تلاشت تدريجيا معظم الأضرار التي لحقت بولايات شمال الباطنة، وأشرق الوجه الجميل مرة أخرى للقرى والمناطق التي تضررت، بعد أن عادت معظم أوجه الحياة إلى طبيعتها في السويق والخابورة وصحم، وتم استرجاع الخدمات الأساسية وشقت الطرق وعاد الإنسان ليعمر في الأرض من جديد.

صباح مختلف أشرقت شمسه أمس على أهالي ولايات السويق والخابورة وصحم بشمال الباطنة، فيه تجددت الآمال والطموحات لبدء يوم جديد، تزامنت مع إشراقته رائحة رغيف الخبز الذي أعدته الأمهات لأبنائهن قبيل توجههم إلى مدارسهم، بعد أسبوعين من الانقطاع بسبب الأضرار التي خلفها الإعصار (شاهين)، رائحة قهوة وشاي وخبز تملأ حارات الباطنة ذات الكثافة السكانية، مناطق وقرى تعافت بعد إعصار عنيف دمر الكثير وبقي الإنسان صامدا في أرضه ووطنه، أعاد سريعا كل ما تدمر وتخلص من معظم مخلفات الإعصار، وعاد ليواصل رحلة جديدة من الكفاح مع الحياة.

وبين الأحياء السكنية والطرق التي أعيد تسويتها بعد أن كانت بالأمس القريب تحيط بها بقايا الإعصار وأكوام من الطين والمخلفات والبرك المائية، يقف طلاب المدارس من أبناء الخابورة والسويق، بانتظار حافلة المدرسة لتقلهم إلى مدارسهم، منهم من يقف مع والده ومنهم من وقفت معه أمه، وآخرون بقت جدتهم إلى جوارهم، وفي الطريق إلى المدرسة فضل بعض الطلبة التوجه إلى مدارسهم مشيا على الأقدام، مصرين على أن يتجاوزوا كل التحديات والصعاب والعوائق ويصلون إلى مدارسهم، التي فتحت أبواها مرحبة بهم، وأمامها يقف المعلم مرحبا بعودة طلبة العلم إلى صروح شيدت في ظل النهضة المباركة التي أعطت للتعليم نصيبا وافرا من الاهتمام والرعاية. وفي إنجاز يحسب لجميع الجهات الحكومية المدنية والعسكرية والمتطوعين والأهالي، عاودت مدارس السويق وصحم والخابورة إلى عملها في وقت قياسي مقارنة بحجم الأضرار التي لحقت بها، حيث دخلت مياه الأودية والأمطار بعض المدارس وغمر الطين والطمي بعض الفصول، وتساقطت جدران بعض المدارس، في حين استخدمت بعض المدارس كمراكز للإيواء، وبعض المدارس حالت الطرق المتأثرة بالأودية عن الوصول إليها، وبعد أسبوعين عاد الطلبة فرحين مستبشرين بعودتهم إلى مدارسهم يشاركهم في الفرحة أولياء أمورهم، والمعلمون والأطقم الإدارية والتدريسية بالمدارس.

(عمان) رافقت الأهالي والطلبة بالمناطق المتضررة استئناف الدراسة بالمدارس بعد توقف أسبوعين بسبب أضرار الإعصار على المناطق، حيث رصدت المشهد منذ الصباح الباكر، وحضرت مع الطلبة وهم ينتظمون في طابور الصباح، وهم في معنويات عالية وروح تواقة إلى العلم والمعرفة.

ففي الأحياء السكنية يقف أمجد بن سالم العجمي وأخته مروة أمام منزلهما في ولاية الخابورة ينتظران حافلة المدرسة بسعادة كبيرة، اشتياق بعد أسبوعين من الانقطاع، متناسين آثار الإعصار ومقبلين على بداية علمية جديدة.

ضحية القطيطية تقف مع حفيدتها بانتظار حافلة المدرسة، وقد جهزت وألبست حفيدتها عهد بنت جمعة الحوسنية لباس المدرسة وقدمت لها إفطارها الصباحي الذي أعدته لها.

أما عامر بن سيف الرواحي والذي كان يرافق ابنته «نوف» في انتظارها للحافلة قابلنا بابتسامة ووجه بشوش، عبر عن بالغ سعادته بعودة الدراسة بالمدارس في ولايات شمال الباطنة بعد الإعصار والأضرار التي خلفها.

وقال الرواحي: العودة أثلجت صدورنا وأفرحتنا، ابنتي (نوف) متشوقة للعودة، وأكد الرواحي استئناف الدراسة بهذه السرعة والتخلص من الأضرار بكل المدارس يعد إنجازا حقيقيا، ولله الحمد على هذه النعمة واللحمة الوطنية التي شارك فيها الجميع لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها.

