كتب - ماجد الندابي
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ"
المتأمل في هذه الآية يجد أنها سابقة لعصرها، ناضحة بمعارف وعلوم لا تستوعبها العقول التي كانت موجودة في زمن نزولها، إلا عقل من آتاه الله علما وهبيا من لدنه، فالمعارف الكونية في ذلك العصر عند العرب والمسلمين كانت لا تتجاوز مرئياتهم من الكواكب والنجوم التي كانوا يستخدمونها في حساباتهم الفلكية المتعلقة بحساب الشهور، والاعتماد عليها في معرفة الاتجاهات، ولكن هذه الآية تأخذ بعدا كونيا يستحيل أن يصل الإنسان إليه، وحتى الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون كانت عقولهم غير مهيئة لفهم هذه الأمور إلا من اختصه الله بالعلم الوهبي، من أمثال عبدالله بن عباس ابن عم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي دعا له النبي الكريم بقوله "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"، فقد فهم هذه الآية علي حقيقتها ولكنه عندما جاء أحدهم ليستفسر عن معنى "ومن الأرض مثلهن" قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم بتكذيبكم بها. فهو يعلم أن أذهانهم لا تستطيع تصديق ما يقوله لهم.
فلذلك نجد الكثير من المفسرين قام بحشو تفاسيرهم بمجموعة من الروايات التي تم استقاؤها من الإسرائيليات في تفسير هذه الآية، وهذه الروايات خرافية لا تقترب من الصحة، والبعض الآخر لجأ إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة لا تصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها لا تتفق مع روح العلم، ومعطياته التي توصل إليها في هذا العصر.
في حين لجأت بعض التفاسير إلى محاولة إيجاد تفسير يقبله ذلك العقل بما حازه من معرفة، فقال إن الأرضين السبع هي عبارة عن الأقاليم السبعة التي تحتويها الأرض وهذا ما ذهب إليه فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب التفسير الكبير" حيث إنه كان بارعا في علم الكلام والفلك والفلسفة بالإضافة إلى علم التفسير فقد أوجد هذه المقاربة التي تقول إنها القارات السبع التي تحتويها الكرة الأرضية فيقول في تفسيره: "من كونها سبعة أقاليم على حسب سبع سموات، وسبع كواكب فيها وهي السيارة فإن لكل واحد من هذه الكواكب خواص تظهر آثار تلك الخواص في كل إقليم من أقاليم الأرض فتصير سبعة بهذا الاعتبار، فهذه هي الوجوه التي لا يأباها العقل، وما عداها من الوجوه المنقولة عن أهل التفسير فذلك من جملة ما يأباها العقل.
فهو أورد هذا التفسير لأنه من جملة وجوه التفسير التي لا يأباها العقل في ذلك الزمن.
ولكن إذا جئنا إلى ما وصل إليه علم الكونيات الحديث نجده يتكلم عن نظريات نشأة الكون التي ترى أن نشأته جاءت نتيجة الانفجار العظيم الذي وقع قبل 13.7 مليار سنة، ومنه تشكلت المجرات والنجوم والكواكب،
أول من طرح فكرة الأكوان المتوازية في العلم الحديث هو "هيو افيرت" في عام 1954م حيث اقترحها لميكانيا الكم، ولكن الفكرة تبلورت على يد العالم أليكس فلنكن ولكنه عندما شاركها مع زملائه الفيزيائيين لم يجد ذلك التقبل الذي يجعله يشهرها بين الأوساط العلمية، فجعلها حبيسة الأدراج لمدة عشر سنوات إلا أن صديقة العالم الروسي أندريه ليندي أبقى البحث مستمرا في نظرية الأكوان المتعددة وتوسع الكون.
وما فعله العالم أليكسندر فيلينكين من أنه جعل نظريته وأفكاره حبيسة الأدراج هي الفكرة نفسها عند عبدالله بن عباس عندما قال للسائل لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، فهذه الفكرة مجردة غير قابلة للتجريب، ولذلك يصعب على الناس تصديقها.
ولكن بعد أن أطلقت ناسا قمرا صناعيا في عام 1989م لاستكشاف شعاع خلفية الكون، وتبعه إطلاق مسبار ويكينسون عام 2001م وفي عام 2003 استطاع القمران الاصطناعيان أن يقيسا إشعاع خلفية الكون بدقة متناهية ليصلوا لنتائج مطابقة تماما لما وصل إليه العلماء حسابيا.
وقد أكد العلماء فيزيائيا واستنادا إلى نظرية فيزياء الكم إلى أن هنالك أكوانا متوازية يوجد بها أرضون متعددة وفي تلك الأرضين يوجد نسخ من البشر ولكن قد لا تكون مصائرهم وأقدارهم متشابهة، وهذا أمر عجيب أقر به العلماء الفيزيائيون وأثبتوه نظريا وحسابيا، ولكنه يتفق تماما مع تفسير عبدالله بن عباس للأراضين السبع حيث يقول: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى.
