دانيال جروس ترجمة: أحمد شافعي -
أصبح الفيلسوف الأسترالي بيتر سنجر نباتيا في منتصف العشرينيات من عمره، بعد أن حكى له زميل من خريجي أكسفورد وهما يتناولان غداء من الاسباجيتي عن قسوة مزارع الحيوانات. بعد سنوات قلائل، وتحديدا في عام 1973، اقترح سنجر على مجلة نيويورك لعروض الكتب [The New York Review of Books] أن يكتب لهم مقالة بعنوان "تحرير الحيوان". فلم يكتف روبرت سلفرز ـ محرر المجلة العتيد ـ بنشرها، بل لقد أصبح هو الآخر نباتيا. وفي عام 1975، وسَّع سينجر مقالته إلى كتاب ترجم إلى عشرات اللغات وأسهم في الإلهام بحركة حقوق الحيوان الحديثة.
بيتر سنجر، البالغ من العمر أربعة وسبعين عاما، مؤلف سبعة عشر كتابا ومحرر أو مشارك في تحرير دزينتين أخريين من الكتب. كتب عن الميلاد والموت، وهيجل وماركس، والفلسفة السياسية والعولمة، ومواضيع أخرى كثيرة. (أصدر للتو طبعة حديثة من الجحش الذهبي لأبوليوس، وهي رواية رومانية من القرن الثاني الميلادي قال لي إن بالإمكان قراءتها قراءة "رواية مغامرات" موضحا أن "الكاتب لديه تعاطف واضح مع الحيوانات"). يصف سنجر نفسه بالعواقبي consequentialist، أي المؤمن بوجوب الحكم على الأعمال وفقا لعواقبها. كان بيتر سنجر قد عبَّر في مقاله "المجاعة والوفرة والأخلاقية" سنة 1972 ثم في كتابه "الحياة التي يمكنك إنقاذها" سنة 2009 عن أفكاره حول التزامنا الأخلاقي بمساعدة مدقعي الفقر، وهي أفكار تأسيسية في حركة الإيثارية الفعالة التي تشجع شعوب الدول الثرية على تقديم تبرعات ضخمة للأعمال الخيرية الرامية إلى تحسين حياة أكثرية الناس. كما أثَّرت أفكاره تلك على حركة "عهد العطاء" التي أطلقها وارين بوفيت وبيل جيتس وميلندا جيتس.
اكتشف آخرون أعمال بيتر سنجر بسبب ما أثارته من جدل. ففي كتابه "أخلاقيات عملية" سنة 1979 ذهب إلى أحقية الآباء في إنهاء حياة الأطفال حديثي الولادة من ذوي الإعاقات الجسيمة. فأخذت المظاهرات ـ في العقود التالية ـ تقاطع محاضرات له أو تؤدي إلى إلغائها. في عام 1999 احتجت جماعة "لم نمت بعد" [Not Dead Yet] لحقوق المعاقين على تعيينه في جامعة برينستن التي لم يزل أستاذا يدرِّس فيها. وفي تلك السنة كتب عنه مايكل سبنسر مقالا عميقا في هذه المجلة [أي ذي نيويوركر] بعنوان "الفيلسوف الخطر". وفي يوم جمعة [من شهر أبريل] الماضي أطلق سنجر وزميلان له مجلة أكاديمية تحمل اسم "جريدة الأفكار المثيرة للجدل" [Journal of Controversial Ideas].
قضى سنجر العام الماضي في بيته بملبورن مع ريناتا، وهي زوجته منذ اثنين وخمسين عاما. قال لي إنه يفتقد رؤية أبنائه ومعانقة أحفاده لكن "لعلي أنجزت من العمل أكثر مما كنت لأنجزه في عام طبيعي". كما مارس التزلج على الماء [وهي رياضة تعرف بالركمجة، والكلمة العربية مسكوكة من كلمتي "ركوب الموج" surfing]، وهي هواية اكتسبها منذ الخمسينيات. في جلسات حواراتنا الثلاثة عبر الفيديو، كان يحدثني من غرفة مكتب بيضاء ممتلئة من الأرض إلى السقف بأرفف الكتب. وتم تحرير حوارنا مراعاةً للطول والوضوح.
***
* كلمني عن"جريدة الأفكار المثيرة للجدل".
ـ هي رد فعل لما أحسه من تضييق على حرية التفكير والنقاش، لا تستثنى منه الحياة الأكاديمية. فرانشيسكا مينرفا وجيف مكمان وأنا قررنا إنشاء مجلة تكون، أولا، مهيأة لنشر الأفكار المثيرة للجدل ولا تتراجع عن مقالات بسبب مناشدات أو رسائل موقعة ضدها، وتسمح، ثانيا، بنشر المقالات بأسماء مستعارة، وذلك في حدود علمنا ما لم تفعله المجلات الأكاديمية المحكمة من الأنداد [peer-reviewed academic]. فلو أن الحجة سليمة، ولو قال المحكم "نعم، هذه المقالة محكمة الحجج"، لا نستبعدها على أساس أنها مثيرة للجدل أكثر مما ينبغي. هي محاولة لتوفير مكان غير قابل لممارسة الإلغاء، بمعنى ألا يؤدي الخوف إلى إغلاق باب النقاش.
