assemcom@hotmail.com -
حققت السلطنة نجاحا كبيرا في سرعة الاستجابة لكارثة الإعصار المداري "شاهين" الذي ضرب محافظتي شمال وجنوب الباطنة بشكل أساسي مطلع الشهر الجاري، ونجحت في إعادة الأساسي من الحياة إلى طبيعتها في وقت قياسي بالنظر إلى حجم الدمار الذي سببه الإعصار، أما عودة الحياة إلى مرحلة ما قبل الإعصار فستحتاج إلى وقت طويل نظرا للضرر الكبير الحادث في البنية الأساسية بالولايات.
ومن العوامل المهمة التي ساهمت في سرعة عودة الحياة إلى طبيعتها والتخفيف من آثار الإعصار تلك الملحمة الوطنية التي رسمها العمانيون وعبروا بها عن قوة عُمان قيادة وشعبا، وكذلك قوة النسيج الاجتماعي بين أفراد المجتمع وبين الشعب وقيادته. ولا تبحث أي قيادة في العالم عن تماسك وتناغم أفضل مما حصل في عُمان، ولا يُرْهِبُ أعداء الدول في الخارج أكثر من تماسك داخلي بهذه القوة والذي يعادل قوة "قبة حديدية" كفيلة بصد أي اعتداء.
هذا التعامل الناجح مع الكارثة هو جانب مضيء من المشهد الذي عاشته عُمان خلال الأيام الماضية وعاشته خلال الأعاصير السابقة التي مرت بالبلاد، لكن للمشهد جوانب أخرى لا بد من النظر لها، وفي هذا التوقيت بالذات، إذا ما أردنا أن نجري مراجعة حقيقية هدفها تقليل الخسائر في المرات القادمة والتخفيف عن كاهل الميزانية العامة للدولة، فلا يمكن أن نكتشف بعد كل إعصار أن البنية الأساسية أصبحت أثرا بعد عين، وأن على الدولة إعادة تعميرها من جديد. والأمر نفسه بالنسبة لممتلكات المواطنين التي ذهبت إلى البحر أو طمرت تحت الطين.
وإذا كانت الأعاصير من القوة بحيث يصعب التصدي الكامل لتأثيراتها فليس أقل من تقليل تلك الخسائر إلى الحد الأدنى. صحيح أن علماء الطقس يؤكدون أن عدد الأعاصير وقوتها إلى ازدياد في بحر العرب جراء التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا إلا أن العلماء بالمقابل في بحث مستمر عن حلول إجرائية لتقليل الخسائر الناتجة عن الأعاصير والكوارث الطبيعية قدر المستطاع وهذا يعني تغيير التخطيط ومتانة إضافية في البنية الأساسية وكذلك مواصفات جديدة لبناء المنازل.
ولو تمعنا النظر في ما حدث بولايتي الخابورة والسويق اللتين كانتا في عين الإعصار "شاهين" لرأينا أن سبب الدمار يعود إلى مياه الأودية الجارفة التي خرجت عن مساراتها واتجهت صوب المنازل والمراكز التجارية وطوت أمامها الشوارع والمرافق العامة والمزروعات والسيارات.
ورغم التحذير من خطر الرياح إلا أن تأثيرها كان محدودا، وتركز على الأشياء غير الثابتة مثل المظلات وعلى المزروعات وبشكل خاص النخيل وأشجار المانجو التي تزدهر في ولايات شمال الباطنة . وكذلك الأمر مع البحر فلم تدخل مياهه كما كان متوقعا في اليابسة إلا لاحقا عبر المجاري الجديدة التي حفرتها الأودية.
وكان يمكن لخطر الأودية أن يكون محدودا لو لم تعتد المخططات السكنية على مجاري الأودية، ولم توزع الأراضي على المواطنين فيها، حتى أن بعض مجاري الأودية اختفت تماما نتيجة الاعتداء الجائر عليها بالتخطيط المباشر من وزارة الإسكان أو عبر الحيازات غير القانونية من بعض المواطنين. كما غيرت بعض الشركات التي تعمل في المحاجر مجاري بعض الأودية ووجهتها لاتجاهات جديدة لم تعد بعدها المجاري قادرة على استيعاب مياهها المتدفقة.. وفي الباطنة بشكل خاص كانت الأمطار العادية تتسبب في حدوث فيضانات رغم أن كميتها لا تتجاوز 30 ملم في اليوم، فما بالك بأكثر من 370 ملم في نصف يوم كما حدث في إعصار "شاهين".
