعلى منها، بمد اليد أو التحايل. فيتم بتر اليد الممتدة وردعها بالقوانين، أكثر من النظر للظروف التي أنتجتها ودفعتها للنمو كالفطر السام!
تذكرتُ الخبر الذي نشرته الصحف العُمانية حول عودة 700 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد دراستهم، برفقة 70 ألف طالب مستجد! الأمر الذي يجعلنا أمام مؤشرات تُفصحُ عن مجتمع فتي قادم. صحيح أنّ الدراسات تجد ذلك جيدا فيما لو تمّ استثمار الطاقة الشابة المنتجة بصورة لائقة، ولكنها أيضا أرقام قد تتحول لقوة مُضادة فيما لو كابدت الإهمال! ابتداء من التعليم إلى توفير الخدمات وليس انتهاء بتأمين القطاعات التي ستحتويهم مستقبلا، فنحن دائما بين خيارين إمّا أن نجعل منهم كيانا فاعلا أو "طفيليات" جديدة تتغذى على الحكومة!
وسأتذكر كثيرا ما قاله أحد أبطال الفيلم Parasite، على سبيل اليأس المفرط: «الخُطة التي لا تفشل أبدا هي ألا تكون عندك خطة»!
تظهرُ العائلة الثرية في الفيلم، لتمثل نقيض كل شيء تعرفه العائلة الفقيرة. نمط الحياة وشكل البيت الأنيق والمعزول عن الصخب، فيتصاعد تطفل العائلة الفقيرة، التي تريد أن تثبت أقدامها في بيت الأثرياء بأي طريقة كانت حتى لو اضطروا للمكائد القاتلة!
لم تكن العائلة الثرية تستحق منا أي شفقة بطبيعة الحال، فقد كانت تمارس خداعها وغطرستها، فيتعمق شعورنا بالازدراء.
أتذكر أيضا «كريس» المسحوق من قبل المجتمع الرأسمالي، والتائه هو وابنه في الشوارع بعد أن تخلى الجميع عنهما في الفيلم الأمريكي «السعي للسعادة». كان البحث عن وظيفة، بأجر ثابت أمرا كابوسيا ولهاثا يدفعنا كمشاهدين لمزيد من التعاطف.
قرأتُ ذات مرّة أنّ «السباقات الاقتصادية ليست لعدّائي المسافات القصيرة، فهي تتطلب عدائي المسافات الطويلة»، أي تلك الخطط طويلة المدى التي تنظر لأبعد مما بين أيدينا الآن، بحيث لا يضطر الأشخاص لتقييد استهلاكهم بشدة، بغية توفير مستقبل أبنائهم، فمن المتوقع أنّ الخطة الاقتصادية تحمي الجميع!
الأمر الذي سيذكرنا بأولئك المنتظرين الذين يعلقون أعينهم في انتظار وظيفة، قابضين على شهاداتهم، ورغم أنّ أزمة الباحثين هي أزمة تؤرق العالم بأسره، إلا أنّ الأمل يرنو لتحرك المياه الراكدة، بعد التعافي من الآثار القاسية التي سيتركها كوفيد 19.
تصحيح الأوضاع في القطاع الخاص، بحيث لا يبقى مغلولا ومستحوذا عليه من قبل القلّة القليلة، وتحسين الرواتب والحوافز والصعود الطبيعي في السلم الوظيفي وكسب الحقوق الطبيعية عند التقاعد، سيخفف العبء على الجهات الحكومية، وإلا سنقف في حيرة كبيرة إزاء تصاعد أجيال متلاحقة سنويا باحثة عن فرصتها في الحياة!
المشاريع الصغيرة والمتوسطة تبدو كمن يُحارب طواحين الهواء، أمام بعض الاشتراطات والتعقيدات، مع أنّها قد تغدو المُنقذ الحقيقي، فنجاح المشروع الصغير يعني بالضرورة أن تُحول شخص من باحثٍ عن عمل إلى سبب لتوظيف آخرين.
وعليه فتجفيف منابع البيروقراطية القاتلة، وفك الاحتكار في السوق، وتصغير العوائق أمام التجارة وفتح الأفق أمام الاستثمار الأجنبي.. كلها أسباب ستقلل من الخوف من تحولنا إلى طبقتين لا «وسطى» بينهما. طبقة الأثرياء والطبقة الطفيلية التي ستحتال لتبقى، لا يحدث ذلك لأنّهم أشرار، وإنّما لأنّها طبقة مسحوقة!
تغني أميمة الخليل بصوتها الشجي: «الطبقة الوسطى بين وبين، بين الياما وياما.. الطبقة الوسطى مريحة، طبقة منتوج وثقافة، مدفونة جوا ضريحها»!
تدور قصة الفيلم بين عائلتين، كل منهما نقيض الأخرى، على صعيد المستوى الطبقي والاجتماعي والاقتصادي. تظهرُ العائلة الفقيرة التي تعيش في قبو كمتطفلة على الآخرين الذين يعيشون في النور، ابتداء من سرقة شبكة «الواي فاي»، وليس انتهاء بالتحايل وتزوير الشهادات للحصول على وظائف.