* هل يمكن أن تكلمني عن بعض المواضيع التي تظهر في العدد الأول؟
ـ ربما من غير المدهش أن يضم العدد الأول بحثين عن قضايا الجندر. هل مصطلح "امرأة" يعني أنثى الإنسان الراشدة؟ وهل يشي ذلك بوجود مكون بيولوجي فيه أكثر من كونه مجرد تفضيل جندري؟
* هل البحثان معارضان لأحدهما الآخر؟
ـ نعم، هما كذلك. لدينا بحث مثير آخر عنوانه "نظرية الخلق المعرفية" [Cognitive Creationism] يستكشف توازيات بين نظرية خلق الأرض الفتية young-Earth creationism [وترى النظرية أن الأرض بما عليها خلقت بكل ما عليها من أشكال الحياة بالحالة التي عليها كل مخلوقاتها الآن، وأن لكل ذلك خالقا أعلى] وآراء أيديولوجية ترفض حقائق راسخة عن الجينات وبخاصة ما يتصل بالقدرات المعرفية لدى الأفراد، لا بين الجماعات الديمجرافية. هناك بحث يناقش الوجه الأسود في مصطلات التراثات الثقافية المتنوعة، حيث يمكن قبول الوجه الأسود. ثمة دفاع عن العمل المباشر لإيقاف انتهاك الحيوان. ثمة بحث يثير سؤالا عما إذا كان الطغيان ضرورة لإيقاف التغير المناخي. ثمة بحث عن العقاب يتأمل الإغماء القسري كبديل للحبس لفترات طويلة. ثمة بحث عن إبستمولوجيا "حجب المنصات"، أي الفكرة التي ترى أن بعض الأفكار يبلغ من الغباء حدَّ أنه لا يجب إعطاؤه منصة، ويذهب إلى أن هذا غير صحيح.
* هذا أشبه بميتا بحث، بمعنى أنه يتأمل في المنصة التي يشارك فيها.
ـ نعم، هذا البحث كذلك.
* من ملاحظاتي أن حجج حرية الكلام توفر في بعض الأحيان غطاء لأفكار تتسبب في أذى ـ وأن بعض هذه الحجج يأتي من مفكرين يمتلكون بالفعل حرية التعبير عن آرائهم، ما داموا يتقبلون تحمل المسؤولية عنها في مجال عام.
ـ الجريدة تهدف خصيصا إلى حماية الأكاديميين الذين لا يملكون المكانة. لكن إذا كان الخوف يقتصر على أن يبعث لهم الناس رسائل كراهية إلكترونية فلا أرى الأمر ذا شأن. حرية الكلام تنطبق على من يكتبون نقدا عدائيا في تويتر ـ هؤلاء لهم حرية الكلام أيضا. أعتقد أن على المرء أن يجعل جلده ثخينا. لكن لو أن ناشرا لن يقترب منهم خشية أن يوصم، فهذه في ما أعتقد مشكلة. وجون ستيوارت ميل يقولها صراحة: لا ينبغي أن تكون الإساءة أساسا لمنع حرية الكلام، لأنها فضفاضة.
* ألا تفكر في الاحتجاجات على أعمالك عبر السنين بوصفها نوعا من الإلغاء cancellation؟
ـ لم يكن المصطلح متداولا سنة 89، لكن، نعم، أعتقد أن الاحتجاجات في ألمانيا كانت بلا شك محاولة لجعل الكلام العلني مستحيلا عليّ. لكن بعيدا عن ذلك لم يكن الأمر شخصيا. يمكنك القول إنني مناصر عنيد لحرية الفكر والتعبير.
* أفكارك لم تمنع أبدا من النشر، وأنت بالطبع أستاذ في برينستن ولديك القدرة على النشر والكتابة بحرية طوال مسيرتك المهنية.
ـ الدعوة الأولى في ألمانيا أتت من مؤتمر لمنظمات المعاقين. تعرض ذلك المؤتمر لضغط من بعض الناس هناك لإلغاء دعوتي. ولا بأس. لكنني دعيت أيضا للحديث في جامعات بألمانيا وكان الداعون أساتذة أرادوا أن يسمعوني أتكلم، لكن رئيس الجامعة ألغى الدعوة.
* أظن أن لديّ مشكلة في رؤية الخط القائم بين الإلغاء وإتاحة حرية التعبير لمنتقديك.
ـ أعتقد أن الجامعات ينبغي أن تكون مكانا للنقاش الحر للأفكار. وللأماكن الأخرى أن تختار من تدعوه.
