منتدى التواصل الحكومي يفتح حوار «سمعة المؤسسات الحكومية» ودور «القوة الناعمة»
الاثنين / 16 / شعبان / 1440 هـ - 23:10 - الاثنين 22 أبريل 2019 23:10
1199056
شهاب بن طارق: نعيش في عالم مليء بالشائعات والتواصل الحكومي يؤطر سياسة التواصل مع الجمهور - حضر فعالياته المئات وطرح أسئلة جوهرية في دور الإعلام والأمن الوطني - كتبت - بشاير السليمية ورحمة الكلبانية أكد منتدى التواصل الحكومي الذي انطلقت دورته الثانية صباح أمس على دور الإعلام في تعزيز الأمن الوطني وبناء سمعة المؤسسات الحكومية وصناعة قوة ناعمة تكون جدار صد أولا خلال الأزمات التي تواجه الدول. وشدد المنتدى على أهمية تنظيم التواصل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع لتحقيق التنسيق والاتساق في العملية الإعلامية، وإيصال الفهم المشترك للقضايا والسياسات المختلفة، وتوضيح الأهداف والتحديات التي تواجه الحكومات بكل شفافية ووضوح عبر وسائل الإعلام المختلفة. وانطلق المنتدى برعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد مستشار جلالة السلطان بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض. وقال سموه في تصريح صحفي «الهدف من مركز التواصل الحكومي مبني على نهج سام لحضرة صاحب الجلالة منذ بزوغ عصر النهضة المباركة وقد أثبت جلالته من خلال تواصله الشخصي مع الشعب ومع الجهات الرسمية هذا النهج الواضح الذي كان رسما لخطط وسياسات معينة قالها صاحب الجلالة وتم تنفيذها على أرض الواقع». وأضاف سموه «هذا المنتدى يكمل المشوار، ونحن الآن نعيش في عالم مليء بالتواصل التقني وعالم الإلكترونيات والشائعات وجميع أنواع الإعلام الإلكتروني وغيره، فالتواصل الحكومي يؤطر هذه السياسة في منظومة متكاملة تتبع الحكومة ويتم التفاعل مع الشعب مع القطاعات الخاصة وجميع القطاعات والمؤسسات في البلد وهذا طبعا متبع في معظم دول العالم للتواصل بين الحكومة والمواطنين والقطاعات الأخرى». وضم اليوم الأول من أعمال المنتدى كلمة رئيسية قدمها معالي الدكتور عبدالمنعم بن منصور الحسني بعنوان «رؤية عمان 2040.. وسائل الإعلام الشريك الاستراتيجي والأداة الفاعلة»، إضافة إلى ثلاث جلسات شارك فيها ستة متحدثين من السلطنة ودول عربية وأوروبية وآسيوية. وناقشت الجلسة الأولى إدارة سمعة المؤسسات الحكومية تحدث فيها معالي جاناداس ديفان رئيس الاتصالات الحكومية بوزارة الاتصالات السنغافورية، فيما تناولت الجلسة الثانية «الإعلام وتعزيز الأمن الوطني.. تحديات راهنة وتصورات مستقبلية» تحدث فيها أليكس آيكن الرئيس التنفيذي ورئيس وحدة الاتصال الحكومي بالمملكة المتحدة، والمقدم ركن أنور الحريبي من التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع، فيما تناولت الجلسة الثالثة «التواصل الإعلامي كقوة ناعمة للدول» شارك فيها الدكتور عبدالله باعبود، والدكتور نواف التميمي و الدكتور هاني البسوس. وقال معالي الشيخ الفضل الحارثي أمين عام مجلس الوزراء لوسائل الإعلام على هامش منتدى التواصل الحكومي الثاني: «سعداء بما وصل إليه مركز اتصالات الخدمات الحكومية خلال عام ونصف سواء في حجم المشاريع أو جودتها، ولم يكن ذلك ليتأتى لولا تمكين مجلس الوزراء له، والتجاوب الفاعل من قبل كافة المؤسسات الحكومية، والكفاءة التي تتمتع بها الكوادر البشرية في المركز». وأضاف: «هذا المنتدى يهدف إلى تجسيد