ليس الاحتفاء بيوم خاص للمرأة «العمانية» إلا إشارة رمزية نقف فيها جميعا محتفين بها وبمنجزها الحضاري والتربوي الذي صنع الماضي وها هو الآن يؤثث الحاضر ويمهد دروب المستقبل المشرق، وإلا فإن المرأة في عُمان بشكل خاص، هي عيد كل أيامنا، والشمس التي تبعث دفئها فيكون للصباح معنى، والبدر الذي يبدد ظلام الليل فيكون لمسائنا ذلك الجمال الذي لا يمكن أن نعيش بدونه. إنها الربيع الذي تتفتح فيه الأزهار فينتشر عبير عطرها على هذه الأرض الطيبة فلا نعود نطيق الحياة إلا بها ومعها وإليها.

وحضور المرأة في مشهد البناء في عمان يرقى لأن يكون ملحمة من ملاحم هذا الشعب العظيم تتجدد فصولها كلما مرت البلاد بمحنة أو تحدٍ من تحديات الحياة التي لا تنتهي. ولم يكن يوما حضورها آنيا أو محدثا فرضته الدولة المدنية، بل كانت المرأة في عُمان على الدوام شريكا أساسيا وفاعلا ومؤثرا في مسيرة بناء هذه الدولة، وما أنتجته من حضارة ساهمت عبرها في رفد الحضارة الإنسانية.

وكانت المرأة على الدوام الجناح الثاني للطائر العماني الذي لا يكف عن التحليق نحو المستقبل.

وفي هذه اللحظة التي نستذكر فيها المرأة وإنجازاتها «الملحمية» يمكن لنا أن نقف أمام الكثير من النماذج التي تستحق الذكر والاحتفاء والتخليد إلا أن ثلاثة نماذج تبرز اليوم ويمكن أن تختزل فيها وعبرها نماذج المرأة العمانية التي تستحق الاحتفاء لأنها تكشف عن معدن العمانية وقوتها ودورها الذي لا يمكن أن يتجاوزه التاريخ. النموذج الأول، ذلك الذي شاهده الجميع خلال الأيام الماضية للعمانية وهي تقف صلبة وقوية في مواجهة الإعصار المداري الذي ضرب بعض محافظات السلطنة وأثر تأثيرات كبيرة على ممتلكات المواطنين وكذلك على البنية الأساسية في تلك المحافظات.. ورغم عظم ما حدث وفداحته إلا أنها ضربت أنموذجا يستحق الاحتفاء والاحترام في الصبر والجلد وقوة التحمل خلال مرور الإعصار وبعده، فكانت جزءا أساسيا من تلك الملحمة التي رسمها العمانيون طوال الأيام الماضية.

أما النموذج الثاني فهو نموذج المرأة التي واجهت جائحة فيروس كورونا بكل وعيها الكبير من أجل أن تبقى أسرتها بعيدة عن الخطر.. ولا يتمثل هذا النموذج في جنود الخطوط الأمامية من الطبيبات والممرضات فقط رغم دورهن المشهود والذي سيبقى خالدا، ولكن يتعداه إلى المرأة التي كانت في البيت تفتح جناحيها من أجل أن تخبأ أسرتها من شر الجائحة.. لقد ساهمت المرأة أينما كانت خلال فترة الجائحة في بناء وعي صحي أسهم كثيرا في تقليل أثر الوباء.

أما النموذج الثالث فهو نموذج «ربة البيت» التي نذرت نفسها لصناعة الأجيال وتنشئتهم. إنه النموذج الذي عبر من خلال الجميع ولا يمكن توصيفه لعظم الدور الذي يقوم به.

لهذه النماذج وغيرها ولكل النساء في عمان وغير عمان يقول المجتمع ألف شكر، ألف شكر على هذا الجمال الذي تحف به المرأة هذا الكون ولكل التضحيات التي لولاها لكانت الحياة أكثر صعوبة.. شكرا للمرأة أما وأختا وزوجة وبنتا، شكرا لأنكن الفرحة التي نرمم بها حياتنا.