* يخطر لي مثال. قد يدعو البعض إلى قانون قائم على رهاب المتحولين جنسيا يحد من حريات المتحول جنسيا، فقد يقول ذلك الشخص عند التعرض للانتقاد إن حريته في الكلام تعرضت للتضييق. قد يكون ذلك جزءا من القصة. لكن لو أن مناصرتهم تؤذي الأشخاص المتحولين جنسيا، فقد أفكر أن الحوار يجب أن يتركز على الإيذاء.
ـ في الجدال الفعلي لا يقتصر الأمر على إيذاء المتحولين جنسيا، فالنسويون النقديون الجندريون يذهبون إلى أن النساء يتعرضن للإيذاء بعدم امتلاكهن فضاء يقتصر على الإناث بيولوجيا. إذا لم يسمح للناس بقول ذلك، أو تعرضوا للإلغاء لقوله، فكيف يمكن الوصول إلى حقيقة الأمر؟ حتى لافتة "رهاب المتحولين جنسيا" تنطوي بالفعل، في تقديري، على انحياز.
* لكنني لم أقل شيئا عن عدم السماح لشخص بالكلام، تكلمت فقط عن انتقادهم بحدة. فيكون الرد على النقد الحاد في أكثر الحالات هو الاعتراض بـ"لقد تم التضييق على حريتي في الكلام". أعتقد أن الإيذاء الفعلي المعيش الذي يتعرض له المتحولون جنسيا قد يعد أكبر من الإيذاء الذي يقع على شخص تتعرض حريته في الكلام للتضييق.
ـ لماذا تفترض ذلك؟ ألا ينبغي أن يكون ذلك أمرا يجربه الناس ويأتون بالدليل عليه؟ وليس هذا غير نصف السؤال، أليس كذلك؟ ما ينبغي أن تقارنه هو المحاذير المفروضة على المتحولين جنسيا قياسا بالمحاذير المفروضة على الإناث بيولوجيا.
ليته لم يكن جدالا حول حرية الكلام ـ ليته كان مجرد جدال حول جوهر المزاعم. ولكن من يحاولون إثارة الأسئلة من منظور نسوي نقدي جندري، حول جوهر المزاعم، يصادفون صعوبة في طرح رؤاهم.
* فيما نتكلم عن هذا، أفكر في "تحرير الحيوان". تقول إن من الخطأ افتراض أن لون معين من التمييز هو آخر لون من التمييز. ويخطر لي أن من عواقب هذه الملاحظة أن بعض من يرون أنفسهم مناضلين ضد القمع قد ينتهي الأمر باعتبارهم مسهمين في قمع لم يكتشف بعد. هل تعتقد أن ذلك يوفر منصة لأفكار يمكن في المستقبل اعتبارها قمعية ومسهمة في القمع؟
ـ لا، أعتقد أن منصة مخصصة لحجة منطقية لا تسهم في القمع. أعتقد أنها محاولة للوصول إلى الحقيقة.
* إذا انتهيت ـ في معرض طلب الحقيقة ـ إلى أن لحجة الشخص أثرا قمعيا، فماذا يكون بعد ذلك؟ إذا تبين أن حجة منشورة في "جريدة الأفكار المثيرة للجدل" تتسبب في شر أكثر مما تتسبب في خير، فماذا يكون بعد ذلك؟
ـ هذا وارد طبعا ـ أن حجة مفردة قد تتسبب في أذى يفوق الخير. ما أومن به أنا وشركائي في التحرير هو أن دعم حرية التفكير والنقاش، إجمالا، سوف تحدث من الخير أكثر مما تحدث من الشر، حتى لو حدث بين الحين والآخر أن تسببت مقالة مفردة في أذي يفوق خيرها.
* في رأيك ماذا يكون للمحاسبة من دور في هذا المشروع؟
ـ الطريقة التي يحاسب بها الأكاديميون تتمثل في كشف عيوب حججهم.
* لكن في حال نشر شخص باسم مستعار، فكل ما يحدث لا يعدو تجهيلا من وراء حجاب.
ـ هذا صحيح. هم لا يحصلون على الثناء المستحق لحجتهم، على الأقل طالما احتفظوا بحالة الاسم المستعار، ولا يلقون الخزي الناجم عن طرح حجة فاسدة إن تبين خطأ حجتهم. أفترض أننا نعتقد أن الأهم بكثير هو كشف الخطأ، أو الكف عن ذلك إن لم يكن من خطأ.
* التمييز بين المثير للجدل وغير المثير للجدل يبدو معتمدا على حكم أو حارس بوابة يقرر أي الأفكار يقع داخل حدود النقاش الأساسي. وذلك يفرض ضغطا كبيرا على هيئة التحرير التي يلزم أن تمثل الثقافة إجمالا. وهذا يأخذنا إلى تنوع هيئة التحرير، أيديولوجيا، ومن حيث موضوع البحث، ومن حيث الخلفيات.