وقبل أشهر بسيطة من مرور الإعصار "جونو" عام 2007 قال وزير الإسكان في ذلك الوقت في جلسة مناقشات مغلقة أمام أعضاء مجلس الشورى في سياق رده على استغرابهم إدخال بعض مجاري الأودية ضمن المخططات السكنية: "لا تحلموا بعودة الأودية، أنتم في بلد جاف والأمطار التي تتحدثون عنها أصبحت من الماضي!". وكان إعصار "جونو" في ذلك الوقت جرس إنذار مسموع الصوت في كل مؤسسات الدولة، وكان لا بد من وجود فكر تخطيطي عمراني مختلف عن الفكر السابق.. لكن لم يتغير الكثير أو أن الحلول التي طرحت أثبتت عدم جدواها والدليل ما حدث في الحي التجاري بالقرم خلال هذا الإعصار رغم أن التأثير القوي لم يكن على محافظة مسقط!
واليوم بعد مرور عقد ونصف تقريبا على ذلك الجرس جاء "شاهين" يحمل جرسا أكثر ضخامة من سابقه وأخذ مسارا غير مألوف لعلماء الأرصاد الجوية ما يعني أن المسارات المستبعدة قبل سنوات باتت ممكنة جدا في السنوات القادمة وأن كل محافظات السلطنة أصبحت في مرمى الأعاصير المدارية ولذلك لا بد أن نكون في جاهزية تامة صيفا وشتاء.
وحتى لا يكون الحديث في مجمله بكاء على اللبن المسكوب في وقت نحن بحاجة فيه إلى أفكار جديدة يمكن أن تساهم في بناء منظومة تخطيط مختلفة تأخذ في الاعتبار أن عُمان ضمن حزام أعاصير بحر العرب من قبل ان تكون هناك تغيرات مناخية فكيف إذا أصبحت تلك التغيرات تنذر بالأسوأ؟! يمكن أن نضع بعض الأفكار للنظر فيها خلال المرحلة القادمة.
أول تلك الأفكار تتمثل في رفع الاعتداءات عن مجاري الأودية، وتطبيق قانون نزع الملكية عن الممتلكات العامة أو الخاصة التي أخذت بالقانون أو بدونه أحرامات الأودية، بل وإعطاء الأودية أحرامات مناسبة تحسبا لمثل هذه الفيضانات الناتجة عن الأعاصير.
ويحتاج الأمر كذلك تعميق تلك المجاري وتنظيفها بشكل مستمر، وبناء حواجز خرسانية تكون بمثابة جدار حماية صلب في حالة ارتفاع مناسيب المياه في الحالات المدارية. على أن يكون كل ذلك بمواصفات عالمية ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول.
ولا بأس أن يستكمل المشروع بوجود أحواض كبيرة في تلك المجاري تستوعب كمية كبيرة من المياه تغذي المياه الجوفية فلا يعقل أن نهدر كل تلك المياه التي نزلت دون أن نستفيد منها في تغدية المخزون الجوفي الذي غلبت عليه الملوحة.
أما ثاني تلك الأفكار التي يمكن طرحها هنا فتتمثل في بناء منظومة سدود حماية تكون قادرة على استيعاب كميات كبيرة من مياه الأمطار. وإذا كانت الأرصاد الجوية لديها توقعات حول كميات الأمطار التي يمكن أن تهطل في مختلف الأعاصير فيمكن عبر تلك المعرفة بناء السدود التي تستطيع حجز تلك الكميات خلفها. أما الموقع المناسب لها فتكون في الشريط الوسطي بين المناطق الجبلية التي تأتي منها الأودية وبين الشريط الساحلي. وحتى لو لم تستطع السدود استيعاب جميع المياه المتوقعة فإن ما سيفيض منها في ذلك الوقت سيكون تأثيره أقل بكثير مما لو كانت غير موجودة أصلا.
