بكاء.. صراخ.. للفت الانتباه وتحقيق الأهداف!!

استطلاع: سارة الجراح -

الزهراء الحسينية: تدريب الطفل على أن يطلب انفرادا وأن يعي أنه لا يوجد هناك قبول دائم أو رفض دائم

حمود الجابري: لو أن الأمور المالية جيدة أقوم بتلبية طلبه، وإذا لم تتوفر أحاول إقناعه بأني لا أملك القيمة

أنس النعماني: يجب وضع شروط للطفل يوافق عليها قبل الخروج من المنزل

عارف البوسعيدي: معاملة الطفل على حسب فهمه وإقناعه بعيدا عن الضرب

مريم العجمية: أقنعه بسبب الرفض وبالمقابل أعرض عليه خيارات أخرى

نورا العجمية: إذا لبيت طلبه في كل مرة يبكي سوف يكرر البكاء

أحمد البلوشي: عدم اصطحاب الأطفال إلى المحلات التجارية عند عدم الرغبة في الشراء لهم

أنس قبل أن يصطحب ابنه يتفق مسبقاً معه بأنه ذاهب لشراء غرض معين فقط ويخرج مباشرة، ويوضح له أن هذا اليوم ليس لشراء الألعاب وغيرها، فهناك يوم مخصص لذلك وتكون عملية الإقناع والتفاهم مسبقة، بينما جمعة زايد يتعامل مع الموضوع على حسب السن وفهم الطفل، أي بمعنى لو التفت الابن لغرض ما وطلب من والده شراءه في الحين الذي لا تسمح ظروفه المادية بذلك، يوضح له في تلك اللحظة أنه حالياً لا يمكنه شراءه بسبب ظروفه المادية ويطلب منه أن يقدر ذلك، أما مريم فهي ترفض الشراء إذا اختار الطفل لعبة مشابهة للعبته أو لو اختار لعبة غير هادفة، وهنا تقنعه باختيار لعبة أخرى، وفي حال لم يصغِ لها وعاند توضح له مباشرة إذ لم يتوقف عن الإلحاح سوف تمنع عنه الهدايا ولن يخرج معها مرة أخرى.

هناك الكثير من الحالات والسلوكيات التي يتصرف فيها الأبناء في حال اصطحابهم سواء للمجمعات التجارية أو المتنزهات حتى في المطاعم وأيضا في المنزل لو وقع نظرهم على شيء وأصروا وألحوا عليه، ويقع الوالدان هنا في حيرة من أمرهم في كيفية التعامل مع هذا الابن!.

حول هذا الموضوع التقينا البعض لنعرف كيف يتعاملون مع أبنائهم في مواقف عنادهم وإلحاحهم الزائد وصراخهم في الأماكن العامة بغية تحقيق أهدافهم، وما هي نظرتهم ورأيهم في من يقوم بضرب ابنه أو ابنته أمام الناس؟ والتقينا الزهراء الحسينية المتخصصة في علم النفس لتقدم بعض النصائح حتى يتغلب بها الوالدان على إلحاح أبنائهم.

يقول أنس بن خلفان بن سليمان النعماني: «قبل أن أصطحب ابني معي أتفق معه منذ البداية في حال مثلاً لو ذهبت إلى السوبرماركت أوضح له أنني ذاهب فقط لشراء مستلزمات المنزل لا غير، وفي حال رفضنا تلبية طلبه قد تكون لأسباب، وعلينا أن لا نوصلهم لمرحلة البكاء؛ ذلك لأنني أمتنع عن تلبية رغبات الطفل أثناء بكائه واعتبره خطأ تربويا، لذا على الوالدين منذ البداية إظهار مدى تفهمهم له، مثلا: لو التفت الابن للعبة يقول له والديه: نعلم أنك ترغب في شراء هذه اللعبة، لكن تكلفتها عالية وأنا لا أمتلك قيمتها حالياً، هنا يشعر الابن باحترام والديه لمشاعره وتفهمه لسبب الرفض». وتابع: «ومن حيث إن البعض يقوم بنهر ابنه أو ضربه أثناء بكائه فأنا ضد ذلك؛ لأن الضرب لا يجدي نفعا ربما يكرر الطفل نفس الموقف، في هذه الحالة لابد أن أتصرف بحكمة واتزان ويكون بيني وبين طفلي حوار حتى امتص غضبه ويهدأ».

كما أشار أبو إلين قائلاً: إن العلاقة بين الآباء والأبناء مبنية على أسس قوية نشأت منذ الوهلة الأولى، ومن الأحرى وضع قوانين تحكم هذه العلاقة ومن بينها تلبية حاجات الطفل، التي تعتبر من أهم الأولويات التي يجب الوقوف عليها من أجل تقليل الخلافات التي تنشأ أثناء قضاء حوائج الأسرة على سبيل المثال: لتدريب الأطفال وأخذ ما يلزم يعمد الوالدين إلى وضع قانون للطفل في حالة رغبته في شراء شيء لنفسه ويتفقوا عليها قبل الخروج من المنزل، وتكون ذات أهمية وغير ضارة أو تكون ذات قيمة معينة، ولا تتعدى السقف المحدد، بالتالي يلتزم الطفل بهذا القانون وعند مخالفته لهذا القانون لا يسمح له بأخذ ما يريده حتى لو بكى أو أصر عليها فالمبدأ يعتمد على القوانين التي وضعت عند التسوق، وهذه أفضل سياسية بين أفراد الأسرة في معرفة حقوق وواجبات كل الأفراد على ضوء توطيد العلاقات القوية التي تساعد بعد ذلك في إنشاء جيل قوي قادر على احترام ذاته.

