عشق العدسة منذ البداية، واحترفها حتى النهاية، من قريته الصغيرة التي تنفس فيها جمال الطبيعة قادته أحاسيسه لتوثيق ذلك الجمال، فالطبيعة ملهمة لكل من يقف أمامها بتأمل، وعاش تفاصيلها بحرص..

يتحدث المصور مسعود السعدي عن بدايات الشغف بالتصوير فيقول: "إذا تحدثنا عن البدايات الحقيقية فهي كانت قديمة منذ أن عرفت أن هناك صندوقا صغيرا يوقف اللحظات الجميلة لتخرج لنا عبر فيلم تقليدي قديم (نيجاتيف) أو الشريط القابل للتحميض فقد كنت اتذكر اقتناء أول كاميرا من هذا النوع في أيام الدراسة ومحاولتي توثيق كل ما هو جميل تقع عليه عيني إضافة إلى توثيق الأجواء الجميلة والغيوم والأودية والأشجار، فقد كنت رغم حداثة السن أخرج بعد المطر وأوثق المناظر الطبيعية في قريتي، ثم أذهب إلى محل التصوير كي يقوم بتحميض الفيلم.. إنها لحظات لا تنسى وهي تلك التي أقضيها بانتظار نتائج التصوير والتباهي بالصور مع الأهل والأصدقاء.. وعندما كبرنا ودخلت التقنية الحديثة وآلات التصوير الرقمية كانت فرصة لتطوير هذه الهواية وكانت الانطلاقة الحقيقية في سنة ٢٠١٣م".

************

- تقليب أعمالك هو أشبه بتجول بين عدد من أوجه الطبيعة المختلفة، نجد الصحراء والسهل، والبحر والجبل، نحلق عاليا أو نغوص عميقا.. وهو ما يقودنا لسؤالك لماذا الطبيعة من بين كل مجالات التصوير؟

دعيني أخبرك بأني نشأت في قرية كانت تعتبر نائية هذه القرية الوادعة اسمها عبارة عن عنصر من عناصر الطبيعة تقع بين مفردات الطبيعة تحيط بها الجبال من جهة ومن جهة أخرى تعانق البحر يشق خاصرتها واد جميل ذو نخل وأشجار كثيرة من السدر والغاف والسمر، هي عبارة عن محمية طبيعية حينما نخرج في الصباح الباكر يستقبلنا الشروق من جهة البحر تحلق الطيور في السماء وعلى الأشجار مصدرة تلك الأصوات الرائعة وحينما تهب نسمات البحر تتجمع على جبالها أكوام من ضباب وسحب، وحينما تميل الشمس للغروب تهجع الأصوات وتغط في هدوء عميق، ليلها عبارة عن لوحة سمائية وقبة من النجوم المتلألئة لربما هذه الحياة بهذه الطريقة وعمق الارتباط بالطبيعة والتأمل فيها والتفكر بعظمة الخالق هو الذي زرع في نفسي هذا المجال من مجالات التصوير الفوتوغرافي.

- كيف يمكن أن تتميز في هذا المجال مع المنافسة القوية بين كثر غيرك في تصوير الطبيعة؟

سؤال وطرح جميل جدا..لطالما كان الاختلاف من الأشياء التي فطر الله تعالى الخلق عليها ومهما يكن من تشابه في مجال التصوير إلا أن لكل شخص بصمته ولكل مصور نظرته المختلفة تماما وشخصيته التي تميزه عن غيره في نقل الصورة وذلك لأن الصورة عبارة عن كتلة من الأحاسيس والمشاعر التي يترجمها الفنان عبر آلته إلى عمل فوتوغرافي ولا يكتمل هذا العمل ولا يكون ناجحا أبدا إذا لم يضف المصور له أحاسيسه وإذا لم يعامله بحب وإخلاص أما الذي يهمه المظهر وتقليد الآخرين في أعمالهم فهذا أمامه طريق طويل وصعب جدا يصعب اجتيازه.

هل تقودك الكاميرا للتنقل والسفر،، أم أن الكاميرا تكون حاضرة قي أي لحظة "صدفة" ستتحول إلى لوحة فنية؟

لا أخفيك أمرا أن هذه الآلة الصغيرة هي التي تدفعني وتشجعني للتنقل ولتجربة السفر، فأنا من أهم أهدافي في التنقل والسفر توثيق اللحظات الطبيعية الجميلة التي أقضي جل وقتي معها متأملا في تفاصيلها سارحا في مكنوناتها متفكرا في جمالها فالسفر معي للتصوير والتصوير للسفر علاقة متينة وواضحة.

- لاحظت أنك تربط صورك الجمالية عبر حسابك في الإنستجرام بتعبير جميل ووصف دقيق للمكان.. فهل لهذا أثر وقيمة على الصورة؟

يا لدقة الملاحظة! يعجبني الصحفي الذي يبني قاعدة قوية قبل بدء الحوار بالبحث في حساب المصور أو حساباته. نعم لا أخفيك أن التعبير والوصف الذي أرفقه مع الصور هو بذاته ذاك الشعور والاحساس عند التقاط الصورة لأن الصورة عبارة عن إلهام مرئي، وإلهام خفي لا نحسه بل نشعر به وإذا ما أخرجنا هذا الإلهام إلى المتابعين على هيئة حروف وتعبير فبكل تأكيد تكون قيمته على الصورة وأثره إيجابي جدا.

- ثقافة المصور .. ماذا تعني لك؟

حقيقة الأمر إذا تحدثنا عن ثقافة المصور بشكل تفصيلي لا تتسع له مجلدات ولكن أقول إن الصورة قد تعد انعكاسا لمشاعر المصور ورسالة صارخة لأحاسيسه وأفكاره لذا يفضل أن يقوم المصور باسكشاف نفسه وتوجهاته ومجاله المفضل وأن يقوم بتغذية نفسه بصريا ومتابعة كل جديد في هذا المجال سواء بالقراءة أو المشاهدة أو المغامرة والتجربة والنظر.

- حدثنا عن مشاركاتك في المسابقات والمعارض.. ماذا تضيف إلى مسيرتك الفنية؟

المشاركة مهمة جداً لإثبات الذات وإبراز الموهبة وصقلها.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى تتيح لك هذه المعارض الالتقاء بالمصورين والفنانين الآخرين وبناء علاقات وثيقة في هذا المجال هذا ما وجدته حينما قمت بالمشاركة بالعديد من المعارض الفنية والمسابقات في السلطنة.

كيف تسعى لتقوية تواصلك مع الجمهور عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي؟

وسائل التواصل الإجتماعي وسيلة مهمة لنشر الأعمال والصور ورؤية آراء الجمهور والمتابعين، وذلك عن طريق تقديم كل ما هو جديد في هذا المجال، فقد أثبتت وسائل التواصل نفعها لتوصيل الصورة والمعلومة بشكل سريع وبديهي؛ مما يجعل من الجمهور والمتابعين يترقبون بشغف الأعمال الجديدة.

-طموحاتك المستقبلية؟

أسعى لتكوين معرض شخصي أوثق فيه كل الأعمال الطبيعية بإذن الله تعالى، وكذلك تأليف كتاب أضع فيه خلاصة تجربتي في هذا المجال، وكذلك أحاول بأن تصل الصور والأعمال للغاية التي من أجلها أحببت هذه الهواية.