محمد بن أحمد الشيزاوي

shfafiah@yahoo.com

تطرح مشكلة تسريح موظفي شركة خزف عمان -الناتجة أساسًا عن قرار الجمعية العامة غير العادية التي عُقدت في 5 سبتمبر الماضي بحل وتصفية الشركة - العديدَ من التساؤلات بشأن دور الصناديق والمؤسسات الاستثمارية الكبرى في اقتناص الفرص الاستثمارية المتاحة في القطاع الصناعي ودعم الشركات التي تواجه صعوبات أو مشاكل إدارية وتحويل الشركات الخاسرة منها إلى شركات ناجحة قادرة على مضاعفة مكاسب المستثمرين من جهة والمساهمة من جهة ثانية في تحقيق الأمن الصناعي وتقليل الواردات من السلع.

وفي المقال الذي نشرتُه في 18 أغسطس الماضي في هذه الزاوية تحت عنوان «قبل أن نقول: وداعا خزف عمان» تحدثتُ عن أهمية الشركات الصناعية في سد احتياجات البلاد من السلع المصنّعة وأن حل الشركة وتصفيتها ليس هو الحل المناسب لشركة تعتبر هي الوحيدة في المجال الذي تعمل فيه، وبعد أن أقرت الجمعية العامة غير العادية لشركة خزف عمان في مطلع الشهر الماضي توصية مجلس الإدارة بحل الشركة وتصفيتها فإن هناك مشاكل أخرى بدأت تطفو على السطح من أبرزها تسريح العاملين في الشركة وهي مشكلة اجتماعية ترفع أعداد الباحثين عن عمل، وإذا أخذنا في الاعتبار أن توفير فرص العمل يعتبر أحد أبرز أهداف شركات المساهمة العامة فإننا نجد أن تسريح العاملين فيها يعد ابتعادًا عن تحقيق هذه الأهداف، وفي المقال ذاته طرحتُ فكرة أن يتم إنقاذ الشركة من خلال اندماجها مع كيانات أخرى أو قيام مستثمر استراتيجي بشراء أسهمها وإعادة هيكلتها، وفي هذا المقال أجدد التذكير بهذه الفكرة من زاوية الدور المفترض أن تقوم به الصناديق والشركات الاستثمارية ليس فقط في مجال شراء الشركات وإعادة تأهيلها (وهو مجال ناجح في دول عديدة) ولكن أيضا في مجال تأسيس الشركات الصناعية الناجحة، وكما هو معلوم فإن قطاع الصناعة هو أكثر القطاعات استقرارًا وأرباحًا إذا أحسنّا استغلاله، وهو قادر على توفير الآلاف من فرص العمل أمام الشباب، وهو مجال يثري الإبداع، وكم شاهدنا من شركات صناعية عملاقة بدأت بفكرة بسيطة ثم مشروع صغير تطور بعد ذلك إلى شركة عملاقة بعد أن وجدت هذه الشركة تمويلًا جيدًا من مستثمرين كبار أو شركات كبرى أو البنوك التي آمنت بقدرة ذلك المشروع الصغير على أن يكون شركة عملاقة، والأمثلة على ذلك كثيرة، وفي الوقت نفسه هناك شركات أخرى لم تستطع مواصلة المشوار لأنها لم تجد من يؤمن بفكرة مؤسسيها فخرجت من الساحة الاقتصادية مبكرًا.

في أحيان كثيرة نجد أن تعرّض شركة ما إلى الخسائر لا يعني ضرورة حل الشركة وتصفيتها وإنما هناك العديد من السبل لتحويلها إلى شركة ناجحة خاصة إذا كانت شركة صناعية تعمل في قطاع حيوي ولا يوجد لها منافسون محليون، كما هو الحال لدى شركة خزف عمان التي لها علاقة وثيقة بقطاع الإنشاءات، وتعتبر الشركة العمانية الوحيدة العاملة في مجال صناعة أطقم دورات المياه، وهو ما يدعم فرص نجاحها إذا وجدت إدارة تؤمن بالفكرة الأولى التي أنشئت الشركة من أجلها، وتعمل جديًا على تحقيقها، وما دمنا نتحدث عن دور الصناديق والشركات الاستثمارية الكبرى في تنشيط الاقتصاد الوطني وتقليص الواردات وتحقيق الأمن الصناعي فإننا نجد أن الاهتمام بالشركات الصناعية أولى من منافسة القطاع الخاص والأفراد على بناء أو شراء المباني التجارية والسكنية وتأجيرها وهو ما يؤدي إلى إيجاد فجوة كبيرة بين العرض والطلب في القطاع العقاري، في حين أن الاستثمار في القطاع الصناعي يقودنا إلى تأسيس شركات عملاقة قادرة على المساهمة في التنويع الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل أمام الشباب فضلًا عن الأرباح المتوقعة لمشروعات من هذا القبيل.