ثم هناك الكثير من المخططات السكنية التي لا بد أن يعاد النظر فيها خاصة تلك التي تم توزيعها كتعويضات للمنازل المتأثرة بالطريق الساحلي. فليس من الإنصاف أن تخرج المواطن من بيته وتعوضه بآخر وسط أخوار بحرية مردومة تربتها الرملية متحركة ورخوة ليكتشف المواطن أن أبسط الأمطار تغرقه هو وبيته وممتلكاته!
ولعلّ هذه فرصة مناسبة لإعادة النظر في مشروع الطريق البحري الذي كبد ميزانية الدولة مئات الملايين من الريالات وبعد مضي أكثر من عقد من الزمن لم يرَ المشروع النور وتراكمت مشاكله رغم أنه ساهم في إثراء البعض بطرق غير قانونية أو ملتوية.
ومن المواضيع التي تستحق أن نقف معها في هذه المراجعة موضوع المواصفات الفنية للمباني في السلطنة. لقد كشفت الحالات المدارية أن الاشتراطات الحالية لا تلبي متطلبات الوقاية من الكوارث. ولذلك حان الوقت الآن لتكون هناك اشتراطات فنية صارمة تراعي الوضع المناخي وهذا من شأنه أن يخفف لاحقا حجم الدمار الذي يمكن أن يحدث نتيجة الأعاصير والعواصف. وبالدخول إلى بعض المواقع الإلكترونية يمكن الوقوف على الكثير من الحلول التي يمكن تطبيقها بسهولة في السلطنة لتكون البيوت أكثر مقاومة للأعاصير.
أما النقطة الأخيرة فتتمثل في توجيه الناس وتشجيعهم على ثقافة التأمين ضد الكوارث، على أن لا يقتصر الأمر على المركبات فقط وإنما المنازل والمزارع وهذا في حد ذاته سيخفف الأمر على الدولة التي ينظر لها المواطن اليوم على أنها "مسؤولة" عن تعويض خسائره؛ لأنها هي من أعطته أرضا في مواجهة مجاري الأودية ما جعله يتكبد الكثير من الخسائر المادية والنفسية.
حققت السلطنة نجاحا كبيرا في سرعة الاستجابة لكارثة الإعصار المداري "شاهين" الذي ضرب محافظتي شمال وجنوب الباطنة بشكل أساسي مطلع الشهر الجاري، ونجحت في إعادة الأساسي من الحياة إلى طبيعتها في وقت قياسي بالنظر إلى حجم الدمار الذي سببه الإعصار، أما عودة الحياة إلى مرحلة ما قبل الإعصار فستحتاج إلى وقت طويل نظرا للضرر الكبير الحادث في البنية الأساسية بالولايات.
ومن العوامل المهمة التي ساهمت في سرعة عودة الحياة إلى طبيعتها والتخفيف من آثار الإعصار تلك الملحمة الوطنية التي رسمها العمانيون وعبروا بها عن قوة عُمان قيادة وشعبا، وكذلك قوة النسيج الاجتماعي بين أفراد المجتمع وبين الشعب وقيادته. ولا تبحث أي قيادة في العالم عن تماسك وتناغم أفضل مما حصل في عُمان، ولا يُرْهِبُ أعداء الدول في الخارج أكثر من تماسك داخلي بهذه القوة والذي يعادل قوة "قبة حديدية" كفيلة بصد أي اعتداء.
هذا التعامل الناجح مع الكارثة هو جانب مضيء من المشهد الذي عاشته عُمان خلال الأيام الماضية وعاشته خلال الأعاصير السابقة التي مرت بالبلاد، لكن للمشهد جوانب أخرى لا بد من النظر لها، وفي هذا التوقيت بالذات، إذا ما أردنا أن نجري مراجعة حقيقية هدفها تقليل الخسائر في المرات القادمة والتخفيف عن كاهل الميزانية العامة للدولة، فلا يمكن أن نكتشف بعد كل إعصار أن البنية الأساسية أصبحت أثرا بعد عين، وأن على الدولة إعادة تعميرها من جديد. والأمر نفسه بالنسبة لممتلكات المواطنين التي ذهبت إلى البحر أو طمرت تحت الطين.