دور المركز في تعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية في مجال التواصل، وأيضا يعتبر منصة لمناقشة الممارسات والتوجهات الجديدة في العمل الحكومي في هذا المجال». الشريك الاستراتيجي وقال معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام في الورقة الرئيسية في المنتدى: يسعى مركز اتصالات الخدمات الحكومية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء الموقر منذ نشأته في عام 2017م وبشراكة استراتيجية مع وزارة الإعلام والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ومسؤولي دوائر وأقسام العلاقات العامة والإعلام بالمؤسسات الحكومية لتنظيم التواصل بين المؤسسات الحكومية والمجتمع، والتفاعل مع القضايا الراهنة، من أجل رسالة إعلامية حكومية واضحة ومتفاعلة مع قضايا الإنسان، وسنكمل عبر لقاءات مستمرة وحلقات عمل وحملات إعلامية ممنهجة، وتدريب وتطوير وتأهيل، أنشطة الاتصال للمؤسسات الحكومية خلال العامين (2019 و 2020م)؛ سعياً لتكامل الجهود الاتصالية وتوزيع الأدوار بشكل واضح بناءً على اختصاصات كل جهة، بحسب ما أكد الوزير. وأضاف: «دأبنا جميعا على التطلّع للمستقبل عبر عدة ندوات ولقاءات وحوارات أشركنا فيها أكاديميين ومختصين وخبراء ومهنيين وطلاباً، ومستمرون في هذه اللقاءات التي تتزامن مع رؤية عُمان 2040 وتساير مراحل تنفيذها». وقال الحسني: «وزارة الإعلام تبذل جهودها لتطوير المدخلات الأساسية لصناعة الإعلام بشكل عام وإعلام المستقبل بشكل خاص سواءً فيما يتعلق بالبنى الأساسية أو التشريعية، أو فيما يتعلق بالعناصر البشرية، فهناك مركز التدريب الإعلامي، والحضور الإعلامي الفاعل في الداخل والخارج وفق السياسة الإعلامية العمانية الواضحة والمتوازنة، إلى غير ذلك مما يؤهّل الإعلام العماني لتجربة رصينة متقدمة تنافس نظيراتها في هذا القطاع». ودعا وزير الإعلام في ختام كلمته «الإعلاميين والعاملين في دوائر وأقسام الإعلام في المؤسسات الحكومية والأكاديميين والمهتمين للإسهام بالرؤى والأفكار والمقترحات القيّمة التي يمكن أن تساعد في صياغة رؤية إعلامية توافقية تتماشى ورؤية عمان 2040، وذلك بالمشاركة في اللقاءات والحوارات القادمة بشأنها». أنصت بقدر ما أتكلم وألقى بدر الهنائي مدير عام الاتصالات بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، باسم مركز التواصل الحكومي كلمة أشار فيها إلى عمل مركز التواصل الحكومي على اتباع ذات النهج الذي انتهجه جلالته، منذ الانطلاق الرسمي لعمله قبل ثمانية عشر شهرا، موضحا أن المركز ينصت بقدر ما يتكلم، حيث يوظف المركز لأنظمة متطورة لرصد آراء وتطلعات المجتمع عبر مختلف قنوات الإعلام والتواصل، والتي يتم فرزها وتحليلها وتصنيفها بذكاء الآلة وحدس الإنسان، لتصدر على ضوئها تقارير دورية تتم مشاركتها مع المعنيين للنظر في مختلف المواضيع والقضايا المتداولة واتخاذ المناسب بشأنها». وواصل الهنائي كلمته بالقول «تمكن المركز خلال الفترة الماضية من التكامل مع مائة وثماني مؤسسات حكومية، تُكوّن مع بعضها بالإضافة الى المركز منظومة التواصل الحكومي، يمثل الجهات الحكومية فيها مديرو دوائر الإعلام والعلاقات العامة». سمعة المؤسسات الحكومية وتناولت الجلسة الرئيسية الأولى إدارة سمعة المؤسسات الحكومية وأدارتها آن الكندية، استعرض خلالها جانداس ديفان رئيس الاتصالات الحكومية