إشراقات

خطبة الجمعة تدعو إلى تعليم الأطفال مبادئ السلامة الأولية وتحذر من وقوعهم ضحايا الجرائم الأخلاقية

1001978
 
1001978
سلامة الإنسان أهم ما يجب أن تصرف له العناية وينصب لأجـله الاهـتمام والرعاية - تنبه خطبة الجمعة لهذا اليوم بالمخاطر التي تهدد الناس وأهاليهم وذرياتهم، مبينة أن ما يجب أن تصرف له العناية، وينصب لأجـله بالغ الاهـتمام والرعاية الاهـتمام بسلامة الإنسان في الدنيا والآخرة، ومن ذلك أن يربى الأطفال على معرفة طرق الأخذ بمبادئ السلامة الأولية، كالتعامل مع الأجهزة الكهربائية بالمنزل وطرق الاسـتعمال الصحيح لها، وكيـفية التعامل الأمـثل مع مواقف الخطر سواء في داخل المنازل أو خارجها، مؤكدة أنه من الأهمية بمكان تحذير الأطفال من ألا ينفردوا في خروجهم إلى الشوارع أو المحلات، وأن يبتعدوا عن الأماكن المهجورة والخربة، وألا يسمحوا للغرباء بأن يركبوهم مركباتهم خشية التعرض للابتزاز، وأن هنالك مواضع من جسم الإنسان هي عورات شدد الدين الحنيف على وجوب سترها وعدم إبدائها للناس، ودفع أيدي العابثين عنها، خشية الوقوع في التحرش أو الاغتصاب، وتضمين التوصيات المتعلقة بهذا الأمر بمناهج دراسة الصفوف الأولى.. وهنا نص الخطبة كاملا الذي جاء تحت عنوان: «الأخذ بأسباب السلامة» الحمد لله الذي شرع لعباده الدين، ليحـفظ لهم أنفسهم من التلف والهلاك المبين، أحمده وأشكره على نعمه المتوالية كل حين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريـك له، هو خير حافظا وهو أرحم الراحمين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، ومرشدا للسلامة في الدنيا والدين، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين. أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى الذي إليه ترجعون، واعـلموا أن الله تعالى قد اسـتخلفكم في الأرض لينظر كيف تعملون، أكرمكم غاية الإكرام، وفضـلكم نهاية التفضيل، ورفع قدر الإنسان حتى أسجد له الملائكة المقربين، وسخر له ما في السماوات وما في الأرض يسـتخرج خزائنهما وينتفع بمنافعهما، ويسبر أغوارهما، وما ذلك إلا لأمر عظيم، يقول تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، فمنزلة الإنسان في موازين الحق عالية، ونفسه غالية، لذلك تعددت الأوامر المتعلقة بصون النفس الإنسانية، والنأي عن تعريضها للتلف، فالله تعالى يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، ويقول: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وكل ذلك دال -يا عباد الله- على تكريم الله تعالى للإنسان، وأن دين الله عز وجل يجعل للنفس البشرية مكانة رفيعة المسـتوى، وأن لها حرمة عظيمة، وأنه دين لا يخول للإنسان إهـمال الحفاظ على حياته، بحيث يغفل عن الأخذ بأسباب السلامة، فمن عرض نفسه للتلف وهو قادر على تفادي أسباب الهلاك فهو منتحر والعياذ بالله. أيها المسـلمون: إن المسلم الذي يهـتدي بهدى ربه عز وجل يسـتلهم من جميع ما سبق ضرورة الابـتعاد عن كل ما يوقع في الهلكة، مع تسـليمه ولا ريب بأن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره، وتسـليمه بهذا الاعـتقاد لا ينافي الأخذ بأسباب السلامة إطلاقا، فإن الأخذ بأسباب السلامة من قدر الله تبارك وتعالى، وقد ورد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عندما بلغه ما انتشر بالناس في الشام من وباء الطاعون آثر الرجوع إلى المدينة وعدم السـفر إلى الشام، وكان قد قطع شيـئا من الطريق، فقال له أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-: (أفرارا من قدر الله؟» فأجابه عمر -رضي الله عنه- بقوله: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديا له عدوتان، إحداهما خصـبة، والأخرى جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيـتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيـتها بقدر الله؟)، ففي هذه الواقعة دلالة واضحة على ضرورة الأخذ بأسباب السلامة والوقاية، والنأي بالنفس عن الوقوع في أنواع المهالك، إن هذا هو التوكل الحقيقي في أبهى صوره، وما عداه فهو تواكل. فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم لما أراد الوصول إلى المدينة مهاجرا من مكة اتخذ أسباب السلامة، فأعد الراحلة واختار المرافق وغاير في الطريق؛ فلم يسلك الطريق المعهود من مكة إلى المدينة، ومكث في غار ثور ثلاثة أيام حتى خف الطلب، فهو -عليه السلام- يشرع بذلك لأمـته الأخذ بالوسائل والأسباب التي تحقق للعبد غايته، فإن شاء الله تعالى عدم تحقق مراد العبد فذلك لأن مراد الله تعالى فوق مراد عبده، يقول تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما)، وقد أدبنا الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب أن نقول: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا، إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا)، ثم إذا عزمـنا على أمر أن نربطه بالتوكل على الله: (فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين). معاشر المؤمنين: كم من أناس يهملون الأخذ بأسباب السلامة ومراعاة الاحـتياطات اللازمة في أثناء بناء منازلهم مثلا؛ فترى البيوت لها أساسات هشة وقد رفعت