ـ هذا صحيح. لقد بذلنا، ولم نزل نبذل، أقصى الجهد للتنويع في هيئة التحرير. وهي يقينا متنوعة من حيث المواقف الأيديولوجية. لكن هل هي متنوعة من حيث الخلفيات العرقية، والجندر، وما إلى ذلك؟ أعتقد أننا حاولنا، لكن لعلنا لم نصل إلى ما كان يجب الوصول إليه.
* لقد لفت نظري تماما أنها جماعة من البيض. أتساءل إن كان هذا يؤثر على حدود ما يبدو لهيئة التحرير مثيرا للجدل، وما يبدو أيضا حجة جيدة.
ـ يعني، أعتقد أننا واعون لحقيقة أننا بيض بالدرجة المهيمنة، ونحن نبحث بجد عن أشخاص آخرين. وأهلا بمن يرشحون أنفسهم لو أنهم راغبون في تحقيق التنوع، أو ترشيح غيرهم. وهذا بدرجة ما انعكاس لحقيقة أن ثلاثتنا من المحررين بيض، ومن نتصل بهم هم أيضا كذلك.
* هل يزعجك أن تنشر مقالة عن العرق على سبيل المثال دونما معرفة بخلفية كاتبها العرقية؟
ـ أعتقد لا. أعتقد أن البحث يجب أن يكون قابلا للمراجعة بناء على قوة حججه. واضح في حالة الحجج المعتمدة على التجربة الذاتية أن الهوية تكون عنصرا مهما. لكنني أعتقد أيضا بإمكانية وجود حجج يمكن تقييمها بمعزل عن هوية كاتبها.
*عندي فضول إلى أن أعرف إن كانت لديك مشاريع تعدها غير منتهية. مشاريع ترغب في الرجوع إليها، أو أشياء لم تتمكن من الوصول إليها بعد، وباتت الآن ملحة.
ـ بدأت مراجعة كتاب "تحرير الحيوان". لم يتم تحديث النص الأساسي منذ طبعة 1990. عندي في واقع الأمر باحث مساعد يجمع بعض الأوراق البحثية حاليا في ما يتعلق بالتجارب على الحيوانات، والأمر باعث حقا على الحزن. كنت أحسب أن تغييرا كبيرا قد وقع. أقرأ حاليا أبحاثا تشعرني أنني رجعت إلى مكتبة نيويورك العامة سنة 1974 حيث أجمع تجارب رهيبة من المجلات.
لقد تكلمت عن كتاب محتمل عن الأخلاقيات والسكان مع أليكس إيزه. أعتقد أن هذا موضوع مثير، سواء كان سكان العالم مشكلة أم لم يكونوا في هذه الأيام. لو مضى هذا المشروع قدما، فسوف يكون كتابي الكبير القادم.
* في عام 1999، عندما كتب عنك في ذي نيويوركر، كانت والدتك تعيش مصابة بالخرف، وتكلمت مع مايكل سبكتر عن النقود التي تنفقها على رعايتها. وأوحت الكتابة بأنه قد يكون ثمة بعض الانفصال بين قناعاتك الفلسفية والقرارات التي تتخذها في حياتك الشخصية. هل هذه طريقة عادلة في وصف ما كانت تجري عليه الأمور آنذاك؟
ـ كثيرا ما قلت، كما تعلم، إنني لا أرى أنني أفعل كل ما ينبغي أن أفعله. لست أرقى في حياتي إلى المعايير العالية التي قد تراها في "المجاعة، والوفرة، والأخلاقية" حيث أقول إن الموضع الوحيد الذي يجب أن تتوقف عنده حقا هو الموضع الذي لو بذلت بعده المزيد لألحقت بنفسك أذى بقدر النفع الذي تحققه لغيرك. وهذا حد شديد الصعوبة، ولم أزعم قط أنني ارتقيت إلى تحقيقه. أنا أنفق المال على نفسي وعلى عائلتي. النقود التي أنفقتها أختي وأنفقتها على أمي، حفاظا على راحتها، عند مستوى معين، كان يمكن إنفاقها في أوجه أفضل. لكن كما أقول هذا يصدق على كثير من الأوجه التي أنفق فيها نقودي.
* لا أتصور أن يوجد من قد ينتقدك في هذا. لكن يبدو أن نقدا ضمنيا يأتي منك أنت.
ـ ليس نقدا يتركني شاعرا بالذنب شعورا فادحا، لكنه اعتراف بأنني لا أحقق أعلى المعايير الأخلاقية الممكنة.
* هل ترى نفسك شخصا جيدا؟
ـ نعم، لأن هذا يثير مقارنة مع آخرين، وأعتقد أنني وفقا لهذه المعايير شخص جيد. لكن هل أعتقد أنني شخص مثالي، بل الشخص الكامل، بل قديس علماني؟ بالطبع لا.