وإذا كانت الأعاصير من القوة بحيث يصعب التصدي الكامل لتأثيراتها فليس أقل من تقليل تلك الخسائر إلى الحد الأدنى. صحيح أن علماء الطقس يؤكدون أن عدد الأعاصير وقوتها إلى ازدياد في بحر العرب جراء التغيرات المناخية التي يشهدها كوكبنا إلا أن العلماء بالمقابل في بحث مستمر عن حلول إجرائية لتقليل الخسائر الناتجة عن الأعاصير والكوارث الطبيعية قدر المستطاع وهذا يعني تغيير التخطيط ومتانة إضافية في البنية الأساسية وكذلك مواصفات جديدة لبناء المنازل.
ولو تمعنا النظر في ما حدث بولايتي الخابورة والسويق اللتين كانتا في عين الإعصار "شاهين" لرأينا أن سبب الدمار يعود إلى مياه الأودية الجارفة التي خرجت عن مساراتها واتجهت صوب المنازل والمراكز التجارية وطوت أمامها الشوارع والمرافق العامة والمزروعات والسيارات.
ورغم التحذير من خطر الرياح إلا أن تأثيرها كان محدودا، وتركز على الأشياء غير الثابتة مثل المظلات وعلى المزروعات وبشكل خاص النخيل وأشجار المانجو التي تزدهر في ولايات شمال الباطنة . وكذلك الأمر مع البحر فلم تدخل مياهه كما كان متوقعا في اليابسة إلا لاحقا عبر المجاري الجديدة التي حفرتها الأودية.
وكان يمكن لخطر الأودية أن يكون محدودا لو لم تعتد المخططات السكنية على مجاري الأودية، ولم توزع الأراضي على المواطنين فيها، حتى أن بعض مجاري الأودية اختفت تماما نتيجة الاعتداء الجائر عليها بالتخطيط المباشر من وزارة الإسكان أو عبر الحيازات غير القانونية من بعض المواطنين. كما غيرت بعض الشركات التي تعمل في المحاجر مجاري بعض الأودية ووجهتها لاتجاهات جديدة لم تعد بعدها المجاري قادرة على استيعاب مياهها المتدفقة.. وفي الباطنة بشكل خاص كانت الأمطار العادية تتسبب في حدوث فيضانات رغم أن كميتها لا تتجاوز 30 ملم في اليوم، فما بالك بأكثر من 370 ملم في نصف يوم كما حدث في إعصار "شاهين".
وقبل أشهر بسيطة من مرور الإعصار "جونو" عام 2007 قال وزير الإسكان في ذلك الوقت في جلسة مناقشات مغلقة أمام أعضاء مجلس الشورى في سياق رده على استغرابهم إدخال بعض مجاري الأودية ضمن المخططات السكنية: "لا تحلموا بعودة الأودية، أنتم في بلد جاف والأمطار التي تتحدثون عنها أصبحت من الماضي!". وكان إعصار "جونو" في ذلك الوقت جرس إنذار مسموع الصوت في كل مؤسسات الدولة، وكان لا بد من وجود فكر تخطيطي عمراني مختلف عن الفكر السابق.. لكن لم يتغير الكثير أو أن الحلول التي طرحت أثبتت عدم جدواها والدليل ما حدث في الحي التجاري بالقرم خلال هذا الإعصار رغم أن التأثير القوي لم يكن على محافظة مسقط!
واليوم بعد مرور عقد ونصف تقريبا على ذلك الجرس جاء "شاهين" يحمل جرسا أكثر ضخامة من سابقه وأخذ مسارا غير مألوف لعلماء الأرصاد الجوية ما يعني أن المسارات المستبعدة قبل سنوات باتت ممكنة جدا في السنوات القادمة وأن كل محافظات السلطنة أصبحت في مرمى الأعاصير المدارية ولذلك لا بد أن نكون في جاهزية تامة صيفا وشتاء.
وحتى لا يكون الحديث في مجمله بكاء على اللبن المسكوب في وقت نحن بحاجة فيه إلى أفكار جديدة يمكن أن تساهم في بناء منظومة تخطيط مختلفة تأخذ في الاعتبار أن عُمان ضمن حزام أعاصير بحر العرب من قبل ان تكون هناك تغيرات مناخية فكيف إذا أصبحت تلك التغيرات تنذر بالأسوأ؟! يمكن أن نضع بعض الأفكار للنظر فيها خلال المرحلة القادمة.
