تناولت الصحف البريطانية طوال الأسبوع الماضي المعركة الكلامية التي نشبت بين رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ففي مؤتمر صحفي عقدته ماي خلال زيارتها القصيرة للأردن الأسبوع الماضي وجهت انتقادا للرئيس ترامب بسبب إعادته نشر ثلاث تغريدات تتضمن فيديوهات تحريضية نشرتها جماعة بريطانية يمينية متطرفة شعارها «بريطانيا أولا» ، مشيرة إلى أن هذه الفيديوهات تبث الكراهية وتنشر الانقسام. وقالت ماي: «رغم أننا نعمل معا، إلا أن هذا لا يعني أننا نخشى أن نقول إن الولايات المتحدة الأمريكية قد أخطأت وأن نكون واضحين جدا معهم». وأضافت: «أتحدث بوضوح شديد عندما أقول إن إعادة نشر مقاطع الفيديو على تويتر نقلا عن مجموعة «بريطانيا أولا» كان تصرفا خاطئا». ومن جانبه هاجم الرئيس ترامب، رئيسة الوزراء، تريزا ماي، ونصحها بالتركيز على «الإرهاب» في بريطانيا. ففي تقرير كتبه ديفيد سميث مراسل صحيفة «الجارديان» في واشنطن، أشار فيه الى توبيخ ترامب لماي علناً بسبب انتقادها له لإعادته نشر فيديوهات سبق ان نشرتها اليمينية المتطرفة جايدا فرانسن، نائب زعيم حركة «بريطانيا أولا»، قائلا لها: «لا تركزي عليّ، لكن ركزي على الراديكالية الإسلامية المدمرة، التي تحدث في المملكة المتحدة»، وأضاف: «نحن بخير». ووقع ترامب في خطأ بإرساله التغريدة لحساب امرأة اخرى تدعى تريزا سكرفينر، لكنه حذف تغريدته بعد دقائق من اكتشاف خطئه، وأعاد إرسالها لحساب تريزا ماي. أما مضمون الفيديوهات التي أعاد ترامب نشرها فيها لقطات تزعم أن المسلمين هم وراء العنف، واحد منها يظهر شخصين يضربان فتى هولنديا على عكازات، وآخر يظهر احد المتشددين الإسلاميين يكسر تمثالا للعذراء مريم، والثالث يظهر فيه إلقاء شخص من فوق سطح منزل. ونقلت «الجارديان» عن ماي قولها انه «من الواضح جدا أن ترويج ترامب لأشرطة الفيديو كان الشيء الخطأ الذي قام به»، موضحة «أن السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة اشتكى رسميا الى البيت الأبيض». وذكرت صحيفة «ايفننج ستاندارد»، إن عمدة لندن، صادق خان، شن هجوما جديدا على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في بيان صادر عنه أشار فيه إلى أن ترامب يدعم جماعة متطرفة تزرع الانقسام والكراهية في بلادنا، وان زيارته الرسمية لبريطانيا لن تكون موضع ترحيب. وأعرب خان عن قناعته بأنه يتعين على ماي «استخدام نفوذها الحكومي لدى ترامب وإدارته للطلب منه حذف هذه التغريدات، والاعتذار للبريطانيين». لكن ماي قالت في اجابة حول سؤالها عن هذا الموضوع: «الدعوة أرسلت وقبلها الرئيس الأمريكي». وفي هذا السياق نشرت صحيفة «ديلي ميرور» على كامل الصفحة الأولى صورة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وضعت فوقها ملصقا يقول «Wanted» وهو الملصق الذي يستخدم في البحث عن المجرمين والهاربين من أحكام العدالة، لكن الصحيفة أضافت للملصق كلمة «Not» ليصبح العنوان الرئيسي للصفحة «Not Wanted» أي «غير مطلوب» أو «غير مرغوب فيه» في إشارة الى زيارة الدولة المزمع ان يقوم بها ترامب لبريطانيا العام المقبل، ما يعني أن ترامب غير مرغوب في زيارته للمملكة المتحدة. وتقول الصحيفة إن هناك دعوات لإلغاء تلك الزيارة بعد انتقاد ماي لترامب بسبب إعادته نشر مقاطع فيديو معاد للإسلام والمسلمين. وتقول وسائل الإعلام إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة يربطهما تحالف وثيق، توصف معه علاقتهما بأنها «علاقة خاصة». حيث كانت ماي أول زعيمة أجنبية تزور ترامب في البيت الأبيض عقب توليه الرئاسة. غير ان البعض يرى أن الحرب الكلامية بين الطرفين قد تؤثر بشكل أو بآخر على تلك العلاقة الخاصة بين البلدين. صحيفة «آي» كتبت في عنوانها الرئيسي تقول «العلاقة الخاصة مهلهلة special relationship in tatters ». وسبب «الهلهلة» او «التدهور» هو الحرب الكلامية الدائرة حاليا بين الطرفين. وقالت الصحيفة: إن الديبلوماسيين يحاولون إصلاح ذات البين بسبب استخفاف ترامب في تعليقاته من تريزا ماي. وإن الصفقة التجارية مع أمريكا بعد (البريكست) معرضة للخطر نتيجة لذلك. ويبدو أن «مصائب قوم عند قوم فوائد» فجماعة اليمينيين البريطانيين هم اكثر المستفيدين من هذه الزوبعة الكلامية. وفي ذلك قالت صحيفة «تايمز» إن المجموعة اليمينية المتطرفة «بريطانيا أولا» تلقت زيادة في الدعم بعد ان شارك دونالد ترامب في أشرطة الفيديو غير المؤكدة ضد المسلمين. وقال الزعيم بول جولدينج انه تلقى مئات طلبات العضوية خلال 24 ساعة. وكانت العضوية في السابق أقل  من ألف عضو. وعلى الرغم من الإشارة في تقرير صحيفة «ديلي تلجراف» خلال الأسبوع الى المشاحنات والتراشق الكلامي بين ماي وترامب، وتصاعد المطالبات بإلغاء زيارة الرئيس ترامب إلى بريطانيا، إلا أن صحيفة «صنداى تايمز» نقلت عن مصادر ، لم تذكر اسمها أن جدول أعمال تريزا ماي يتضمن استقبال الرئيس ترامب في مقر رئاسة الوزراء في 10 داوننج ستريت يومي 26 و27 فبراير المقبل. وأن مدة زيارة ترامب لفتح السفارة الأمريكية الجديدة في لندن تم تقليصها الى اقل من عشرة أيام كما كان مخططا لها من قبل، ولن يتم فيها أي لقاء مع الملكة إليزابيت.