ولكن الفرق الجوهري في تفسير ابن عباس لهذه الآية وما وصل إليه العلماء الفيزيائيون إلى أن ابن عباس حصر هذه الأرضين في العدد سبعة كما ذكرها القرآن، بينما العلماء الفيزيائيون قالوا أنها أكوان متعددة لا نهائية.
ومن التشابه العجيب أيضا بين رواية القران الكريم وبين نظرية الأكوان المتعددة الحديثة أن هذه النسخ من البشر والأحداث التي تحدث في الأرض تختلف من أرض إلى أرض أخرى في كون آخر، ويضربون على ذلك مثالا أن النيزك الذي اصطدم بالأرض وأدى إلى انقراض الديناصورات، لم يصطدم بالأرض في كون آخر، ولكن الديناصورات تطورت وتحولت إلى أشكال مختلفة موجودة على الأرض مثل الطيور والزواحف، وكذلك أقدار البشر ومصائرهم وأعمالهم ، ووفياتهم.
وفي تفسير الآية الكريمة " يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ" قال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" والأمر هو الوحي : "قال مجاهد: يتنزل الأمر من السمٰوات السبع إلى السبع الأرضين. وقال الحسن: بين كل سماء وبين الأرض. وقال قتادة: في كل أرض من أرضه، وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه، وقيل: بينهنّ". فهذا ينطبق مع ما يقوله العلماء الفيزيائيون في مخلوقات هذه الأرضين وأعمالها ومصائرها، وأقدارها.
يبقى أنه ينبغي على علماء الكونيات المسلمين أن يبحثوا في الحقائق القرآنية في ضوء معطيات العلم الحديث لكي يستطيعوا أن يصلوا إلى سبق معرفي وإسهام بشري ومن ذلك أنهم لو يقومون بتوظيف الحسابات الفيزيائية في إثبات أن الأرضين هي 7 أرضون وليست أكوانا لا متناهية، أو أن السماوات السبع التي تمثل هذه الأكوان هي بعضها فوق بعض كما ذكرها القرآن " أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً" أي أن بعضها فوق بعض وهذا لم يثبت بالعلوم الفيزيائية الحسابية، وهذا شأنه شأن الظواهر الكونية التي ينص عليها القران ويدلل عليها.
"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ"
المتأمل في هذه الآية يجد أنها سابقة لعصرها، ناضحة بمعارف وعلوم لا تستوعبها العقول التي كانت موجودة في زمن نزولها، إلا عقل من آتاه الله علما وهبيا من لدنه، فالمعارف الكونية في ذلك العصر عند العرب والمسلمين كانت لا تتجاوز مرئياتهم من الكواكب والنجوم التي كانوا يستخدمونها في حساباتهم الفلكية المتعلقة بحساب الشهور، والاعتماد عليها في معرفة الاتجاهات، ولكن هذه الآية تأخذ بعدا كونيا يستحيل أن يصل الإنسان إليه، وحتى الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون كانت عقولهم غير مهيئة لفهم هذه الأمور إلا من اختصه الله بالعلم الوهبي، من أمثال عبدالله بن عباس ابن عم الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي دعا له النبي الكريم بقوله "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"، فقد فهم هذه الآية علي حقيقتها ولكنه عندما جاء أحدهم ليستفسر عن معنى "ومن الأرض مثلهن" قال: لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم بتكذيبكم بها. فهو يعلم أن أذهانهم لا تستطيع تصديق ما يقوله لهم.
فلذلك نجد الكثير من المفسرين قام بحشو تفاسيرهم بمجموعة من الروايات التي تم استقاؤها من الإسرائيليات في تفسير هذه الآية، وهذه الروايات خرافية لا تقترب من الصحة، والبعض الآخر لجأ إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة لا تصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها لا تتفق مع روح العلم، ومعطياته التي توصل إليها في هذا العصر.
في حين لجأت بعض التفاسير إلى محاولة إيجاد تفسير يقبله ذلك العقل بما حازه من معرفة، فقال إن الأرضين السبع هي عبارة عن الأقاليم السبعة التي تحتويها الأرض وهذا ما ذهب إليه فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب التفسير الكبير" حيث إنه كان بارعا في علم الكلام والفلك والفلسفة بالإضافة إلى علم التفسير فقد أوجد هذه المقاربة التي تقول إنها القارات السبع التي تحتويها الكرة الأرضية فيقول في تفسيره: "من كونها سبعة أقاليم على حسب سبع سموات، وسبع كواكب فيها وهي السيارة فإن لكل واحد من هذه الكواكب خواص تظهر آثار تلك الخواص في كل إقليم من أقاليم الأرض فتصير سبعة بهذا الاعتبار، فهذه هي الوجوه التي لا يأباها العقل، وما عداها من الوجوه المنقولة عن أهل التفسير فذلك من جملة ما يأباها العقل.