بوزارة الاتصالات السنغافورية تجربة جمهورية سنغافورة في هذا المجال. حيث قال ديفان: إن أهمية الإعلام والتواصل تكمن في إيصال الفهم المشترك للقضايا والسياسات المختلفة، وعلى الحكومات أن تقوم من خلال وسائل الإعلام المختلفة بتوضيح أهدافهم والتحديات التي تواجهها بكل شفافية ووضوح، وقد لا يكون ذلك سهلا ولكنه الطريق لكسب ثقة المواطنين. وتحدث جانداس ديفان حول أهمية التحديات التي تواجه الإعلام الرسمي أو الحكومي من بينها تعدد القنوات الإخبارية ووسائل التواصل مما سهل انتشار الشائعات والأخبار الزائفة، بالإضافة إلى تنوع الثقافات والأعراق داخل المجتمع الواحد. وأوصى ديفان بأن تلجأ الحكومات لاستخدام منصات عديدة ومختلفة لإيصال رسائلها وعدم الاعتماد بشكل كلي على وسائل الإعلام التقليدي فقط أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل أن تعمل للتواصل مع المواطنين بصورة مباشرة من خلال الحملات الإعلامية الميدانية. تعزيز الأمن الوطني وتطرقت الجلسة الثانية إلى دور الإعلام في تعزيز الأمن الوطني وأدارها الإعلامي سالم الرحبي، شارك فيها كل من أليكس آيكن الرئيس التنفيذي ورئيس وحدة الاتصال الحكومي بالمملكة المتحدة، والمقدم الركن أنور الحريبي من التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع. حيث استعرض آيكن التجربة البريطانية في تعزيز الأمن القومي من خلال بث الوعي المجتمعي حول أمن المعلومات وأهمية تقصي الأخبار من مصادرها الموثوقة. وأشار آيكن إلى دور التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في تطور الإعلام، وأهمية أن تستخدم الجهات الرسمية والحكومية تلك التقنيات للوصول لجماهيرها، وقال: في المملكة المتحدة على سبيل المثال مكنّا المواطن من الوصول للمعلومات الرسمية والخدمات من خلال تقنيات البحث الصوتية ومنصات الإعلام الجديد. وأضاف: مواكبة التكنولوجيا أمر مهم، ولكن الأهم هو تعزيز الثقة بين المواطن والحكومة. وأكد أنور الحريبي على أهمية تسخير الإعلام لتعزيز الأمن الوطني، واستعرض عددا من التحديات التي تواجه الأمن الوطني في سياق الإعلام، منها ما يتعلق بالاستهداف الافتراضي والمعرفي وتكوين حقائق بديلة، وترتيب أولويات التفكير الوطني للفرد والمجتمع، والأمنّنة المادية ذات الأهداف الاقتصادية، والقدرة على التأثير التراكمي المتداخل بالإضافة إلى تحديات أخرى متعلقة بالتأثير على الثقافة الاستراتيجية، والتحكم في مستوى عرض الأحداث. القوة الناعمة وفي الجلسة الثالثة التي شارك فيها ثلاثة متحدثين وأدارها الصحفي عاصم الشيدي دار النقاش حول مفهوم القوة الناعمة منذ الظهور الممنهج الأول في كتابات جوزيف ناي في تسعينات القرن الماضي قبل أن تتبلور نظريته في كتابه ذائع الصيت «القوة الناعمة». وناقش كل من الدكتور عبدالله باعبود والدكتور نواف يوسف التميمي والدكتور هاني البسوس تعريف القوة الناعمة والمفاهيم المرتبطة بها وأهمية الإعلام كقوة ناعمة ومكانه في المتغيرات العالمية والاستراتيجيات المستخدمة لتفعيله والرؤية المستقبلية لتطور الإعلام باعتباره قوة ناعمة. وتحدث الدكتور باعبود عن مصطلح «القوة الذكية» معتبرا أن القوة الذكية هي خليط بين القوة الناعمة والقوة الخشنة إن جاز التعبير. لكن باعبود اعتبر أن الإعلام العماني لم يستطع أن يسوق «القوة الناعمة العمانية» ويقنع بها الآخر من خلال