المحاور كاتب ومنتج إذاعي في نيويورك
نشر الحوار في ذي نيويوركر بتاريخ 25 ابريل 2021
أصبح الفيلسوف الأسترالي بيتر سنجر نباتيا في منتصف العشرينيات من عمره، بعد أن حكى له زميل من خريجي أكسفورد وهما يتناولان غداء من الاسباجيتي عن قسوة مزارع الحيوانات. بعد سنوات قلائل، وتحديدا في عام 1973، اقترح سنجر على مجلة نيويورك لعروض الكتب [The New York Review of Books] أن يكتب لهم مقالة بعنوان "تحرير الحيوان". فلم يكتف روبرت سلفرز ـ محرر المجلة العتيد ـ بنشرها، بل لقد أصبح هو الآخر نباتيا. وفي عام 1975، وسَّع سينجر مقالته إلى كتاب ترجم إلى عشرات اللغات وأسهم في الإلهام بحركة حقوق الحيوان الحديثة.
بيتر سنجر، البالغ من العمر أربعة وسبعين عاما، مؤلف سبعة عشر كتابا ومحرر أو مشارك في تحرير دزينتين أخريين من الكتب. كتب عن الميلاد والموت، وهيجل وماركس، والفلسفة السياسية والعولمة، ومواضيع أخرى كثيرة. (أصدر للتو طبعة حديثة من الجحش الذهبي لأبوليوس، وهي رواية رومانية من القرن الثاني الميلادي قال لي إن بالإمكان قراءتها قراءة "رواية مغامرات" موضحا أن "الكاتب لديه تعاطف واضح مع الحيوانات"). يصف سنجر نفسه بالعواقبي consequentialist، أي المؤمن بوجوب الحكم على الأعمال وفقا لعواقبها. كان بيتر سنجر قد عبَّر في مقاله "المجاعة والوفرة والأخلاقية" سنة 1972 ثم في كتابه "الحياة التي يمكنك إنقاذها" سنة 2009 عن أفكاره حول التزامنا الأخلاقي بمساعدة مدقعي الفقر، وهي أفكار تأسيسية في حركة الإيثارية الفعالة التي تشجع شعوب الدول الثرية على تقديم تبرعات ضخمة للأعمال الخيرية الرامية إلى تحسين حياة أكثرية الناس. كما أثَّرت أفكاره تلك على حركة "عهد العطاء" التي أطلقها وارين بوفيت وبيل جيتس وميلندا جيتس.
اكتشف آخرون أعمال بيتر سنجر بسبب ما أثارته من جدل. ففي كتابه "أخلاقيات عملية" سنة 1979 ذهب إلى أحقية الآباء في إنهاء حياة الأطفال حديثي الولادة من ذوي الإعاقات الجسيمة. فأخذت المظاهرات ـ في العقود التالية ـ تقاطع محاضرات له أو تؤدي إلى إلغائها. في عام 1999 احتجت جماعة "لم نمت بعد" [Not Dead Yet] لحقوق المعاقين على تعيينه في جامعة برينستن التي لم يزل أستاذا يدرِّس فيها. وفي تلك السنة كتب عنه مايكل سبنسر مقالا عميقا في هذه المجلة [أي ذي نيويوركر] بعنوان "الفيلسوف الخطر". وفي يوم جمعة [من شهر أبريل] الماضي أطلق سنجر وزميلان له مجلة أكاديمية تحمل اسم "جريدة الأفكار المثيرة للجدل" [Journal of Controversial Ideas].
قضى سنجر العام الماضي في بيته بملبورن مع ريناتا، وهي زوجته منذ اثنين وخمسين عاما. قال لي إنه يفتقد رؤية أبنائه ومعانقة أحفاده لكن "لعلي أنجزت من العمل أكثر مما كنت لأنجزه في عام طبيعي". كما مارس التزلج على الماء [وهي رياضة تعرف بالركمجة، والكلمة العربية مسكوكة من كلمتي "ركوب الموج" surfing]، وهي هواية اكتسبها منذ الخمسينيات. في جلسات حواراتنا الثلاثة عبر الفيديو، كان يحدثني من غرفة مكتب بيضاء ممتلئة من الأرض إلى السقف بأرفف الكتب. وتم تحرير حوارنا مراعاةً للطول والوضوح.
***
* كلمني عن"جريدة الأفكار المثيرة للجدل".
ـ هي رد فعل لما أحسه من تضييق على حرية التفكير والنقاش، لا تستثنى منه الحياة الأكاديمية. فرانشيسكا مينرفا وجيف مكمان وأنا قررنا إنشاء مجلة تكون، أولا، مهيأة لنشر الأفكار المثيرة للجدل ولا تتراجع عن مقالات بسبب مناشدات أو رسائل موقعة ضدها، وتسمح، ثانيا، بنشر المقالات بأسماء مستعارة، وذلك في حدود علمنا ما لم تفعله المجلات الأكاديمية المحكمة من الأنداد [peer-reviewed academic]. فلو أن الحجة سليمة، ولو قال المحكم "نعم، هذه المقالة محكمة الحجج"، لا نستبعدها على أساس أنها مثيرة للجدل أكثر مما ينبغي. هي محاولة لتوفير مكان غير قابل لممارسة الإلغاء، بمعنى ألا يؤدي الخوف إلى إغلاق باب النقاش.