فغياب العدالة يُفرزُ «الطفيليات» التي تتغذى طوال الوقت على طبقات أعلى منها، بمد اليد أو التحايل. فيتم بتر اليد الممتدة وردعها بالقوانين، أكثر من النظر للظروف التي أنتجتها ودفعتها للنمو كالفطر السام!
تذكرتُ الخبر الذي نشرته الصحف العُمانية حول عودة 700 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد دراستهم، برفقة 70 ألف طالب مستجد! الأمر الذي يجعلنا أمام مؤشرات تُفصحُ عن مجتمع فتي قادم. صحيح أنّ الدراسات تجد ذلك جيدا فيما لو تمّ استثمار الطاقة الشابة المنتجة بصورة لائقة، ولكنها أيضا أرقام قد تتحول لقوة مُضادة فيما لو كابدت الإهمال! ابتداء من التعليم إلى توفير الخدمات وليس انتهاء بتأمين القطاعات التي ستحتويهم مستقبلا، فنحن دائما بين خيارين إمّا أن نجعل منهم كيانا فاعلا أو "طفيليات" جديدة تتغذى على الحكومة!
وسأتذكر كثيرا ما قاله أحد أبطال الفيلم Parasite، على سبيل اليأس المفرط: «الخُطة التي لا تفشل أبدا هي ألا تكون عندك خطة»!
تظهرُ العائلة الثرية في الفيلم، لتمثل نقيض كل شيء تعرفه العائلة الفقيرة. نمط الحياة وشكل البيت الأنيق والمعزول عن الصخب، فيتصاعد تطفل العائلة الفقيرة، التي تريد أن تثبت أقدامها في بيت الأثرياء بأي طريقة كانت حتى لو اضطروا للمكائد القاتلة!
لم تكن العائلة الثرية تستحق منا أي شفقة بطبيعة الحال، فقد كانت تمارس خداعها وغطرستها، فيتعمق شعورنا بالازدراء.
أتذكر أيضا «كريس» المسحوق من قبل المجتمع الرأسمالي، والتائه هو وابنه في الشوارع بعد أن تخلى الجميع عنهما في الفيلم الأمريكي «السعي للسعادة». كان البحث عن وظيفة، بأجر ثابت أمرا كابوسيا ولهاثا يدفعنا كمشاهدين لمزيد من التعاطف.
قرأتُ ذات مرّة أنّ «السباقات الاقتصادية ليست لعدّائي المسافات القصيرة، فهي تتطلب عدائي المسافات الطويلة»، أي تلك الخطط طويلة المدى التي تنظر لأبعد مما بين أيدينا الآن، بحيث لا يضطر الأشخاص لتقييد استهلاكهم بشدة، بغية توفير مستقبل أبنائهم، فمن المتوقع أنّ الخطة الاقتصادية تحمي الجميع!
الأمر الذي سيذكرنا بأولئك المنتظرين الذين يعلقون أعينهم في انتظار وظيفة، قابضين على شهاداتهم، ورغم أنّ أزمة الباحثين هي أزمة تؤرق العالم بأسره، إلا أنّ الأمل يرنو لتحرك المياه الراكدة، بعد التعافي من الآثار القاسية التي سيتركها كوفيد 19.
تصحيح الأوضاع في القطاع الخاص، بحيث لا يبقى مغلولا ومستحوذا عليه من قبل القلّة القليلة، وتحسين الرواتب والحوافز والصعود الطبيعي في السلم الوظيفي وكسب الحقوق الطبيعية عند التقاعد، سيخفف العبء على الجهات الحكومية، وإلا سنقف في حيرة كبيرة إزاء تصاعد أجيال متلاحقة سنويا باحثة عن فرصتها في الحياة!
المشاريع الصغيرة والمتوسطة تبدو كمن يُحارب طواحين الهواء، أمام بعض الاشتراطات والتعقيدات، مع أنّها قد تغدو المُنقذ الحقيقي، فنجاح المشروع الصغير يعني بالضرورة أن تُحول شخص من باحثٍ عن عمل إلى سبب لتوظيف آخرين.
وعليه فتجفيف منابع البيروقراطية القاتلة، وفك الاحتكار في السوق، وتصغير العوائق أمام التجارة وفتح الأفق أمام الاستثمار الأجنبي.. كلها أسباب ستقلل من الخوف من تحولنا إلى طبقتين لا «وسطى» بينهما. طبقة الأثرياء والطبقة الطفيلية التي ستحتال لتبقى، لا يحدث ذلك لأنّهم أشرار، وإنّما لأنّها طبقة مسحوقة!
تغني أميمة الخليل بصوتها الشجي: «الطبقة الوسطى بين وبين، بين الياما وياما.. الطبقة الوسطى مريحة، طبقة منتوج وثقافة، مدفونة جوا ضريحها»!