إشراقات

أفلح الخليلي: الكلمة الطيبة تؤتي ثمارها المرجوة ولو بعد حين

1207623
 
1207623
متابعة: سالم بن حمدان الحسيني - أوضح فضيلة الشيخ أفلح بن أحمد بن حمد الخليلي أن الكلمة الطيبة لها أثرها المستمر إن قالها صاحبها بشروطها وستؤتي أكلها ولو بعد حين، وتكون اكثر أهمية عندما توجد الدواعي إليها، وأن هناك الكثير من الشبه التي وعلينا أن نتعاون ونتكاتف جميعا كل في مجاله.. موضحا أن الكلمة الطيبة أن قالها صاحبها موقن بأهميتها ووجوب أدائها تخرج حية وتصل حية وسوف تؤتي ثمارها المرجوة.. جاء ذلك في محاضرة قيمة له، أن المزيد منها في السطور التالية: استهل فضيلته المحاضرة قائلا: أمر الله تعالى نبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يتلو علينا القرآن تلاوة عامة حينما قال له: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ) وأمرنا نبيه صلوات الله وسلامه عليه أن يتلو علينا تلاوة خاصة لبعض المواطن من كتاب الله تعالى، وهذه المواطن كثيرا ما تشتمل على عبر مهمة، وكل القرآن يشتمل على عبر مهمة، لكن بعضها لابد أن يصاحب المؤمن في جميع أحواله فمن ضمن التلاوات الخاصة التي أمره جلّ شأنه أن يتلوها على المؤمنين قصة ابني آدم، فقال: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، هذه الآية أمر نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه أن يتلوها علينا تلاوة خاصة لأهميتها البالغة. وهنا لا أريد أن اقف مع القصة وإنما انتقل الى موقف واحد أو فصل واحد منها فقط لأنتقل منه الى الموضوع، وهو أن الله تعالى ذكر لنا أثر الكلمة الطيبة التي يقولها المؤمن بها. وأضاف: هذا ابن آدم التقي أراد أن ينصح أخاه فقال له: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) وذلك عندما تقبل من احدهما ولا يتقبل من الآخر، فأراد أن يقدم له النصيحة بأسلوب حكيم، فبدلا من أن يقول له: «لأنك فاسق لم يتقبل الله منك» قال له: يا أخي يوجد قانون اعرض نفسك على هذا القانون فإذا توفرت فيك الشروط فالله تعالى سيتقبل منك، وان لم تتوفر فيك الشروط فعليك أن تنقّي نفسك حتى يتوفر فيك الشرط فيتقبل الله تعالى منك، مضيفا: أن هذه الكلمة هي : قانون السلامة في الدنيا، وقانون السلام في العقبى.. (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) مع أن كل واحد من الأخوين قرب قربانا، والقربان من شأنه أن يقرب الى المولى جل شأنه ولكن الله تعالى لم يتقبل من احدهما، فابن آدم التقي قال هذه النصيحة لأخيه الشقي، وكان أخوه منفردا في ذلك الوقت، لأن أخاه لا يأتي ليقتله ويقول له لأقتلنك وهو في مجمع من الناس، وإنما يقول له هذا الكلام في وقت يخلو بينهما الجو، لاسيما أن ابن آدم الشقي في الظاهر والله أعلم لا يريد أن يطلع أباه على عزمه على قتل أخيه، لأنه عازم على هذا الأمر في حياة والده، اذ كان اول من قتل ودفن من البشر والظاهر ان هذه الكلمة قالها في مجلس خاص كما يظهر من القصة والله أعلم، لكن الله ذكر الكلمة الطيبة وكيف تؤتي كل حين حينما قال: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) مشيرا الى ان هذه الكلمة الطيبة كتلك الشجرة الطيبة الثابتة قالها صاحبها وهو موقن بأهميتها ووجوب أدائها وأخرجها حية ووصلت حية فآتت ثمارها المرجوة. والكلمة الطيبة قد لا يتصور صاحبها اثرها، لكن الله تعالى يبارك فيها عبر الأجيال وقد تستمر زمانا، فأهل الكهف (إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).. متى ظهر اثر الكلمة؟ ظهر اثرها بعد اكثر من ثلاثمائة سنة بعثهم الله تعالى ليريهم اثر كلمتهم التي ظلت اصداؤها تتكرر، وتتكرر الى ان آتت نتيجتها بعد زمن طويل. وأضاف: ولهذا ليس من قوانين الله تعالى أن تموت الكلمة الطيبة ولكن لا يعني ذلك ان تؤتي اثرها في الحال الذي قيلت فيه، لكن هذه الكلمة لابد ان تمر بمراحل الشجرة، التي تبدأ ببذرة ثم تبدأ في الخروج شيئا فشيئا الى ان تؤتي ثمرها بعد حين، مبينا فضيلته ان هذا الأمر يدفع العاقل الى ان يقدم كلمته الطية لعل الله تعالى يبارك فيها ولو بعد حين، وعليه ان لا يندم على كلمة طيبة قدمها، فأحيانا يقدم العبد كلمة طيبة، ثم بعد ذلك يقابل بإساءة فيقول: لو كنت اعلم هذا ما كنت قلت شيئا، وهنا هذا العبد قدم كلمة طيبة صالحة وكان الأصل ان يحمد الله تعالى الذي وفقه اليها بدلا من ان ينقض تلك الكلمة التي قالها، ولكن بذلك هو يهدم الكلمة ويحول دون تحقيق تلك الكلمة لأثرها، لأن الكلمة الطيبة سواء كانت دعاء لله تعالى فالعبد يجاب له ما لم يستعجل ويقول: قد دعوت فلم يستجب لي. فهنا اذا قال الكلمة الطيبة ستأتي بعد حين بإذن الله تعالى. وأوضح : أن كلمة الأخ الصالح هنا آتت ثمرها بعد حين، فالله سبحانه وتعالى سطرها قرآنا يتلى في الصلوات وغيرها، فهي مستمرة الى أن يرث الله ومن عليها وهي تعبر عن هذا القانون الكلي الذي يتقبل الله تعالى من العباد عند توفره، فالعبد الصالح قال الكلمة تلك وما كان يتصور انها ستبلغ الملايين أو المليارات من البشر عبر القرون، وما كان يتصور أن الله تعالى سيوضح بها لأنبيائه فضلا عن غيرهم قانونه عبر نسبة هذا القول الى صاحبه الذي قاله، ويبارك الله تعالى فيه، بغض النظر عن معرفتنا باسمه، لكن عرفنا عنه صلاحه وعرفنا عنه انتسابه الى والده، وبذلك آتت كلمته ثمارها اليانعة أضعاف مضاعفة لما يتصوره ابن آدم التقي، مؤكدا فضيلته ان هذا الأمر مهم في كل زمان وفي كل مكان لأن الكلمة الطيبة لها اثرها المستمر أن قالها صاحبها بشروطها وبإذن الله تعالى ستؤتي أكلها ولو بعد حين، وهذه الكلمة تكون اكثر أهمية عندما توجد الدواعي اليها، بمعنى ان الكلمة الطيبة حينما يجهل الناس أمور دينهم تكون أكثر وجوبا لأنها تتعين على بعض الأفراد الذين منّ الله عليهم بالمعرفة آنذاك، وتكون فرض عين عليه أن يقول شيئا معينا من العلم الذي يحتاجه غيره وقد آتاه الله تعالى إياه، فتتحول الى فرض عين، ولهذا يكون من الواجبات الأساسية وهذا الواجب الأساسي يكون كما قدمت عند وجود الحاجة والوقت هذا من اكثر الأوقات حاجة لأن الفتن من شرق الدنيا وغربها، والقضايا التي تثار من إلحاد ومن فتن ومن مفاسد خلقية ومن شبهات تثار. وبيّن فضيلته انه حسب القانون الإلهي العادل الكل يحاكم محاكمة عادلة على ما قدمّ سواء كانت المحاكمة دنيوية أو كانت أخروية، فهذه قوانين عامة الله تعالى حاكم بها انبيائه وبيّن انها تجري على ملائكته أيضا فضلا عن بقية خلقه ، لكن أمثال هذه الشبه ستظل تثار وتثار لكن لابد أن يكون أهل الحق عندهم المبادئ التي يحافظون عليها واليوم اصبح من اكثر الأوقات التي تثار فيه الشبهات بأكثر ممن تتصور وممن لا تتصور. فعلينا جميعا أن نتعاون فيما بيننا وهذا الأمر لا يدركه المرء بنفسه وانما تتكاتف عليه جهود جماعة كبيرة كل واحد يدلي بدلوه وكل واحد يقدم من مجاله، وكل واحد على ثغر من الثغور يقدم ما يستطيع وعسى ان تؤدي هذه الجهود ثمارها في أصحابها بأنفسهم بداية، لأن الناصح عندما يقدم نصيحته أول من يستفيد منها وهو أول من يتعظ بتلك الذكرى الطيبة.