* هل يمكن أن تكلمني عن بعض المواضيع التي تظهر في العدد الأول؟
ـ ربما من غير المدهش أن يضم العدد الأول بحثين عن قضايا الجندر. هل مصطلح "امرأة" يعني أنثى الإنسان الراشدة؟ وهل يشي ذلك بوجود مكون بيولوجي فيه أكثر من كونه مجرد تفضيل جندري؟
* هل البحثان معارضان لأحدهما الآخر؟
ـ نعم، هما كذلك. لدينا بحث مثير آخر عنوانه "نظرية الخلق المعرفية" [Cognitive Creationism] يستكشف توازيات بين نظرية خلق الأرض الفتية young-Earth creationism [وترى النظرية أن الأرض بما عليها خلقت بكل ما عليها من أشكال الحياة بالحالة التي عليها كل مخلوقاتها الآن، وأن لكل ذلك خالقا أعلى] وآراء أيديولوجية ترفض حقائق راسخة عن الجينات وبخاصة ما يتصل بالقدرات المعرفية لدى الأفراد، لا بين الجماعات الديمجرافية. هناك بحث يناقش الوجه الأسود في مصطلات التراثات الثقافية المتنوعة، حيث يمكن قبول الوجه الأسود. ثمة دفاع عن العمل المباشر لإيقاف انتهاك الحيوان. ثمة بحث يثير سؤالا عما إذا كان الطغيان ضرورة لإيقاف التغير المناخي. ثمة بحث عن العقاب يتأمل الإغماء القسري كبديل للحبس لفترات طويلة. ثمة بحث عن إبستمولوجيا "حجب المنصات"، أي الفكرة التي ترى أن بعض الأفكار يبلغ من الغباء حدَّ أنه لا يجب إعطاؤه منصة، ويذهب إلى أن هذا غير صحيح.
* هذا أشبه بميتا بحث، بمعنى أنه يتأمل في المنصة التي يشارك فيها.
ـ نعم، هذا البحث كذلك.
* من ملاحظاتي أن حجج حرية الكلام توفر في بعض الأحيان غطاء لأفكار تتسبب في أذى ـ وأن بعض هذه الحجج يأتي من مفكرين يمتلكون بالفعل حرية التعبير عن آرائهم، ما داموا يتقبلون تحمل المسؤولية عنها في مجال عام.
ـ الجريدة تهدف خصيصا إلى حماية الأكاديميين الذين لا يملكون المكانة. لكن إذا كان الخوف يقتصر على أن يبعث لهم الناس رسائل كراهية إلكترونية فلا أرى الأمر ذا شأن. حرية الكلام تنطبق على من يكتبون نقدا عدائيا في تويتر ـ هؤلاء لهم حرية الكلام أيضا. أعتقد أن على المرء أن يجعل جلده ثخينا. لكن لو أن ناشرا لن يقترب منهم خشية أن يوصم، فهذه في ما أعتقد مشكلة. وجون ستيوارت ميل يقولها صراحة: لا ينبغي أن تكون الإساءة أساسا لمنع حرية الكلام، لأنها فضفاضة.
* ألا تفكر في الاحتجاجات على أعمالك عبر السنين بوصفها نوعا من الإلغاء cancellation؟
ـ لم يكن المصطلح متداولا سنة 89، لكن، نعم، أعتقد أن الاحتجاجات في ألمانيا كانت بلا شك محاولة لجعل الكلام العلني مستحيلا عليّ. لكن بعيدا عن ذلك لم يكن الأمر شخصيا. يمكنك القول إنني مناصر عنيد لحرية الفكر والتعبير.
* أفكارك لم تمنع أبدا من النشر، وأنت بالطبع أستاذ في برينستن ولديك القدرة على النشر والكتابة بحرية طوال مسيرتك المهنية.
ـ الدعوة الأولى في ألمانيا أتت من مؤتمر لمنظمات المعاقين. تعرض ذلك المؤتمر لضغط من بعض الناس هناك لإلغاء دعوتي. ولا بأس. لكنني دعيت أيضا للحديث في جامعات بألمانيا وكان الداعون أساتذة أرادوا أن يسمعوني أتكلم، لكن رئيس الجامعة ألغى الدعوة.
* أظن أن لديّ مشكلة في رؤية الخط القائم بين الإلغاء وإتاحة حرية التعبير لمنتقديك.
ـ أعتقد أن الجامعات ينبغي أن تكون مكانا للنقاش الحر للأفكار. وللأماكن الأخرى أن تختار من تدعوه.