الكثير من المواقف الاستراتيجية ذاكرا منها مواقف تبين فيما بعد دقتها مثل عدم الدخول في دعوة «الاتحاد الخليجي» أو «الوحدة النقدية الخليجية» حيث اتضح لاحقا نجاعة الرأي العماني واستشرافه للمستقبل. وقال باعبود إن سياستنا قرئت في بعض المراحل خطأ بسبب عدم قدرتنا على إيصالها بالشكل الصحيح قبل أن يلتفت العالم إلى دقتها. معتبرا أن عدم القدرة على إيصال الرسالة لا يعني أن مضمون الرسالة خطأ ولكن المشكلة في الأداة. ورأى باعبود أن القوة الناعمة التي يملكها الإعلام تحتاج إلى إعلام مهني متطور لديه رسالة، وينطلق من مشروع واضح المعالم مشيرا إلى أن مشروع السلطنة واضح المعالم الآن ويتمثل في ثقافة التعايش والسلام، موضحا أن هذا المشروع تتبناه بلادنا وعلينا أن نخدمه إعلاميا ونوصل فكرته ورسالته للآخر. وتحدث الدكتور نواف التميمي في مداخلته عن أدوات القوة الناعمة والمتمثلة في ثلاثة عناصر هي: الثقافة العامة، وما إذا كانت جاذبة أم منفرة للآخرين، والقيم السياسية، ومدى جدية الالتزام بها، سواء في الداخل أم في الخارج، سلما أم حربا، والسياسة الخارجية ودرجة مشروعيتها وقبولها الطوعي من طرف دول العالم وشعوبه. كما تحدث عن جوهر القوة الناعمة معتبرا أنه يتمثل في استخدام الحجج والحوار مع عدم اللجوء للأساليب العنيفة.. مشيرا إلى أن «النصر يتحقق بقوة الرواية وصدقها، لا بقوة الجيوش». وتحدث نواف، نقلا عن جوزيف ناي، أن هناك ثلاثة أعمدة تسهل استخدام القوة الناعمة هي: الذكاء العاطفي، وإدارة العواطف، والرؤية، والتواصل/ الاتصال. كما تحدث الدكتور هاني البسوس عن تطور مفهوم القوة الناعمة من قبل العديد من علماء الاتصالات كوسيلة لتسويق المنتجات الثقافية والسياسية للدولة لزيادة جاذبيتها الإجمالية وتأثيرها، معتبرا أن الاتصال الجماهيري يلعب دورا مهما في تشكيل الحوار بين الدولة والجمهور من أجل التأثير في مواقفهم، حيث التركيز المتزايد على استخدام وسائل الإعلام التقليدية والحديثة لتعزيز قوتها الناعمة واعتبر البسوس أن الجانب الأكثر أهمية هو التواصل الصحيح مع التركيز على استخدام الأدوات الرقمية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام الإعلام لتطوير نماذج من التواصل ومعرفة وفهم تفضيلات الآخرين من خلال التواصل الجماعي بين الأفراد، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين الإبلاغ عن الأحداث، من خلال السماح لـ «الصحفيين المواطنين» بالبقاء في صدارة وسائل الإعلام. وتحدث هاني عن مظاهر القوة الناعمة التي تمارسها السلطنة معتبرا مواقفها السياسية تأتي في قمة وقتها الناعمة مشيرا إلى موقفها من حرب اليمن ومن الأزمة الخليجية وكذلك من الأحداث في سوريا ومن كل الأحداث التي تحصل في العالم العربي حيث لا أجندة خاصة لعمان غير تلك التي تأتي في مصلحة شعوب تلك الدول. وأقيمت في الفترة المسائية أمس جلسة للمدعوين فقط تناولت الإعلام الرقمي وصحافة الشبكات الاجتماعية. وشارك في فعاليات اليوم الأول من المؤتمر المئات من دوائر العلاقات العامة وأصحاب منصات التواصل الاجتماعي المعروفة والمغردون على مختلف مستوياتهم ومستويات المضمون الذي يبثونه على منصاتهم الرقمية. وتتواصل اليوم فعاليات المنتدى بأربع جلسات وأربع حلقات تدريبية. فيما تقام في الفترة المسائية جلسة تناقش دور الفاعلين على شبكات التواصل الاجتماعي في القضايا الوطنية.