أعمدة

تداول :من أين ستبدأ بورصة مسقط خطتها لتطوير القطاع؟

am6
 
am6
محمد بن أحمد الشيزاوي - shfafiah@yahoo.com - شهد الأسبوع الجاري واحدًا من أهم الأحداث في قطاع سوق رأس المال وهو تحوّل سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة مساهمة عمانية مقفلة باسم «شركة بورصة مسقط» التي تم تدشينها يوم الأحد الماضي تنفيذًا للمرسوم السلطاني رقم 5/ 2021 الخاص بذلك والذي منح الهيئة العامة لسوق المال صلاحيات كبيرة في مجال الإشراف على شركة بورصة مسقط من بينها: تحديد السياسة العامة التي يجب على الشركة الالتزام بها، وإصدار اللوائح والقرارات المنظمة للتراخيص اللازم منحها للشركة لممارسة أنشطتها، والرسوم الواجب سدادها للهيئة، وحق الاعتراض على تشكيلة مجلس الإدارة، وضرورة حصول بورصة مسقط على موافقة الهيئة قبل تعيين الرئيس التنفيذي للشركة والعاملين في الإدارة العليا فيها. ولعل أبرز سؤال لدى العديد من المتابعين للقطاع والعاملين فيه والمستثمرين في البورصة والمساهمين في الشركات المدرجة فيها هو: من أين ستبدأ بورصة مسقط خطتها لتطوير القطاع؟ وهل عكفت على ذلك خلال الفترة الماضية منذ صدور المرسوم السلطاني رقم (5/ 2021) الصادر في 6 يناير الماضي؟ ثم لماذا لم نجد تصريحا رسميا من مجلس إدارة البورصة أثناء احتفال التدشين عن خطة تطوير القطاع؟ أو على الأقل الحديث عن النظام الأساسي للشركة الذي نص المرسوم السلطاني على أن يقوم جهاز الاستثمار العماني بإعداده وإنهاء إجراءات تسجيل الشركة وفقًا لأحكام قانون الشركات التجارية قبل تاريخ العمل بالمرسوم؟. وهناك سؤال جوهري آخر وهو: ما هو دور الجهات الأخرى الفاعلة في قطاع سوق رأس المال مثل شركات الوساطة التي لم نجد لها ممثلًا في المجلس الجديد على الرغم من أنها هي الأكثر اطلاعا على ما تواجهه البورصة من تحديات من خلال علاقتها المباشرة بالتداولات اليومية من جهة والمستثمرين في البورصة من جهة ثانية؟. هل يعني هذا أن مجلس إدارة البورصة سوف يعمل بمعزل عن كل الفاعلين في القطاع ويكتفي بتبعيته لجهاز الاستثمار العماني؟. إن تحويل سوق مسقط للأوراق المالية إلى شركة تتبع جهاز الاستثمار العماني جاء لتحقيق العديد من الأهداف، لعل في مقدمتها تطوير «البورصة» لتكون مصدرًا للإيرادات ليس فقط للمستثمرين والمتعاملين في الأوراق المالية والأدوات الأخرى التي يمكن للشركة الجديدة استحداثها في المستقبل ولكن أيضًا للاقتصاد الوطني ككل، فسوق الأوراق المالية أحد مصادر الإيرادات غير النفطية إذا وجدت الاهتمام المطلوب، ولا نتوقع أن تتمكن شركة بورصة مسقط من تحقيق النقلة النوعية المطلوبة للقطاع إلا إذا تمكنت من بناء علاقة تكاملية مع مختلف الجهات الفاعلة في القطاع كالهيئة العامة لسوق المال وشركات الوساطة المالية وشركات المساهمة العامة المدرجة فيها. صحيح أن المطلوب قد يتجاوز قدرات شركة بورصة مسقط ولكن يبدو أن التغيير الإيجابي الجديد جاء بهدف تعزيز أداء القطاع وليس مجرد تغيير شكلي في الاسم والهوية. عندما ننظر إلى أحجام التداول في البورصة نجد أنها شهدت على مدى السنوات الماضية تراجعات متتالية، لتسجل العام الماضي أدنى قيمة للتداول خلال السنوات العشر الماضية وهي 441 مليون ريال عماني، كما أن المؤشر الرئيسي للبورصة لا يزال عند أدنى مستوياته في 10 سنوات، والقيمة السوقية لشركات المساهمة العامة المدرجة بالسوق تسجل هي الأخرى تراجعات متتالية على الرغم من الإدراجات الجديدة وقيام العديد من الشركات بزيادة رؤوس أموالها إلا أن التراجع المستمر لأسعار الأسهم يؤثر سلبًا على القيمة السوقية لشركات المساهمة العامة التي بلغت بنهاية تداولات الخميس الماضي 6.4 مليار ريال عماني مشكلة 31.3% من إجمالي القيمة السوقية للأوراق المالية المدرجة في البورصة والبالغة 20.6 مليار ريال عماني، وعندما ننظر إلى توزيع الشركات من حيث القيمة السوقية نجد أن بنك مسقط يتصدر القائمة بنحو 1.4 مليار ريال عماني ثم عمانتل بـ546 مليون ريال عماني ثم بنك ظفار بـ317 مليون ريال عماني وتحل أوريدو رابعا بـ260.3 مليون ريال عماني ثم بنك عمان العربي بـ250.4 مليون ريال عماني، وتضم قائمة أكبر 10 شركات من حيث القيمة السوقية أيضًا البنك الوطني العماني وأومنفست وبنك صحار وبنك اتش اس بي سي عمان والبنك الأهلي، وكما هو واضح فإن قطاعي البنوك والاتصالات يسيطران على القائمة ولا يوجد نصيب لشركات الخدمات والشركات الصناعية وهي شركات لها أهميتها في استقطاب المستثمرين. وبالإضافة إلى هذا فإن القيمة السوقية لأسهم 40 شركة مساهمة عامة هي أدنى من القيمة الاسمية للسهم وهو مؤشر آخر يشير إلى أحد أبرز الأسباب التي تدفع المستثمرين للإحجام عن الاستثمار في البورصة واختيار بورصات خليجية أو عالمية للاستثمار فيها. إن هذه الأرقام تعكس حجم التحديات التي تواجه شركة بورصة مسقط في تحقيق أهدافها وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا من مجلس الإدارة الذي نتطلع إلى أن تركز خطته على جعل بورصة مسقط في مصاف البورصات العالمية التي تحقق مكاسب مضاعفة للمستثمرين فيها من الأفراد والصناديق والمؤسسات الاستثمارية الأخرى والاقتصاد الوطني ككل.