عليها أدوار وأدوار، فمآل حالها إلى انهيار، أو لا يبالي مشيدوها بالجودة في مواد البناء الأولية، فتكون خطرا على حياة أصحابها، أو ربما تحـتاج إلى صيانة في أقرب مدة زمنية. إن من أوليات ما يهـتم به مؤسسو المنازل تركيب وسائل إطفاء الحرائق وأجهزة التنبيه على اشتعالها ومسـتشعر تسرب الغاز، واستخدام المواد الأصـلية في تشييد المنازل وخصوصا أسلاك الكهرباء، كل ذلك من باب الأخذ بأسباب السلامة، وكذا الحال متى امـتلك الإنسان سيارة مثلا فهو مسؤول عن الأخذ بأسباب السلامة في فحصه لإطاراتها، وسلامة محركها، والطريقة الآمنة في تعبئتها بالوقود، وفي قيادته لها القيادة الآمنة، ومتى ما عزم على رحلة خطط لها تخطيطا سليما، فكانت معدات السفر لديه حاضرة، وفي مقدمتها صندوق الإسعافات الأولية، أخذا بأسباب السلامة، وقد قال سبحانه في معرض الثناء على عبده ذي القرنين: (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا). إن من الأخذ بأسباب السلامة وطرقها أن يكون المرء على دراية كافية بطرق الإنقاذ ومبادئ السلامة الأولية، وهي متيسرة، ولله الحمد، لدى فروع شبكة الدفاع المدني بالبلاد. فمن رأى من هو بحاجة إلى الإنقاذ وجب عليه إنقاذه ما دام قادرا، بشرط أن يكون على وعي بما يفعل حتى لا يتلف نفسه أو يتلف من يباشر إنقاذه، يقول تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا). فاتقوا الله -عباد الله-، وخذوا بأسباب سلامتكم، وتنبهوا للأخطار التي عليـكم توقيها في الحال والمآل، واجعلوا من دعائكم (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم. *** *** *** الحمد لله السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الإنعام، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله خير بني الإنسان، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحـبه ومن تبعه إلى يوم القيام. أما بعد، فيا عباد الله: إن المخاطر التي تهدد الناس وأهاليهم وذرياتهم متعددة، وما يتعلق بسلامتهم في العقبى هو في مقدمة ما يجب أن تصرف له العناية، وينصب لأجـله بالغ الاهـتمام والرعاية. والاهـتمام بسلامة الإنسان في الدنيا من المخاطر داخل ضمن المحافظة على السلامة في الآخرة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)، ومن هنا فمن المهم جدا أن يغرس في نفس الطفل منزلة النفس الإنسانية في دين الله تعالى، وأن طريق الوصول إلى رضوان الله وجنته ليس عن طريق التخلص من الحياة والبحث عن وسائل الموت، فالانتحار طريقة الفجار الأشرار، الذين أصبح لهم من المواقع على شبكة المعـلومات ما يحاولون عن طريقه الإيقاع بالأطفال واسـتدراج الناشئة لتزيين الانتحار في نفوسهم، ومن المهم جدا أن يربى الأطفال على معرفة طرق الأخذ بمبادئ السلامة الأولية، وكيـفية التعامل الأمـثل مع مواقف الخطر سواء في داخل المنازل أو خارجها، وينبغي تضمين التوصيات المتعلقة بهذا الأمر بمناهج دراسة الصفوف الأولى بخاصة، كالتعامل مع الأجهزة بالمنزل وطرق الاسـتعمال الصحيح لها، وفصـلها عن تيار الكهرباء عند عدم الحاجة لاسـتعمالها، وعدم مباشرتها حال بلل اليدين، وأن ذلك من طرق انتقال الكهرباء، وأهمـية تجنب الاسـتهلاك لتلك الأجهزة فوق طاقاتها المعتادة للتشغيل، وتجنب الرديء من تلك الأجهزة، فذلك من طرق انتشار الحرائق، ومن المهم جدا تعليمهم كيـفية التعامل مع الحرائق أن لو وقعت بالمنازل أجاركم الله. وتحـفيظهم كيـفية الاتصال بالطوارئ والتبـليغ المباشر متى ما وقعت الحرائق أو شاهدوا ما يجب التبليغ عنه من المخاطر التي قد تهدد سلامتهم؛ من تعرضهم للابـتزاز أو التهديد أو الاغتصاب أو السرقة وما شابه ذلك من الجرائم التي لا بد أن يتعاملوا معها بأحسن التعامل وأسرعه، فأبناؤكم يا عباد الله أمانة بأيديكم، حافظوا على سلامتهم، ودربوهم على ما فيه وقايتهم من المخاطر، نبهوهم على ألا ينفردوا في خروجهم إلى الشوارع أو المحلات، وأن يبتعدوا عن الأماكن المهجورة والخربة، وألا يسمحوا للغرباء بأن يركبوهم مركباتهم خشية التعرض للابتزاز، وأن هنالك مواضع من جسم الإنسان هي عورات شدد الدين الحنيف على وجوب سترها وعدم إبدائها للناس، ودفع أيدي العابثين عنها، خشية الوقوع في التحرش أو الاغتصاب، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ملعون من أبدى عورته للناس». فاتقوا الله -عباد الله-، وحافظوا على ما فيه سلامتكم وسلامة أولادكم، الزموا طاعة الله واهـتدوا بهداه، يقول تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين، وقائد الغر المحجلين، فقد أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه في محكم كتابه حيث قال عز قائلا عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، ووحد اللهم صفوفهم، وأجمع كلمتهم على الحق، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين. اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك ولا أكثر، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين. اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك. اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء. عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ).