كلمة عمان

بناء المجتمع الابتكاري

oman-logo-new
 
oman-logo-new
تضع الاستراتيجية الوطنية للابتكار العديد من الأبعاد المستقبلية ضمن أسسها وبرامجها الافتراضية لتوقعات الحياة الابتكارية في السلطنة خلال العقود المقبلة، ولا شك أن ذلك يصبّ في إطار دفع عملية النماء الشامل، وتعزيز التنمية في كافة مناحي الحياة الإنسانية بشكل عام، باعتبار أن الابتكار في عالم اليوم بات حلقة مركزية في الدخول إلى صلب العصر والتحديث الصناعي والاستثماري وفي كافة سبل ارتياد الآفاق الجديدة في النهضة العصرية. وإذا كانت السلطنة قد قطعت أشواطاً ملموسة في تحريك الطريق نحو بناء المجتمع الابتكاري لاسيما لدى الشباب ورواد الأعمال والشركات الطلابية الناشئة وغيرها من الشرائح في هذا الباب، فإن المطلوب هو المضي بدرجة أوسع وأكثر حماساً باتجاه بناء المزيد من الفرص المستقبلية في هذا الجانب الحيوي الذي يساهم في تنويع الدخل ورفع العائدات بما يخدم منظومات التجارة والاقتصاد والتنمية عموماً. خلال العام الماضي تقدم تصنيف السلطنة ثماني مرتبات في مؤشر الابتكار العالمي، حيث حققت المرتبة (69)عالمياً وصنفت في مؤشر التعليم المدرسي ضمن أعلى (40) دولة عالمياً والمرتبة (84) عالمياً في مؤشر الإنفاق على البحث والتطوير و(51) عالمياً في مجال استخدام خدمات تقنية المعلومات و(99) في إنتاج المعرفة و(101) في إنتاج براءات الاختراع وإنتاج الأوراق العلمية و(113) في مؤشر إنتاج خدمات تقنية المعلومات. هذه المؤشرات والأرقام تشير إلى نقاط دلالية يمكن الانطلاق منها نحو مزيد من الخطى الرائدة في طريق الابتكار المستقبلي الذي تقوده بشكل خاص الأجيال الصاعدة، باعتبارها الأمل الأكبر والأوضح في صناعة الإبداع والابتكار ودفع دفته من خلال قدرتهم على استيعاب منظومات الحياة الإنسانية المتطورة والمتغيرة في عالم اليوم. لكن يجب الانتباه إلى أن الطريق إلى المجتمع الابتكاري ليس بالأمر الهين، بل هو عمل دؤوب ومستمر وإيمان بالذات والقدرات والمزيد من برامج التأهيل والتدريب، وقبل ذلك التنشئة الابتكارية عبر مؤسسات التربية والتعليم التي يعول عليها بشكل جوهري في هذا الجانب. إن تحقيق ما يعرف بالبيئة الابتكارية المتكاملة أو الشاملة يظل هدفا استراتيجياً ضمن الأهداف الوطنية في الوصول إلى المرامي البعيدة من وراء ذلك المشروع المستقبلي الفاعل والحقيقي، الذي يعول عليه ضمن مشاريع عديدة في إحداث نقلة في الحياة بشكل عام في السلطنة. وفي عالم اليوم فإن التأخر في هذا الجانب سوف ينعكس بصورة سلبية في وقت قريب وربما أسرع من المتوقع، لهذا سيكون دائما التأكيد ضرورياً على المواكبة بل القفز المدروس إلى مراحل متقدمة وفعلية في التطبيقات والنتائج. إن مجمل الأهداف الوطنية التي تضعها الاستراتيجيات عامة سواء تعلق الأمر بالابتكار أو غيره من الموضوعات، فإن المنشود والمبتغى في نهاية الأمر هو تلبية التطلعات في مجالات التنمية بكافة أوجهها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمعرفية، بما يلائم التوجهات العالمية وفي الوقت نفسه يتوازن مع أسس النماء المحلية والإرث الوطني في القيم والمفاهيم، بما يحفز نحو ابتكار ينبع من صميم المعاني الذاتية وفي الآن نفسه يشرئب إلى المعطيات الإنسانية الكبرى.