مشيرا إلى أن الأهالي يشعرون بسعادة كبيرة لعودة الطلبة إلى مدارسهم، وتهيئة المدارس والنقل بالشكل السريع والآمان، الذي يضمن سلامة الطلبة.

فاقد التعليم

وبينما كان طلبة مدرسة ابن سيناء بولاية الخابورة ينتظمون في طابور الصباح، التقينا مع بدر بن هلال الحوسني مدير مدرسة ابن سيناء الذي أكد على أن المدرسة لم تتأثر بالشكل الكبير، لكن الطلبة كانت منازلهم متأثرة، لذلك كان إعطاء وقت كاف لمدة أسبوعين لتهيئة جميع المرافق بالمدارس وإعطاء فرصة للطلبة لتهيئة ظروفهم أمرا ضروريا.

وأضاف الحوسني يواصل طلبة المدرسة الدوام المدرسي بنظام أسبوع بأسبوع، وبعد توقف الدراسة بمدارس شمال الباطنة نتيجة الإعصار، فإن على أعضاء الهيئة التدريسية بذل مزيد من الجهود لتعويض الفاقد التعليمي.

وأكد بدر الحوسني على توجيه المعلمين بعد تكثيف الواجبات المدرسية على الطلبة خلال الأسبوع الجاري، وإعطائهم فرصة لالتقاط أنفاسهم وعدم الضغط عليهم، مشيرا إلى وجود تنسيق متواصل بين المدرسة والبيت من خلال أولياء الأمور للوصول إلى أفضل طريقة ممكنة تصب في مصلحة الطالب.

تذليل الصعوبات

من جانبها قالت أصيلة بنت احمد الحوسنية مديرة مدرسة صفية بنت عبد المطلب من الصف التاسع إلى الثاني عشر: ركزنا بصورة أساسية بعد عودة الطلبة للدراسة بالمناطق المتضررة على الاستماع لاحتياجات الطالبات وحصر ما فقدته الطالبات من مستلزمات مدرسية ووضع الخطط الكفيلة للتغلب على كافة الصعاب التي قد تواجه الطالبات.

رفع المعنويات

وفي مدرسة الأحنف بن قيس بولاية السويق قال ناصر بن سالم بن علي السناني للتعلم الأساسي من 5 ـ 9 مدير المدرسة: تضررت المدرسة كثيرا، وبتضافر الجهود تم إزالة جميع الأضرار وتصليح من تعطل من مرافق المدرسة، مشيرا إلى أن اليوم الأول بعد استئناف الدراسة شهد تفعيل فريق إدارة الأزمات بالمدرسة لحماية الطلبة من أي ضرر قد يتعرضون له بالمدرسة، إضافة إلى توعية مكثفة للطلبة على ضرورة الانتباه والتقيد بإجراءات السلامة ومواصلة الالتزام بلبس الكمامات، والابتعاد عن البرك والتجمعات المائية، إضافة إلى توزيع الكتب المدرسية على الطلبة والحقائب والمستلزمات المدرسية على الطلبة المتضررين.

وأوضح السناني بأن الأخصائي الاجتماعي بالمدرسة قام بالجلوس مع الطلبة المتضررين والحوار معهم بطريقة أبوية ورفع معنوياتهم وتوضيح الطرق التي يتبعونها في مثل هذه الظروف للتخلص من الآثار النفسية للظروف الاستثنائية والاستفادة من هذه التجارب مستقبلا بطريقة إيجابية.

وأشار مدير المدرسة إلى عقد اجتماع مع المعلمين الأوائل والإداريين والتأكيد على ضرورة ممارسة أدوارهم المهمة لخدمة الطلبة وتوعيتهم وتوزيع المستلزمات المدرسية عليهم والاهتمام بصورة أفضل بالطلبة، كما تم التأكيد على نظافة مياه الشرب والخزانات وتنظيف دورات المياه وتعقيمها.

من جانبه قال أحمد بن عامر الخروصي مدير مدرسة عبدالله بن عباس الفصول من 10 إلى 12 بمنطقة الخضراء بولاية السويق: استأنف 800 طالب من طلبة المدرسة الدراسة وسط جاهزية تامة لجميع مرافق المدرسة، مشيرا إلى أن فصول المدرسة لم تتعرض للأضرار، حيث اقتصرت بعض الأضرار على أجهزة التكييف والمظلة المدرسة، وتم إصلاح أجهزة التكييف ويجري العمل على إصلاح المظلة وبعض المرافق، مؤكدا على أن المدرسة حريصة على سلامة الطلبة حيث تم التأكد من صلاحية و سلامة التسليكات الكهربائية وأي مرافق أخرى قد تسبب أي أخطار على الطلبة.

استبانة للأضرار

من جانبها قالت نجلاء بنت موسى البلوشية مديرة مدرسة حليمة السعدية من 9 إلى 12: تابعت المدرسة الطالبات باستمرار حتى أثناء الانقطاع عن الدراسة بسبب الإعصار، حيث تم إنشاء رابط وزع على أولياء الأمور عن طريق مجموعات التواصل التي تم إنشاؤها منذ بداية العام الدراسي الحالي، وقد احتوى الرابط على استبانة تحمل اسم الطالبة والسكن والأضرار التي لحقت بها، على مستوى الملابس أو الكتب وكل المستلزمات المدرسية، إضافة إلى أضرار المنزلية وأيضا على مستوى حافلات المدارس، حيث تم تحليل الاستبانة بشكل مفصل ومعرفة أوضاع كل طالبة ومن ثم التعامل معها بكل خصوصية.

وأكدت البلوشية على أن إدارة المدرسة وقفت على متابعة كافة المرافق قبل استئناف الدراسة واستقبال الطالبات، وتم الوقوف على النظافة العامة لمرافق المدرسة إضافة إلى سلامة المرافق والفصول.

وتقدمت البلوشية بالشكر والتقدير لكافة الجهات الحكومية المدنية والعسكرية والجهات الأهلية والمتطوعين على ما بذلوه من جهود للمساهمة إعادة الخدمات بالولايات المتضررة وتنظيف المدارس و المباني المدرسية.

وأعرب الطالب الأمير بن راشد الحجري عن بالغ سروره بعودته إلى المدرسة بعد انقطاع أسبوعين بسبب الإعصار وقال: سعيد جدا بالعودة، المدرسة مهيأة من كافة النواحي والهيئة الإدارية والتدريسية بالمدرسة بذلت جهود لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها بالمدرسة.

وأكد الحجري على أن الفترة القادمة تحتاج إلى مضاعفة الجهود لتقليص فاقد التعليم الذي قد حصل من خلال التوقف لمدة أسبوعين، وإن شاء الله سوف نتجاوز هذا الجانب بتكاتف المعلمين وجهدنا في المذاكرة والتفاعل.

تجاوز الصعاب

من جانبها قالت إيلاف بنت حمد السعدية: الحمد لله المدرسة مهيأة ونظيفة ولا يوجد ما يعرض الطالبات للخطر، مؤكدة على أن وضع الصفوف جيد، مشيرة إلى الرابط الذي قامت إدارة المدرسة مشكورة بتوزيعه على أولياء الأمور لحصر أضرار الطالبات وتأثرهن بالإعصار.

وبينت السعدية: إن المرحلة القادمة تتطلب من الجميع العمل على تجاوز كل الجوانب النفسية مشيرة إلى أن التلاحم بين المعلمات والطالبات ساهم بشكل كبير في تجاوز جميع التحديات، مشيرة إلى أن مرحلة الدبلوم العام تحتاج إلى مزيد من الجهد وبإذن الله سوف يتضاعف الجهد في قادم الأيام.

وتقدمت إيلاف السعدية بالشكر والتقدير لإدارة المدرسة على وقوفها مع الطالبات وتعويضهن عن بعض المستلزمات التي فقدت في الإعصار، مؤكدة على أن الألفة بين الطالبات وإدارة المدرسة ساهمت بشكل إيجابي في تجاوز العديد من الصعاب.

عمق الترابط

وقالت الطالبة غدير بنت عبدالحسين العجمية: الحمد لله المدرسة لم تتضرر كثيرا والأضرار بسيطة، وعلى الرغم من وجود المدرسة بالقرب من الأودية إلا أن الطريق سالك إليها وكل الجوانب تم تهيئتها بالشكل الصحيح.

وأضافت: الصفوف مهيأة منذ اليوم الأول لاستئناف الدراسة والعودة بعد انقطاع دام أسبوعين، مشيرة إلى أن المعلمات لم يقطعن تواصلهن مع الطالبات في دلالة على عمق الترابط بين الطالبات والمعلمات.

راحة الطالب

من جانبه قال الطالب خالد الرشيدي: لله الحمد عدنا إلى مدرستنا وجميع المرافق مهيأة، الإعصار كان قويا وآثاره قوية جدا، والجهود ساهمت في عودتنا إلى مدارسنا في أسرع وقت.

وأضاف: تم توزيع الكتب علينا التي كانت ناقصة ولم نستلمها، وأيضا الكتب التي تلفت بسبب الإعصار، مؤكدا على أن الهيئة التدريسية استقبلت الطلبة برحابة وتم تسخير كافة الجوانب لراحة الطالب.