* يخطر لي مثال. قد يدعو البعض إلى قانون قائم على رهاب المتحولين جنسيا يحد من حريات المتحول جنسيا، فقد يقول ذلك الشخص عند التعرض للانتقاد إن حريته في الكلام تعرضت للتضييق. قد يكون ذلك جزءا من القصة. لكن لو أن مناصرتهم تؤذي الأشخاص المتحولين جنسيا، فقد أفكر أن الحوار يجب أن يتركز على الإيذاء.
ـ في الجدال الفعلي لا يقتصر الأمر على إيذاء المتحولين جنسيا، فالنسويون النقديون الجندريون يذهبون إلى أن النساء يتعرضن للإيذاء بعدم امتلاكهن فضاء يقتصر على الإناث بيولوجيا. إذا لم يسمح للناس بقول ذلك، أو تعرضوا للإلغاء لقوله، فكيف يمكن الوصول إلى حقيقة الأمر؟ حتى لافتة "رهاب المتحولين جنسيا" تنطوي بالفعل، في تقديري، على انحياز.
* لكنني لم أقل شيئا عن عدم السماح لشخص بالكلام، تكلمت فقط عن انتقادهم بحدة. فيكون الرد على النقد الحاد في أكثر الحالات هو الاعتراض بـ"لقد تم التضييق على حريتي في الكلام". أعتقد أن الإيذاء الفعلي المعيش الذي يتعرض له المتحولون جنسيا قد يعد أكبر من الإيذاء الذي يقع على شخص تتعرض حريته في الكلام للتضييق.
ـ لماذا تفترض ذلك؟ ألا ينبغي أن يكون ذلك أمرا يجربه الناس ويأتون بالدليل عليه؟ وليس هذا غير نصف السؤال، أليس كذلك؟ ما ينبغي أن تقارنه هو المحاذير المفروضة على المتحولين جنسيا قياسا بالمحاذير المفروضة على الإناث بيولوجيا.
ليته لم يكن جدالا حول حرية الكلام ـ ليته كان مجرد جدال حول جوهر المزاعم. ولكن من يحاولون إثارة الأسئلة من منظور نسوي نقدي جندري، حول جوهر المزاعم، يصادفون صعوبة في طرح رؤاهم.
* فيما نتكلم عن هذا، أفكر في "تحرير الحيوان". تقول إن من الخطأ افتراض أن لون معين من التمييز هو آخر لون من التمييز. ويخطر لي أن من عواقب هذه الملاحظة أن بعض من يرون أنفسهم مناضلين ضد القمع قد ينتهي الأمر باعتبارهم مسهمين في قمع لم يكتشف بعد. هل تعتقد أن ذلك يوفر منصة لأفكار يمكن في المستقبل اعتبارها قمعية ومسهمة في القمع؟
ـ لا، أعتقد أن منصة مخصصة لحجة منطقية لا تسهم في القمع. أعتقد أنها محاولة للوصول إلى الحقيقة.
* إذا انتهيت ـ في معرض طلب الحقيقة ـ إلى أن لحجة الشخص أثرا قمعيا، فماذا يكون بعد ذلك؟ إذا تبين أن حجة منشورة في "جريدة الأفكار المثيرة للجدل" تتسبب في شر أكثر مما تتسبب في خير، فماذا يكون بعد ذلك؟
ـ هذا وارد طبعا ـ أن حجة مفردة قد تتسبب في أذى يفوق الخير. ما أومن به أنا وشركائي في التحرير هو أن دعم حرية التفكير والنقاش، إجمالا، سوف تحدث من الخير أكثر مما تحدث من الشر، حتى لو حدث بين الحين والآخر أن تسببت مقالة مفردة في أذي يفوق خيرها.
* في رأيك ماذا يكون للمحاسبة من دور في هذا المشروع؟
ـ الطريقة التي يحاسب بها الأكاديميون تتمثل في كشف عيوب حججهم.
* لكن في حال نشر شخص باسم مستعار، فكل ما يحدث لا يعدو تجهيلا من وراء حجاب.
ـ هذا صحيح. هم لا يحصلون على الثناء المستحق لحجتهم، على الأقل طالما احتفظوا بحالة الاسم المستعار، ولا يلقون الخزي الناجم عن طرح حجة فاسدة إن تبين خطأ حجتهم. أفترض أننا نعتقد أن الأهم بكثير هو كشف الخطأ، أو الكف عن ذلك إن لم يكن من خطأ.
* التمييز بين المثير للجدل وغير المثير للجدل يبدو معتمدا على حكم أو حارس بوابة يقرر أي الأفكار يقع داخل حدود النقاش الأساسي. وذلك يفرض ضغطا كبيرا على هيئة التحرير التي يلزم أن تمثل الثقافة إجمالا. وهذا يأخذنا إلى تنوع هيئة التحرير، أيديولوجيا، ومن حيث موضوع البحث، ومن حيث الخلفيات.