أول تلك الأفكار تتمثل في رفع الاعتداءات عن مجاري الأودية، وتطبيق قانون نزع الملكية عن الممتلكات العامة أو الخاصة التي أخذت بالقانون أو بدونه أحرامات الأودية، بل وإعطاء الأودية أحرامات مناسبة تحسبا لمثل هذه الفيضانات الناتجة عن الأعاصير.
ويحتاج الأمر كذلك تعميق تلك المجاري وتنظيفها بشكل مستمر، وبناء حواجز خرسانية تكون بمثابة جدار حماية صلب في حالة ارتفاع مناسيب المياه في الحالات المدارية. على أن يكون كل ذلك بمواصفات عالمية ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول.
ولا بأس أن يستكمل المشروع بوجود أحواض كبيرة في تلك المجاري تستوعب كمية كبيرة من المياه تغذي المياه الجوفية فلا يعقل أن نهدر كل تلك المياه التي نزلت دون أن نستفيد منها في تغدية المخزون الجوفي الذي غلبت عليه الملوحة.
أما ثاني تلك الأفكار التي يمكن طرحها هنا فتتمثل في بناء منظومة سدود حماية تكون قادرة على استيعاب كميات كبيرة من مياه الأمطار. وإذا كانت الأرصاد الجوية لديها توقعات حول كميات الأمطار التي يمكن أن تهطل في مختلف الأعاصير فيمكن عبر تلك المعرفة بناء السدود التي تستطيع حجز تلك الكميات خلفها. أما الموقع المناسب لها فتكون في الشريط الوسطي بين المناطق الجبلية التي تأتي منها الأودية وبين الشريط الساحلي. وحتى لو لم تستطع السدود استيعاب جميع المياه المتوقعة فإن ما سيفيض منها في ذلك الوقت سيكون تأثيره أقل بكثير مما لو كانت غير موجودة أصلا.
ثم هناك الكثير من المخططات السكنية التي لا بد أن يعاد النظر فيها خاصة تلك التي تم توزيعها كتعويضات للمنازل المتأثرة بالطريق الساحلي. فليس من الإنصاف أن تخرج المواطن من بيته وتعوضه بآخر وسط أخوار بحرية مردومة تربتها الرملية متحركة ورخوة ليكتشف المواطن أن أبسط الأمطار تغرقه هو وبيته وممتلكاته!
ولعلّ هذه فرصة مناسبة لإعادة النظر في مشروع الطريق البحري الذي كبد ميزانية الدولة مئات الملايين من الريالات وبعد مضي أكثر من عقد من الزمن لم يرَ المشروع النور وتراكمت مشاكله رغم أنه ساهم في إثراء البعض بطرق غير قانونية أو ملتوية.
ومن المواضيع التي تستحق أن نقف معها في هذه المراجعة موضوع المواصفات الفنية للمباني في السلطنة. لقد كشفت الحالات المدارية أن الاشتراطات الحالية لا تلبي متطلبات الوقاية من الكوارث. ولذلك حان الوقت الآن لتكون هناك اشتراطات فنية صارمة تراعي الوضع المناخي وهذا من شأنه أن يخفف لاحقا حجم الدمار الذي يمكن أن يحدث نتيجة الأعاصير والعواصف. وبالدخول إلى بعض المواقع الإلكترونية يمكن الوقوف على الكثير من الحلول التي يمكن تطبيقها بسهولة في السلطنة لتكون البيوت أكثر مقاومة للأعاصير.
أما النقطة الأخيرة فتتمثل في توجيه الناس وتشجيعهم على ثقافة التأمين ضد الكوارث، على أن لا يقتصر الأمر على المركبات فقط وإنما المنازل والمزارع وهذا في حد ذاته سيخفف الأمر على الدولة التي ينظر لها المواطن اليوم على أنها "مسؤولة" عن تعويض خسائره؛ لأنها هي من أعطته أرضا في مواجهة مجاري الأودية ما جعله يتكبد الكثير من الخسائر المادية والنفسية.