أعمدة

نوافذ : حساسية .. الأبواب الموصدة

Ahmed
 
Ahmed
أحمد بن سالم الفلاحي - shialoom@gmail.com - ربما؛ لن يلومك أحد إذا أغلقت باب بيتك، وقلت في نفسك يكفي أن أعيش بعيدا، فالقرب؛ أحيانا؛ يجلب لي المتاعب، فهذا قرارك اتخذته بكامل إرادتك، ولن ينازعك عليه أحد، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام إن تعلق هذا الباب بآخرين من حولك، لهم حق الشراكة فيه، فهناك أبواب خاصة لك وحدك، وهناك أبواب؛ أنت مجبر؛ بمشاركة الآخرين من حولك فيها، فأنت؛ على كل حال؛ لست وحدك في هذا العالم، فهناك بشر على امتداد الأفق تشاركهم الكثير من جوانب حياتهم، وهم كذلك، وتتقاسمون جميعا جوانب هذه الحياة، بدءا من العلاقات الخاصة، مرورا بعلاقات العمل والمصالح، وصولا إلى العلاقات العامة التي تشترك فيها مع آخرين من حولك. في كل هذه العلاقات هناك أبواب لك وحدك حرية فتحها وإغلاقها، وأخرى تشترك مع آخرين في ذات الآلية، وثالثة ليس لك الحق حتى في طرقها إطلاقا؛ حيث خصوصيات الآخرين، كما لك خصوصياتك أنت؛ ليس للآخرين حق الدخول في دوائرك الخاصة، هنا تبدو الصورة محكومة بكثير من النظم، والأعراف، والقوانين، وهي مجموعة المحددات التي تنظم علاقة فتح الأبواب وإغلاقها بين جميع هذه الأطراف، وقد نصت الكثير من آيات الذكر الحكيم على مثل هذه المحددات، ونظمتها تنظيما عادلا، يحافظ على الحقوق، والخصوصيات، ويقي الجميع من الوقوع في المزالق، فدخول البيوت، وأوقات الاستئذان، وعدم الشروع في أعراض الناس؛ ففي كل ذلك ظلت الأبواب بالكملة الصريحة، أو برمزية المعاني؛ حاضرة لوضع الحدود الفاصلة بين ممارسة الخطأ والصواب حماية للجميع، ولو أدى ذلك إلى وضع حدود مطلقة للحريات التي يرى فيها مناصروها الحد من كامل الحرية في الانطلاق والممارسة في جميع الأحوال والظروف، كما في قول الفرزدق (منقول): ' ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها ؛ حتى أتيت أبا عمرو بن عمار' ولذلك فهنا يحدث كثير من الخلط عند كثير من الناس، عندما تتماهى مجموعة الحدود، فيظنون أن الأبواب كلها مشرعة للدخول والخروج بلا تحفظ. ارتبط مفهوم السر، وآليات حفظه بالأبواب؛ ربما كأكثر المفاهيم المتعارف بها بين البشر، فسر بدون باب يحميه، لن يكون سرا، والباب هنا يتخذ معاني كثيرة، قد يكون الباب الكثير من رمزيات المعاني، وقد يكون الباب المادي المعروف؛ كحال المنازل وما تحتويه من أسرار، حيث يظل الباب هو المعروف هو المصد الأول، ومن ثم تأتي قدرة أفراد الأسرة على حفظ سرهم فيما بينهم، وكما قال الفرزدق (منقول): لا يكتم السر إلا كل ذي ثقة؛ والسر عند خيار الناس مكتوم فالسر عندي في بيت له غلق؛ ضاعت مفاتيحه والباب مكتوم ومن الحشرية التي يتميز بها البشر؛ غالبا؛ هو إصرارهم على معرفة ما في داخل الأبواب المغلقة، أو الموصدة، فكلما طال الزمن في إغلاق باب ما، كلما حفز ذلك هذه الـ 'حشرية' أو الفضول لمعرفة ما وراء هذا الباب، وقد يكون هذا الباب هو باب بيت ما، وقد يكون هذا الباب هو هذا الإنسان الكتوم الذي لا يعرف أحد ما يخبئه داخل صدره، حتى ولو كان ما يخبئه مجموعة هموم ومآس غير راغب، أو قادر على الإفصاح بها، وقد يكون هذا الباب، مؤسسة ليس يسيرا التوغل في داخلها لمعرفة ما يعمل العاملون فيها، وقد يكون هذا الباب مجموعة أشخاص اجتمعوا على أمر ما من أمور الحياة، كل هذه الصور تمثل أبوابا مغلقة تدفع من يكون في مواجهتها على طرح التساؤلات الضيقة عما تخفيه وراءها من أسرار، ومكونات، تظل مطوية في 'غياهب الجب' ومن رمزيات الأبواب قول فيكتور هوجو: 'من يفتح باب مدرسة يغلق باب سجن' – وفق المصدر -.