أطفـال اليمـن «مقاتلون» في الجبهـات
الخميس / 14 / جمادى الآخرة / 1442 هـ - 21:35 - الخميس 28 يناير 2021 21:35
282864_OMN_29-01-2021_p09-6
صنعاء- عمان - جمال مجاهد -
تصاعدت حدّة التحذيرات التي أطلقتها منظّمات دولية وإقليمية ومنظّمات مجتمع مدني من قيام جميع أطراف الصراع في اليمن بتجنيد أطفال، وذلك على الرغم من توقيع اليمن في مايو 2014 خطّة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء والحيلولة دون تجنيد الأطفال من قبل القوات المسلّحة.
وتستمر جميع أطراف النزاع في اليمن في تجنيد الأطفال دون سن 18 عاماً، وتستخدمهم لأغراض قتالية أو أمنية، كالخدمة في نقاط التفتيش، أو الدعم اللوجستي المرتبط بعمليات عسكرية. وتستفيد من استمرار الوضع الإنساني والاقتصادي المتردّي في البلاد، ومن تسرّب الطلاب من المدارس، في التجنيد والتعبئة العسكرية. ويحظر القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان تجنيد أو استخدام الأطفال من قبل الجماعات المسلّحة أو القوات المسلحة.
وتجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة إما عن طريق تجنيدهم أو بالسماح لهم بالتطوّع في أي جماعة مسلّحة أو في القوات المسلّحة أو باستخدامهم للمشاركة في العمليات القتالية، يعدّ جريمة حرب. ولم يعد تجنيد الأطفال في الحرب التي اندلعت أواخر مارس عام 2015 سراً، إذ تعلّق في شوارع صنعاء ومدن عدّة صوراً كثيرة لأطفال قتلوا في جبهات القتال، إذ تظهر الصور أماكن وتاريخ مقتلهم، كما تظهر الأطفال وهم يرتدون الزي العسكري ويحملون السلاح.
وتضرّر جيل بأكمله من أطفال اليمن بشكل لا يقاس من خلال تجنيد الأطفال وإساءة معاملتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك التعليم.
كل الاطراف متهمة
وتحقّقت منظّمة «مواطنة لحقوق الإنسان» (اليمنية المستقلّة) من تجنيد واستخدام ما لا يقل عن 170 طفلاً بينهم على الأقل 33 طفلة، خلال العام 2020. ووجدت «مواطنة» في إحاطة صحفية حول وضع حقوق الإنسان في اليمن في 2020 أن 80% من هؤلاء الأطفال جنّدتهم جماعة «أنصار الله». وبلغت نسبة الأطفال الذين جنّدوا من قبل القوات الحكومية والموالية لها ما يقارب 8%.
كما وصلت نسبة الأطفال الذين جنّدتهم قوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى 10% في المئة من الإجمالي، وتتحمّل القوات المشتركة في الساحل الغربي المسؤولية عن تجنيد 2%.
ويتّهم وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمّر الإرياني «أنصار الله» بتجنيد أكثر من 30 ألف طفل في جبهات القتال.
ويقول في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، إن «أنصار الله»، «اقتادت الأطفال من مدارسهم ومنازلهم إلى دورات لتسميم عقولهم بشعارات الموت والأفكار المتطرّفة، وألقت بهم بلا رحمة في جبهات القتال، وأعادتهم لذويهم في صناديق فارغة قرباناً لداعميها وتنفيذاً لمخطّطاتهم التخريبية».
في المقابل يتّهم «أنصار الله» القوات الحكومية بتجنيد أطفال في جبهات القتال، وتتحدّث عن وقوع العديد منهم في الأسر خلال المعارك الدائرة منذ ست سنوات. ويقول فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن في تقرير أصدره في سبتمبر الماضي، إنه واصل تحقيقاته في الأنماط المعقّدة لتجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال القتالية من جانب أطراف النزاع.
ووثّق فريق الخبراء المنبثق عن مجلس حقوق الإنسان (التابع للأمم المتحدة) 259 حالة لأطفال تم تجنيدهم واستخدامهم في الأعمال القتالية من قبل أطراف عدّة منخرطة في النزاع، وتحقّق من 16 حالة فردية منها. ولا تقدّم هذه الأرقام سوى جزء يسير من حجم وطبيعة تجنيد الأطفال في اليمن.
وتحقّق فريق الخبراء من تجنيد «أنصار الله» للفتيان في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وتلقّى تقارير موثوقة متعلّقة بتجنيدهم للفتيات أيضاً. وتحقّق الفريق أيضاً من حالات تجنيد قوات الأمن الخاصة لحكومة اليمن في محافظة شبوة لفتيان واستخدامهم في الأعمال القتالية في محافظة أبين بين مايو ويونيو 2020، إذ تم احتجازهم من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» في عدن. وحقّق فريق الخبراء في حالات تجنيد الفتيان من قبل ألوية أو وحدات موالية للحكومة، في محافظتي تعز ولحج.
معسكرات تدريب
وبحسب تقرير أعضاء فريق الخبراء المعني باليمن (لجنة الجزاءات) المقدّم إلى مجلس الأمن العام الماضي، فإن الفريق تلقّى معلومات عن «استحكام استخدام الأطفال في الأنشطة المتصلة بالقتال في اليمن».
ويتحدّث التقرير الذي اطّلعت عليه «عمان» عن تمكّن الفريق الأممي من توثيق ثلاث حالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاماً استخدمتهم قوات «أنصار الله» في القتال عامي 2017 و2018.
ويضيف التقرير «أرسل الأطفال الثلاثة إلى معسكر تدريبي قضوا فيه ثلاثة إلى أربعة أشهر، حيث تلقّوا محاضرات عن الأيديولوجيا والجهاد وتم تدريبهم على استخدام الأسلحة الصغيرة. وأرسلوا فيما بعد إلى خطوط الجبهة على الحدود بين تعز والحديدة أو في مأرب وأجبروا على الاضطّلاع بمهام شتّى، بما في ذلك القتال».
وتعدّ اليمن واحدة من ثماني دول أدرجت قواتها الأمنية الوطنية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة على قائمة الدول التي تجنّد وتستخدم الأطفال، إذ أدرجت القوات الحكومية و»أنصار الله» على لائحة التجنيد واستخدام الأطفال.
وتضع خطّة العمل الموقّعة مع الأمم المتحدة التي لم تلتزم بها أطراف الصراع خطوات ملموسة لتسريح كافة الأطفال المرتبطين بالقوات الأمنية الحكومية وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم والحيلولة دون إعادة التجنيد.
وتشتمل الإجراءات على موائمة التشريع الوطني مع الأعراف والمعايير الدولية التي تحظر تجنيد واستخدام الأطفال في النزاع المسلّح، وإصدار ونشر أوامر عسكرية تحظر تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن الثامنة عشرة، والتحقيق في دعاوى تجنيد واستخدام الأطفال من قبل القوات الحكومية اليمنية وضمان وقوع المسؤولين عنها تحت طائلة المساءلة، وتيسير وصول الأمم المتحدة للرقابة على مدى الإنجاز والتقيد بخطّة العمل.