ـ هذا صحيح. لقد بذلنا، ولم نزل نبذل، أقصى الجهد للتنويع في هيئة التحرير. وهي يقينا متنوعة من حيث المواقف الأيديولوجية. لكن هل هي متنوعة من حيث الخلفيات العرقية، والجندر، وما إلى ذلك؟ أعتقد أننا حاولنا، لكن لعلنا لم نصل إلى ما كان يجب الوصول إليه.
* لقد لفت نظري تماما أنها جماعة من البيض. أتساءل إن كان هذا يؤثر على حدود ما يبدو لهيئة التحرير مثيرا للجدل، وما يبدو أيضا حجة جيدة.
ـ يعني، أعتقد أننا واعون لحقيقة أننا بيض بالدرجة المهيمنة، ونحن نبحث بجد عن أشخاص آخرين. وأهلا بمن يرشحون أنفسهم لو أنهم راغبون في تحقيق التنوع، أو ترشيح غيرهم. وهذا بدرجة ما انعكاس لحقيقة أن ثلاثتنا من المحررين بيض، ومن نتصل بهم هم أيضا كذلك.
* هل يزعجك أن تنشر مقالة عن العرق على سبيل المثال دونما معرفة بخلفية كاتبها العرقية؟
ـ أعتقد لا. أعتقد أن البحث يجب أن يكون قابلا للمراجعة بناء على قوة حججه. واضح في حالة الحجج المعتمدة على التجربة الذاتية أن الهوية تكون عنصرا مهما. لكنني أعتقد أيضا بإمكانية وجود حجج يمكن تقييمها بمعزل عن هوية كاتبها.
*عندي فضول إلى أن أعرف إن كانت لديك مشاريع تعدها غير منتهية. مشاريع ترغب في الرجوع إليها، أو أشياء لم تتمكن من الوصول إليها بعد، وباتت الآن ملحة.
ـ بدأت مراجعة كتاب "تحرير الحيوان". لم يتم تحديث النص الأساسي منذ طبعة 1990. عندي في واقع الأمر باحث مساعد يجمع بعض الأوراق البحثية حاليا في ما يتعلق بالتجارب على الحيوانات، والأمر باعث حقا على الحزن. كنت أحسب أن تغييرا كبيرا قد وقع. أقرأ حاليا أبحاثا تشعرني أنني رجعت إلى مكتبة نيويورك العامة سنة 1974 حيث أجمع تجارب رهيبة من المجلات.
لقد تكلمت عن كتاب محتمل عن الأخلاقيات والسكان مع أليكس إيزه. أعتقد أن هذا موضوع مثير، سواء كان سكان العالم مشكلة أم لم يكونوا في هذه الأيام. لو مضى هذا المشروع قدما، فسوف يكون كتابي الكبير القادم.
* في عام 1999، عندما كتب عنك في ذي نيويوركر، كانت والدتك تعيش مصابة بالخرف، وتكلمت مع مايكل سبكتر عن النقود التي تنفقها على رعايتها. وأوحت الكتابة بأنه قد يكون ثمة بعض الانفصال بين قناعاتك الفلسفية والقرارات التي تتخذها في حياتك الشخصية. هل هذه طريقة عادلة في وصف ما كانت تجري عليه الأمور آنذاك؟
ـ كثيرا ما قلت، كما تعلم، إنني لا أرى أنني أفعل كل ما ينبغي أن أفعله. لست أرقى في حياتي إلى المعايير العالية التي قد تراها في "المجاعة، والوفرة، والأخلاقية" حيث أقول إن الموضع الوحيد الذي يجب أن تتوقف عنده حقا هو الموضع الذي لو بذلت بعده المزيد لألحقت بنفسك أذى بقدر النفع الذي تحققه لغيرك. وهذا حد شديد الصعوبة، ولم أزعم قط أنني ارتقيت إلى تحقيقه. أنا أنفق المال على نفسي وعلى عائلتي. النقود التي أنفقتها أختي وأنفقتها على أمي، حفاظا على راحتها، عند مستوى معين، كان يمكن إنفاقها في أوجه أفضل. لكن كما أقول هذا يصدق على كثير من الأوجه التي أنفق فيها نقودي.
* لا أتصور أن يوجد من قد ينتقدك في هذا. لكن يبدو أن نقدا ضمنيا يأتي منك أنت.
ـ ليس نقدا يتركني شاعرا بالذنب شعورا فادحا، لكنه اعتراف بأنني لا أحقق أعلى المعايير الأخلاقية الممكنة.
* هل ترى نفسك شخصا جيدا؟
ـ نعم، لأن هذا يثير مقارنة مع آخرين، وأعتقد أنني وفقا لهذه المعايير شخص جيد. لكن هل أعتقد أنني شخص مثالي، بل الشخص الكامل، بل قديس علماني؟ بالطبع لا.
المحاور كاتب ومنتج إذاعي في نيويورك
نشر الحوار في ذي نيويوركر بتاريخ 25 ابريل 2021