الإقناع

ويرى عارف بن جمعة بن زايد البوسعيدي بأن الأسباب التي تمنع الأب من تلبية حاجة الابن كثيرة، وحول ذلك قال: «من تلك الأسباب عدم توفر الإمكانيات المادية في كل وقت، ويحبذ أن يعتاد الابن خاصة بعد عمر 6 سنوات على أن هناك فترة للشراء ومراعاة الظروف المادية، لست من مشجعي ضرب الأطفال حتى لو ألحوا على شراء ما وقعت أعينهم عليه، خاصة الطفل من عمر 2 إلى 4 سنوات لا يعلم عن الوضع المالي شيئا، حتى لو تم ضربه فهو لا يعلم بأنك متعسر بل سيفهم انك لا ترغب في شرائها مما يزيد الأمر سوءا لذا يجب معاملة الطفل على حسب فهمه وإذا كانت الأمور المالية تساعد على تلبية طلبه لا يتردد بشرائها، أو إقناعه بعيدا عن الضرب خاصة في مكان عام وأمام الناس».

الحرمان

مريم بنت محمد بن احمد العجمية تقول: «الأمر يعتمد على عدة عوامل منها عمر الأبناء، وسبب الرفض مثلاً إذا كانت اللعبة غير هادفة، أو أنها شبيهة بلعبة موجودة عند الطفل، هنا من واجبي أن أفهمه ما هو سبب الرفض وبالمقابل أعرض عليه أن يشتري لعبة ثانية وأضع له الشروط».

وتابعت العجمية: «من تجربتي والتي أتت بنتيجة إيجابية وضع الشروط قبل الوصول للمكان، فالابن يفهم ويلتزم بها؛ حيث تجده لا ينفعل بالألعاب في حال رفضنا تلبية طلبهم لأسباب خاصة».

وعن الأسباب التي تدفع البعض -رغم بكاء ابنه الشديد- لرفض تلبية طلبه، أشارت مريم قائلة: «نرفض إذا كانت لديه لعبة مشابهة وتكرارها لا يفيد، وإذا كانت اللعبة غير هادفة للطفل، وفي حال لم يلتزم بالشروط في ذلك اليوم، وتصرف تصرفات تثير الالتفات، عليه أن يعلم بأنه سيحرم من الهدايا والألعاب مرة أخرى، والضرب لا ينفع و لا يعلم بل يضعف من شخصية الطفل وقد ينتج إلى انحراف الطفل بعيدا عن والديه».

السلوك

كما شاركتنا الحديث أختها نورا العجمية قائلة: «إذا ألح الطفل على طلبه في الشراء، التفت لسلوكه في طلبها، وإذا كان يستحق أن أشتريها له، أخبره لماذا اشتريتها ليعرف بأن إلحاحه ليس هو السبب، إنما السبب سلوكه وتصرفه، وفي حال أني رفضت قد تكون لأسباب مثل عدم توفر المبلغ، أو ليتعلم بأن ليس كل شيء يريده يمكنه أن يحصل عليه مباشرة، أو لأنه لم يكن موفقا في هذه الفترة، طبعاً حين أرفض أخبره السبب وبالطريقة التي تتناسب مع عمره، ومن ناحيتي أرفض تلبية طلب ابني مع الصراخ والبكاء، خاصة إذا كان الذي يريده ليس له معنى، واعلم لو لبيت طلبه في كل مرة يبكي بها ويصرخ سوف يكرر عملية البكاء مرة و2 و 3، لذا رفضي لهذا السلوك يعلمه بأن هذا الصراخ والبكاء غير مجدٍ».

ومن ناحية الضرب تقول نورا: «لا أضرب ولا أحب أن أرى أي طفل يضرب أمامي، لأن الضرب لا يجدي نفعًا و التحدث مع الطفل أفضل بكثير لتوصيل المعلومة، وفي أوقات كثيرة عندما أجد طفلا في نوبة بكاء وصراخ احتضنه وأضمه وأخبره لنتحدث أولا حتى يهدأ ويشعر بالحب والأمان».

حسب الفهم

كما يرى حمود بن حمد بن ناصر الجابري بأنه يجب معاملة الطفل على حسب فهمه، وأوضح قائلاً: «إذا كانت الأمور المالية تساعد أقوم بتلبية طلبه، وإذا لم تتوفر أحاول إقناعه بأن المبلغ غير متوفر، وإن شاء الله في المرة القادمة سوف أشتريها له، كل ذلك بعيداً عن الضرب خاصة ونحن في مكان عام وأمام الناس».

البديل

يقول نبيل بن فرج بن خميس المعمري: «ألبي طلبه في حال أن المبلغ متوفر، بشرط أن تكون قيمة اللعبة معقولة، وفي حال أنه أصر عليها أرفض طلبه مقابل إقناعه بأخذ لعبة أخرى، وأحاول أن لا أعطيه مجالا للبكاء والصراخ حتى لا تكون عادة لنلبي بها رغباته، ما أهدف له هو الإقناع قبل دفعه للبكاء».

تعزيز الثقة

أحمد بن محمد بن عبدالله البلوشي بدوره يقول: «نعم، أقوم بشراء ما يريده طفلي دون تردد طالما توفرت الإمكانات والوقت، لأن هذا الأمر سيدخل السعادة في قلب الطفل، ولا أدعه يصل إلى مرحلة البكاء، من المهم جدا التحدث مع الأطفال ومحاولة الوصول لمستوى تفكيرهم والشرح البسيط لهم وعدم إعطاء وعود كاذبة بشراء أي شيء لهم رغبوا به، كما يجب على الآباء تجنب هذه المواقف قدر الإمكان بعدم أخذ الأطفال للمحلات إلا في حال الرغبة للشراء لهم وإعطائهم الحرية للاختيار، إلا لو كان اختيار ورغبة الطفل في شراء شيء غير مناسب، هنا يفضل منهم التدخل وتقديم خيارات أخرى، ومهم جداً تعزيز الثقة في الطفل بكلمة «لا»، وإيصال الهدف من هذه الكلمة ليس حرمانه من الشيء الذي يرغب به وإنما هي كلمة انضباط وتعليم، وبإمكانه هو كطفل أن يقول أيضا لا، البعض للأسف يفتقد مهارات الحوار مع الأطفال، في رأيي أن البعض يرفض تلبية طلب أطفاله من منطلق حرصه على مصلحتهم، ولكن كما أسلفت قد يكون من الأفضل تقديم خيارات أو بدائل يراها الأبوان مناسبة، وأنا ضد ضرب الأطفال أو الإكراه، ولا أجد مبررا للآباء لفعل ذلك».

نصائح

ونختم استطلاعنا بحديث الزهراء بنت محمد الحسينية المتخصصة في الإرشاد النفسي، إذ تقول: «الكثير منا يصادف طفلا صغيرا مستلقيا على الأرض ويبكي بشكل لافت ومزعج لأن والديه رفضا أن يشتريا له لعبة، سلوك هذا الطفل هو محاولة منه للضغط على والديه حتى يقوما بتلبية ما يريد، هنا تتوجه نظرات المتسوقين نحو تلك العائلة، فمنهم من يرى أن الأب مسكين عجز عن شراء لعبة، ومنهم من ينظر إلى الطفل على أنه مدلل ويستخدم هذا السلوك من باب الدلع، ولكن جذور وبداية المشكلة هي عندما يبدأ الطفل بطلب شيء ما ويبدأ في استخدام أسلوب الإلحاح والبكاء، فيقوم الوالدان بإعطائه ما يريد بهدف التخلص من الإزعاج الذي يسببه وإسكاته، وبعدها يتعود الطفل على هذا السلوك، فإذا أراد شيئا ما استخدم أسلوب الإلحاح والبكاء حتى يتم تلبية طلبه، فيقوم بهذا السلوك في المنزل والسوبرماركت أو أي مكان آخر وهو غير آبه بذلك».

وتابعت الحسينية: «بحسب نظرية بافلوف (التعلم الشرطي) أن الطفل في هذه الحالة اكتسب وتعلم سلوك البكاء عن طريق الارتباط الشرطي، أي أن الارتباط الشرطي اقترن باستجابة ومحفز ثابت (أي كلما قام الطفل بسلوك البكاء عند رغبته في الحصول على شيء ما تتم الاستجابة له بإعطائه ما يريد)، أما بالنسبة للطرق التي يجب استخدامها للتعامل مع هذا الطفل ننصح بعدد من الأمور منها أنه لابد أن تشرح لطفلك أن البكاء أسلوب مرفوض ولا بد أن يعبر عن رغباته بدون أن يصرخ أو يبكي، لإنه عندما يقوم بذلك السلوك فهو بذلك يكون مصدر إزعاج للآخرين، ولا بد أن يتعلم أن البكاء ليس وسيلة ضغط لتلبية الرغبات، ولا بد أن يتم تدريب الطفل من قبل الوالدين أن يطلب ما يريد على انفراد وليس أمام الجميع كما يفعل في السوبرماركت، وأن يعي الطفل أن الأم قد تقبل بعض الأشياء وقد ترفض أخرى فلا يوجد هناك قبول دائم أو رفض دائم، ويمكن استخدام أسلوب العقاب في حالة تكرار البكاء والإلحاح في السوبرماركت بأن يحرمانه الذهاب للمكان الذي بكى فيه مرة أخرى، وفي كل الأحوال على الآباء أن يبتعدوا عن تعنيف الطفل لأن ذلك سيوتر العلاقة بينهما ويزيد العناد لديه».