فهو أورد هذا التفسير لأنه من جملة وجوه التفسير التي لا يأباها العقل في ذلك الزمن.
ولكن إذا جئنا إلى ما وصل إليه علم الكونيات الحديث نجده يتكلم عن نظريات نشأة الكون التي ترى أن نشأته جاءت نتيجة الانفجار العظيم الذي وقع قبل 13.7 مليار سنة، ومنه تشكلت المجرات والنجوم والكواكب،
أول من طرح فكرة الأكوان المتوازية في العلم الحديث هو "هيو افيرت" في عام 1954م حيث اقترحها لميكانيا الكم، ولكن الفكرة تبلورت على يد العالم أليكس فلنكن ولكنه عندما شاركها مع زملائه الفيزيائيين لم يجد ذلك التقبل الذي يجعله يشهرها بين الأوساط العلمية، فجعلها حبيسة الأدراج لمدة عشر سنوات إلا أن صديقة العالم الروسي أندريه ليندي أبقى البحث مستمرا في نظرية الأكوان المتعددة وتوسع الكون.
وما فعله العالم أليكسندر فيلينكين من أنه جعل نظريته وأفكاره حبيسة الأدراج هي الفكرة نفسها عند عبدالله بن عباس عندما قال للسائل لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، فهذه الفكرة مجردة غير قابلة للتجريب، ولذلك يصعب على الناس تصديقها.
ولكن بعد أن أطلقت ناسا قمرا صناعيا في عام 1989م لاستكشاف شعاع خلفية الكون، وتبعه إطلاق مسبار ويكينسون عام 2001م وفي عام 2003 استطاع القمران الاصطناعيان أن يقيسا إشعاع خلفية الكون بدقة متناهية ليصلوا لنتائج مطابقة تماما لما وصل إليه العلماء حسابيا.
وقد أكد العلماء فيزيائيا واستنادا إلى نظرية فيزياء الكم إلى أن هنالك أكوانا متوازية يوجد بها أرضون متعددة وفي تلك الأرضين يوجد نسخ من البشر ولكن قد لا تكون مصائرهم وأقدارهم متشابهة، وهذا أمر عجيب أقر به العلماء الفيزيائيون وأثبتوه نظريا وحسابيا، ولكنه يتفق تماما مع تفسير عبدالله بن عباس للأراضين السبع حيث يقول: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى.
ولكن الفرق الجوهري في تفسير ابن عباس لهذه الآية وما وصل إليه العلماء الفيزيائيون إلى أن ابن عباس حصر هذه الأرضين في العدد سبعة كما ذكرها القرآن، بينما العلماء الفيزيائيون قالوا أنها أكوان متعددة لا نهائية.
ومن التشابه العجيب أيضا بين رواية القران الكريم وبين نظرية الأكوان المتعددة الحديثة أن هذه النسخ من البشر والأحداث التي تحدث في الأرض تختلف من أرض إلى أرض أخرى في كون آخر، ويضربون على ذلك مثالا أن النيزك الذي اصطدم بالأرض وأدى إلى انقراض الديناصورات، لم يصطدم بالأرض في كون آخر، ولكن الديناصورات تطورت وتحولت إلى أشكال مختلفة موجودة على الأرض مثل الطيور والزواحف، وكذلك أقدار البشر ومصائرهم وأعمالهم ، ووفياتهم.
وفي تفسير الآية الكريمة " يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ" قال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" والأمر هو الوحي : "قال مجاهد: يتنزل الأمر من السمٰوات السبع إلى السبع الأرضين. وقال الحسن: بين كل سماء وبين الأرض. وقال قتادة: في كل أرض من أرضه، وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره، وقضاء من قضائه، وقيل: بينهنّ". فهذا ينطبق مع ما يقوله العلماء الفيزيائيون في مخلوقات هذه الأرضين وأعمالها ومصائرها، وأقدارها.
يبقى أنه ينبغي على علماء الكونيات المسلمين أن يبحثوا في الحقائق القرآنية في ضوء معطيات العلم الحديث لكي يستطيعوا أن يصلوا إلى سبق معرفي وإسهام بشري ومن ذلك أنهم لو يقومون بتوظيف الحسابات الفيزيائية في إثبات أن الأرضين هي 7 أرضون وليست أكوانا لا متناهية، أو أن السماوات السبع التي تمثل هذه الأكوان هي بعضها فوق بعض كما ذكرها القرآن " أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً" أي أن بعضها فوق بعض وهذا لم يثبت بالعلوم الفيزيائية الحسابية، وهذا شأنه شأن الظواهر الكونية التي ينص عليها القران ويدلل عليها.