أعمدة

عين على الثقافة المرورية :الحافلات البرتقالية الناقل إلى الغد !

Hamad
 
Hamad
حمد بن سالم العلوي - لقد اختير هذا اللون البرتقالي المائل إلى الأصفر لونا للحافلات المدرسية حول العالم، فهي تعود للظهور اعتباراً مع أواخر شهر أغسطس وبداية سبتمبر من كل عام، وهذا اللون البرتقالي اختير ليكون لافتاً للنظر إلى وجود حافلة تقل المستقبل، لأن بداخلها المدرس والمهندس والطبيب والعالم، والقائد والوزير والحاكم، وكل مفردات المجتمع الأخرى، إذن الذي تنقله هذه الحافلات هو «الغد» بكل تفاصيله الكثيرة، لذلك وجب الاهتمام به، مع ضرورة وضعه قيد الرعاية الفائقة، فهل علمنا أن بعض الدول المتقدمة تجعل من المدرس ليس شخصاً مُحترماً وحسب، وإنما تكرمه مرتبة مالية ممتازة مع امتيازات أخرى، وتجعل تقديره أعلى من الوزير؟! ذلك من أجل الغد والمستقبل. إذن ليس عبثاً اختيار هذا اللون اللافت للانتباه، وعندما تقف هذه الحافلة في شارع أو سكة، فإنه يتوجَّب عندئذ توقف كل المسارات القريبة من هذه الحافلة البرتقالية، فذلك التوقف إنما يأتي احتراماً وإجلالا لقادة المستقبل أو حتى المستقبل نفسه، وذلك حفاظاً على سلامتهم، فالناظر فقط إلى طرف أنفه، يغيب عنه ذلك الغد القريب عن نظره، ونتيجة لشيوع هذه النظرة القصيرة بين غالبية المجتمع، فإن رجال المستقبل يأتون إلى القيادة بمحض الصدفة، وليس بالتأسيس المخطط والممنهج، فعلينا أن نحسن التنشئة لجميع الطلبة، لا لأن منهم القيادة بل لأنهم يمثلون منظومة الغد المتكاملة. إنَّ الطالب الذاهب إلى مدرسته عبر الحافلة البرتقالية، يتعلم منها علوم الحياة، فيتعلم السلوكيات كما يراها بالتقليد والممارسة، فبداية من سلوك الطريق إلى باب الحافلة، ثم كيف يختار مقعد الجلوس، ثم إنه يصغي للحوار بين الزملاء، لكي يختار طريقة التحاور معهم، فينظر بشيء من الاهتمام بل الاهتمام الكبير إلى تصرفات سائق الحافلة، فيتعلم منه أسلوب السياقة وأخلاقيات التعامل مع الطريق ومستخدميه، فإن هو رآه لا يكترث بالنظام، كالتقيد بالسرعة المعقولة، ولا يعطي الإشارات عند المنعطفات والمفارق، ولا يعطي للمشاة حق العبور، ولا يعرف الالتزام بمسارات الطريق الصحيحة، ولا يعطي للآخرين أفضلية المرور، أعلم أن هذا الطفل تنعكس في عقله الطري كل تلك التصرفات كما يراها. إن الذي دهس الطفلة النازلة من الحافلة، قد ارتكب مجموعة جرائم مركبة، فقد فجع أما، وأزهق نفسا بريئة، وتجاوز حافلة طلبة متوقفة، وهو نفسه سائق حافلة، فلم يلتزم باشتراطات سياقة الحافلات، هذا إن كان قد علمها أصلاً، نرجو من جهات الاختصاص، أن تجعل الوقوف إجبارياً عندما تتوقف الحافلات المدرسية، وذلك كما يفعل العالم المتحضر، ونحن في السلطنة نمثل العالم المتحضر، فلا تخرجونا من تحضرنا بعدم فهمكم لواجباتكم الأساسية. - أعلم أخي السائق: « إن السياقة ..فن .. وذوق .. وأخلاق، وأنك أنت عقل السيارة، فهي لا عقل لها، وعليك أن تتجنب أخطاء الآخرين». (*) - خبير جدول معتمد في تخطيط حوادث المرور - مؤسس مركز طريق الأمانة لخدمة السلامة المرورية.