المنوعات

القرية الريفية بمهرجان طاقة .. مرجعية تاريخية ودلالات للإرث الإنساني

1298987
 
1298987
[gallery columns='5' size='medium' ids='579379,579378,579377,579376,579375'] تعكس الموروث الاجتماعي العماني - طاقة -‏‏‏‏ أحمد بن عامر المعشني - تعتبر البيئات الثلاثة لمهرجان طاقة وهي الحضرية والريفية والساحلية من أهم وأميز الفعاليات لمهرجان طاقة في كافة الأعوام ومحطة من محطات الجذب في المهرجان اذ تستقطب حضورا جماهيريا واسعا من قبل الزوار المواطنين والمقيمين والزائرين لما لها من أهمية في ترجمة البيئات المختلفة في الولاية الى واقع ملموس حيث يستشعر الزائر من الوهلة الأولى الإحساس بجدية نقل الصورة الواقعية بما تجسده هذه البيئات من تشغيل حي لأعمال وممارسة الموروثات كالحرف المختلفة والرقصات الشعبية وكل ما من شأنه إبراز للتراث العماني الأصيل وتتضمن هذه البيئات كافة بيئات الولاية وهي البيئة الحضرية والريفية والبيئة البحرية بالإضافة للمشغولات والصناعات الحرفية وسيستمر عبق التاريخ يفوح منها طوال أيام المهرجان نظرا لتجسيدها كبيئات تراثية نابضة بالحركة والنشاط ومعبرة عن حياة الأجداد الماضية> وكانت لهذه البيئات التراثية في الدورات السابقة واجهة رائعة لمفهوم الهوية الوطنية والخصوصية وشكلت مرجعية تاريخية نابضة لكل زوار المهرجان الذين يستقرون من خلالها دلالات الإرث الإنساني والمنابع الأصيلة للموروث الاجتماعي العماني، كما أن إيقاعية المهرجان نفسها تحرك هذا الاستشراف للباحث عن التميز والتفرد لأنه إيقاع يرتبط بطبيعة المكان والإنسان في اتساق جميل مع سماته التي أخذت من الأصالة والمعاصرة مكوناتها وحافظت على روافدها القيمة الأصيلة وتواصلت بوعي مع معطيات العصر الحديث. وتعتبر البيئة الريفية هي إحدى البيئات المهمة في مهرجان طاقة 2018م في نسخته السادسة الذي انطلقت فعالياته في 22 من الشهر الفائت حيث تتميز بطرازها المعماري التراثي القديم وبأخشابها المحلية من أشجار المحافظة بمختلف أشكالها وأحجامها وبتركيباتها البسيطة والتي يصنعها عادة أناس متخصصون من البيئة نفسها. والبيئة الريفية تمثل معلما تراثيا عظيما في المحافظة بصفة عامة وفي المهرجان بصفة خاصة حيث يرمز هذا الطراز إلى المكانة والعظمة من ناحية والبساطة من ناحية أخرى ولذلك يندهش المرء عند رؤية هذا التراث المعماري القديم والذي لا يزال مستخدما في أرياف محافظة ظفار إلى الآن لصلابته وقوته وجودته في البقاء لسنوات طويلة دون أن تؤثر فيه البيئة بفصولها المختلفة. وتتكون هذه البيئة من عدة نماذج: الأول المسكن الريفي «استريت» وهو المكان الذي تسكنه الأسرة الريفية والتي عادة ما تبنى قواعدها كلها من الأخشاب المحلية الصلبة والمعمرة في حين تغطى سقوفها بالحشائش اليابسة وتبلط أرضياتها بنوع من الجبس “نورة” الذي يحفظ درجة الدفء في موسم البرد ويوفر برودة مناسبة في أوقات الحر ويعهد إلى النساء عادة أمور التجميل والتأثيث بهذه المساكن بينما الرجال يقومون بإعداد البنية الرئيسية للبناء من الأخشاب والأحجار. النمط السائد في إنشاء هذه المساكن هو اعتماد بناء معروف يقوم مقام “المهندس” في إدارة عملية البناء وضبط الموازين والأثقال. وتتم عملية البناء بصورة جماعية يتخللها عادة الأغاني الريفية الحماسية التي تشد من همة الرجال. المسكن الثاني والملازم للمسكن العائلي هو الحظيرة وتسمى عند أهل الريف “الدقف” وهو عبارة عن حظيرة مسقوفة بالأخشاب مثل السكن الآدمي ولكن أوسع منه وبارتفاع أقل وبه فتحات للتهوية وتراعى فيه مسألة الدفء والبرودة مثل مسكن الأهالي وبجانبه تقام حظائر العجول تسمى “حذور” وهو أقل حجما ولكنها مبنية بعناية فائقة وتراعى فيها مسألة التعليف حيث تصنع بداخلها حظيرة بطول الجدار أو في جانبه منه تقدم فيه الحشائش الطازجة يوميا وتبنى من ذات المواد المستخدمة في البناء السابق. ومن المكونات البيئة الريفية المزرعة الموسمية التي تسمى محليا “ اشنو” وقد تكون هذه المزرعة في مكان قريب وفي أي مكان آخر متعارف عليه وتعتمد الزراعات في هذا الموسم على الذرة والدجر والخيار وغيرها من المحاصيل الموسمية وتسور هذه المزارع لحمايتها من الحيوانات وعادة ما تكون في المزارع البعيدة أماكن إيواء كتلك التي تسكنها الأسرة الريفية. ويتم خلال فعاليات أيام المهرجان إقامة العديد من الفنون المصاحبة لهذه البيئة الريفية ومن ابرز هذه الفنون الهبوت وفن النانا والدان دان والدبرارت ومرادات شعرية وهي أغاني وجدانية يبث فيها الآباء والأجداد وصاياهم ومدائحهم لأبنائهم لاستثارة النخوة والشجاعة والرجولة ومختلف القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية. كما يقام كذلك في القرية الريفية بعض المسابقات مثل مسابقة الأمثال الشعبية ومسابقة اللحيم ومسابقة فن الطبل بالزي التقليدي ومسابقة فن الرقيد وغيرها من الفعاليات والمناشط التي تثرى زوار القرية. كما تقدم بعض الفتيات في هذه القرية فن المشعير وهو عبارة عن رقص تؤديه النساء في أرياف ظفار دون طبل وتشترك فيه مجموعة كبيرة من النساء وفي كل جولة ترقص اثنتان معا وتعتمد على حركة القدمين المندفعة إلى الأمام بحركة ثابتة موزونة على أغنية تتكون من مقطعين وكل فريق من النساء يردد من هذه الأغنية بلحن جميل جذاب ويصاحب هذا الفن التبرع بالخناجر للرجال قديما. والمشعير فن يتزامن مع العودة إلى الريف بعد موسم الخريف حيث انه بعض سكان الريف ينتقلون من الريف إلى السهل خلال موسم المطر الخريف ؛ والمشعير فن جميل وعادة حلوة يحتفلون بها أهل الريف كل سنة بعد هذا الموسم وفي السنوات الأخيرة بدأ يختفي فن المشعير.