هبت عمان كلها لتشد عضد الولايات المتضررة من الحالة المدارية شاهين، من مسندم إلى ظفار، سطر فيها أبناء عمان ملحمة من الوفاء وروحا عالية من الإخاء والتعاضد من أجل أن تستعيد الولايات الأربع بريقها بأفضل مما كانت، لكن الأهم ما سطره الإنسان العماني خلال الأيام التي أعقبت الحالة المدارية الأخيرة من شعوره بمسؤولية الوطن الذي احتاجه في أحلك الظروف، والذي لا يختلف عليه اثنين، والذي مثل وقود هذا الترابط وحبله المتين.

اللافت في الأيام الخمس الماضية بدءا من الجمعة الماضية، انطلاق مساران لمساعدة ولايات السويق والخابورة والمصنعة وصحم، وهما الجهد البشري البدني المدني، الذي نزل إلى ميادين العمل بجانب قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية، والجهد العيني والمالي الذي فاق التوقعات وحقق علامة كاملة من الرضا بين الناس، والذي طمأنهم أن التماسك والترابط جاء أمتن من الخيال وهذا يحقق معادلة التعاضد بين أفراد المجتمع.

وجهد الآخرين من غير العمانيين اللذين انخرطوا في الميادين من أبناء الجاليات في السلطنة، وهذا مقدر ومدلول على ارتفاع الإحساس بالمسؤولية تجاه وطن يعيشون فيه.

التلاحم الذي أظهره الجميع من مشاركات ضمن فرق التطوع في كل المسارات والمشاركة في إدارة الأزمة والتموين والغذاء والحصر من الأضرار وزيارات المسؤولين المعنيين إلى الحواضر والقرى والمدن وفي بطون الأودية والجبال، كل هذا أوجد مشهدا مختلفا في المجتمع يستحق التوقف عنده.

ناهيك عن قوافل الخير التي سيرت من على بعد مئات الكيلومترات من جغرافية عمان لإغاثة المحتاجين من أبناء الولايات المذكورة، وذلك السخاء في العطاء الذي خفف على الكثير من أبناء الولايات الأربع، حالة التسابق من رجال الأعمال وأهل الخير في تقديم كل ما يمكن من أجل إعادة تجهيز الأسر والمنازل التي تضررت التي عانت ولا زالت حتى هذا اليوم من فقدان بعض الممتلكات والخدمات، وتسابق فرق الطوارئ كسبا للوقت من أجل إعادتها، وقد تمكنوا خلال الأيام الأخيرة من تحقيق نسب عالية جدا في إعادة الحياة إليها، ودور رجال القوات المسلحة وأفراد شرطة عمان السلطانية والجمعيات المهنية والخيرية التي استطاعت أن تكون قوة الدفع في إعادة الحياة إلى أبهى صورها.

كل هذا المشهد بتفاصيله كان استثناء في تاريخ عمان، وكان رجالها ونساءها استثناء في كل شيء.